حوار مع مركز أفاق للدراسات والأبحاث: مشكلة الأديان تتشكل في الخطاب الفقهي    ثمن الحرية    أمثل الأساليب في عمليّة تهذيب النفس    مزايا الشباب    العمل سرّ النجاح    العبادة وعيٌ وانفتاح لا جهل وانغلاق    اقتناء أصنام الأمم البائدة    المفاهيم الدينية بين وجوب الاعتقاد وحرمة الانكار    البناء الاعتقادي بين الاجتهاد والتقليد    
 
بحث
 
تكريم الإنسان
 
س » من المقصود في الزيارة: السلام على عليّ بن الحسين.. هل هو زين العابدين (ع) أم الأكبر أم الرضيع؟
ج »

الظّاهر - بحسب السّياق - أنّ المُراد به هو عليّ الأكبر الشّهيد لدوره الكبير وحضوره في المعركة، ولعظيم مُصيبته على الإمام الحسين (ع)، أمّا الطفل الّرضيع فيكون ُمندرجاً في فقرة أخرى وهو قوله في الزّيارة - وعلى أولاد الحسين -  والتي تشمل سائر أولاده بمن فيهم الإمام زين العابدين (ع) والبنات أيضاً .

 


 
س » يوجد لديّ إشكالات كثيرة على الاستدلال بحديث الثقلين على العصمة، فهو يشمل إجماع العترة وليس آحادهم، ويشمل العباس عم النبي (ص)، فهل هؤلاء معصومون؟؟
ج »

أولاً: إنّ حديث الثقلين لا شكّ فيه من حيث السّند وهو مُستفيض حتى في روايات السّنة ناهيك عن روايات الشيعة ، وأّما من حيث الدّلالة فإنّه وبصرف النّظر عن كون القرآن الكريم أفضل من العترة أم عدم كونه كذلك ، فلا ريب في دلالة الحديث على أن التمسّك بالعترة يُشكّل صمّام أمان للأمّة يمنعهم ويعصمهم من الضّلال - ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا - ، ولا شكّ في دلالته أيضاً على أن العترة لا يفترقون عن القرآن الكريم ، ولا يُتصور أن يصدر عنهم ما يُخالف القرآن وهذا ما يدل عنه قوله في الحديث - لن يفترقا - .


- ثانياً : إنّ ما ذكرتموه بأنّ المراد بالحديث هو إجماع العترة هو كلام ضعيف ولا وجه له لأنّه إن أريد بالعترة ما هو أوسع من الأئمة من أهل البيت (ع) ليشمل العباس وذريته أو غيره، فمن المعلوم أنّ هؤلاء أعني العباسيين لا ميزة لهم عن سائر الصّحابة والنّاس فهم يُخطئون كغيرهم ويُمكن أن ينحرفوا كما انحرف غيرهم، وبالتالي فلا يُعقل أن يكون لرأيهم أو إجماعهم أيّ قيمة أو أن يُشكّل إجماعهم أو قولهم عاصماً للأمّة  عن الضّلال ، ما يعني أن نظر الحديث فقط إلى خصوص شريحة من العترة وهم الذين لا يُمكن أن يقعوا في الضّلال والانحراف، وهؤلاء لا فرق بين الواحد منهم أو الجميع ، فكما يكون قول الجميع حُجّة وعاصماً عن الضّلال ، كذلك قول الواحد، والقرينة على ذلك أنّه حين قال النبيّ (ص) هذا الكلام لم يكن من العترة التي يؤمَن وقوعها في الضّلال إلا عليّ (ع)، أما الحسن والحسين (ع) فكانا طفلين صغيرين، فهل كان الحديث لا قيمة له آنذاك لأنّه بعد لم يتحقّق إجماع العترة؟ من الواضح أن هذا بعيد جداً لأنّ كلامه (ص) ساري المفعول من حين إطلاقه ولا يتوقف على مرور عقود من الزّمن حتى يتشكّل إجماع العترة.


 
 
  نشاطات >> عامة
برنامج "أ ل م" على قناة الميادين - الإسلام وحرمة إزهاق الأرواح
الشيخ حسين الخشن



رابط الحلقة: https://www.youtube.com/watch?v=7cmOl3SfSOw&feature=youtu.be

الإسلام وحرمة إزهاق الأرواح

ضيوف الحلقة من دمشق مدير عام الإفتاء في وزارة الأوقاف السورية الشيخ علاء الدين الزعتري ومن بيروت المفكر الإسلامي الشيخ حسين الخشن والدكتور محمد داكير.

 

المحور الأول

يحيى أبو زكريّا: حيّاكم الله وبيّاكم وجعل الجنة مثواكم، لفظ الرحمة مفهوم إسلامي وقرآني أصيل ورد ذكره في القرآن الكريم  في نحو مائتين وثمان وستين موضعاً، كما أن مصطلحات الحوار والمجادلة وردت في القرآن الكريم من أوله إلى آخره ، حوارٌ بين الله وإبليس وبين الله والملائكة وبين الله ورسله وبين الرسل وأتباعهم والكافرين بهم. ويعتبر هذا النموذج أي الحوار بين الله وإبليبس يعتبر أخطر نموذجاً ونجد مصداقه في القرآن الكريم حيث قمة الحوار بين الخير المطلق والشر المطلق، فالله تعالى رمز الخير يحاور رمز الشر إبليس. ومعروف أن الله عز وجل في هذا السياق القرآني أراد أن يعلّم المسلمين أن مبدأ الحوار يجب أن يتكرّس في مسلكيتهم الحياتية والثقافية، وأن الحوار واجب حتى مع أشد الأعداء وأفظعهم" ولقد خلقناكم ثم صوّرناكم ثم قلنا  للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبّر فيه فاخرج إنك من الصاغرين قال فانظرني إلى يوم يبعثون قال إنك من  المنظرين قال فبما أغويتني لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم ثم لأتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولاتجد أكثرهم شاكرين قال أخرج منها مذموماً مدحوراً لمن تبعك منهم لأملأنّ جهنّم منكم أجمعين".

حوارٌ بين الله وإبليس، سؤال برسم كثير من المسلمين الذين يقتلون باسم الله الذي حاور أعداءه، لم يلجأ المولى عز وجل إلى الألفاظ التي سادت اليوم في خطابات فقهاء الذبح والتكفير والنحر وتوزيع بطاقات الدخول إلى الجنة والنار. هؤلاء الفقهاء يستعملون ألفاظاً من قبيل يا كافر يا زنديق يا مباح الدم يا أيها الخارج عن الملّة والقاموس طويل منذ أربعة عشر قرناً إلى يومنا هذا لمن عنده القدرة على إحصاء المصطلحات. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:" كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قيل يا رسول الله من يأبى؟ قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى". الإسلام وحرمة إزهاق الأرواح وحرمة الدماء وقدسية الدماء أيضاً محور حلقة اليوم من برنامج أ ل م يشاركنا في النقاش من دمشق مدير الإفتاء في وزارة الأوقاف السورية الشيخ علاء الدين الزعتري المدير العام للإفتاء، وأيضاً ضيوفنا في الاستديو المفكّر الاسلامي الشيخ حسين الخشن والدكتور محمّد دكير الباحث الإسلامي المغربي صاحب كتاب التشريع الجنائي الإسلامي، مرحباً بكم جميعاً مرحباً بكم ضيوفي الأعزاء.

مفكّرنا العزيز شيخ حسين أبدأ بك باعتبارك كنت سبّاقاً إلى وضع كتاب الإسلام والعنف قراءة في ظاهر التكفير، وظاهرة التكفير اليوم والقتل باسم الله   سادت في خط طنجة جاكرتا وكما يقول أحد الشعراء:" بلادٌ تكبّر وتنحر ثم  تتلو إنا أعطيناك الكوثر". كيف بدأت الأزمة في العالم الإسلامي؟

الشيخ حسين الخشن: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين وعلى جميع ألأنبياء والمرسلين، أعتقد أن العقل الإسلامي ليس محكوماً بإنتاج مناهج تكفيرية وأن الإنسان وخلافاً لما يقول المتنبي" والظلم من شيم النفوس  فإن تجد ذا عفّةٍ فلعلة لا يظلم". الله لم يفطر إنساناً على الظلم والقتل والعدوان وإنما يكتسب الإنسان هذه الصفات اكتساباً. عن أسباب نشوء هذه الظاهرة في العالم الإسلامي والتي بدأت بالمناسبة مع الخوارج فإن أول ظاهرة تكفيرية أو حركة تكفيرية عرفها تاريخنا الإسلامي كانت مع الخوارج الذين كفّروا الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام وحكموا بكفره وإخراجه عن الدين حتى قٌتل على أيديهم. وفي الدراسة العميقة لسر جنوح المسلم نحو التكفير ستجد بادىء ذي بدء قصور فهمه للدين وعدم إحاطته بمقاصد التشريع. إن قصور الفهم هذا هو سبب رئيس من أسباب التكفير، لأنه وكما ورد في  بعض الأحاديث الشريفة" لا يقوم بدين الله إلا مَن أحاطه من جميع جوانبه" هؤلاء قرأو آية اشتملت على لفظ تكفير فكفّروا، قرأوا في كتاب الله "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" فحكموا بتكفير من لم يقم بحكم الله وشرعه، قرأوا آية فيها شرك فحكموا بالشرك ولم يعرفوا أن للكفر مراتب وأن للشرك مراتب. بعض مراتب الكفر يُخرج عن الملّة وعن الدين، لكن بعض مراتبه لا تخرج عن الملّة كما هو الحال في الكفر العملي، فالكفر كفران كفر عقائدي وآخر عملي. نحن في القرآن الكريم نقرأ ونحن على أبواب الحج" ولله على الناس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً ومن كفر فإن الله غني عن العالمين"  أي كفر بترك الحج هذا كفر لا يُخرج عن الملّة، هذا تمرّد هذا يكون صاحبه عاصياً ولكنه لا يخرج عن الدين، فهذا المنشأ الأساس جمودهم على الظواهر. أستطيع القول أن ما نشهده اليوم من فوضى التكفير هذه  منشأها فوضى التفكير وسوء الظن بالآخر، عندما تسود ظنونك بالآخرين، إذا صدر من المسلم فعل أو توسل تبادر إلى تكفيره ، لا تحسن الظن بالمسلم مع أن الإسلام يؤكّد على حُسن الظن بالآخر كمبدأ أساس جاء في القرآن الكريم. 

يحيى أبو زكريا: شيخ حسين طبعاً سنفصّل في كافة هذه المحاور لكن السؤال المركزي أن هذا التكفير الذي بدأ بالارتكاز من قبل الخوارج صار اليوم جامعاً وصارت الجامعة كليات وصارت الكليات ذات أفرع، وصار التكفير للأسف الشديد يُنظّر له في كل ساحة، والآن يجزّ الرقاب في العالم الإسلامي سأعود إليك بالتفصيل. أستاذ محمّد أنت ايضاً من الباحثين الذين كتبوا كثيراً في المجال الإسلامي، تحقيقات في التاريخ الإسلامي بالإضافة إلى مساهمتك الإعلامية في رأب الصدع بين المسلمين وكتابك هذا" التشريع الجنائي الإسلامي وحقوق الإنسان" وهو خلاصة لشهادة ماجستير في ما أظن وشهادة دكتوراه هي تتمة لهذا البحث. يقول الفقهاء على طريقة أصالة الحلّيّة  أن كل شيء مباح حتى يرد نص بحرمته أو كراهته، كذلك الروح مقدّسة في الإسلام يعني وما احتاط علماء الإسلام في شيء مثلما احتاطوا في الدماء، كيف تستطيع أن تستند إلى القرآن وإلى السنّة النبوية في حرمة القتل لدى كل المذاهب الإسلامية؟

محمّد دكير: بسم الله الرحمن الرحيم أولاً أشكركم الدكتور يحيى أبو زكريا وقناة الميادين على هذه الاستضافة الكريمة.  في القانون الوضعي وفي الشريعة الإسلامية خطورة أي جريمة أو جسامتها بالمصطلح القانوني تظهر في العقوبة التي يضعها الشارع لها، عندما نسمع أو نكتشف أو نعرف العقوبة لأي جريمة نعرف خطورة هذه الجريمة. بالنسبة للقرآن الكريم أو جريمة قتل النفس هناك آيات واضحة كثيرة كلها تحرّم وتضع عقوبات، من خلال العقوبات نكتشف جسامة الجريمة مثلاً في القرآن الكريم" من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً". الفقهاء هنا قالوا أن قتل نفس معيّنة، مطلق النفس يعادل ويماثل الإبادة البشرية. المستوى الثاني للتحريم  لتجريم قتل النفس هو عندما تحدّث القرآن عن قتل النفس المؤمنة  في قوله تعالى:" وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ" وإذا قتل المؤمن مؤمناً عمداً فما جزاؤه؟ القرآن يقول:"ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها غضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذاباً عظيماً".

يحيى أبو زكريا: يعني المسلمون الذين يقومون بعملية جزّ الرقاب والذبح والقتل هل يقرأون القرآن أو يقرأون بروتوكولات حكماء صهيون؟

محمّد دكير: لا هناك شبهات أخرى، هناك شبهة الجهاد وهناك شبهة الردّة، هذا الخلاف المذهبي.

يحيى أبو زكريا: هل تستطيع أن تفصل في هذه الأمور بشكل سريع؟

محمّد دكير: أريد فقط أن أتحدّث عن جسامة الجريمة، هناك عشرات الروايات والأحاديث كلها  تشير إلى هذه المضامين، زوال الدنيا أهون عند الله من قتل مسلم؟ أريد فقط قبل أن ندخل في صميم البحث أن أشير إلى هذه النقطة، المفسّرون وقفوا طويلاً عند هذه الآية الكريمة أي أن المؤمن لا يقتل مؤمناً إلا خطأً هذه نقطة أساسية، وإذا قُتل بالخطأ هناك أحكام أخرى، ولكن إذا قتل عمداً ما هو الجزاء؟" من يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها" إذاً هناك الخلود في جهنم وهذا عذاب أخروي، ولكن هذه الآية استوقفت الفقهاء، فالقرآن لم يكتف بالخلود في جهنم وإنما أضاف إلى ذلك قال: "غضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذاباً عظيماً". هذه إذا أردنا أن نترجمها على المستوى القانوني نقول هذا الرجل سيحكم عليه بالإعدام، بالسجن المؤبّد إذاً  سيدخل السجن، ولكن داخل السجن ستكون هناك عقوبات أخرى مشدّدة سيكون الأحكام الشاقة وإذا رجع إلى السجن سيكون حبس إنفرادي. هذه كلها تكشف لنا حجم  هذه الجريمة الخطيرة جداً ، وبالتالي إذا رجعنا إلى الفقه سنجد تشريعاً دقيقاً جداً كله  لصون ما أشاده الله وهو الجسد البشري.

يحيى أبو زكريا: طبعاً هذا في الأصل القرآني لكن هذا الشخص الذي يقتل مسلماً لو يستند في عمله هذا إلى فتوى فقيه سيقول له امضِ وجُزّ الرقاب وبمجرّد أن تموت سوف تجد حور العين بانتظارك في الجنة، ربما هذا الفقيه يقصد غولدا مائير في جهنم وبئس المصير. شيخ علاء الدين أنا أخّرتك تسمع ما يقوله الأساتذة والفضلاء. بين يديّ فتوى للشيخ ناصر الدين الألباني الفقيه والمحقّق المعروف، الرجل الذي اشتهر بعلم الجرح والتعديل ووجّه حديثاً وخطّأ آخر وما إلى ذلك لديه فتوى مشهورة بحرمة القتل والذبح وكل ما يمت إلى الدولة السعودية بصلة من شرطة ودرك أريد أن أعرف هل هنالك فتوى للسعودية وفتوى لسوريا؟ لماذا عندما يتعلق الأمر بسوريا فالذبح حلال وجزّ الرقاب حلال وتدمير البنى التحتية للدولة السورية حلال وعندما يتعلّق الأمر بأمن الخليج الذي يضم أكثر من خمسين قاعدة عسكرية أميركية فالفتوى جاهزة بصيانة الأمن القومي الخليجي. هل صارت الفتاوى عمياء تُستغلّ سياسياً شيخ علاء؟    

علاء الدين الزعتري: شكراً أستاذ يحيى وأقول بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد رسول الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته ومن تبعه وعمل بسنّته وأحب آله إلى يوم الدين، سلام الله على جميع الأنبياء والمرسلين. أيها الأخوة الإيمان والعنف لا يجتمعان، الفقه في الدين ملكة يضعها الله عزّ وجل في ما اختاره وفي من اختاره. قال صلّى الله عليه وسلّم:" من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ويلهمه رشده". اليوم حديث كبير ذاك الذي سمعناه نقلاً وكل ما تفضّل به الأخوة الأساتذة الكرام معك في الاستديو نقول أن السياسة ليست هذا الذي نقرأه في عالم الفتوى وأن الفتاوى لا يجب أن تكون موافقة لسياسة ضدّ سياسة أخرى. من هو الأعمّ ومن هو الأخص. الدين هو أشمل وأعمّ من كل قضية أخرى، هو الذي يمد الإنسان بحركة روحية ويعطيه منهجاً تربوياً ثم يضعه في الحياة ليختار إما أن يكون في أدنى الهرم يعمل في البنى التحتية أو في أعلى الهرم يعمل في إدراة الحكومة وشؤون البلاد، وبالتالي صاحب الأخلاق يستطيع أن تكون أعماله موفّقة ميّسرة، وأما أن ندنّس الأخلاق باسم السياسة فهذا هو الأمر المرفوض. هذا الشق وهذا الشرخ وهذا الفيصل بين أن أقول هذه الفتوى  لبلد معيّن وهذه الفتوى ضد بلد معيّن. هذا من أخطر ما نعيشه اليوم في حياتنا والقرآن الكريم يقول :" فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول". فالأصل هو وحي السماء، الأصل هو حُسن القراءة لهذا الوحي وليس فلاناً أو فلان من الأشخاص الذين قد تلوّثت أفكارهم بسياسية معّينة أو غُذّيت دماؤهم بأموال معيّنة. القرآن الكريم جاء لخير الإنسان ولم يأت لصالح شخص هناك أو هنا. الإسلام والقرآن إنما جاءا لخير الإنسان في الفطرة، فطرة الله التي فطر الناس عليها ولا تبديل لكلمات الله. هذا الخير المزروع في الإنسان إذا استمر فيه مع التربية والإحاطة والعناية سيبقى هذا الخير متصلاً في حياته شاباً ورجلاً وكهلاً حتى يلقى ربه سبحانه وتعالى على هذه الفطرة التي جعلها الله عز وجل فيه. أما أولئك الذين يكتسبون كما تحدّث ضيفكم  فضيلة الشيخ حسين يكتسبون الشرور والآثام ويأخذونها من هنا وهناك تبعاً لمصالهم الضيّقة وتبعاً لمن يدفع لهم فهذه مصيبة كبرى أن يكون  الدين بلغة من يدفع، صاحب الدين صاحب قِيَم.

يحيى أبو زكريا: شيخ سوف نفصّل في كل النقاط ومصيبة الإسلام اليوم أنه خُطف من دائرته الحضارية الكبرى إلى دائرة الذبح والدماء واستُخدم للأسف الشديد في ما لا تحمد عقباه. والمصيبة أن الذين يستخدمون الخناجر ويفتكون وبإمكاننا أن نشاهد مع مشاهدينا صورة الأطفال  الذين قُتلوا ظلماً وعدواناً. للأسف هؤلاء يحسبون أنهن يحسنون صنعاً وينطبق عليهم قوله تعالى: "وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلنه هباءً منثورا". شيخ حسين أعود إليك، لا شك أن هذا التكفيرهو قاسمة الظهر، هذا التكفير شق عصا المسلمين وجعلهم يصطفّون سياسياً قبل الدخول إلى الجنة والنار. يوجد فقهاء بدأوا يوزّعون اليوم بطاقات الجنة والنار، بدأوا يوزعوّن التكفير، والعجيب أن الذين شجعوا التكفير في البداية لأغراض سياسية وقعوا فيه، يعني عندما نقرأ كتاب" الكواشف الجلية في كفر الدولة السعودية" لأبي محمّد عاصم المقدسي وغير ذلك من الكتب تلاحظ أن هذا التكفير صار مثل القنبلة النووية انشطر أو الأصح مثل الخلية السرطانية يعني صار كثيراً. بنظرك هل هنالك جهاز أمني موساد مثلاً أو أجهزة أمنية عربية أو دهاة ما في استراتيجية شق عصا المسلمين استغلوا نبتة التكفير في تاريخنا الإسلامي وقاموا بتكبيرها وانطلت على شبابنا؟ 

الشيخ حسين الخشن: لا شك أن عند كل بصير أن للتكفير أسباباً ودوافع، ربما تكون بعض الدوافع اقتصادية أو سياسية. وبالتأكيد فإن بعض دوافع التكفير هي دوافع مدفوعة الثمن. هناك أشخاص موظفون يراد لهم أن ينشروا  ويسقوا غرسة التكفير هذه ليتحوّل العالم الإسلامي إلى  أتون من النار والحرب والدمار والبارود.

يحيى أبو زكريا: يعني هنالك رغبة في تفجير العالم الإسلامي من الداخل.

الشيخ حسين الخشن: هذا أمر لا شك فيه لكن أخي يحيى لو لم يجد هؤلاء فينا قابلية للتكفير، لو لم يجدوا أرضاً صالحة ليغرسوا فيها نبتة التكفير ويرعوها لما وصلوا إلى مرامهم.

يحي أبو زكريا: أريد أن أسالك، يأتي فقيه بربع لحية ونصف ثقافة أستغفر الله، بنصف حرف ويقول للناس أيها الناس جهادكم هنا أو اذهبوا إلى الجهاد واقتلوا هنا هناك، ويأتي الشباب المسلم الغيورالمتحمّس ويستجيب له وينسف نفسه في أجساد مصلّين  أو زائرين وما إلى ذلك. هذا مرض شيخنا العزيز، هذا نوع من التنويم المغناطيسي، أيُعقل أن يُسمع للجاهل؟

الشيخ حسين الخشن: أولاً هؤلاء ليسوا فقهاء، هؤلاء الذين يوزّعون فتاوى التكفير يميناً وشمالاً لم يذوقوا طعم الفقه أصلاً لأن الفقه يتلازم مع الرُشد، مع العقلنة، مع التديّن والورع، إذا انفك الفقه عن الورع والتقى سيصبح دماراً. حذاري من هؤلاء الجهلة المتنسكين الذين يحملون إسم الدين زوراً وكذباً وبهتاناً ويوزّعون فتاوى التكفير يميناً وشمالاً. إن هؤلاء أخطر على الإسلام من كل أعدائه لأن هذا الخطر يأتيك من الداخل والطامّة الكبرى أن هؤلاء يذبحون باسم الله الرحمان، أنظر إلى الطامة يعني يأخذ الضحية من بني الإنسان ويضع السكين على رقبته ويقول بسم الله الرحمان. كيف تتلاءم الرحمة مع الذبح أيها المسكين: قد بُلينا بإمامٍ ذكر الله وسبّح فهو كالجزار فينا يذكر الله ويذبح.

يحيى أبو زكريا: يعني بعض الفقهاء كانوا يذبحون الدجاج الأبقار فسعفهم الوضع العربي فأصبحوا فقهاء.

الشيخ حسين الخشن: قبل أسابيع قرأنا في بعض الصحافة اللبنانية عن كتاب انتشر في بعض المدن اللبنانية يتحدّث عن فقه الذبح ليس ذبح الحيوان بل والأطفال والشيوخ وبني الإنسان. هذا هو الإسلام الذي يراد تقديمه للعالم، هذا هو الإسلام الذي يحمل شعار أخي يحيى أنا قرات في بعض شعارات هؤلاء التكفيريين ينسبون إلى الرسول حديثاً يقول "لقد جئتكم بالذبح". تصوّر أن هذا النبي الذي شعاره "إنما أنا رحمة مهداة"، هذا النبي الذي يقول عنه رب العزّة "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" يصبح لدى بعض الجهلة المتنسكين جزاراً شعاره" لقد جئتكم بالذبح".

يحي أبو زكريا: شيخ حسين قرأت كل المراجع والسِيَر التي كُتبت  عن المصطفى، هل قتل الرسول مشركاً. بعض المصادر تقول أنه لم يقتل أحداً ورواية تقول أنه قتل أحدهم كما قال معاذ ابن جبل. مشاهدينا أمّة الإسلام نزل فيها قوله تعالى"إقرأ" أمة إقرأ يراد أن تصير أمة إذبح مع الفقهاء المزيّفين. فاصل ونعود إليكم مشاهدينا. 

 

المحور الثاني

 

يحيى أبو زكريا: مشاهدينا أهلاً بكم من جديد، أستاذ محمّد، الجهاد الذي هو كما قال المصطفى عليه الصلاة والسلام يعني "سياحة أمة الجهاد في سبيل الله  وذروة سلام الأمة الجهاد". هذا المصلح ابتُذل وفُهم خطأً من قِبَل أنصاف الفقهاء وأرباع المسلمين للأسف الشدديد يعني في ما مضى كان لتحصين  الدولة الإسلامية وأنت تعلم أن إجماع الفقهاء الجهاد الابتدائي محرّم. لا يمكنك أن تذهب إلى فرنسا وتقول غزونا الفرنجة  ونوزّع ماغريت تاتشر على المسلمين كأمة هذا انتهى عهده تماماً. هذا المصطلح اليوم سُفّه وأُسيىء إليه، وبدل أن يكون ضد الكيان الصهيوني صار أي بقرة مسلمة في الجغرافيا الإسلامية تُذبح وقاتلها يذهب إلى الجنة ، أي طفل مسلم تابع لملّة  معينة يُذبح الذابح يذهب إلى الجنة، يعني الجنة صارت مرتع المجرمين لا حول ولا قوة إلا بالله. كيف تم تأويل هذا المصطلح؟

محمّد دكير: عفواً أستاذ يحيى قبل قليل أشار سماحة الشيخ إلى نقطة مهمة جداً وهي أن الفقهاء الذين يفتون بتكفير المسلمين أو تكفير الآخر المخالف للمذهب  هم بعيدون عن الفقه.

يحيى أبو زكريا:هذا ما لم يكونوا ضباط استخبارات أُمروا بإطلاق اللحية.  يعني لورانس العرب كان يعتبره العرب الإمام الفقيه وبرنار هنري ليفي صارحجّة الإسلام والمسلمين يعني لا تتعجب.

محمّد دكير: عفواً دكتور هناك بعض النقاشات، هناك بعض الخلافات، هناك قضايا موجودة داخل الفقه الإسلامي ربما هي قد تتّخذ ذريعة. العامل الخارجي موجود لا إشكال فيه الاستغلال لهذه الخلافات. هناك دراسات كثيرة في هذا المجال. لكن هناك كذلك إشكالات أخرى موجودة في الفقه الإسلامي لنبدأ بمسألة الجهاد إذا رجعت إلى مباحث الجهاد في فقه المذاهب الأربعة أو الخمسة أو الستة أو الثمانية  طبعاً ستجد مباحث دقيقة جداً علمية بعيدة عن كل ما تراه الآن، مثلاً لنأخذ حادثة معينة أو الحوادث التي تشاهد لنضعها أمام هذا الفقه هل هناك فتوى فقهية تبرّر. مثلاً في باكستان شخص ما يدخل إلى المسجد يزنّر نفسه بمتفجرات ويصلّي مع الناس وبعد ذلك يفجّر. الحجّة أنهم متصوفون يحتفلون بالمولد النبوي الشريف.

يحيى أبو زكريا: يعني الذي يحتفل بالمولد النبوي الشريف يستحق القتل بناءً على هذا الذي نسف نفسه وهذا حدث في باكستان وفي أفغانستان.

محمّد دكير:  نحن لدينا الآن ثروة فقهية، عنوان الجهاد في سبيل الله كما تفضّلت هناك الجهاء الإبتدائي وهو غير متوافر لماذا؟ لأن الفقهاء يقولون  أن الجهاد لا يقوم إلا بوجود ولي أمر المسلمين أو العدوان في مجال الجهاد الدفاعي.

يحيى أبو زكريا: يعني ألا يوجد وليّ للمسلمين اليوم؟ حلف الناتو ليس من الأولياء الصالحين؟ أليس بعض الفقهاء قال إنه لو كان محمّد موجوداً لوضع يده في يد الناتو، يعني أستاذ محمّد بعد حين ألزمك أن تقول أن الناتو رضوان الله عليه رجاءً.

محمّد دكير: دعنا من كل هذا الكلام إذا رجعت إلى الفقه الإسلامي أنت تريد أن تبحث عن مبرّرات لهذه الأعمال أليس كذلك؟ مجموعة من  الأشخاص يذهبون لزيارة الإمام الحسين. وفي الطريق يأتي شخص معيّن يدخل وسطهم ويفجّر ويقتل الأطفال النساء. هل هذا جهاد في سبيل الله؟ هذا ليس جهاداً العنوان الدقيق هؤلاء مخالفون لمذهبه،هنا تغيّر العنوان يعني هو يقتل من أجل المخالف المذهبي وبالتالي النقاش هنا تحوّل  من عنوان الجهاد إلى المخالف المذهبي. هل يجوز قتل المخالف المذهبي؟ لا توجد أبداً فتوى في المذاهب الأربعة على الأقل السنّية تجيز قتل المخالف المذهبي هل تعرف لماذا؟ لأن المخالف المذهبي هذا مجتهد وإلا لما وجد المالكي والشافعي وأبو حنيفة وإلا لجاز لمقلّد الشافعي أن يقتل مقلد الإمام مالك ولا أحد يقول بذلك.

يحيى أبو زكريا: لكن الذي كتب هذا الكتاب "كلمات وأشعار في ذم الرافضة الكفار الفجار"  شريف بن علي الراجحي وهو من مشايخ الفقهاء المسلمين ويستهل كتابه هذا بقوله:" أعقيدة الكفر والتضليل والفتن عقيدة الرفض للإسلام والسنن دين الروافض يسعى في إقامته بين البرية عبد القبر والوثن". هذا ليس له جذر في الفكر الإسلامي الذي تقول أنه لم يتطرّق إلى قتل المخالف؟

محمّد دكير:عفواً أستاذ يحيى أقول لك مسألة، هناك قاعدة لدى الفقهاء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذه قاعدة فقهية موجودة في الفقه الإسلامي تقول:" لا أمر بالمعروف ولا نهي عن المنكر في الخلافيات". في الأشياء المختلف فيها في الفقه لا يمكن أن تذهب وتقول من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أنت مالكي تجوّز شيئاً ما أو تبيح شيئاً ما أو تحلّل شيئاً يقوم به الشافعي فتأتي أنت من باب بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هنا لا يوجد أمر بالمعروف ونهي عن المنكر. فما بالك بالقتل، في الفقه الإسلامي لا توجد هذه المبرّرات، دعنا نعطي بعض الأمثلة الدقيقة، المسلمون مختلفون في مدارس متعدّدة، هناك الأشاعرة هناك الماتوريدية هناك المعتزلة ومدارس أخرى صوفية. لو كان يجوز القتل على المستوى العقائدي لجاز أن يفتي الأشعري بقتل المعتزلي.

يحيى أبو زكريا: سنكمل هذا الفصل بالتأكيد. شيخ علاء الدين وأنت في مقام الإفتاء الآن ألا ترى أن الحل بعد أن صارعالمنا الإسلامي يتمتع باللون الأحمر يعني العالم الإسلامي حارب الماركسية وفي النهاية شعار الماركسة الأحمر صار الأكثر رواجاً في العالم العربي والإسلامي. لماذا لا نقوم بشطب ثلثي الفقهاء؟ لأن فقهاء الدم تسببوا بكوارث في العالم  لم تتسبب فيه أميركا ولم يتسبب فيها المغول والتتر. فقهاء الدم هؤلاء أخطر من تيمورلنك وجنكيز خان. لماذا لا نتفق نحن كمسلمين على إقصاء هؤلاء الفقهاء، تاريخنا الإسلامي الأحمر يجب استئصاله لنبدأ المسيرة مجدداً انطلاقاً من الوحي القرآني لانه ما دام هذا التراث الدموي قائماً سوف يستمر القتل فينا وسوف يكون القتل لوجه الله، يعني الذين يتحدثون عن جواز قتل المخالف المذهبي وأنا قرأت كتبهم في مجال اعتراضهم على العقيدة الصهيونية، يقولون أن الصهيوني يجوز له أن يقتل غير اليهودي، وغير اليهودي  باللغة العبرية أي " الهوييم" أي عديم الروح أو الحشرة، فكيف يشكل على الصهيوني هنا  ويصبح أشد من الصهيوني هناك شيخ علاء الدين؟

علاء الدين الزعتري: إسمح لي دكتور يحيى أن أستخدم أسلوبك لأقول لك هؤلاء الذين تصفهم بفقهاء الذبح هم كشرطة السير وليس لهم من الفقاهة شيء. عندما يرفع شرطي المرور يده هكذا ويقول للآخرين إلى هنا، وهؤلاء يقولون إلى جهنم وبئس المصير، هؤلاء ليس لهم من دين الله شيئاً، هؤلاء لم يقرأوا حكمة القرآن ولم يعوا فقه رسول الله عليه الصلاة والسلام إذ خلطوا بين المصطلحات، فمثلاً مصطلح الجهاد الذي طرحته واسمح لي أن أكمل فيه، فالمصطلح الجهادي في القرآن الكريم له عدة معاني: جهاد العلم، جهاد الفقه، جهاد المال. لماذا نذهب به فقط إلى جهاد القتل وهو غير موجود، الجهاد في القرآن جهاد القتال أي المواجهة وجهاً لوجه وليس أن أغدر بالآخرين أو أن أقتل النساء والأطفال أو أن يدخل بين صفوف المخالف له في المعتقد أو في المذهب أو في البلد أو الحي ثم يقول أنه يجاهد.

يحيى أبو زكريا: شيخ علاء نسيت فصلاً آخر من الجهاد، هؤلاء حصروا الجهاد في القتل بالذبح من الوريد إلى الوريد، وأضافوا إليه مؤخراً جهاد الزواج أو الإكثار من الزواج أي تدمير المجتمعات الإسلامية والذهاب إلى لاجئات مسكينات يحتجن إلى لقمة العيش ليعقدن على هؤلاء بداعي النصرة وبداعي الانتصار لمحمّد ابن عبد الله، تزوّجوا أيها الفقهاء سيكثر الله نسل محمّد.

علاء الدين الزعتري: وبخمسمئة وحدة نقدية من عملتهم ما هذه السفاهة التي يقولونها وما هذا الدين الذي يتبنونه؟

يحيى أبو زكريا: في السابق تزوّجوا البوسنيات وأنا شاهد على هذا الزواج، بوسنية شقراء يتزوّجها الشيخ عشر سنوات وعندما تصل إلى دول الخليج  تصبح أمة توزع هنا وهناك.

علاء الدين الزعتري: وهل أصبحت بناتنا بهذه الطريقة من السبايا ليأخذها فلان وفلان ويتداول الناس عليها؟ 

يحي أبو زكريا: نعم في فقه أميركا الجديدة نعم.

علاء الدين الزعتري: أي دين هذا الذي يحملونه، إن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم  لما ذكره القرآن قال:" فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك" كما يفعلون. وهاهم يقولون للعالم انفضوا عن الإسلام، فهذه هي طريقتهم التي تمنع الناس من معرفة الإسلام ومن فهمه ومن اتبّاع ما جاء به وحي السماء. القرآن الكريم إذا قرأناه من أوله إلى آخره لن نجد كلمة "اقتل" بل كل ما فيه، عندما نتحدّث عن معنى الجهاد قتالاً فإن هناك فرص الحوار، الفرص لعرض الإسلام، كذلك هنالك فرصة للتحالف، لجمع المال من هنا وهناك في الجزية. بعد ذلك عند العناد "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة" يكون القتال وليس القتل. وأنا لا زلت أؤكّد على مصطلح جهاد القتال بالإضافة إلى المصطلحات  التي سبق ذكرها. في مسألة الحدود رسول الله(ص) قال:" إدرأوا الحدود بالشبهات" إدرأوا الحدود ما استطعتم. إذا وصل الأمر إلى القاضي في مسألة شرعية بارتكاب ذنب معيّن، يقول الرسول:" أيها القاضي إذا وجدت شبهة فأبقِ على حياة هذا الإنسان، لا تهدر دمه لا تذبحه لا تقتله لا تحكم عليه بالإعدام، لا تقصه، لا تلغه، ما استطعتم" فكيف تترك كل هذه النصوص  لنقول بأن هناك أشخاصاً بدأوا  يتّسمون باسم الدين  أو يتّسمون باسم الفقه كما ذكرت أنهم أنصاف وأرباع وأنا أقول ربما أعشار أو ليس بشيء.

يحيى أبو زكريا: شيخ علاء الدين تذكيراً فقط كان المصطفى إذا اختير بين إقامة حد وعفو كان يعفو، بالإضافة إلى ذلك في غزوة أُحد عندما همّ أحد  صحابته بقتل أحد المشركين بعد أن قال لا إلا الله زجره رسول الله قال له: "لِم" قال: "قالها خوفاً" قال "وما يدريك". شيخ علاء سأعود إليك بعيد حين أرجوك أن تبقى معي. شيخ حسين صدقاً إذا جمعنا الأحاديث النبوية والآيات القرآنية التي تشير إلى أن الإسلام يقدّس الحياة ويقدّس الإنسان صدقاً لا يحصى ولا يعد. دعني أذكر لك بعض الأحاديث المعنعنة طبعاً بسند صحيح لزوال الدنيا أهون على الله من دم مؤمن"، "قتل مسلم أعظم عند الله من زوال الدنيا"،" لزوال الدنيا جميعاً أهون عند الله من دم يسفك بغير حق"،" من أعان على قتل مسلم بشطر كلمة يدخله الله النار" وما إلى ذلك من الأحاديث. في يوم من الأيام كنت في طريق ما ورأيت أحد الذين يفتون يفتون بجواز استباحة دم المسلمين المخالفين، فخُدشت سيارته فأقام الدنيا ولم يقعدها ، من ذا الذي خدش سيارتي، من ذا الذي دنا منها، فدنوت منه وقلت له يا سيدي أنت تفتي بقتل عيال الله، أليس لله حرمة، العباد عيال الله، فأنت إذا عندك شيء معيّن تملكته بالشراء وتبكي عليه وتخشوشن رغم أنه زائل في ثقافتك ومع ذلك تضطرب فكيف تسمح بجز رقبة. يا شيخ حسين كيف نشأ هذا التناقض وكيف يمكننا أن نحد من  هذه الظاهرة؟ نحن في العالم الإسلامي من باب التوضيح بمجرّد أن نختلف أنت كافر سأقتلك. سادت ألفاظ بين المسلمين كافة. نسمع في الفضائيات الدينية إذا أرادوا أن يناقشوا مثلاً مدرسة أهل البيت" أنجاس مجوس أبناء متعة خوارج كفرة" اقتلوهم، أسبوا نساءهم. بالمقابل أيضاً تجد غلوّاً في مدارس أخرى، يعني كأن الإسلام لم يربّينا أو كأن المسلمين الذين عناهم القرآن الأمة الوسط لسنا نحن. نحن كنا في كوكب زحل أو عطارد وجلبتنا مركبة فضائية وأقحمتنا في المعادلة الإنسانية. 

الشيخ حسين الخشن: المشكلة يا أخ يحيى تكمن في اعتقادي ليس بمجرّد سلوكيات خاطئة. مشكلة التكفير هي مشكلة منهج خاطئ وليس مجرّد سلوك خاطئ، إذا لم نعمل على تفكيك البنى التحيتة للفكرالتكفيري واستبدالها بمنهج الرفق لأننا لأقولها بصراحة لا يكفي أن نمجّد الرحمة ونرفع الرفق في شعاراتنا. الرفق ليس مجرّد شعار نرفعه  ولا شعارات نرددها. الرفق لا بد أن يتحوّل إلى منهح حياة، كفانا استهلاكاً للكلمات وللمصطلحات مع أنني أوافق على ضرورة تحرير المصطلحات القرآنية من سطوة الجماعات التكفيرية. هؤلاء شوّهوا حتى مصطلح الجهاد، هذا المصطلح النبيل، مصطلح التقى، الجهاد في سبيل الله إذا به يتحوّل إلى لصوصية. وقد تنبّأ الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في بعض كلماته عندما سُئل عن الخوارج بعد أن قضى عليهم، قالوا يا أمير المؤمنين إنتهى الخوارج؟ قال لا والله إنهم من نطف في أصلاب الرجال وأرحام النساء  وسيكون آخرهم لصوصاً سلاّبين. يبدأ الشاب في هذه الحركات التكفيرية على فطرته، يبغي الجهاد ومن ثم يتحوّل إلى اللصوصية.

يحيى أبو زكريا: ويذهب إلى المسجد ليصلّي فيُستقطب.

الشيخ حسين الخشن: يبدأ في حياته بداية طيبة لكنه يُسرق ويتحوّل بعد فترة كما قال علي عليه السلام إلى لصوص سلاّبين. نأتي اليوم نحن والعالم الإسلامي يتعرض للإساءة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، يأتي بعض هؤلاء ليقتل أعظم إنسان أنتج فيلماً عن رسول الله من دون أن تدافعوا عن رسول الله بحرق الدواليب، بالقتل، بماذا؟ هؤلاء يسيئون إلى نبينا بالفن بالأفلام فكيف ندافع عنه إلا بنفس الأسلوب لأن الهُدى لا ينتشر إلا من حيث انتشر الدمار.  لكن دعني أعود إلى صلب الفكرة، فكرة الرحمة، أن تتحوّل الرحمة إلى منهج حياة لنبدأ وانظر إلى القرآن الكريم على مستوى الأسرة كيف يتعامل الإبن مع والديه" واخفض لهما جناح الذل من الرحمة"، كيف يتعامل الزوج مع زوجته؟" ومن آيات أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل بينكم مودة ورحمة"، الجار مع جاره، الراحمون يرحمهم الله" إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"، ثقافة الرحمة حتى على أعداء الله، حتى في الحرب هناك أخلاقيات ورحمة، لذا لا يُقتل مدبر لا تُقطع شجرة. الإمام علي بن أبي طالب عندما قتله ابن ملجم قال:" ضربة بضربة لا يقتلنّ إلا قاتلي، اسقوه أطعموه لا ألفينّكم تخوضون في دماء المسلمين خوضاً تقولون قتل أمير المؤمنين ألا لا يقتلنّ بي إلا قاتلي".

يحيى أبو زكريا: المسلمون اليوم يقرأون هاري بوتر هذا إذا كانوا يقرأون، يقرأون كتاب توم وجيري فقط لهذا أدعوك أن تذكّرنا بخطبة الوداع لرسول الله في المقطع المتعلق بالدم" إن دماءكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا".

الشخ حسين الخشن: لكن يا أخ يحيى لا بأس هنا أن نضيء على شخصية إنسان الرحمة ورسول الرحمة  لأنه يتعرّض للإساءة من الجانبين من الغربيين ومن بعض أتباعه الذين يزعمون أنهم يحملون رايته والكل يعمل على تشويه صورة هذا النبي العظيم. هذا النبي الذي كان من رحمته أنه في بعض الأحيان في المسجد يصلّي فإذا بالمسلمين يتفاجأون أنه أسرع في الصلاة قالوا:" يا رسول الله لِمَ أسرعت"، قال لهم :"أما سمعتم صراخ الصبي". أسرع المصطفى في صلاته حفاظاً ورعاية لطفل من أطفال المسلمين. كان في بعض غزواته يقول التاريخ أنه ذهب لقضاء حاجة فرجع وإذا بقُبّرةٍ تصيح وتعجّ، فهم النبي، بعض الصحابة ذهبوا إلى عشها وأخذوا فراخها فقال لهم:" من فجع هذه القُبّرة بفراخها، أعيدوا لها فراخها". هذه هي الرحمة، يا سيّدي الكريم حتى الحيوان في الإسلام لا بدّ من أن يُرحم، استذكرت للتو حديثاً رائعاً أن شخصاً يوم القيامة ينادي في النار يا جنّان يا منّان يا رحيم يا رحمن نجّني من عذاب النار، فتؤمر الملائكة بإحضاره فيأتيه النداء من رب العزّة:" هلاّ رحمت عصفوراً حتى أرحمك" أنت لو كان في قلبك ذرة رحمة حتى لعصفور لنالتك رحمة الله لأن رحمة الله قريبة من المحسنين. الراحمون يرحمهم الله، إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء. نحن مدعوّون أن نرحم أنفسنا كأمّة، أن نعمل على تعميم ثقافة الرحمة، أنت تحدّثت أخي الكريم عن آيات الرحمة في القرآن.

يحي أبو زكريا: والحوار بين الله وإبليس.

الشيخ حسين الخشن: أول آية في كتاب الله بسم الله الرحمن الرحيم، شعار المسلم في التحية ما هو؟" السلام عليكم ورحمة الله" هذه الرحمة أين صودرت.

يحيى أبو زكريا: السلام علكيم وخنجر. مشاهدينا لأن الفاصل قد دنا دعوني أذكّركم بهذا الحديث القدسي:" يُروى أن رجلاً يُحشر إلى النار يوم القيامة يؤمر إلى جهنم وقبل دخول جهنم يدير وجهه فيأتيه المنادي من قِبَل الله تعالى لماذا أدرت وجهك فيقول: أيا ربي ما كان هذا ظني بك في دار الدنيا فيقول المنادي وما كان ظنك بالله في دار الدنيا فيقول أن يغفر لي ويرحمني  فيأمر الله تعالى بإدخاله إلى الجنة" لِمَ؟ لأن الله عند حُسن ظن عبده به. هذا إسلامنا، هذه ثقافة الرحمة، هذه ثقافة المصالحة، هذه ثقافة الحوار بعد الفاصل سنواصل إلى أروع الكلم.   

 

المحور الثالث
 

يحيى أبو زكريا: مشاهدينا أهلاً بكم من جديد لمن التحق بحلقتنا الآن، نحن نعالج موضوع  حرمة الدماء في الإسلام وقدسية الإنسان عند الله عزّ وجل. دعني أستاذ محمّد أبدأ معك لكن قبل الحديث عن المخالف وقتل المرتدّ كتاب أيضاً لأن التكفير لم يطل المخالفين والعقائديين المذهبيين. في بعض البلاد الإسلامية قُتل كتّاب، صحافيون، مفكّرون، عندنا المسرحي الشهير في الجزائر علّولة عبد القادر علّولة، عندنا فرج فودة، نصر حامد أبو زيد رحمة الله عليه أرادوأ أن يطلقوه عن زوجته  لم أفهم اتهموه بالكفر ثم أرادوا أن يسلبوا زوجته، كانوا يمهّدون للاجئات المسكينات ساعدهن الله. أنا هنا أوجه نداء إلى فتياتنا المسلمات لا تصدقوا مشايخ الإثم، لا تصدقوا أصحاب الجنس وجنرالات الجنس كما سمّاهم نزار قباني رحمة الله عليه. أستاذ محمّد صدر كتاب بعنوان" اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو العلمانية اللادينية" يقول ينبوع العلمانية ميكافيللي كالفن توماس هوبس جان ستيوارت  فوليتر ديكارت مونتيسكيو جان جاك روسو هيغل ماركس وفرويد... ونظراؤهم في العالم العربي الذين يجب أن يُقتلوا ألبرت حوراني ماجد فخري عبد الرحمن بدوي عبد العزيز الدوري ساطع الحصري البستاني محمّد لطفي زكريا ابراهيم أنطون سعاده شبلي الشميل فيليب حتي إلى آخره. هذا يريد أن يبقي لنا فقط الإرث اليهودي لأن هؤلاء منارات الأمة  ونُخب الأمة، بعضهم مات قتلاً وبعضهم إعداماً وبعضهم ما زال على قيد الحياة، يعني عندما تصير النفس البشرية رخيصة جداً، يعني سلّمنا تقول هذا مخالف مذهبي وإن كان القتل حراماً، يا مسلمين القتل حرام سنظل نقولها إلى يوم القيامة.

محمّد دكير:  طبعاً هناك شبهات.

يحي أبو زكريا: في مسألة المخالف المذهبي أخي محمّد. 

محمّد دكير: الأسماء التي ذكرتها أغلبهم من المسيحيين وبالتالي يخرجون على تطبيق حد الردّة  لأنه هو أساساً مسيحي.

يحيى أبو زكريا: المسيحيون ساعدهم الله، هذه كنائسهم تُفجّر وتُدمّر.

محمّد دكير: أقصد إذا العنوان هنا  لأن الحكم يأتي انطلاقاً من العنوان، هؤلاء أغلبهم مسيحيون لا ينطبق عليهم حكم الردّة، إذا رجعت إلى حكم الردّة أستاذ يحيى وكما أشار الشيخ الذين يفتون بعيدون جداً عن الفقه الإسلامي، بعيدون عن الشريعة الإسلامية. أحكام الردّة مباحث دقيقة جداً أولاً من حيث العنوان الخروج عن الإسلام بقول أو فعل، إذا خرج شخص ما بقول أو فعل عن الإسلام يؤخذ إلى القاضي ليس لي أو لك ولا لأي شخص أن يحكم فيه لا وإنما يرجع إلى القاضي يناقشه القاضي.

يحيى أبو زكريا: لكن أنت أستاذ محمّد تتكلّم عن عقول طبيعية، أنا أروي لك حادثة جرت، كنت أراجع بعض التكفيرين من مصر كان الخلاف بينهم في السجن إسمع شيخ  حسين هل نصلّي قصراً أو تماماً فكانت مجموعة تصلّي قصراً على أساس أنهم أسرى في يد حسني مبارك طبعاً الآن السجناء سيكثرون في عهد مرسي، لكننا نتحدّث عن مرحلة حسني مبارك وآخرون يقولون لا نحن لسنا أسرى ونشب خلاف بينهم فتقاتلوا يعني المصيبة أن التكفير يرتّد على أصحابه.

محمّد دكير: هذه نقطة مهمة جداً بالنسبة لفقه الردّة بالخصوص، هذا البحث نوقش كثيراً والآن فتاوى كبار العلماء تقول بعدم قتل المرتد، هناك من يدرس الماركسية ويتأثر بكثير من الأفكار ويعتنق فكرة من هنا وهناك لا يمكن الحكم عليه بالردّة؟ دعني أرجع إلى بعض القواعد الأساسية في الردّة، لنفترض أن القاضي حكم على شخص بأنه مرتد واستتابه ولم يتب مَن ينفّذ حكم الردّة. هل أنا أو أنت ننفّذ حكم الردة؟ لا ينفّذ حكم الردّة إلا وليّ الأمر أو القاضي أو مَن فوّضه القاضي، وبالتالي ما نشاهده الآن أن شخصاً ما أو مراهقاً يحكم على مجموعة أشخاص بالردّة وهو ينفّذ حكم الإعدام، وكيف ينفّذ حكم الإعدام بنفسه يفجّر نفسه ليطبّق حكم الإعدام. نحن أمام تيه في الحقيقة، الأمة الإسلامية في تيه كامل.

يحيى أبو زكريا: أستاذ محمّد حتى لا نلوم هؤلاء المجانين للأسف الشديد لكن قتّل الله فقهاء وقتّل الله علماء لحاهم طويلة إلى ركبهم، يا شيخ علاء إفصل بيننا رحمك الله.

محمّد دكير: الموجودون الآن في الفضائيات ليسوا علماء.

يحيى أبو زكريا: وأحدهم يأخذ على الحلقة عشرة آلاف دولار . يا شيخ علاء اليوم عندما تذهب إلى أي مسلم في خط طنجة جاكرتا. طبعاً المسلم في ما مضى كان يأخذ من القرآن الكريم، كانت ثقافته  الإسلامية تأسيسية أصيلة. اليوم الصورة هي التي تصنع الفتوى أو الفكر الإسلامي. دعني أضرب لك مصداقاً يعني عندما تذكر إسم الشيخ الفاضل الجليل الشيخ محمّد سعيد رمضان البوطي صاحب كتاب "كبرى اليقينيات" وكتب رائعة جداً وهو مثقف إسلامي بنيوي يُقال لك هذا عميل للسلطة السورية، هذا من فقهاء البلاط علماً يشهد الله أن بيته  في دمشق هو عبارة عن غُريفة في بيت أحد الفقهاء في الدوحة وتسمع إسم الشيخ يوسف القرضاوي الذي بعث رسالة إلى باراك أوباما وأنا عندي نسخة منها:" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فخامة الرئيس الأميركي العظيم يا من نحسبك من أصول إفريقية إسلامية أدعوك" وهو خطاب لين، يعني في رسالته لأوباما استخدم قوله تعالى:" إذهب إلى فرعون فقل له قولا ليّنا" في إشارة إلى هارون وموسى. ولكن مع الرؤساء العرب بدل أن ندعو إلى المصالحة وحقن الدماء استخدم التكفير والغلظة، أفتينا في رؤيانا يا شيخ دمشق.        

علاء الدين الزعتري: دكتور يحيى هؤلاء الذين ينطقون في الفضائيات،  وسنقرأ خلفيتهم وتاريخهم لنجد لماذا لم يفلحوا في بلادهم  ولماذا ذهبوا إلى بلاد أخرى يستجدون أو يغتنمون أو يثرون على حساب الكلمات التي ينطقون بها. إذا كنا نتحدّث عن سلوكيات قرآنية في عمل الأنبياء وفي خط النهج القرآني فهذا نوح عليه السلام يقول لولده الكافر يا بنيّ، وهذا سيّدنا إبراهيم عليه السلام يقول لأبيه آزر يا أبتي، وهذا سيّدنا موسى وهارون لما أمرهما الله عزّ وجل أن يذهبا إلى فرعون إنه طغى كان التوجيه القرآني "فقولا له قولا ليّناً لعله يتذكّر أو يخشى". هذا سيّدنا محمّد(ص) بعد كل ما رأى من الغلظة والفظاظة والإبعاد والتهجير، وذهب إلى الطائف فأغروا سفهاءهم ورموه بالحجارة.  وجاء التأييد الإلهي سيّدنا جبريل عليه السلام وملك الجبال إن الله عزّ وجل أمرني أن أستئذنك بأن أطبق عليهم الأخشبين كان قول رسول الله(ص) "اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون". نسب هؤلاء الذين أخطأوا في حقه إليه فقال "قومي" قبل ذلك طلب لهم الهداية لأن الجهل عدو والجهل هو الذي يولّد العنف، وهو الذي يغيّر في الميازين فيتحدّث مع الكفرة المجرمين بخطاب اللين ويتحدّث مع المؤمنين بخطاب الغلظة والنص القرآني أن المؤمن في وصف المؤمنين أشداء على الكفار رحماء بينهم، فلما تنعكس الموازين على طريقة الأمم المتحدة وعلى طريقة قرارات مجلس الأمن فأولئك  هم كما ذكرت يتبعون الناتو ولا أدري متى سيقال رضي الله عنهم  بل إن اللعنة ستلحقهم وتصيبهم لأنهم بدلوا في المعايير والموازين، فبدل أن يكون خطاب الرحمة مع المؤمنين" وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما". ألا من أحد حوله فيقتله برصاصة ويخلّصنا منه  هذا الزعيم كذا وهذا الرئيس وهذا الكافر كذا.

يحيى أبو زكريا: شيخنا للتاريخ هذه الوصية سُمعت ونُفذت عندما ألقي القبض على هذا الرئيس العربي استلم الضابط الذي كان الجسد بيده أمراً بالثريا من رئيس جهاز أمني عربي، وقال له إقضِ عليه. والمسلمون يتصوّرون أن ما يحدث اليوم هو بتعضيض من الملائكة المنّزلين. شيخ علاء سأعود إليك. شيخ حسين كُتبت كتب كثيرة جداً، لا شك أن العالم الإسلامي فيه عقلاء وفيه أذكياء وفيهم الذي ارتقى إلى مستوى الإسلام ويعرف أن الإسلام شيء والمجامين شيء آخر، ويعرف أن هذا العملاق محمّد لا يمكن أن يبني أمّة هشّة تتصدع أمام شبق رسبوتيني أو أمام رجل يخدع الناس بلطيف الكلام أو أنصاف الآيات، يعني فتنة التكفير لمحمّد عمارة، حرمة التكفير للدكتور أحمد كريم الأزهري، التفكير في وجه التكفير للدكتور نصر حامد أبو زيد، فتنة الغلوّ والتكفير لناصر الدين الألباني، بلاء التكفير للدكتور الصباغ وكتب كثيرة جداً، لكن إلى حد الآن لم نتمكن من وضع حد لثقافة القتل والذبح والنحر من الوريد إلى الوريد. بنظرك ما هي الآليات الأخرى التي يمكن اللجوء إليها غير تعرية فقهاء الدم، غير استكشاف الألغام الأمنية الموضوعة في طريقنا، غير إبعاد المشبوهين من خط طنجة جاكرتا وإبقاء الساحة للمحمّديين الأصيلين الذين يؤمنون أن الروح مقدّسة، أن حياة الإنسان مقدّسة. هذا ربك قال من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر. يعني عجيب غريب في تاريخنا الإسلامي قمة الاحتجاج ما دمت تملك البراهين لماذا اللجوء إلى القتل؟     

حسين الخشن: اللجوء إلى القتل أسلوب الجزّارين والجهلة والفاشلين الذين لا يملكون حجّة وبرهاناً.

يحيى أبو زكريا: هذا القتل، والرمي من الشرفات؟

حسين الخشن: هذا أبشع الإجرام. دعني أقول للتبشير بثقافة الرحمة واستبدالها كبديل عن ثقافة العنف هناك عمل دؤوب للوصول إلى هذه الغاية، أولاً التركيز والتأكيد من خلال الإعلام، من خلال التربية، من خلال الثقافة، التأكيد على الوجه المشرق للإسلام والإسلام كله مشرق.

يحيى أبو زكريا: دعني أقول لك وأنا خبير إعلامي أن الإعلام العربي يملكه اثنان الماجنون الذين يروّجون لثقافة شاكيرا والذابحون الذين يروّجون للتقرّب إلى الله بقتل هذا أو ذاك. يعني كيف نؤسس لإعلام وحدوي؟

حسين الخشن: مع ذلك كله لن نيأس لو بقي صوتك وحيداً لا بدّ من أن تبقى اقتداءً بنبيك الكريم الذي وقف وحيداً في مكة في وجه الكفر كله  ثم أصبح أمّة. صدقني أن خطاب التبشير هو الأقرب إلى القلوب أما خطاب التنفير والتكفير فهو ينافي الفطرة ويجافي العقل السليم ، لهذا تعالوا نثق بأمتنا وبشعوبنا ولو كان هذا الصوت الذي  يصدح أعداده قلّة   لكن تعالوا نركّز على هذه الثقافة. إن مشكلتنا أن التكفيريين أساؤوا وجنوا على دينهم قبل أن يجنوا على الآخرين، الجناية مزدوجة، جنوا على الدين. أخي يحيى الدين يتكون من ثلاثة أصول: الإيمان بالله والإيمان برسوله والإيمان بيوم القيامة. الله عند هؤلاء جزار أعد جهنم ليحشر كل العباد فيها، وأما الجنة فهي لبضعة أشخاص من أصحاب هذا المنهج التكفيري أو ذاك.

يحيى أبو زكريا: أذكّر أن لك كتاباً جميلاً جداً بعنوان" هل الجنة للمسلمين فقط"؟

حسين الخشن: يجب أن يحصل تغيير في ثقافتنا العربية، الآن الطفل في بلادنا نقول له لا تفعل كذا لان الله سيخنقك، نصوّر له الله أنه يخنق يذبح. هنا المشكلة والطامّة الكبرى نسيء في رؤيتنا في مفهومنا حتى إلى مصدر الرحمة.

يحيى  أبو زكريا: هنا في مبدأ الله فقط، عندما نعود إلى الأحاديث التي تتحدّث عن يوم القيامة عندما يقف العبد بين يدي ربه ويفتح الله تعالى الملف وتنشر الصحف، يقول له يا عبدي أنت سرقت في اليوم الفلاني، العبد يتحدّى ربه لا أنت تكذب عليّ يا رب، هل يقتله الله؟ هل يعذّبه؟ ماذا يقول أيتها اليد انطقي؟

حسين الخشن: إنّ لله رحمة تشرئبّ لها عنق إبليس. هذا هو الله كتب على نفسه الرحمة سبقت رحمته غضبه، هذا هو الله هو الرحمة المطلقة، نحن نحوّله إلى جلاّد. إذا جئنا إلى الأصل الثاني من أصول الدين أي النبوة محمّد بن عبد الله رسول الرحمة أيضاً نحوّله إلى جزّار ونصوّره أنه كان ينكّل بالأجساد نحوّل هذا النبي وهذه الجريمة الكبرى . وأيضاً إذا جئنا إلى الأصل الثالث يوم القيامة، يوم القيامة هو يوم إحقاق الحق والعدل، ولكنه أيضاً اليوم  الذي نرى فيه رحمة الله سبحانه وتعالى وإذا بنا أمام هؤلاء الأشخاص الذين يحتكرون  مفتاح الجنة والنار. يا أخي مفتاح الجنة والنار ليس في أيديكم، بيد خالقنا جميعاً ولذلك نحن في ما ورد في مضمون بعض الأحاديث أن أعرابياً يأتي إلى رسول الله يقول له يا محمّد مَن يحاسب الخلق يوم القيامة أنت أم الله قال الله قال إذا الله المسألة سهلة أنا أتّكل على سعة رحمته. نحن لا نريد أن نجرّىء الناس على المعصية فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره، فليكن خطابنا  كرجال دين وإعلاميين تبشيرياً، بشّروا ولا تنفّروا يسّروا ولا تعسّروا. 

يحيى أبو زكريا:  شيخ حسين بإيجاز بكليمة أنت تنتمي إلى مدرسة أهل البيت، هل في فقه هذه المدرسة العريقة ما يوجب قتل المخالف؟

حسين الخشن: على الإطلاق، أهل البيت عليهم السلام دعوا إلى صون دم الإنسان، مطلق الإنسان واحترام عرضه.

يحيى أبو زكريا: يكفيني هذا الجواب، الباحث الإسلامي الدكتور محمّد دكير من المغرب العربي ومعروف أن المغرب العربي مغرب متسامح هل في المذاهب الإسلامية في المغرب العربي وفي المشرق العربي ما يدعو إلى قتل منتمٍ إلى  مدرسة أهل البيت؟ أجبني نعم أم لا؟

محمّد دكير: أنظر ماذا يقول إبن شس المالكي:" لا ينبغي أن تُقبل الشهادة على الردّة من دون تفصيل اختلاف المذاهب في التكفير. بالتالي هنا ينتفي تطبيق حكم الردّة في المخالف المذهبي. لذلك الدعوة هنا الرجوع إلى الفقه الإسلامي أوله الاهتمام بأنه يجب على العلماء والفقهاء التصدّي للحسم في هذه القضايا .

 يحيى أبو زكريا: الذي يقول بجواز التقاتل بين السنّة والشيعة هو الفقيه بنيامين نتنياهو.

محمّد دكير: هذا ليس من الفقه الإسلامي، الفقه الإسلامي السنّي بريء من  ذلك، فقه المذاهب الأربعة بريء من ذلك، هذه اجتهادات شخصية يقوم بها أشخاص ليس لهم علاقة بالفقه.

يحيى أبو زكريا: ما الذي تريد أن تقوله؟ وجّه خطابك للمسلمين.

محمّد دكير: لمواجهة هذه الظاهرة أنا أعتقد أنه لا يمكن الحد من هذه الظاهرة لا يمكن القضاء عليها وإنما الحد منها، محاصرتها إلاّ بتجريم القتل على مستوى الدولة، أن تصبح جريمة القتل، دعنا من كل العناوين عنوان الردّة الكفرهذه كلها أشياء يضرب بها عرض الحائط مَن يقتل يجب أن يُقتل ويُطبّق فيه القصاص أولاً. بالنسبة للبرامج والدُعاة الذين يكفّرون الناس يصبح التكفير جريمة، من يكفّر يؤخذ إلى المحكمة ويُحاكم.

يحيى أبو زكريا: تماماً كمعاداة الساميّة، من عادى يهودياً في الغرب يُسجن، يعني اليهودي أشرف من المسلم!

محمّد دكير: نقطة ثالثة وأخيرة هناك عشرات البرامج التلفزيونية أنت تعرف ونحن نعرف تنشر الكراهية بين المسلمين، تنشر هذه الثقافة، يعني عندما يستمع المسلم أنا كمشاهد أجلس وأنظر إلى شخص يقول إلحق بمذهبك، إلحق بالسنّة، أهل السنّة، إذاً أنا أُشحن. 

يحيى أبو زكريا: تريد أن أصارحك يا أستاذ محمّد يا شيخ حسين سألت بعض شباب المسلمين، ما رأيكم في برامج التكفير في قناة صفا ووصال والأثر والدليل والبرهان، قالوا عندما تبدأ نتفرّج على الأفلام الجنسية. هؤلاء مشايخ التكفير، مشايخ رجوع الشيخ إلى صباه. أستاذ علاء الدين الزعتري طبعاً والله العظيم أتكلّم على الصعيد الشخصي كل قطيرة دم تُزهق في سوريا أبكي بدل الدمع دماً، وكل قطرة دم تسقط في هذا العالم الإسلامي أيضأ أبكي في دجى الليل  وأقول كل هذه الدماء في رقاب علماء الدجاج لا الاحتجاج، في علماء المعزة لا علماء العزّة وأذكّر فقط أن المخرج الذي أخرج أروع فيلم عن الإسلام مصطفى العقّاد قتله أهل الإسلام التكفيريون. لكن عندما يسكت العلماء بالتأكيد الإسلام في الغرب أنا جُلتُ كل أوروبا بمجرّد أن تذكرالإسلام يقولون الكابون الجديد. الإسلام صار الكابون الجديد للأسف الشديد. شيخنا العزيز ما هي دعوتك من دمشق إلى علماء الإسلام في الجزائر، في موريتانيا، في تونس، في ليبيا، في المغرب ، في فلسطين، في الأردن في الكويت في الإمارات هل تدعوهم إلى مؤازرة اللحمة السورية حتى لا تنتهي سوريا إلى دويلات بيد القردة الخنازير اليهود.

علاء الدين الزعتري: أقول لكل من يحمل راية القرآن عِلماً ونوراً، إتقوا الله في بلاد الشام التي دعا لها رسول الله(ص) بالبركة، فمن بلادنا انتشر نور الإسلام في الآفاق فازرعوا فيه خيراً يأتي إليكم ثماره واحذروا أن تُشعلوا فيه ناراً فتحرق  مَن أشعلها وليس فقط داخل بلادنا. أقول إن القتل هو لغة الضعفاء والجهلاء وليس لغة الأتقياء ولا الفقهاء  ولا الأنبياء.

يحيى أبو زكريا: شيخ علاء والله لولا ضرورات الأوقات لأعطيتك كل الهواء لأن دماء السوريين في رقبتنا، نحن المسلمين الذين نأكل في دجى الليل، نتأمل الدماء تُراق في كل مكان.

علاء الدين الزعتري: جاءتني رسالة تهديد ويقول فيها إن لم تفعل كذا سنقطّعك إرباً إرباً، قلت له في الجواب: "علّمني الإسلام الذي أنتمي إليه أن أقول السلام عليكم وليس القتل لكم".

يحيى أبو زكريا: شيخ علاء الدين لست وحدك في الشاكلة. أنا جاءتني أيضاً رسالة تقول: "إلى الدكتور يحيى أبو زكريا أسلم تسلم وإن أبيت فعليك إثم المجوس". مشاهدينا، أيها التكفيريون، يا من أخطأتم السبيل يا من شوّهتم رسول الله، يا من قتلتم الرحمة في قلوبكم ،الإسلام يسع الجميع والمولى عزّ وجلّ باب توبته مفتوح والإسلام يجبّ ما قبله حتى أن الرجل إذا تاب قبيل ربع ساعة من وفاته تُقبل منه التوبة. وإذا كنتم تظنون أن بقتلكم لعيسى وموسى ومحمّد وخالد وحسن وحسين ستدخلون الجنة وتستقبلكم الحورالعين، أنا أقول لكم نعم حور العين في انتظاركم لكنها غولدا مائير ستكون في انتظاركم وسوف تقضون معها بقية أيامكم في جهنم وبئس المصير، ونحن نبكي أن تدخلوا جهنم ولله رحمة تسع الدنيا والآخرة. الشيخ علاء الدين الزعتري من دمشق شكراً جزيلاً لك، الباحث الإسلامي الأستاذ محمّد دكير من المغرب شكراً جزيلاً لك، المفكّر الإسلامي الشيخ حسين الخشن صاحب المؤلفات الرائعة التي تجسّد سعة الإسلام  ورحمته شكراً جزيلاً لك. مشاهدينا أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، من يريد أن يُحشر مع غولدا مائير الطريق واضح ومن يريد أن يُحشر مع رسول الإسلام الخط واضح. الله الله في الدماء، ولا تكونوا كذاك الذي كان يطوف في الكعبة فقتل بقّة وسأل الإمام زين العبدين قال له ما حكم قاتل البقّة، قال له قتلتم جدي في كربلاء وتسألون عن دم البقّة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.     

 

 






اضافة تعليق

الاسم *

البريد الإلكتروني *

موضوع *

الرسالة *


 


 
  قراءة الكتب
 
    Designed and Developed
       by CreativeLebanon