سماحة الشيخ حسين الخشن يلتقي بحجاج بيت الله الحرام في مكة المكرمة
محاضرة تحت عنوان " قيمة الزمن في الإسلام "
استضافت قافلة التقوى صباح يوم الخميس 7 ذو الحجة 1432هـ قبل صلاة الظهرين فضيلة الشيخ حسين بن أحمد الخشن أحد علماء جبل عامل في لبنان وذلك في مقر القافلة بمخطط ستر اللحياني بحي العزيزية بالعاصمة المكية المقدسة.
وقدم المرشد بالقافلة فضيلة الشيخ حسن بن علي المطوع نبذة تعريفية عن ضيف القافلة جاءت كالتالي :-
الإسم : الشيخ حسين بن أحمد الخشن
البلد : البقاع الغربي - لبنان
الدراسة : درس في الحوزة العلمية في لبنان منذ سنة 1983 وحتى 1987 وفي الحوزة العلمية بمدينة قم المقدسة بإيران منذ سنة 1987 وحتى سنة 2000.
المهام : مدير دائرة الحوزات في مكتب المرجع الديني الراحل السيد محمد حسين فضل الله رحمه الله وعضو هيئة أمناء المؤسسات التابعة للمكتب وأستاذ الدراسات العليا في مادتي الفقه والأصول في المعهد الشرعي الإسلامي في العاصمة بيروت.
المؤلفات : له العديد من المؤلفات منها (الإسلام والعنف : قراءة في ظاهرة التكفير) و(الإسلام والبيئة : خطوات نحو فقه بيئي) و(حقوق الطفل في الإسلام) و(عاشوراء : قراءة في المفاهيم وأساليب الإحياء) و(الشريعة تواكب الحياة)
وبعد التعريف ألقى الشيخ الخشن كلمة على حجاج القافلة بعنوان (قيمة الزمن في الإسلام) جاءت أبرز عناصرها كالتالي :-
بعد السلام والتسليم والصلاة على محمد وآله الطيبين الطاهرين , استهل فضيلة الشيخ الخشن كلمته بتعريف الزمن بأنه وعاء كبير يضم الأحداث وحركة الإنسان والكائنات ومن مزاياه أنه إذا تصرم وانتهى فقد ولى ولا يعود داعياً إلى التعامل مع الزمن بعناية فائقة لا يمكن تعويضها.
وأضاف أن الله عزوجل أقسم في كتابه الكريم في العديد من المواضع بالزمن كما جاء في قوله تعالى (والعصر * إن الإنسان لفي خسر ) وقوله تعالى (والفجر * وليال وعشر) مشيراً إلى أن الله عزوجل حين يقسم على شيء فإن ذلك يكون للتنبيه والإرشاد على عظيم فائدة ذلك الشيء وليس فقط للتأكيد والتوثيق فالله سبحانه بغنى عن ذلك لأنه الصدق المطلق.
وأكد فضيلته أن الزمن نعمة قيمة عظيمة يجب أن نستثمرها خير استثمار ونستعد لها أفضل استعداد وأن لا نغفل عنها وأن نتعلم كيف ندير أوقاتنا ونقضي عمرنا الذي منحنا الله عزوجل إياه في عمود الزمن. وأضاف أن المسلمين غافلون عن نعمة الوقت ويتقنون فن هدر الأعمار والزمان إذ أن أخطر هدر هو أن يهدر الإنسان عمره. فهدر المال خطيئة لأن الله سبحانه حرم الإسراف وهدر المال لاشك أهون من هدر العمر.
وأضاء فضيلته على الحياة حين تكون مليئة بالنشاط والحركة إذ أن من أهم شروط الإبداع الأمم أن تعرف كيف تدير وقتها فكما للإنسان أجل فللأمة أجل كماء جاء في قوله تعالى (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ).
وأكد أن الأمة كيان حضاري لها أجلها وعمرها مشيراً إلى أن الفرد قد يكون في عافية والأمة تكون في شيخوخة. فالهدر كما هو خطيئة على الفرد هو جريمة على الأمة.
وأضاء فضيلته على تجربة الشعب الياباني الذي أصيب بنكبة ودمار بسبب القنابل الذرية الأمريكية التي أسقطت على المدن في الحرب العالمية الثانية مؤكداً أن من أبرز أسباب نهوض الشعب الياباني هو تقديره لقيمة الزمن.
وتطرق فضيلته إلى وصف البعض للزمن بالنحوسة مشيراً إلى أن هذا الوصف ليس سليماً وسديداً فالروايات التي تتحدث عن النحوسة أغلبها غير صحيحة. ودعا إلى إعادة النظر في فكرة النحوسة التي تقضي بتجميد الأنشطة في بعض الأيام والتعامل بسلبية مع الأحداث. وأشار إلى النحوسة هي نتيجة ما يرتكبه الإنسان وليس ما يرتكبه الزمان مستشهداً بما قالأحدهم ( دخلتُ على الهادي عليه السلام وقد نكيت إصبعي، وتلقّاني راكبٌ وصدم كتفي، ودخلتُ في زحمةٍ، فخرقوا عليّ بعض ثيابي، فقلت: كفاني الله شرّك من يومٍ فما أشأمك!.. فقال لي عليه السلام : (يا حسن!.. هذا وأنت تغشانا، ترمي بذنبك من لا ذنب له).. فأثاب إليّ عقلي، وتبيّنتُ خطائي، فقلت: مولاي!.. أستغفر الله، فقال عليه السلام : (يا حسن!.. ما ذنب الأيام حتى صرتم تتشأمون بها، إذا جُوزيتم بأعمالكم فيها)؟.. قال الحسن: أنا أستغفر الله أبداً وهي توبتي يا بن رسول الله!.. قال عليه السلام : (والله ما ينفعكم، ولكنّ الله يعاقبكم بذمّها على ما لا ذمّ عليها فيه.. أما علمت يا حسن!.. أنّ الله هو المثيب والمعاقب، والمجازي بالأعمال عاجلاً وآجلاً)؟.. قلت: بلى، يا مولاي!.. قال عليه السلام : (لا تعد، ولا تجعل للأيام صنعاً في حكم الله).
ودعا فضيلته إلى عدم سب الزمان وكيل الشتائم للساعات والأيام والليالي والشهور كما جاء في الحديث القدسي (لا تسبوا الدهر). كما دعا حجاج بيت الله الحرام لاستثمار كل دقيقة في العلم والعمل النافع فأمة الإسلام هي الأمة التي أول آية نزلت فيها آية اقرأ في قوله تعالى (إقرأ وربك الأكرم). كما أورد رواية أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما أقبل من غزوة تبوك استقبله سعد الأنصاري فصافحه النبي صلى الله عليه وآله ثم قال له ( ما هذا الذي أكنب يديك؟ قال : يا رسول الله اضرب بالمر والمسحاة فأنفقه على عيالي فقبّل يده رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: هذه يدٌ لا تمسّها النّارُ ).
وأكد فضيلته أن تكامل أفراد الأمة فيما بينهم واستغلال الأيام والليالي في الخير والعلم والعمل الصالح هو الطريق لتأسيس أمة رائدة.
وأورد فضيلته قول الإمام علي السجاد عليه السلام في الصحيفة السجادية (وَهَذَا يَوْمٌ حَادِثٌ جَدِيدٌ، وَهُوَ عَلَيْنَا شَاهِدٌ. عَتِيدٌ) ودعائه الشريف (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَوَفِّقْنَا فِي يَوْمِنَا هذا ولَيْلَتِنَا هذِهِ وَفِي جَمِيعِ أيّامِنَا لاسْتِعْمَالِ الْخَيْرِ وَهِجْـرَانِ الشَرِّ وَشُكْـرِ ألنِّعَمِ وَاتّبَـاعِ السُّنَنِ وَمُجَانَبَةِ البِدَعِ وَالأمْرِ بِـالْمَعْرُوفِ وَالنَّهيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَحِياطَةِ الإسْلاَمِ وَانْتِقَاصِ الْبَاطِلِ وَإذْلالِهِ وَنُصْرَةِ الْحَقِّ وَإعْزَازِهِ ، وَإرْشَادِ الضَّالِّ ، وَمُعَاوَنَةِ الضَّعِيفِ وَإدْرَاكِ اللَّهِيْف).
وأوضح فضيلته أن الزمن سيشهد ضدنا يوم القيامة فيم ملأناه وبم عملنا في أيامه ولياليه كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله قوله الشريف (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: شبابه فيما أبلاه، وعمره فيما أفناه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن حبنا أهل البيت)
وتحدث فضيلته عن بركة أيام الحج العشرة في شهر ذي الحجة داعياً الحجاج الكرام إلى عدم الإنشغال بالأمور التافهة إذ لدى الحجاج الكثير من المهمات والأمة في أمس الحاجة إلى حشد الطاقات وبذل المجهود وعدم تبديد الطاقات وإضاعة الوقت بالتوافه وعدم الانشغال في غير التكليف والابتعاد عن إنهاك النفس في المستحبات بل الانشغال في الفرائض والواجبات وكل ما سيسأل عنه العبد يوم القيامة كما قال علي عليه السلام (إذا أضرت النوافل بالفرائض فارفضوها).
وصل اللهم على سيدنا محمد وآل الطاهرين