حوار مع مركز أفاق للدراسات والأبحاث: مشكلة الأديان تتشكل في الخطاب الفقهي    ثمن الحرية    أمثل الأساليب في عمليّة تهذيب النفس    مزايا الشباب    العمل سرّ النجاح    العبادة وعيٌ وانفتاح لا جهل وانغلاق    اقتناء أصنام الأمم البائدة    المفاهيم الدينية بين وجوب الاعتقاد وحرمة الانكار    البناء الاعتقادي بين الاجتهاد والتقليد    
 
بحث
 
تكريم الإنسان
 
س » هل صحيح ما ورد في بعض الرّوايات عند الشيعة من أنّ علياً قسيم الجنة والنار؟
ج »

أولاً: إنّ فكرة أن يكون عليّ قسيم الجنة والنار مفهومة وما الضير في ذلك؟ وفقاً لما نقل عن الإمام أحمد بن حنبل، فقد نقل عن محمد بن منصور الطوسي: "كنا عند أحمد بن حنبل ، فقال له رجل : يا أبا عبد الله ، ما تقول في هذا الحديث الذي روي أن عليا قال : أنا قسيم النار ؟ فقال : ما تنكرون من ذا؟! أليس روينا أن النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم قال لعلي: لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق؟! قلنا: بلى. قال: فأين المؤمن؟ قلنا: في الجنة. قال : فأين المنافق ؟ قلنا: في النار . قال: فعلي قسيم النار". فيكون المقصود بكونه (ع) قسيم الجنة والنار أنّ حبّه وموالاته تكون فارقاً بين أهل الجنة والنار، فمن والاه واتبعه ( واتّباعه لا ينفك عن اتّباع القرآن وسنّة النبي (ص) ) فهو من أهل الجنة ومن حاربه وعاداه عن جحود أو تقصير فهو من أهل النار.

ثانياً: أما أنه هو الذي يتولى أو من جملة من يتولى إدخال الناس الجنة والنار، فليس ثمة ما يمنع أن يأذن الله تعالى لبعض أنبيائه أو أوليائه أن يتولوا هذه المهمة إكراماً لهم، بحيث يُدخلون من يستحقّ الجنة إلى الجنة ويُدخلون من يستحقّ النار إلى النار، فيكون هؤلاء الأنبياء والأولياء منفذين لأمر الله تعالى، ويكون دورهم شبيهاً بدور الملائكة التي تتولى بحسب ما يستفاد من القرآن هذه المهمة. وعليه فإذا صحّت الرواية التي تتحدث عن أن علياً (ع) يتولى إدخال الناس إلى الجنة والنار فلا ينبغي رفضها من هذه الجهة.

 


 
 
  محاضرات >> دينية
محاضرات رمضانية: التفاخر والتميّز.. بالتقوى
الشيخ حسين الخشن



قال تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [ الحجرات 13].

لنا مع هذه الآية المباركة عدة وقفات:

 

1- التنافس المذموم

 

إنّ الآية المباركة تبيّن لنا مبدأ قرآنياً في غاية الأهميّة والمبدأ يتصل برفض الأشكال المزيفة للتمايز بين البشر، وهذا الرفض ينطلق من أنّ الناس كلهم خلق الله وعياله، فلماذا يتميّز أحدهم عن الآخر؟ نعم تقر الآية أساساً واحداً للتمايز بين العباد فما هو أساس التمايز؟ ليس هو الجاه ولا كثرة المال

ولا الأولاد ولا النسب ولا الحسب ولا الجمال ولا غير ذلك مما هو زائل، وإنما المبدأ هو التقوى، {إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم}، وقد أكّد النبي(ص) على هذا الأمر في الكثير من المناسبات ومن أهمها حجة الوداع، حيث قال: "أيها الناس إنما المؤمنون إخوة ولا يحل لامرىء مال أخيه إلا عن

طيب نفس منه ألا هل بلغت اللهم فاشهد، فلا ترجعن بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، فإني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لم تضلوا بعده كتاب الله ألا هل بلغت اللهم فاشهد أيها الناس ربكم واحد وان أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب أكرمكم عند الله أتقاكم وليس لعربي على

عجمي فضل إلا بالتقوى ألا هل بلغت اللهم فاشهد قالوا نعم قال فليبلغ الشاهد الغائب"[1].

 

إنّ القرآن لا يريد بذلك أن يؤكد أنّ الناس من حيث العطاء والعمل على مستوى واحد، فمن الطبيعي أنهم مختلفون في ذلك، فمنهم المؤمن الصالح، ومنهم الكافر والطالح، ومنهم العامل ومنهم القاعد، ومنهم البخيل ومنهم الكريم، ولكنّه يريد أن يضع حداً للتفاخر والتباهي بين الناس، ( التنافس

المذموم).

 

2- التفاخر بالتقوى!

 

 قد تقول: حتى التقوى يتفاخر الناس بها، فيقول البعض: أنا أتقى الناس وأعبد الناس، وأولهم إقداماً وأكثرهم بذلاً وجهاداً ... فإقرار مبدأ التقوى كأساس للتمايز سوف يعيد إنتاج مناخ التفاخر من داخل البوتقة الإيمانية في الوقت الذي يراد محاربته ! أفلم يكن الأجدى إقفال هذا الباب كليّة والقول للناس

إنّه لا تمايز بين أحد منهم أبداً وهم سواسية.

 

والجواب على ذلك:

 

أولاً: إنّ الله تعالى عندما استثنى مبدأ التقوى كأساس للتمايز عند الله تعالى، فإنما يريد أن يوجهنا إلى الأساس الصحيح للتمايز عنده، فعند الله تعالى لا قيمة للكم بل للنوع والكيف، فموازين الله تعالى يوم القيامة لا يرسو فيها إلا النوعية دون الكميّة، فالأعمال التي تكون خالصة لوجه الله تعالى أو

تكون بدافع خدمة عيال الله ترسو في ميزان العدل الإلهي، وأما ما يكون دافعها حب الظهور والتفاخر والرياء فلا تنزل في الميزان، قال تعالى: { تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [ الملك 1و2]. ومن

الطبيعي أنّه إذا انضم الكمية إلى الكيفية فتلك غاية المنى.

 

 

ثانياً: إنّ اعتماد هذا الميزان لا يخلق مشكلة، بين الناس، فلا مجال للتفاخر على أساس التقوى، لأنّ من يدعي أنّه الأتقى فهذا دليل على أنّه خطى الخطوة الأولى إلى خارج خط التقوى، وربما سقط في الميزان الذي يريد أن يدعي أنّه ناجح فيه، لماذا يا ترى؟ لأنّ التفاخر والمباهاة لا ينسجمان مع

التقى، فالمتقي لا يزكي نفسه بل يحاذر من تزكية الناس له، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فلا يعلم المتقي حقاً إلا الله تعالى، قال سبحانه: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا

أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم 32].

 

 

3-  وهم التميّز

 

 وما أكثر الأوصاف التي يتوهم الناس أنّها تمثل القيمة التي تسمح لهم بالتفوّق والتميّز على الآخرين، فأنت ترى من يقول أو من يعتقد وإن لم يصرح بذلك: أنا أكثر مالاً فأنا الأفضل وأنا الأعلى منصباً فأنا الأفضل وعليكم احترامي لذلك، وأنا الأجمل فأنا الأفضل، وأنا ألفضل لأني ابن الحسب

والنسب، إنها أسس موهومة للتمايز والتفاخر وقد هشّمها الإسلام، وإليك تفصيل الكلام في بعض هذه المظاهر:

 

أ- التفاخر بالأموال والأولاد، قال تعالى: { اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [ الحديد 20].

ب  التفاخر بالجاه، فهذا فرعون يفتخر على موسى بغناه وجاهه، ، قال تعالى: { وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ}

[الزخرف 51 – 53] . وقد دفع هذا الأمر المشركين إلى أن يقولوا إنّ النبوة كان ينبغي أن تنزل على رجل ذي جاه! قال تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ

لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [ الزخرف 31 – 32].

 

ج-  التفاخر بالأحساب، وهذا شكل آخر من أشكال التمايز التي دعا الإسلام إلى تحطيمها، لأنّ الناس خلقوا من آدم وآدم من تراب، والآية أعلاه اعتبرت أن تعدد القبائل هو مدعاة للتعارف والتلاقي وليس للتفاخر أو التناحر، وقد سعى النبي (ص) في رفض هذا الشكل من التفاخر من خلال سيرته

وبدأ بأسرته وهي الأسرة المعروفة بحسبها ونسبها، ففي الحديث عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع):" أَنَّ رَسُولَ اللَّه (ص) زَوَّجَ الْمِقْدَادَ بْنَ أَسْوَدَ، ضُبَاعَةَ بِنْتَ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا زَوَّجَهَا الْمِقْدَادَ لِتَتَّضِعَ الْمَنَاكِحُ ولِيَتَأَسَّوْا بِرَسُولِ اللَّه (ص) ولِتَعْلَمُوا أَنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّه أَتْقَاكُمْ وكَانَ الزُّبَيْرُ أَخَا

عَبْدِ اللَّه وأَبِي طَالِبٍ لأَبِيهِمَا وأُمِّهِمَا"[2]. وفي الخبر عن أبي جعفر(ع):" إِنَّ رَجُلاً كَانَ مِنْ أَهْلِ الْيَمَامَةِ يُقَالُ لَه جُوَيْبِرٌ أَتَى رَسُولَ اللَّه ص مُنْتَجِعاً لِلإِسْلَامِ ( طلب معروفه ) فَأَسْلَمَ وحَسُنَ إِسْلَامُه وكَانَ رَجُلاً قَصِيراً دَمِيماً مُحْتَاجاً عَارِياً وكَانَ مِنْ قِبَاحِ السُّودَانِ فَضَمَّه رَسُولُ اللَّه ص لِحَالِ

غُرْبَتِه وعَرَاه وكَانَ يُجْرِي عَلَيْه طَعَامَه صَاعاً مِنْ تَمْرٍ بِالصَّاعِ الأَوَّلِ وكَسَاه شَمْلَتَيْنِ وأَمَرَه أَنْ يَلْزَمَ الْمَسْجِدَ ويَرْقُدَ فِيه بِاللَّيْلِ.. فإنّ رَسُولَ اللَّه ص نَظَرَ إِلَى جُوَيْبِرٍ ذَاتَ يَوْمٍ بِرَحْمَةٍ مِنْه لَه ورِقَّةٍ عَلَيْه فَقَالَ لَه يَا جُوَيْبِرُ لَوْ تَزَوَّجْتَ امْرَأَةً فَعَفَفْتَ بِهَا فَرْجَكَ وأَعَانَتْكَ عَلَى دُنْيَاكَ وآخِرَتِكَ فَقَالَ لَه جُوَيْبِرٌ يَا

رَسُولَ اللَّه بِأَبِي أَنْتَ وأُمِّي مَنْ يَرْغَبُ فِيَّ فَوَاللَّه مَا مِنْ حَسَبٍ ولَا نَسَبٍ ولَا مَالٍ ولَا جَمَالٍ فَأَيَّةُ امْرَأَةٍ تَرْغَبُ فِيَّ فَقَالَ لَه رَسُولُ اللَّه ص يَا جُوَيْبِرُ إِنَّ اللَّه قَدْ وَضَعَ بِالإِسْلَامِ مَنْ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ شَرِيفاً وشَرَّفَ بِالإِسْلَامِ مَنْ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَضِيعاً وأَعَزَّ بِالإِسْلَامِ مَنْ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ذَلِيلاً وأَذْهَبَ

بِالإِسْلَامِ مَا كَانَ مِنْ نَخْوَةِ الْجَاهِلِيَّةِ وتَفَاخُرِهَا بِعَشَائِرِهَا وبَاسِقِ أَنْسَابِهَا (الباسق المرتفع) فَالنَّاسُ الْيَوْمَ كُلُّهُمْ أَبْيَضُهُمْ وأَسْوَدُهُمْ وقُرَشِيُّهُمْ وعَرَبِيُّهُمْ وعَجَمِيُّهُمْ مِنْ آدَمَ وإِنَّ آدَمَ خَلَقَه اللَّه مِنْ طِينٍ وإِنَّ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَى اللَّه عَزَّ وجَلَّ - يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَطْوَعُهُمْ لَه وأَتْقَاهُمْ ومَا أَعْلَمُ يَا جُوَيْبِرُ لأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْكَ

الْيَوْمَ فَضْلاً إِلَّا لِمَنْ كَانَ أَتْقَى لِلَّه مِنْكَ وأَطْوَعَ ثُمَّ قَالَ لَه انْطَلِقْ يَا جُوَيْبِرُ إِلَى زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ فَإِنَّه مِنْ أَشْرَفِ بَنِي بَيَاضَةَ (قبيلة من الأنصار) حَسَباً فِيهِمْ فَقُلْ لَه إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّه إِلَيْكَ وهُوَ يَقُولُ لَكَ زَوِّجْ جُوَيْبِراً ابْنَتَكَ الذَّلْفَاءَ، قَالَ فَانْطَلَقَ جُوَيْبِرٌ بِرِسَالَةِ رَسُولِ اللَّه ص إِلَى زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ وهُوَ فِي مَنْزِلِه

وجَمَاعَةٌ مِنْ قَوْمِه عِنْدَه فَاسْتَأْذَنَ فَأُعْلِمَ فَأَذِنَ لَه فَدَخَلَ وسَلَّمَ عَلَيْه ثُمَّ قَالَ يَا زِيَادَ بْنَ لَبِيدٍ إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّه إِلَيْكَ فِي حَاجَةٍ لِي فَأَبُوحُ بِهَا أَمْ أُسِرُّهَا إِلَيْكَ فَقَالَ لَه زِيَادٌ بَلْ بُحْ بِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ شَرَفٌ لِي وفَخْرٌ فَقَالَ لَه جُوَيْبِرٌ إِنَّ رَسُولَ اللَّه ص يَقُولُ لَكَ زَوِّجْ جُوَيْبِراً ابْنَتَكَ الذَّلْفَاءَ فَقَالَ لَه زِيَادٌ أرَسُولُ اللَّه

أَرْسَلَكَ إِلَيَّ بِهَذَا فَقَالَ لَه نَعَمْ مَا كُنْتُ لأَكْذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّه ص فَقَالَ لَه زِيَادٌ إِنَّا لَا نُزَوِّجُ فَتَيَاتِنَا إِلَّا أَكْفَاءَنَا مِنَ الأَنْصَارِ فَانْصَرِفْ يَا جُوَيْبِرُ حَتَّى أَلْقَى رَسُولَ اللَّه ص فَأُخْبِرَه بِعُذْرِي فَانْصَرَفَ جُوَيْبِرٌ وهُوَ يَقُولُ واللَّه مَا بِهَذَا نَزَلَ الْقُرْآنُ ولَا بِهَذَا ظَهَرَتْ نُبُوَّةُ مُحَمَّدٍ ص فَسَمِعَتْ مَقَالَتَه الذَّلْفَاءُ بِنْتُ زِيَادٍ

وهِيَ فِي خِدْرِهَا، فَأَرْسَلَتْ إِلَى أَبِيهَا ادْخُلْ إِلَيَّ فَدَخَلَ إِلَيْهَا فَقَالَتْ لَه مَا هَذَا الْكَلَامُ الَّذِي سَمِعْتُه مِنْكَ تُحَاوِرُ بِه جُوَيْبِراً فَقَالَ لَهَا ذَكَرَ لِي أَنَّ رَسُولَ اللَّه ص أَرْسَلَه وقَالَ يَقُولُ لَكَ رَسُولُ اللَّه ص زَوِّجْ جُوَيْبِراً ابْنَتَكَ الذَّلْفَاءَ فَقَالَتْ لَه واللَّه مَا كَانَ جُوَيْبِرٌ لِيَكْذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّه ص بِحَضْرَتِه فَابْعَثِ الآنَ رَسُولاً

يَرُدُّ عَلَيْكَ جُوَيْبِراً فَبَعَثَ زِيَادٌ رَسُولاً فَلَحِقَ جُوَيْبِراً فَقَالَ لَه زِيَادٌ يَا جُوَيْبِرُ مَرْحَباً بِكَ اطْمَئِنَّ حَتَّى أَعُودَ إِلَيْكَ ثُمَّ انْطَلَقَ زِيَادٌ إِلَى رَسُولِ اللَّه ص فَقَالَ لَه بِأَبِي أَنْتَ وأُمِّي إِنَّ جُوَيْبِراً أَتَانِي بِرِسَالَتِكَ وقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّه ص يَقُولُ لَكَ زَوِّجْ جُوَيْبِراً ابْنَتَكَ الذَّلْفَاءَ فَلَمْ أَلِنْ لَه بِالْقَوْلِ ورَأَيْتُ لِقَاءَكَ ونَحْنُ لَا نَتَزَوَّجُ

إِلَّا أَكْفَاءَنَا مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ لَه رَسُولُ اللَّه ص يَا زِيَادُ - جُوَيْبِرٌ مُؤْمِنٌ والْمُؤْمِنُ كُفْوٌ لِلْمُؤْمِنَةِ والْمُسْلِمُ كُفْوٌ لِلْمُسْلِمَةِ فَزَوِّجْه يَا زِيَادُ ولَا تَرْغَبْ عَنْه قَالَ فَرَجَعَ زِيَادٌ إِلَى مَنْزِلِه ودَخَلَ عَلَى ابْنَتِه فَقَالَ لَهَا مَا سَمِعَه مِنْ رَسُولِ اللَّه ص فَقَالَتْ لَه إِنَّكَ إِنْ عَصَيْتَ رَسُولَ اللَّه ص كَفَرْتَ فَزَوِّجْ جُوَيْبِراً فَخَرَجَ زِيَادٌ

فَأَخَذَ بِيَدِ جُوَيْبِرٍ ثُمَّ أَخْرَجَه إِلَى قَوْمِه فَزَوَّجَه عَلَى سُنَّةِ اللَّه وسُنَّةِ رَسُولِه ص وضَمِنَ صَدَاقَه .."[3].

 

 

4- التفاخر كمرض نفسي

 

 والواقع أنّ التفاخر بالأحساب والأنساب يبلغ بالإنسان مبلغاً خطيراً يدفعه إلى التكبر على الآخرين، والنيل منهم والاستخفاف بهم والسخرية والاستهزاء بهم، ومن هنا فهو آفة نفسية، وقد تكون منطلقاً للكثير من الآفات، ومن هنا كان هذا الموقف الرافض له وأعتقد أنّ علاج هذه الآفة يكون:

أ- بتنبيه الإنسان إلى ضرورة عدم الاتكال على حسبه، ففي الحديث عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّه ص آفَةُ الْحَسَبِ الِافْتِخَارُ والْعُجْبُ"[4].

 

ب- تذكيره بالأساس الصحيح للتمايز وهو التقى، ففي وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام قال : يا علي آفة الحسب الافتخار ، ثم قال : يا علي إن الله قد اذهب بالاسلام نخوة الجاهلية وتفاخرها بآبائها ، ألا إن الناس من آدم ، وآدم من تراب ، وأكرمهم عند الله أتقاهم" [5].

 

ج- تهذيب النفس، ومن أروع أساليب تهذيب النفس في هذا المجال ما جاء في وصية الإمام السجاد(ع) للزهري:" وإن عرض لك إبليس لعنه الله بأن لك فضلاً على أحد من أهل القبلة ، فانظر إن كان أكبر منك فقل : قد سبقني بالإيمان والعمل الصالح فهو خير مني ، وإن كان أصغر منك فقل : قد سبقته بالمعاصي والذنوب فهو خير مني ، وإن كان تربك فقل : أنا على يقين من ذنبي في شك من أمره فما لي أدع يقيني لشكي"[6].

 

ونحوه ما جاء عن الإمام علي(ع) في وصف المتقين وكيفية تهذيبهم لأنفسهم، يقول:" فَهُمْ لأَنْفُسِهِمْ مُتَّهِمُونَ ومِنْ أَعْمَالِهِمْ مُشْفِقُونَ، إِذَا زُكِّيَ أَحَدٌ مِنْهُمْ خَافَ مِمَّا يُقَالُ لَه فَيَقُولُ: أَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْ غَيْرِي ورَبِّي أَعْلَمُ بِي مِنِّي بِنَفْسِي، اللَّهُمَّ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا يَقُولُونَ، واجْعَلْنِي أَفْضَلَ مِمَّا يَظُنُّونَ

واغْفِرْ لِي مَا لَا يَعْلَمُونَ"[7].

 

محاضرة رمضانية 1437هـ

نُشرت على الموقع في 24-6-2016



[1] البيان والتبيين للجاحظ ص 229، وشرح النهج لابن أبي الحديد ج1 ص 128، ورواها مع شيء من التغيير في تحف العقول ص 34.

[2] الكافي ج 5 ص 344.وتهذيب الأحكام ج 7 ص 395.

[3] الكافي ج 5 ص 340.

[4] الكافي ج 2 ص 328.

[5] اوسائل الشيعة ج 16 ص 43.

[6] الاحتجاج للطبرسي ج 2 ص 52.

[7] نهج البلاغة ج 2 ص 163.

 






اضافة تعليق

الاسم *

البريد الإلكتروني *

موضوع *

الرسالة *


 


 
  قراءة الكتب
 
    Designed and Developed
       by CreativeLebanon