حوار مع مركز أفاق للدراسات والأبحاث: مشكلة الأديان تتشكل في الخطاب الفقهي    ثمن الحرية    أمثل الأساليب في عمليّة تهذيب النفس    مزايا الشباب    العمل سرّ النجاح    العبادة وعيٌ وانفتاح لا جهل وانغلاق    اقتناء أصنام الأمم البائدة    المفاهيم الدينية بين وجوب الاعتقاد وحرمة الانكار    البناء الاعتقادي بين الاجتهاد والتقليد    
 
بحث
 
تكريم الإنسان
 
س » أنا طالب علم، لدي خوف من أن أتكلم بغير علم.. ما الحل؟
ج »

وعليكم السلام

لا بد لطالب العلم في مساره العلمي أن يتسلح بأمرين أساسيين:
الأول: الاستنفار العلمي وبذل الجهد الكافي لمعرفة قواعد فهم النص واستكناه معناه ودلالاته بما يعينه على التفقه في الدين وتكوين الرأي على أسس صحيحة.
الثاني: التقوى العلمية ويُراد بها استحضار الله سبحانه وتعالى في النفس حذراً من الوقوع في فخ التقوّل على الله بغير علم. ومن الضروري أن يعيش مع نفسه حالة من المحاسبة الشديدة ومساءلة النفس من أن دافعه إلى تبني هذا الرأي أو ذاك: هل هو الهوى والرغبة الشخصية أم أن الدافع هو الوصول إلى الحقيقة ولو كانت على خلاف الهوى.
أعتقد أن طالب العلم إذا أحكم هذين الامرين فإنه سيكون موفقاً في مسيرته العلمية وفيما يختاره من آراء أو يتبناه من موقف.

 
س » كيف علمنا أن الصحيفة السجادية ناقصة؟ وهل ما وجده العلماء من الأدعية صحيح؟؟
ج »

أقول في الإجابة على سؤالكم:

أولاً: إن الصحيفة السجادية في الأصل تزيد على ما هو واصل إلينا وموجود بين أيدينا، قال المتوكل بن هارون كما جاء في مقدمة الصحيفة: " ثم أملى عليّ أبو عبد الله (ع) الأدعية، وهي خمسة وسبعون باباً، سقط عني منها أحد عشر باباً، وحفظت منها نيفاً وستين باباً"، بيد أن الموجود فعلاً في الصحيفة الواصلة إلينا هو أربعة وخمسون دعاء. آخرها دعاؤه في استكشاف الهموم، وهذا آخر دعاء شرحه السيد علي خان المدني في رياض السالكين، وكذا فعل غيره من الأعلام.

ثانياً: إن سقوط عدد من أدعية الصحيفة وضياعها دفع غير واحد من الأعلام للبحث والتتبع في محاولة لمعرفة ما هو الضائع منها، وبحدود اطلاعي فإنهم عثروا على أدعية كثيرة مروية عن الإمام زين العابدين (ع)، لكنهم لم يصلوا إلى نتائج تفيد أن ما عثروا عليه هو من الأدعية الناقصة منها، ولذا عنونوا مؤلفاتهم بعنوان مستدركات على الصحيفة، ولم يجزموا أن ما جمعوه من أدعية هو الضائع من أدعية الصحيفة. وهذا ما تقتضيه الضوابط العلمية والدينية، فما لم يعثر الإنسان على نسخة قديمة موثوقة أو قرائن مفيدة للوثوق بأن هذا الدعاء أو ذاك هو من جملة أدعية الصحيفة فلا يصح له إضافة بعض الأدعية على الصحيفة بعنوان كونها منها.

ثالثاً: لقد ابتُلينا بظاهرة خطيرة، وهي ظاهرة الإضافة على الصحيفة أو غيرها من كتب الأدعية، وهذا العمل هو خلاف الأمانة والتقوى، وقد ترتّب على ذلك الكثير من المفاسد، وأوجب ذلك وهماً للكثيرين، فتوهموا أن بعض الأدعية هي جزء من الصحيفة السجادية المشهورة، ومردّ ذلك بكل أسف إلى أن مجال الأدعية والزيارات شرعة لكل وارد، وتُرك لأصحاب المطابع والمطامع! وأعتقد أن هذا العبث في كتب الأدعية والزيارات ناشئ عن عدم عناية العلماء بالأمر بهذه الكتب كما ينبغي ويلزم، كما نبه عليه المحدث النوري في كتابه "اللؤلؤ والمرجان" مستغرباً صمت العلماء إزاء التلاعب والعبث بنصوص الأدعية والزيارات مما يعدّ جرأة عظيمة على الله تعالى ورسوله (ص)!

رابعاً: أما ما سألتم عنه حول مدى صحة الأدعية الواردة بعد دعاء استكشاف الهموم، فهذا أمر لا يسعنا إعطاء جواب حاسم وشامل فيه، بل لا بدّ أن يدرس كل دعاء على حدة، ليرى ما إذا كانت قرائن السند والمتن تبعث على الحكم بصحته أم لا. فإن المناجاة الخمس عشرة بنظرنا لم تصح وربما كانت من وضع الصوفية، وقد أوضحنا ذلك بشكل مفصل في كتاب الشيع والغلو.


 
س » ابني المراهق يعاني من التشتت، وأنا جدا قلق ولا اعرف التصرف معه، ما هي نصيحتكم؟
ج »

التشتت في الانتباه في سن المراهقة مع ما يرافقه من الصعوبات هو في حدود معينة أمر طبيعي وظاهرة تصيب الكثير من المراهقين ولا سيما في عصرنا هذا.

وعلينا التعامل مع هذه المرحلة بدقة متناهية من الاستيعاب والتفهم والإرشاد والتوجيه وتفهم سن المراهق، وأن هذه المرحلة تحتاج إلى أسلوب مختلف عما سبقها.

فالمراهق ينمو لديه الإحساس بالذات كثيرا حتى ليخيل إليه أنه لم يعد بحاجة إلى الاحتضان والرعاية من قِبل والديه.

وبالتالي علينا أن نتعامل معه بأسلوب المصادقة "صادقه سبعا.." والتنبه جيدا للمؤثرات التي تسهم في التأثير على شخصيته واستقامته وتدينه، ومن هذه المؤثرات: الأصدقاء ووسائل التواصل الاجتماعي، فإن نصيبها ودورها في التأثير على المراهق هو أشد وأعلى من دورنا.

وفي كل هذه المرحلة علينا أن نتحلى بالصبر والأناة والتحمل، وأن نبتدع أسلوب الحوار والموعظة الحسنة والتدرج في العمل التربوي والرسالي.

نسأل الله أن يوفقكم وأن يقر أعينكم بولدكم وأن يفتح له سبيل الهداية. والله الموفق.


 
س » اعاني من عدم الحضور في الصلاة، فهل أحصل على الثواب؟
ج »
 
لا شك أن العمل إذا كان مستجمعا للشرائط الفقهية، فهو مجزئٌ ومبرئٌ للذمة. أما الثواب فيحتاج إلى خلوص النية لله تعالى بمعنى أن لا يدخل الرياء ونحوه في نية المصلي والعبادة بشكل عام.
ولا ريب أنه كلما كان الإنسان يعيش حالة حضور وتوجه إلى الله كان ثوابه أعلى عند الله، لكن لا نستطيع نفي الثواب عن العمل لمجرد غياب هذا الحضور في بعض الحالات بسبب الظروف الضاغطة على الإنسان نفسيا واجتماعيا.
لكن على الإنسان أن يعالج مشكلة تشتت الذهن أثناء العمل العبادي وذلك من خلال السعي الجاد للتجرد والابتعاد عن كل الهواجس والمشكلات أثناء الإقبال على الصلاة، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، باستحضار عظمة الله عز وجل في نفوسنا وأنه لا يليق بنا أن نواجهه بقلب لاهٍ وغافل. والله الموفق.

 
س » أنا إنسان فاشل، ولا أتوفق في شيء، وقد كتب عليّ بالخسارة، فما هو الحل؟
ج »

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أولاً: التوفيق في الحياة هو رهن أخذ الإنسان بالأسباب التي جعلها الله موصلة للنجاح، فعلى الإنسان أن يتحرك في حياته الشخصية والمهنية والاجتماعية وفق منطق الأسباب والسنن. على سبيل المثال: فالإنسان لن يصل إلى مبتغاه وهو جليس بيته وحبيس هواجسه، فإذا أراد الثروة فعليه أن يبحث عن أسباب الثروة وإذا أراد الصحة فعليه أن يأخذ بالنصائح الطبية اللازمة وإذا أراد حياة اجتماعية مستقرة عليه أن يسير وفق القوانين والضوابط الإسلامية في المجال الاجتماعي وهكذا.

ثانياً: لا بد للإنسان أن يعمل على رفع معوقات التوفيق، وأني أعتقد أن واحدة من تلك المعوقات هي سيطرة الشعور المتشائم على الإنسان بحيث يوهم نفسه بأنه إنسان فاشل وأنه لن يوفق وأنه لن تناله البركة الإلهية.

إن هذا الإحساس عندما يسيطر على الإنسان فإنه بالتأكيد يجعله إنسانا فاشلا ومحبطا ولن يوفق في حياته ولذلك نصيحتي لك أن تُبعد مثل هذا الوهم عن ذهنك وانطلق في الحياة فإن سبيل الحياة والتوفيق لا تعد ولا تحصى.


 
س » ما هو هدف طلب العلم الذي يجب أن يكون؟
ج »

عندما ينطلق المسلم في طلبه للعلم من مسؤوليته الشرعية الملقاة على عاتقه ومن موقع أنه خليفة الله على الأرض، فإن ذلك سوف يخلق عنده حافزاً كبيراً للجد في طلب العلم والوصول إلى أعلى المراتب. أما إذا انطلق في تحصيله من موقع المباهاة أو إثبات ذاته في المجتمع أو من موقع من يريد أن يزين اسمه بالشهادة الجامعية ليُقال له "الدكتور" وما إلى ذلك، فإنه - في الغالب - لن يصل إلى النتيجة المرجوة.

وعلى كل إنسان منا أن يعي أنّنا في هذه الحياة مسؤولون في أن نترك أثراً طيباً، وأن نقوم بواجباتنا قبل أن يطوينا الزمان، إننا مسؤولون عن عمرنا فيما أفنيناه وعن شبابنا فيما أبليناه، وسنُسأل يوم القيامة عن كل هذه الطاقات التي منّ اللهُ بها علينا.

وأضف إلى ذلك، إنه من الجدير بالمسلم، أن لا يفكر في نفسه وما يريحه هو فحسب في طلبه للعلم، بل أن يفكر أيضاً في أمته والنهوض بها ليكون مستقبلها زاهراً، وهذا كله يحتم عليه أن يكون سقف طموحاته عالياً ليتمكن هو وأقرانه من الطلاب والعلماء من ردم الفجوة بيننا وبين الغرب الذي سبقنا على أكثر من صعيد.

باختصار: إن مسؤوليتنا ورسالتنا وانتماءنا لهذه الأمة يفرض علينا أن نعيش حالة طوارئ ثقافية وعلمية.


 
س » ما رأيكم في الاختلاط المنتشر في عصرنا، وكيف نحاربه؟
ج »

إنّ الاختلاط قد أصبح سمة هذا العصر في كثير من الميادين، ومنها الجامعات والطرقات والساحات وكافة المرافق العامة.. والاختلاط في حد ذاته ليس محرماً ما لم يفضِ إلى تجاوز الحدود الشرعية في العلاقة بين الرجل والمرأة الأجنبيين؛ كما لو أدى إلى الخلوة المحرمة بالمرأة أو مصافحتها أو كان المجلس مشوباً بأجواء الإثارة الغرائزية أو غير ذلك مما حرمه الله تعالى.

وفي ظل هذا الواقع، فإنّ العمل على تحصين النفس أولى من الهروب أو الانزواء عن الآخرين بطريقة تشعرهم بأن المؤمنين يعيشون العُقد النفسية. إن على الشاب المسلم أن يثق بنفسه وأن يفرض حضوره ووقاره، وأن يبادر إلى إقناع الآخرين بمنطقه وحججه، وأن يبيّن لهم أن الانحراف والتبرج والفجور هو العمل السيّئ الذي ينبغي أن يخجل به الإنسان، وليس الإيمان ومظاهر التدين.

وأننا ندعو شبابنا عامة وطلاب الجامعات خاصة من الذكور والإناث إلى أن يتزينوا بالعفاف، وأن يحصنوا أنفسهم بالتقوى بما يصونهم من الوقوع في الحرام.


 
س » كيف يمكن التخلص من السلوكيات والعادات السيئة؟
ج »

إن التغلب على السلوكيات الخاطئة أو العادات السيئة – بشكل عام – يحتاج بعد التوكل على الله تعالى إلى:

أولاً: إرادة وتصميم، ولا يكفي مجرد الرغبة ولا مجرد النية وانما يحتاج بالإضافة إلى ذلك إلى العزم والمثابرة وحمل النفس على ترك ما اعتادته.

ثانياً: وضع برنامج عملي يمكّن الإنسان من الخروج من هذه العادة السيئة بشكل تدريجي؛ وأرجو التركيز على مسألة "التدرج" في الخروج من هذه العادات السيئة؛ لأن إدمان النفس على الشيء يجعل الخروج منه صعباً ويحتاج إلى قطع مراحل، وأما ما يقدم عليه البعض من السعي للخروج الفوري من هذه العادة، فهو - بحسب التجربة - سيُمنى في كثير من الأحيان بالفشل. والله الموفق


 
 
  مقالات >> اجتماعية
نظرة إسلامية حول ظاهرة الأمثال الشعبية
الشيخ حسين الخشن



 

يتردد على ألسنة الناس عبارة تقول: "المثل ما ترك شي (شيء) إلاّ وقالو (وقاله)"، وهذه العبارة أو بالأحرى هذا "المثل" يعبّر عن انتشار ظاهرة "ضرب المثل" بين الناس، وعميق تأثيرها في النفوس، وهذه الظاهرة جديرة بالبحث والدرس على أكثر من صعيد، ومن أكثر من زاوية، فهي تستحق الدرس من زاوية معرفية، حيث يصار إلى رصد الأمثال وأنواعها، ودورها المؤثر في بناء ثقافة الشعوب، وهي تستحق الدرس أيضا من زاوية إسلامية، ليصار إلى ملاحظة مدى انسجام الأمثال المتداولة والمنتشرة بين الناس مع المفاهيم الإسلامية الأصيلة، وما يهمنا التطرق إليه في هذه الوقفة هو دراسة الأمثال من الزاوية الثانية. 

 

 المثل أهميته وخصوصياته

 

   يرصد الباحث في أدبيات الشعوب المختلفة ظاهرة تعبيرية لها جماليتها الخاصة، وهي ظاهرة "ضرب المثل"، والأمثال هي كلمات مختصرة تتضمن حكمة معينة، أو فكرة ذات مغزى، وربما ارتبط المثل بحادثة معبرة ومؤثرة، ولأنّ الأمثال تُختار - عادة - بعناية ودقة، ويكون لها وقعها الخاص وجاذبيتها المميزة، فإنّها تنتشر بين الناس ويتمّ تداولها واستحضارها في المناسبات المشابهة .
 
   وأهمية الأمثال أنّها تلعب دوراً فاعلاً في ثقافة الشعوب، ولها تأثيرها المباشر في السلوك الاجتماعي، حيث يُستحضر المثل باعتباره شاهداً على تأكيد فكرة وتعزيزها أو تفنيدها ورفضها، أو تشجيع الإنسان على اتخاذ موقف، أو ثنيه عن اتخاذه، وربما اكتسب المثل أحيانا سطوة معينة تجعل له قدرة على الحسم في موارد   اختلاف وجهات النظر، وكأنّه الفيصل أو الدليل المرجح لهذا الرأي على ذاك.
 
   ومن مزايا المثل أنّه يُخرج الفكرة من تجريديتها ومثاليتها ويربطها بالواقع المعاش، كما أنّه يرفع من قيمتها ومقبوليتها لدى الطرف الآخر، فمن يطرح فكرة معينة ويدعمها بمثل سيكون لكلامه وقع في النفوس أكثر مما لو طرح الفكرة نفسها غير مدعومة بالمثل. 
 
   ومن مزايا المثل - أيضاً - أنّه يوصل الفكرة إلى الأذهان بألفاظ مختصرة وسهلة وخفيفة على حاسة السمع، ويمتاز بجرس إيقاعي خاص وسلاسة في التعبير، وكثيراً ما يحمل المثل غنى في المضمون ويعتمد على رصيد قوي وهو تجارب الحياة ودروسها، "إسأل مجرب ولا تسأل حكيم"، والتجربة تمثل مدرسة ملأى بالعبر والدروس، يقول إبراهيم النظام (ت231هـ): "تجتمع في المثل أربعة لا تجتمع في غيره: إيجاز اللفظ، وإصابة المعنى، وحسن التشبيه، وجودة الكناية، فهو نهاية البلاغة" 1

 

أنواع المثل 

 

   والمثل على أنواع عديدة، فهناك الأمثال الحكمية وهي من أنفع الأمثال وأجلها، وهي قد تكون مستقاة من آية كريمة، أو حديث نبوي شريف أو كلام لأحد المعصومين، أو بيت شعر، أو حكمة شيخ قد خبر الحياة، أو رجل صاحب تجربة طويلة، والأمثال قد تتضمن مدحا، أو ذماً، أو اعتذاراً، أو تهكماً، أو وعظاً، إلى غير ذلك من الأغراض المختلفة.
 
   وغالباً ما تكون للمثل مناسبة خاصة هي أشبه شيء بأسباب النزول بالنسبة للآيات المباركة، وقد لا يتمكن المرء من فهم المثل إلا بعد التعرف على مناسبته وظروف إطلاقه، من قبيل المثل الشائع على الألسن عندما يعبّر أحد الأشخاص عن سبب اتخاذه لموقف متعقل وغير متهور والذي قد يكون على حسابه، فإنه يقول مبررا موقفه هذا: أنا "أم الصبي"، أو يقول الأخرون له في ظرف مشابه: "أنت أم الصبي"، وهذا المثل قد يردده البعض دون أن يعي مناسبته، والمناسبة هي القصة المعروفة المروية عن أمير المؤمنين (ع) عندما رفعت إليه قضية تنازع بين امرأتين بشأن أمومة طفل من الأطفال، حيث ادعت كل واحدة منهما أنّها الأم، ولا بينة لإحداهما تثبت صدقها وتكذب الأخرى، فلجأ (ع) إلى اعتماد طريقة ذكية للتعرف على الأم الحقيقية، وهي أنّه طالب باحضار منشار، وقال للمرأتين سوف ننشر هذا الطفل نصفين ونعطي كل واحدة منكما نصفاً من هذا الطفل، ولم رأتها المرأتان وقد هم بنشره فعلا صرخت إحداهما أنا لست أمّه يا أمير المؤمنين، وإنما هو لتلك، أمّا الأخرى فآثرت السكوت وعدم الاكتراث، فقال(ع): للمرأة الوالهة االتي أنكرت كونها أماً : خذي هذا الصبي فأنت أمّه، ولما سئل: كيف عرفت أنّها هي الأم يا أمير المؤمنين (ع) ؟ قال: عرفت ذلك من خوفها وهلعها على الطفل لما رأتني حملت المنشار، فهذه اللهفة دليل أّها هي الأم، وكان الأمر كما قال (ع)، واعترفت الأخرى بأنها كاذبة في مدعاها.  

 

المثل في الكتاب والسنة 

 

   وقد تضمن القرآن الكريم العديد من الأمثال، واستخدم هذه الطريقة باعتبارها فناً من فنون التعبير البليغ والمؤثر الذي يوصل الفكرة إلى الأذهان بأسلوب مختصر ومعبر، قال تعالى: {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون} (الحشر )، ووردت كلمة "الأمثال" أو "المثل "في القرآن مرات عديدة، وقد كتب بعض العلماء عن ظاهرة الأمثال في القرآن الكريم 2، وعن خصائص المثل القرآني ومزاياه.
 
   وأمّا في حديث النبي (ص) والأئمة من أهل البيت (ع) فقد استخدمت الأمثال كثيراً، لنفس الغرض، وهو هداية الناس والأخذ بأيديهم نحو الأفضل والأحسن، وقد جُمعت الأمثال النبوية في كتب مستقلة 3.

 

العرب والأمثال

 

   وكما ذكرنا في مستهل الكلام، فإنّ ظاهرة الأمثال عرفتها مختلف شعوب العالم  من العرب و الفرس و الكرد وغيرهم من الأمم والشعوب، وقد انتشرت الأمثال عند العرب في الجاهلية، واستمرت بعد الإسلام، ولا تزال قائمة إلى يومنا هذا، وقد ألّفت كتب خاصة وعديدة حول الأمثال العربية، ومن أبرز هذه الكتب: كتاب "مجمع الأمثال" للميداني (ت 518هـ), إلى غيره من الكتب المختلفة والمؤلفة في هذا الفن 4.
 
 وتتصف الأمثال العربية كغيرها من الأمثال بمزايا خاصة، وهي: القوة في المضمون، والإختصار في التعبير، إلاّ أنّ الكثير من الأمثال العربية القديمة قد هجرت ولم تعد مستخدمة ومتداولة، لتحل محلها أمثال جديدة، كما سنلاحظ ذلك فيما يلي ..

 

الأمثال الشعبية وضرورة دراستها

 

  إنّه ومع شيوع اللهجات العامية في شتى الأقطار العربية وحلولها محل الفصحى في التخاطب الشعبي امتدت ظاهرة "ضرب المثل" إلى اللهجات المحكيّة، فصار لدينا أمثال حجازية وأخرى شامية وثالثة عراقية ورابعة مصرية ... وقد كتبت كتب عديدة عن الأمثال الشعبية الشائعة والمنتشرة في مختلف الدول العربية والإسلامية..
 
   والأمثال الشعبية العامية، هي الأخرى حصيلة خبرة اجتماعية أو تجربة إنسانية، ولذا فإنك تجد في الكثير منها الغنى في المضمون، والإيجاز في التعبير، ولا تخلو أحياناً من الحس النقدي، أو اللغة الساخرة والهزليّة ..
 
 وحيث كان للأمثال على اختلاف أنواعها هذا التأثير الكبيرعلى المستوى الثقافي و الاجتماعي والتربوي، وكانت تمتلك قدرا من السلطة الإقناعية كان من الضروري أن تتم دراستها، بغية التعرف على مدى انسجام مضمونها الفكري مع المضامين الإسلامية الأصيلة، أو مدى مساهمتها في تنمية الفكر والروح، أو تحفيز الإنسان ودفعه نحو عمل الخير والتعاون، فإنّ أي انحراف فكري أو عقدي تتضمنه الأمثال سيساهم في تشويه المفاهيم الدينية الأصيلة، وسوف ينعكس سلباً على حياة الفرد وسلوكه، وما يعنينا بالدرس هنا هو الأمثال الشائعة والمتداولة بين الناس والتي لها حضور وتأثير في حياتهم، أما الأمثال العربية البائدة فلا نجد ضرورة لبحثها وتقييمها، إلا إذا أريد بحثها من الزاوية التاريخية البحتة .

 

نماذج من الأمثال العامية الخاطئة 

 

   وفيما يلي سوف نشير إلى نماذج متنوعة من الأمثال العامية المنتشرة في بعض البلدان العربية، ولاسيما في بلاد الشام، والنماذج المختارة هي عينات من الأمثال التي تختزن مضامين منافية للإسلام في عقيدته أو شريعته وقيمه الأخلاقية الرفيعة والسامية.   
 
في الأمثال المنافية للعقيدة:
 
أما في المجال العقدي، فيمكننا أن نشير إلى جملة من الأمثال التي تتنافى وأصالة المعتقدات الإسلامية : 
 
1- عقيدة الجبر: تفوح من بعض الأمثال الشعبية رائحة عقيدة الجبر، وأن الإنسان لا يستطيع تغيير المكتوب عليه والمقدر له، يقول المثل:" المكتوب ما منو مهروب"، وهذا معتقد مرفوض إسلامياً، لأنّ الإنسان وفق الرؤية القرآنية والإسلامية مختار في أفعاله وأقواله، وهو الذي يصنع قضاءه باختياره وإرادته، والمكتوب هو صفحة تعكس ما سيفعله الإنسان باختياره، فالله إنما كـتب علينا ما علم أننا سنفعله باختيارنا، ولم يقهرنا على فعل ما هو مكتوب في سجل أعمالنا. 
 
2- نسبة الظلم أو النقص إلى الله: وثمة أمثال منتشرة بين الناس وهي تنسب الظلم أو بعض صفات النقص إلى الله تعالى، من قبيل المثل القائل: "ربنا بيطعم ناس وبيحرم ناس". فهذا المثل غير صحيح إطلاقاً، لأنّ سنة الله جرت على توفير أسباب الرزق للبر والفاجر، فمن أحسن الإستفادة من المقدرات المودعة في الأرض فبيده وحسن اختياره، ومن أساء الإفادة منها فبيده أيضاً وسوء اختياره، ففي الحديث عن أبي جعفر الباقر(ع): "إنّ هذه الدنيا يعطاها البر والفاجر وإنّ هذا الدين لا يعطاه إلا أهله خاصة" 6، وهناك  سبب آخر لهذا التفاوت بين الناس في الأرزاق، وهو عدم قيام الأثرياء بواجبهم الديني والأخلاقي تجاه الفقراء والمعوزين، ففي الحديث الصحيح عن الإمام الباقر (ع):"..إن الله فرض للفقراء في أموال الأغنياء ما يسعهم، ولو علم أن ذلك لا يسعهم لزادهم، إنّهم لم يؤتوا من قبل فريضة الله، ولكن أتوا من قبل منع من منعهم حقهم، لا مما فرض الله لهم، ولو أنّ الناس أدوا حقوقهم لكانوا عائشين بخير" 6.
  وتندرج في هذا السياق بعض الأمثال التي تتحدث عنه تعالى بكلمات لا تليق بقدسه، ولا تتناسب مع جلالته وعظمته، من قبيل المثل القائل:" ربنا بيسمع بالمقلوب"، فمقتضى الأدب عدم استخدام هذه التعابير في حقه تعالى .
 
3- تقليد الآباء: ومن الأمثال التي نرى أنّها منافية للمفاهيم العقدية الإسلامية أمثلة تبرر تقليد الآباء والأجداد والاستمرار على دينهم دون بحث أو درس أو نظر، يقول المثل الشعبي: "كل مين على دينو الله يعينو".
 
4-في الحظ، يقول المثل المصري، "إديني حظ وارميني في البحر"، وفي مثل مصري آخر حول الحظ يقال: "الحظ لما يواتي يخلي الأعمى ساعاتي والمكسح عجلاتي"، وفي بعض بلاد الشام يقال: "اللي ما إلو حظ ما يتعب ولا يشقى"، وقد ذكرنا هذه الأمثال في (كتاب ظواهر ليست من الدين) عند الحديث عن مفهوم الحظ، وقلنا هناك: إنّ هذ المفهوم لا يخلو من شائبة الشرك والجبر، وأنّ البعض يتشبث بهذه الأمثال ليبرر فشله في الحياة.

 

في الأمثال المنافية للقيم الدينية والأخلاقية  

 

وفي الحقل الاجتماعي والأخلاقي نرصد العديد من الأمثال التي تختزن مفاهيم مغلوطة أو مضامين سلبية لا تساعد على التراحم أو التواصل، بل إنها قد تشجع على قيم غير سليمة، وسلوكيات منحرفة، وبعضها يتنافى مع المفاهيم الدينية، أو الأحكام الشرعية، وفيما يلي نسلط الضوء على أهم تلك الأمثال:
 
1-ذم أصحاب بعض المهن: نرصد في بعض الأمثال الشعبيّة ذماً لأصجاب بعض المهن دون استثناء، وهو ذمّ قد يكون له ظروفه التاريخية، وربما كان ناشئاً عن تجارب واقعية مريرة مع الكثير من أصحاب هذه المهن، ولكنّ ذلك لا يبرر التعميم في الحكم لكل فرد يمتهن تلك المهنة، فضلا عن التعميم لكل الأزمان، فإنّ هذا قد يدخل في الغيبة العامة، وهي أشد إثماً وقبحاً من غيبة الأفراد، وربما يستسهل البعض الإتهام في هذا المجال، على اعتبار أنّ المثل قال ذلك، فكأنه يعفي نفسه من مسؤلية الكلمة، ومن نماذج ذلك المثل القائل:  "القصاب نصاب"، أو المثل القائل: "التاجر فاجر"، والمثل الأخير مأخوذ من بعض الروايات، إلا أنّ للرواية تتمة تحول دون هذا التعميم، والرواية هي قول علي (ع) فيما روي عنه: "التاجر فاجر، والفاجر في النار إلاّ من أخذ الحق وأعطى الحق" 7.
 
2-- تبرير الذل والجبن: وهناك أمثال عديدة تشجع على الاستسلام والذل والإبتعاد عن مواقع الجهاد في سبيل الله، وتبرر الانهزام والفرار من الزحف، من قبيل الأمثال التالية: "ألف كلمة جبان ولا كلمة الله يرحمو"، "الهريبة ثلثين المراجل"، "اللي بيموت بتروح عليه "، "العين ما بتقاوم المخرز".
 
3- الأنانية: وثمة أمثال منافية للأخلاق الفاضلة والتعالية الدينية التي تشجع على الإيثار والإحساس بالآخرين، من هذه الأمثال: "نفسي نفسي والنجاة من النار"، "من بعد حماري ما ينبت حشيش"، وقد يستخدم المثل التالي للمضمون نفسه، أعني التنصل من تحمل المسؤلية العامة، وهو المثل القائل: "كل عنزة معلقة بكراعيبها"، وربما يستخدم المثل المذكور للتعبير عن غرض سليم، وهو الإشارة إلى أنّ العقوبة  أو المحاسبة في مواردها تكون فردية، على قاعدة: {ولا تزر وازرة وزر أخرى}
 
4- الحث على المداهنة: وتدعو بعض الأمثال إلى مداهنة القوي، أوالتلوّن بحسب ما تقتضيه المصالح، أو المماشاة مع الفكر السائد بما يتلاقى مع بعض الدعوات الباطنية، ومن ذلك قولهم: "عا هوا السوق سوق"، أو قولهم: "حط راسك بين الروس وقول يا قطاع الروس"، وفي هذا السياق يأتي المثل القائل: "الإيد اللي ما بتقدر عليها بوسها وادعي عليها بالكسر".
 
وغير بعيد عن ذلك ما يدعو إلى الممالأة، ويندرج في ذلك المثل العراقي القائل: "إذا حاجتك صارت عند كلب سميه حج كلب" 8
 
5- معيار التفاضل والغنى: ومن الأمثال التي تحمل مضامين خاطئة وتبشّر بقيم غير سويّة تلك الأمثال التي ترجع التفاضل بين الناس إلى اعتبارات لا علاقة لها بالخلق الحسن ولا بالدين ولا بالإستقامة ولا بالعلم، وإنّما مقياس التفاضل هو المال والجاه، من قبيل الأمثال التالية: "معك فرنك بتسوى فرنك"، أو "معك قرش بتسوى قرش"، أو "بطن مليانة كيف تمام"، أو "الفلوس بتسقي بجهنم بقسما"، ونحو ذلك مما هو مخالف للمفاهيم الإسلامية التي تنص على أنّ المال ليس معياراً سليماً في التفاضل، يقول أمير المؤمنين(ع):" يا كميل العلم خير من المال والعلم يحرسك وأنت تحرس المال، وصنيع المال يزول بزواله...9"
 
 ومما يندرج في هذا السياق المثل القائل:"الفلوس بتجيب العروس"، فهو مخالف لقوله (ص): "إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن   فتنة وفساد كبير" .10
 
6-تبرير المعاصي: ونجد في بعض الأمثال ما يشجع على التحلل من بعض الظوابط أو التهوين من المعاصي أو تبريرها على أساس  "ساعة إلك وساعة لربك"، كما يقول المثل.
 
7-إحتقار الإنسان: ومن الأمثال الخاطئة: تلك الأمثال التي تتضمن احتقاراً للإنسان وتحمل يأساً من إمكانية تغييره أو تشجّع على عدم اصطناع المعروف إزاءه، من قبيل المثل القائل: "عوّد كلب ولا تعوّد ابن آدم" أو المثل: "ربي جرو ولا تربي ابن آدم"، إننا لا نستطيع القبول بهذه الأمثال، لا لمنافتها لمبدأ التكريم الإلهي لبني آدم فحسب، قال تعالى: {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً}( الإسراء:70)، بل لأنّها قد تختزن دعوة سلبية إلى عدم فعل المعروف مع الناس، بحجة أنهم قد لا يقابلون معروفك بمعروف مثله، ولا  يقدّرون الجميل، وهذه دعوة مرفوضة في منطق الإسلام وفي قاموس الخلق الرفيع، فالإسلام يدعو إلى اصطناع المعروف وفعله  لذاته  ومن دون انتظار مديح أو إطراء أو جائزة، وسواء أكان الطرف الآخر من أهل المعروف أو من غير أهله، ففي الحديث الصحيح عن أبي عبد الله (ع): "إصنع المعروف إلى من هو أهله وإلى من ليس من أهله، فإن لم يكن هو أهله، فكن أنت من أهله" 11.
 
8-العلاقة بين الكنة والحما: وفي المجال الاجتماعي أيضا نعثر على أمثال توغر صدر الكنة تجاه الحما، وبالعكس، وهذا يساهم في توتير العلاقات الاجتماعية، من قبيل المثل القائل: "مكتوب عا باب الجنة ما في كنة بتحب حما"، أو المثل القائل: "حماتك الله يحميها وبنار جهنم يكويها". ولا يسعنا إلا رفض المضمون الذي تحمله هذه الأمثال، لأنها تشجع أو تبرر العداوة والبغضاء والضغينة بين الناس.
 
9-اعتماد العنف والقساوة مع الناس: وتشجع بعض الأمثال العامية على ظهور الإنسان بمظهر المتجبر الغليظ، أو اعتماده القسوة والعنف والشدة في التعامل مع الناس، بحجة أنه بذلك يهابه الناس، فلا يتطاولون عليه، أو أنّ ذلك يساعده على تحقيق حاجاته ورغباته، دون أن يعتدي عليه أحد، وذلك من قبيل المثل القائل:"كشّر عن نيابك كل الناس بتهابك"، وهذا المفهوم خاطىء ومناف للتعاليم الإسلامية التي تدعو إلى اعتماد الرفق منهجا في الحياة، وأن يكون الإنسان بشوشاً ليناً قال تعالى: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداواة كأنه ولي حميم}،( فصلت 34)، وفي الحديث عن علي (ع) قال: " قال رسول الله(ص): المؤمن لين هيّن سمح له خلق حسن، والكافر فظ غليظ له خلق سيء وفيه جبرية" 12
 
10- ترك الشفاعة في الزواج: ومن الأمثال البعيدة كل البعد عن تعاليم الإسلام: المثل التالي الذي يزهّد في السعي إلى تزويج محتاجي الزواج، يقول المثل: "إمش بجنازة ولا تمشي بجوازة"، وهذا مفهوم مخالف لما جاء في النصوص التي تحث على مساعدة الراغبين في الزواج والسعي في هذا السبيل، قال تعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم}. (النور: 53)، وفي الحديث عن الإمام الصادق (ع) عن جده أمير المؤمنين(ع): "أفضل الشفاعات أن تشفع بين اثنين في نكاح حتى يجمع الله بينهما" 13، وفي حديث آخر عنه (ع):" من زوّج أعزبأ كان ممن ينظر الله إليه يوم القيامة" 14.
 
11-العصبية الجاهلية: وتتضمن بعض الأمثال استعادة بيّنة لقيم الجاهلية ومنطقها البائد الذي محاه الإسلام، من قبيل المثل القائل " ابن ابنك ابنك، وابن بنتك لأ "، أو المثل الآخر القائل: "أنا وأخي على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب"، فمنطق الإسلام يرفض هذا العصبية المقيتة، ويقول: كن إلى جانب المظلوم والمحق ولو كان غريباً، وقف في وجه الظالم ولو كان قريباً، يقول علي (ع) في وصيته للحسن والحسين (ع): "كونا للظالم خصماً وللمظلوم عوناً" 15، ويقول (ع) فيما روي عنه: "إنّ ولي محمد من أطاع الله وإن بعدت لحمته، وإن عدو محمد من عصى الله وإن قربت قرابته" 16.
 
12-"لا سلام على الطعام": يتردد هذ المثل على الألسنة باعتباره أدباً خاصاً فيما يتصل بآداب الطعام، وربما خاله بعض الناس حديثاً شريفاً، وهو ليس كذلك، فلم يرد مثل هذا الكلام في روايات الفريقين (السنة والشيعة) لا منسوباً إلى النبي (ص) ولا إلى الأئمة من أهل البيت (ع)، بل إنّ ما دل على استحباب السلام شامل للمقام، وقد ورد في بعض الروايات أنّ الجالس على الطعام لا ينبغي له أن يدعو الداخل إلى  طعامه حتى يسلّم،ففي الحديث عن الإمام الصادق (ع) قال : قال رسول الله (ص) : "لا تدع إلى طعامك أحدا حتى يسلّم" 17، أجل قد يكون لهذا المثل وجه مقبول شرعا إذا أريد به النهي عن مصافحة الجالسين على الطعام، ولا سيما إذا استوجب ذلك إحراجهم ودفعهم للقيام له.   
 
هذه بعض النماذج من الأمثال الشعبية المتداولة بين الناس في كثير من الدول العربية والتي تحمل معان أو مفاهيم  أو تتضن دلالات لا تنسجم مع الإسلام عقيدة أو شريعة، وهناك أمثال أخرى يستطيع المتتبع العثور عليها.

 

 

 
1-   مجمع الأمثال ج1 ص6. 
2-  أنظر: الأمثال في القرآن الكريم للشيخ جعفر السبحاني.
3-  أنظر: الأمثال النبوية للشيخ محمد الغروي.
4-   أنظر حول الكتب المؤلفة في الأمثال كتاب: إيضاح المكنون لإسماعيل باشا البغدادي ج2 ص272- و273، وكتاب: الذريعة إلى تصانيف الشيعة ج  ص 346- 347 وج11 ص 114....
5-  المحاسن للبرقي ج1 ص217.
6-  الكافي للكليني ج3 ص496.
7-  الكافي ج5 ص150.
8-  الأمثال البغدادية ج1 ص21.
9-  نهج البلاغة.
10- الكافي ج9 ص347.
11-  وسائل الشيعة ج16 ص296، الحديث 1 الباب 3 من أبواب فعل المعروف، والروايات في هذا المعنى كثيرة.
12-  الأمالي للشيخ الطوسي ص366.
13-  الكافي ج5 ص332
14-  المصدر نفسه.
15-  نهج البلاغة.
16-  نهج البلاغة.
17-  وسائل الشيعة ج12 ص57 الحديث 6 الباب 32 من  أبواب أحكام العشرة.
 





اضافة تعليق

الاسم *

البريد الإلكتروني *

موضوع *

الرسالة *


 


 
  قراءة الكتب
 
    Designed and Developed
       by CreativeLebanon