بناء المقامات الدينية: شروط وضوابط
بعد أن عرضنا مجموعة مقالات عن "بناء المقامات الدينية"، يأتي هذا المقال، لنجيب عن الأسئلة التالية: متى يُبنى المقام الدينيّ؟ وما هي شروط ذلك وضوابطه؟
يمكننا الإشارة إلى جملة ضوابط:
أولاً: العرش ثم النقش
إنّ من الطبيعي في عملية بناء مقام أو مزار دينيّ أن تكون الشخصيّة التي يُراد بناء المقام فوق ضريحها شخصيّةً حقيقية وليست أسطورية أو وهمية، أو لم يثبت وجودها بأيِّ دليل، أو قرينة من القرائن، فإنّ بناء مقام لشخصيّة وهميّة يُعدُّ عملاً قبيحاً
في شريعة العقلاء، ويعبّر عن ضحالة فكرية، وهو عمل محرّم شرعاً، لأنّه مصداق للكذب والخداع والتضليل، واختلاق أنساب لا واقع لها، وفي ضوء هذا الشرط فإنّه يجدر بنا التوقّف مليّاً إزاء بعض المقامات التي بُنيت بأسماء شخصيّات ليس هناك
ما يثبت وجودها، من قبيل مقام "السيدة خولة" في مدينة "بَعْلَبَكَّ" اللبنانية[1]، أو مقام السيدين "ياسر وناصر" في خراسان[2]، وربما يُذكر في هذا المجال مقام السيدة سكينة بنت أمير المؤمنين(ع) في بلدة داريا في الشام[3]، أو غير ذلك
من المقامات المنتشرة في بعض البلدان الإسلامية.
ثانياً: المقام بالمقيم
والشرط الثاني لبناء مزارٍ أو مقام هو إثبات أنّ الشخصيّة التي يراد بناء المقام فوق ضريحها مدفونة في هذا المكان، بوسيلة من وسائل الإثبات المشار إليها سابقاً، وإحراز هذا الشرط هو أمر طبيعي تمليه علينا مصداقيّتنا حتّى لا نقع في ممارسة
التضليل والكذب أو غير ذلك من المحاذير الشرعية، ممّا سنشير إليه لاحقاً، وقد كان علماؤنا السابقون يحرصون على التثبّت التام حيال هذا الأمر ويبتعدون عن التساهل والتسرّع[4]، ولعلَّ من أوضح الأمثلة على الحالات التي بُنِيَ فيها مقام في
غير المكان الذي دُفِنَ فيه صاحب المقام: مقام الإمام علي(ع) وضريحه في مزار شريف في أفغانستان، وهناك أمثلة أخرى على ذلك[5].
أجل قد يحصل الخلاف بشأنِ مكانِ دفنِ بعض الشخصيّات، كما هو الخلاف في مكان دفن السيدة زينب بنت علي(ع) وأنّه في الشام أو في القاهرة أو في المدينة المنورة[6]، وهكذا وقع الخلاف في مقام حمزة بن الإمام موسى الكاظم(ع)، ولذا نجد له أكثر من مقام، فهناك مقام في الرَّي متصل بمرقد السيّد عبد العظيم الحسني، وله مقام آخر في قم، وثالث في شيراز، ورابع في كرمان، "والأول أشهر وروداً والرابع هو أضعف الأقوال"[7].
وهكذا، وقع الخلاف في تعيين مكان دفن علي بن جعفر (هو ابن الإمام جعفر الصادق (ع))، فمنهم من ذهب إلى أنّه مدفون في مدينة قم، ومنهم مَنْ ذهب إلى أنّه مدفون في العريض في المدينة المنوّرة[8].
وقد يُذكر في هذا الصدد قبر مالك الأشتر، حيث إنّ المعروف أنّه دفن في العريش أو القلزم[9]، لكنّ بعض الباحثين المعاصرين رجّح أنّه دُفن في "بَعْلَبَكَّ"، إلاّ أنّ هذا الرأي يفتقر إلى الحُجّة المقنعة، ما يجعل من الرأي المشهور هو الأقرب إلى الصواب[10].
ثالثاً: شرف المكان بالمكين
والشرط الثالث لبناء المقام هو أن تكون الشخصيّة التي يُراد تشييد المقام على ضريحها ذات مكانة دينيّة تستحقّ لأجلها التكريم والتبجيل، أمّا الشخصيّات التي ثبت أنّها ليست ذات مصداقية دينيّة تستوجب التقدير والاحترام، أو التي لم يثبت كونها كذلك،
لالتباس في مواقفها أو لغير ذلك من الأسباب، فلا مسوّغ شرعياً لبناء مقامات دينيّة لها، بل إنّ في البناء - والحال هذه - إشكالاً شرعيّاً، لما فيه من ترويج الباطل، ومن الأمثلة التي يمكن أن تُذكر في هذا المجال: مقام أبي لؤلؤة في كاشان[11]،
ويمكن أن يندرج في ذلك أيضاً مقام ربيع بن خيثم المعروف بالخواجة ربيع في مشهد المقدسة، على الرغم من أنّ بعضهم قد وثّقه حتّى عُدَّ من جملة الزهاد الثمانية، ولكن لم يثبت شيء من ذلك، بل إنّ الشواهد تشير إلى عكس ذلك[12].
هل يكفي كونه من أبناء الأئمّة(ع) ؟
ومجرّد كون الشخص من أبناء الأنبياء أو الأئمّة(ع) أو من أحفادهم لا يبرّر بناء مقام دينيّ له ما لم يثبت بالدليل أنّه شخصيّة ذات مكانة دينيّة، أو في الحدّ الأدنى أنّه شخصيّة ممدوحة، فإنّ بعض أبناء الأنبياء كانوا من الكافرين بنبوّة آبائهم، كما هو
الحال في ابن نوح الذي هلك مع الهالكين، قال تعالى: {قَالَ يَا نُوحُ إنّه لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إنّه عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ}[هود: 46]، وهكذا فإنّ بعض أبناء الأئمّة(ع) وأحفادهم لم يكونوا صالحين، بل صدرت من بعضهم تصرفات تدلّ على فساد عقيدتهم، أو عدم
استقامتهم، ولم يرد في بعضهم مدح ولا تعديل، بل صدر في بعضهم الذم، كما لا يخفى على المراجع للمصادر التاريخية وسيرة الأئمّة(ع) والكتب الرجالية.. ومع ذلك فقد بنيت مقامات لبعض المذمومين منهم[13].
مقامات الأجنّة
وثمّة سؤال يطرح نفسه في المقام، وهو أنّه في ضوء الشرط الثالث المتقدم لبناء المقامات الدينيّة، وهو أن تكون الشخصيّة ذات مكانة دينيّة، فهل يُبنى مقام للأجنّة أو الأطفال غير المميّزين الذين لا يمتلكون مكانةً دينيّة مميّزة، وإنّما هم فقط من أبناء الأنبياء أو الأئمّة(ع)؟
وفي الإجابة على ذلك نقول: إنّ تعيين وحفظ المكان الذي دُفن فيه طفلٌ أو سِقْطٌ قد أجهض في حالات خاصة واستثنائية يكون مفهوماً ومبرّراً عندما يأتي في سياق حفظ الشواهد التاريخيّة ذات الدلالة على بعض الأحداث، وليس من الحكمة طمس تلك
المعالم والشواهد، لأنّنا قد نحتاجها في دراسة الحدث التاريخي والتعرّف عليه، وكذا في إعادة فهم الأحداث ومجريات الأمور، فهذه الشواهد هي سجلّ أو ذاكرة للأحداث التاريخية.
وأمّا إذا أُريد بناء مقام أو مزار دينيّ لهذا الجنين أو الطفل الصغير، فهذا أمر بحاجة إلى إثبات مشروعيته بدليل خاص أو عام، باعتبار أنّ حكمة الزيارة الأساسية هي الاستلهام من روح المزور والتزوّد من معينه الفكري والروحي، أو إعلاء شأن
الدين وتعظيم شعائره غير متحقّقة في المقام، أجل لو كان هذا الطفل الذي يُراد بناء مقام له أو زيارته طفلاً مميّزاً وله مكانة علميّة أو روحيّة رغم صغر سنّه، كما حدّثنا القرآن عن يحيى الذي آتاه الله الحكمة وهو في مرحلة الصبا {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً}[مريم: 12]، فيكون الأمر مفهوماً ومبرّراً.
وهكذا لا بدّ أن نخرج عن محلِّ البحث ما لو ورد النصّ في الحثّ على الاهتمام بطفل معيّن لخصوصية معيّنة، كما هو الحال– مثلاً- في الطفل الرضيع عبد الله ابن الإمام الحسين(ع) الذي قُتل عطشانَ مظلوماً يوم كربلاء، حيث يكون لبناء قبره
وزيارته معنى الاحتجاج على الظلم وإدانة الإجرام والمجرمين.
بناء مقام في موضع قدم النبيّ(ص) أو الإمام (ع)
والتساؤل عينه يُطرح إزاء ما قد يحصل أو هو حاصل بالفعل من بناء مقامات في موضع قدم النبي(ص) أو الإمام(ع)، فهل لنا أن نبني مقاماً في موضع القدم؟[14]..
الحقيقة أنّي لم أجد أحداً من فقهائنا قد ندب إلى هذا الأمر أو شجّع عليه، ولكن عثرتُ على رواية ربما يُستدلّ بها على شرعية البناء، وهي ما ورد في الحديث عن الإمام الباقر(ع) أنّه قال: "... ولقد وَضَع عبدٌ من عباد الله قدمه على حجر(صخرة)
فأمرنا الله تبارك وتعالى أن نتّخذه مصلّى.."[15] في إشارة إلى مقام إبراهيم (ع) بالقرب من الكعبة المشرّفة، وآثار القدم لا تزال بارزة في تلك الصخرة، قال تعالى: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}[البقرة: 125]، هذا ولكن العلاّمة المجلسي
استظهر أن يكون المراد بالعبد هو النبيّ محمّد (ص)، حيث وضع قدمه ليلة المعراج في بيت المقدس وعرج منه إلى السماء[16]، ولكنَّ التفسير الأول أقرب، وكيف كان فهذا الحديث قد يستدلّ به على استحباب اتخاذ موضع قدم النبيّ (ع) مقاماً، ويتمّ تعميم ذلك إلى الأئمّة (ع).
ولكنّ هذه الرواية بالإضافة إلى ضعفها سنداً[17] فقد يُعترض على دلالتها بأنّ غاية ما تدلّ عليه هو جواز اتخاذ موضع قدم النبيّ (ع) مصلّى وليس مزاراً.
اللهم إلا أن يُقال: إنّ المزارات هي أماكن للعبادة والصلاة أيضاً.
لكن بصرف النظر عن ذلك، فقد يكون مفهوماً ومبرّراً أن يُحافظ على المكان الذي أقام أو صلّى فيه النبيّ (ص) أو الإمام (ع)، أو كان له فيه موقف مشهود أو خطبة مؤثّرة، ليُتّخذ منه مَعْلَم تاريخيّ، أو يُبنى فيه مصلّى أو مسجد للصلاة، أو صرح
ثقافي، أو نادٍ تربويّ، كما هي الحال في الحسينيّات التي أُنشئت في بلاد المسلمين بغرض إحياء أمر الإسلام وإقامة الشعائر والمناسبات الدينيّة وبيان فضائل النبيّ (ص) والأئمّة من أهل بيته عليهم السلام، ونحن نلاحظ أنّ شعوب العالم كافة تحتفظ
ببعض آثار قادتها وزعمائها التاريخيّين، وتحوّلها إلى المتاحف الوطنية تخليداً لهؤلاء القادة وتعريفاً للأجيال القادمة بهم وبعطاءاتهم ونمط حياتهم.
هل يكفي الاحتمال؟
وقد تتساءل: ألا يكفي احتمال دفن شخصيّة ذات اعتبار ديني في مكان معيّن ليبرّر ذلك لنا– شرعاً- زيارتها وتشييد ضريحها وبناء مقام لها ودعوة الناس إلى الاهتمام بمشهدها؟
ونجيب على ذلك، بأنّ الزيارة أو بناء المشاهد هي أعمال عباديّة استحبابية، فتحتاج إلى دليل يدلّ على مشروعيّتها وعباديّتها، والدليل الذي بين أيدينا وهو الروايات قد دلّ على مشروعيّة زيارة أضرحة الأنبياء والأولياء والعلماء والصلحاء
والمؤمنين[18]، فالموضوع في هذه الروايات هو الشخصيّات الحقيقيّة والموجودة بالفعل لا المحتملة الوجود أو المحتملة العلم والصلاح.
ولا ينفع التمسّك بقاعدة التسامح بأدلّة السنن المستندة إلى روايات "من بلغ"[19] لإثبات مشروعية الزيارة في موارد احتمال وجود الشخصيّة الدينيّة أو احتمال صلاحها، لا لعدم تمامية القاعدة المذكورة في نفسها فحسب، كما هو ثابت في محلّه
[20]، بل لأنّ ما بلغنا الثواب عليه هو زيارة أنبياء الله وأوليائه أو عباده الصالحين والمؤمنين، فموضوع روايات "من بلغ"– كموضوع روايات الزيارة– هو الشخصية الثابتة الوجود والصلاح لا المحتمل وجودها أو صلاحها.
وربّما يقال: إنّ احتمال وجود الثواب على الزيارة كافٍ في تبريرها وتحسينها عقلاً، لأنّا إذا احتملنا وجود شخصية دينيّة مدفونة في مكان معيّن، فإنّ زيارتها ستكون محتملة الثواب، والعقلُ يحكم بحسن الانقياد للمولى في موارد احتمال الثواب
والمصلحة الأخروية، وعليه فلا محذور في أن يزور المؤمن بعض المقامات المحتملة الصدقيّة برجاء المطلوبية، وليس بعنوان الاستحباب الشرعي، حذراً من التشريع المحرّم.
وفي ضوء هذا التوجيه، فقد لا يكون ضعفُ الاحتمال (احتمال وجود الشخصيّة) ضاراً ما دام أنّ المحتمل قوي, والمحتمل هو الثواب الأخروي المترتب على زيارة من يحتمل أنّه ولي من أولياء الله, فقوّة المحتمل تبرّر بنظر العقل الإقدام على الفعل ولو كان الاحتمال ضعيفاً.
إلاّ أنّنا نجيب على هذا الكلام بتسجيل ملاحظتين:
الأولى: إنّ هذا التوجيه - كما هو واضح فقهياً - لا يثبت استحباب زيارة المراقد المشكوكة الصدقيّة أو استحباب عمارتها والاهتمام بها، فلا بدّ أن يحاذر الزائر من الإتيان بالزيارة بقصد الاستحباب، وإلا وقع في محذور التشريع المحرّم، كما أنّه لا بدّ
أن يحاذر – أي الزائر – من الجزم بوجود الشخصيّة، لأنّه لا يمتلك عناصر إثباتية تبرر له اليقين والجزم بذلك، وحيث إنّ غالب الزائرين الذين يرتادون المراقد المشار إليها يقعون في المحذورين معاً، أعني محذور نسبة عملهم وهو الزيارة أو بناء
المقام إلى الاستحباب، ومحذور الجزم بوجود تلك الشخصيّة، فالواجب يحتّم على أهل العلم تثقيف العامة على مراعاة الحدود الشرعية، وتعليمهم الموازين الفقهيّة المتصلة بالزيارة، حتى لا يقع الناس في المحذور ويقع العلماء في التقصير. ولا يخفى أنّ
معنى أن يُكتب على مدخل مقام من هذه المقامات المشكوكة الصدقيّة: هذا مقام فلان، أو فلانة، أو أن يقف الزائر في مقابل الضريح ويقول: "السلام عليك يا فلان" أو "السلام عليك يا فلانة" أننا قد وقعنا في المحذور الشرعي، لأنّ هذه الكتابة أو
المخاطبة تفترض وتسلّم أنّ الشخصيّة المزورة هي شخصيّة حقيقيّة وموجودة فعلاً، وهذا قول بغير علم، والله تعالى يقول: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}[الإسراء: 26].
الثانية: ثم لو أنّ الشخصيّة المقصودة بالزيارة كان يُشكُّ في صلاحها وإيمانها وليس في أصل وجودها، فإنّ مقتضى الاحتياط حينئذ هو عدم زيارتها ولو برجاء المطلوبية، لأنّ احتمال المطلوبية إنّما يكون قائماً وموجوداً إن لم يزاحمه احتمال
المبغوضيّة[21] الموجودة في زيارة قبور من ليسوا من أولياء الله ولا من عباده المؤمنين، أو في تشييد قبورهم، فمع وجود احتمال المبغوضية بسبب عدم إحراز صلاح الشخصية المقصودة بالزيارة فلن يحكم العقل بحسن الانقياد، بل سيحكم بالتوقّف عن الزيارة احتياطاً.
من كتاب "في بناء المقامات الدينية"
نُشر على الموقع في 7/5/2018
[1]أنظر: الفصل الثاني من الكتاب "في بناء المقامات الدينية".
[2] يقع هذا المقام في منطقة گُلستان، غربي مدينة مشهد المقدسة، وهو يبتعد عن حدود مدينة "مشهد" حوالي 5 كيلومتراً، وهو مقام عامر ومشيد بطريقة فنية رائعة، ويقصده آلاف الزوار، بما في ذلك الزوار القادمون من لبنان والعراق وغيرهما من الدول العربية، وأما صاحبا هذا المقام "ياسر" و"ناصر" فهما على ما يُقال من أبناء الإمام الكاظم (ع)، لكنَّ المصادر التاريخية والحديثية وغيرها لا تذكر "ياسر" و"ناصر" في عداد أولاد الإمام الكاظم (ع)، أجل هناك منشور يوزّعه القيّمون على ذلك المقام جاء فيه نقلاً عن كتاب "كنز الأنساب" (وهو كتاب فارسي، زعم كاتب المنشور أنّه من تأليفات السيد المرتضى) أنّ "ياسر" و"ناصر" هما من أولاده (ع)، إلاّ أنّه لا يمكننا التعويل على هذا الكلام، لأنه لا يوجد في تأليفات السيد المرتضى كتاب باسم "كنز الأنساب" أو "بحر الأنساب"، هذا بالإضافة إلى أنّ الكتاب المذكور لم يحدّد فيه مدفن هذين الشخصيّن على فرض وجودهما ولا أشير إلى سبب موتهما في تلك المنطقة.
[3]أنظر الملحق رقم (5) حيث ستتمّ مناقشة هذا القول.
[4]كما نلاحظ هذا التثبّت عند العلاّمة المحدِّث النوري وذلك فيما ذكره في شأن قبر الحرّ الرياحي حيث يقول: "وأما الحر فلم نحصل له على قبر سوى ما تشير إليه السيرة المستمرة عند الشيعة من أنّه معهم– يقصد الشهداء– ويظهر من المقاتل والزيارات أنّه مع سائر الأصحاب.."، أنظر: اللؤلؤ والمرجان 136– 137 .
[5]منها: قبر المقداد بن الأسود الكندي في شيروان في إيران، فإنَّه من المقامات التي لا أصل لها، كما جزم بذلك المحدِّث النوري حيث رجّح أنّه قبر بعض شيوخ العرب، لأنّ المقداد قد توفي في جرف. اللؤلؤ والمرجان ص 137، وهناك قبر يُنسب إلى المقداد في منطقة السيدة زينب (ع) بالقرب من دمشق. ومنها: قبر أويس القرني في شوشتر، يقول العلامة الشيخ محمّد حرز الدين : "إنّ في شوشتر قبراً وبقعة عامرة ينسبونها إلى أويس القرني، ولا يخفى على كل ألمعي فطن أنَّ نقل جسد أويس القرني من المعركة في صفين إلى شوشتر في حياة إمام زمانه أمير المؤمنين (ع) ممّا لا يفوه به أحد"، أنظر: مراقد المعارف ج1 ص 264. ويذكر ابن جبير في رحلته أنّ في دمشق في الجبانة الغربيّة وعلى مقربة من باب الجابية قبر أويس القرني، أنظر: رحلة ابن جبير ص241.
ومنها: "المزار المعروف خارج طهران الذي يزار فيه رأس القاسم بن الإمام الحسن (ع)، وهو قبر الشاه قاسم فيض بخش المتوفي سنة 981 هـ " أنظر : تحفة العالم ج1 ص302 .
[6]تبنّى القول بدفنها في الشام جمع من الأعلام والمحقّقين أمثال: السيد حسن الصدر أنظر: نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين ص72، والعلامة محمّد حرز الدين أنظر: مراقد المعارف، ج1 ص327، وغيرهما من الأعلام، أنظر: مرقد العقيلة زينب للسابقي، ص 183-215، وأما دفنها في القاهرة فقد نصّ عليه النسّابة يحي بن الحسن العبيدلي(214-277 ه) في أخبار الزينبيات، ص118 وما بعدها، وتبعه على ذلك بعض الأعلام، ومنهم العلامة النقدي في كتابه زينب الكبرى، ولكنّ السيد محسن الأمين العاملي قد رفض هذين القولين لضعف مستندهما، ورجّح أن تكون (ع) قد دُفنت في المدينة المنوّرة، لأنّه "لم يثبت أنّها بعد رجوعها للمدينة خرجت منها"، أنظر: أعيان الشيعة، ج7 ص140، وأما صاحبة القبر في "راوية" بالقرب من دمشق فهي برأي العلامة الأمين أم كلثوم بنت أمير المؤمنين (ع) وهي غير زينب الكبرى، ولكن يبدو أنّ السيد الأمين رحمه الله لم يتسنَّ له الاطلاع على كتاب العبيدلي ورأيه في هذا المجال.
[7]أنظر مراقد المعارف ج1 ص262- 267.
[8] يقول العلامة المجلسي بشأن مدفنه "أمّا كونه مدفوناً في قمّ فغير مذكور في الكتب المعتبرة، لكنَّ أثر قبره الشريف موجود قديم وعليه اسمه مكتوب"، بحار الأنوار، ج2 ص273.
[9]يقول ياقوت الحموي عند حديثه عن "بعلبك": "وبها قبر يزعمون أنّه قبر مالك الأشتر النخعي، وليس بصحيح، فإنّ الأشتر مات بالقلزم في طريقه إلى مصر، وكان عليّ رضي الله عنه وجّهه أميراً، فيقال: إنّ معاوية دسّ إليه عسلاً مسموماً فأكله فمات بالقلزم، فقال معاوية: "إنّ لله جنوداً من عسل"، فيقال: إنّه نقل إلى المدينة فدفن بها، وقبره بالمدينة معروف". أنظر :معجم البلدان ج1 ص454
[10]أنظر الفصل الثاني من الكتاب ""في بناء المقامات الدينية".
[11]أنظر الفصل الثاني من الكتاب "في بناء المقامات الدينية".
[12]أنظر الفصل الثاني من الكتاب "في بناء المقامات الدينية".
[13]أنظر : الملحق رقم 2 من الكتاب ""في بناء المقامات الدينية"".
[14] كما في المقام الموجود في منطقة نيسابور المعروف بـ "قدمگاه"، حيث يُزعم أنّ محل القدم الظاهر في الصخرة، هو محل قدم الإمام الرضا(ع)، والزوّار تتبرّك بمحل القدم، مع أنّ هذا الأمر كما يرى بعض العلماء لا مثبت له ولا دليل عليه، كما أنّه لا دليل على نفيه أيضاً. وتذكر بعض النشريات الصادرة عن إدارة "الحضرة الرضوية" أنّ عدد المقامات المبنيّة في منطقة مشهد وخراسان تحت عنوان: "قدمگاه" تزيد على العشرة!
[15] التوحيد للشيخ الصدوق ص179، وتفسير العياشي ج1 ص59.
[16] بحار الأنوار ج99 ص270.
[17] إنّ الرواية- بحسب ما جاءت في تفسير العياشي- مرسلة عن جابر الجعفي عن الإمام الباقر(ع)، وأمّا في كتاب التوحيد فهي وإن وردت مسندة، وقد رواها الصدوق عن العياشي، إلا أنّها ضعيفة السند لوجود بعض المجاهيل فيه، ومنهم: "هارون بن عقبة" الذي لم نعثر له على ترجمة في كتب الرجال، وهكذا "أسد بن سعيد الخزاعي"، أجل ورد في رجال الشيخ اسم "أسعد بن سعيد الخثعمي" "النخعي" "الكوفي" لكنّه لم يوثّقه.
[18] راجع: وسائل الشيعة: ج14 أبواب المزار وما يناسبه.
[19] جاء في هذه الروايات: "من بلغه ثوابٌ من الله على عمل، فيعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب أُوتيه وإن لم يكن الحديث كما بلغه"، أنظر: وسائل الشيعة ج1 ص 82 الحديث 7 من الباب 19 من أبواب مقدمة العبادات.
[20] أنظر على سبيل المثال: مصباح الأصول، من تقريرات بحث السيد الخوئي، لتلميذه السيّد البهسودي ج2 ص 319.
[21] منشأ احتمال المبغوضيّة أنّ هناك نهياً شرعيا عن زيارة قبور غير الصالحين، من المنافقين والكافرين وغيرهم، قال تعالى: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ}[التوبة: 84].