حوار مع مركز أفاق للدراسات والأبحاث: مشكلة الأديان تتشكل في الخطاب الفقهي    ثمن الحرية    أمثل الأساليب في عمليّة تهذيب النفس    مزايا الشباب    العمل سرّ النجاح    العبادة وعيٌ وانفتاح لا جهل وانغلاق    اقتناء أصنام الأمم البائدة    المفاهيم الدينية بين وجوب الاعتقاد وحرمة الانكار    البناء الاعتقادي بين الاجتهاد والتقليد    
 
بحث
 
تكريم الإنسان
 
س » أنا طالب علم، لدي خوف من أن أتكلم بغير علم.. ما الحل؟
ج »

وعليكم السلام

لا بد لطالب العلم في مساره العلمي أن يتسلح بأمرين أساسيين:
الأول: الاستنفار العلمي وبذل الجهد الكافي لمعرفة قواعد فهم النص واستكناه معناه ودلالاته بما يعينه على التفقه في الدين وتكوين الرأي على أسس صحيحة.
الثاني: التقوى العلمية ويُراد بها استحضار الله سبحانه وتعالى في النفس حذراً من الوقوع في فخ التقوّل على الله بغير علم. ومن الضروري أن يعيش مع نفسه حالة من المحاسبة الشديدة ومساءلة النفس من أن دافعه إلى تبني هذا الرأي أو ذاك: هل هو الهوى والرغبة الشخصية أم أن الدافع هو الوصول إلى الحقيقة ولو كانت على خلاف الهوى.
أعتقد أن طالب العلم إذا أحكم هذين الامرين فإنه سيكون موفقاً في مسيرته العلمية وفيما يختاره من آراء أو يتبناه من موقف.

 
س » كيف علمنا أن الصحيفة السجادية ناقصة؟ وهل ما وجده العلماء من الأدعية صحيح؟؟
ج »

أقول في الإجابة على سؤالكم:

أولاً: إن الصحيفة السجادية في الأصل تزيد على ما هو واصل إلينا وموجود بين أيدينا، قال المتوكل بن هارون كما جاء في مقدمة الصحيفة: " ثم أملى عليّ أبو عبد الله (ع) الأدعية، وهي خمسة وسبعون باباً، سقط عني منها أحد عشر باباً، وحفظت منها نيفاً وستين باباً"، بيد أن الموجود فعلاً في الصحيفة الواصلة إلينا هو أربعة وخمسون دعاء. آخرها دعاؤه في استكشاف الهموم، وهذا آخر دعاء شرحه السيد علي خان المدني في رياض السالكين، وكذا فعل غيره من الأعلام.

ثانياً: إن سقوط عدد من أدعية الصحيفة وضياعها دفع غير واحد من الأعلام للبحث والتتبع في محاولة لمعرفة ما هو الضائع منها، وبحدود اطلاعي فإنهم عثروا على أدعية كثيرة مروية عن الإمام زين العابدين (ع)، لكنهم لم يصلوا إلى نتائج تفيد أن ما عثروا عليه هو من الأدعية الناقصة منها، ولذا عنونوا مؤلفاتهم بعنوان مستدركات على الصحيفة، ولم يجزموا أن ما جمعوه من أدعية هو الضائع من أدعية الصحيفة. وهذا ما تقتضيه الضوابط العلمية والدينية، فما لم يعثر الإنسان على نسخة قديمة موثوقة أو قرائن مفيدة للوثوق بأن هذا الدعاء أو ذاك هو من جملة أدعية الصحيفة فلا يصح له إضافة بعض الأدعية على الصحيفة بعنوان كونها منها.

ثالثاً: لقد ابتُلينا بظاهرة خطيرة، وهي ظاهرة الإضافة على الصحيفة أو غيرها من كتب الأدعية، وهذا العمل هو خلاف الأمانة والتقوى، وقد ترتّب على ذلك الكثير من المفاسد، وأوجب ذلك وهماً للكثيرين، فتوهموا أن بعض الأدعية هي جزء من الصحيفة السجادية المشهورة، ومردّ ذلك بكل أسف إلى أن مجال الأدعية والزيارات شرعة لكل وارد، وتُرك لأصحاب المطابع والمطامع! وأعتقد أن هذا العبث في كتب الأدعية والزيارات ناشئ عن عدم عناية العلماء بالأمر بهذه الكتب كما ينبغي ويلزم، كما نبه عليه المحدث النوري في كتابه "اللؤلؤ والمرجان" مستغرباً صمت العلماء إزاء التلاعب والعبث بنصوص الأدعية والزيارات مما يعدّ جرأة عظيمة على الله تعالى ورسوله (ص)!

رابعاً: أما ما سألتم عنه حول مدى صحة الأدعية الواردة بعد دعاء استكشاف الهموم، فهذا أمر لا يسعنا إعطاء جواب حاسم وشامل فيه، بل لا بدّ أن يدرس كل دعاء على حدة، ليرى ما إذا كانت قرائن السند والمتن تبعث على الحكم بصحته أم لا. فإن المناجاة الخمس عشرة بنظرنا لم تصح وربما كانت من وضع الصوفية، وقد أوضحنا ذلك بشكل مفصل في كتاب الشيع والغلو.


 
س » ابني المراهق يعاني من التشتت، وأنا جدا قلق ولا اعرف التصرف معه، ما هي نصيحتكم؟
ج »

التشتت في الانتباه في سن المراهقة مع ما يرافقه من الصعوبات هو في حدود معينة أمر طبيعي وظاهرة تصيب الكثير من المراهقين ولا سيما في عصرنا هذا.

وعلينا التعامل مع هذه المرحلة بدقة متناهية من الاستيعاب والتفهم والإرشاد والتوجيه وتفهم سن المراهق، وأن هذه المرحلة تحتاج إلى أسلوب مختلف عما سبقها.

فالمراهق ينمو لديه الإحساس بالذات كثيرا حتى ليخيل إليه أنه لم يعد بحاجة إلى الاحتضان والرعاية من قِبل والديه.

وبالتالي علينا أن نتعامل معه بأسلوب المصادقة "صادقه سبعا.." والتنبه جيدا للمؤثرات التي تسهم في التأثير على شخصيته واستقامته وتدينه، ومن هذه المؤثرات: الأصدقاء ووسائل التواصل الاجتماعي، فإن نصيبها ودورها في التأثير على المراهق هو أشد وأعلى من دورنا.

وفي كل هذه المرحلة علينا أن نتحلى بالصبر والأناة والتحمل، وأن نبتدع أسلوب الحوار والموعظة الحسنة والتدرج في العمل التربوي والرسالي.

نسأل الله أن يوفقكم وأن يقر أعينكم بولدكم وأن يفتح له سبيل الهداية. والله الموفق.


 
س » اعاني من عدم الحضور في الصلاة، فهل أحصل على الثواب؟
ج »
 
لا شك أن العمل إذا كان مستجمعا للشرائط الفقهية، فهو مجزئٌ ومبرئٌ للذمة. أما الثواب فيحتاج إلى خلوص النية لله تعالى بمعنى أن لا يدخل الرياء ونحوه في نية المصلي والعبادة بشكل عام.
ولا ريب أنه كلما كان الإنسان يعيش حالة حضور وتوجه إلى الله كان ثوابه أعلى عند الله، لكن لا نستطيع نفي الثواب عن العمل لمجرد غياب هذا الحضور في بعض الحالات بسبب الظروف الضاغطة على الإنسان نفسيا واجتماعيا.
لكن على الإنسان أن يعالج مشكلة تشتت الذهن أثناء العمل العبادي وذلك من خلال السعي الجاد للتجرد والابتعاد عن كل الهواجس والمشكلات أثناء الإقبال على الصلاة، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، باستحضار عظمة الله عز وجل في نفوسنا وأنه لا يليق بنا أن نواجهه بقلب لاهٍ وغافل. والله الموفق.

 
س » أنا إنسان فاشل، ولا أتوفق في شيء، وقد كتب عليّ بالخسارة، فما هو الحل؟
ج »

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أولاً: التوفيق في الحياة هو رهن أخذ الإنسان بالأسباب التي جعلها الله موصلة للنجاح، فعلى الإنسان أن يتحرك في حياته الشخصية والمهنية والاجتماعية وفق منطق الأسباب والسنن. على سبيل المثال: فالإنسان لن يصل إلى مبتغاه وهو جليس بيته وحبيس هواجسه، فإذا أراد الثروة فعليه أن يبحث عن أسباب الثروة وإذا أراد الصحة فعليه أن يأخذ بالنصائح الطبية اللازمة وإذا أراد حياة اجتماعية مستقرة عليه أن يسير وفق القوانين والضوابط الإسلامية في المجال الاجتماعي وهكذا.

ثانياً: لا بد للإنسان أن يعمل على رفع معوقات التوفيق، وأني أعتقد أن واحدة من تلك المعوقات هي سيطرة الشعور المتشائم على الإنسان بحيث يوهم نفسه بأنه إنسان فاشل وأنه لن يوفق وأنه لن تناله البركة الإلهية.

إن هذا الإحساس عندما يسيطر على الإنسان فإنه بالتأكيد يجعله إنسانا فاشلا ومحبطا ولن يوفق في حياته ولذلك نصيحتي لك أن تُبعد مثل هذا الوهم عن ذهنك وانطلق في الحياة فإن سبيل الحياة والتوفيق لا تعد ولا تحصى.


 
س » ما هو هدف طلب العلم الذي يجب أن يكون؟
ج »

عندما ينطلق المسلم في طلبه للعلم من مسؤوليته الشرعية الملقاة على عاتقه ومن موقع أنه خليفة الله على الأرض، فإن ذلك سوف يخلق عنده حافزاً كبيراً للجد في طلب العلم والوصول إلى أعلى المراتب. أما إذا انطلق في تحصيله من موقع المباهاة أو إثبات ذاته في المجتمع أو من موقع من يريد أن يزين اسمه بالشهادة الجامعية ليُقال له "الدكتور" وما إلى ذلك، فإنه - في الغالب - لن يصل إلى النتيجة المرجوة.

وعلى كل إنسان منا أن يعي أنّنا في هذه الحياة مسؤولون في أن نترك أثراً طيباً، وأن نقوم بواجباتنا قبل أن يطوينا الزمان، إننا مسؤولون عن عمرنا فيما أفنيناه وعن شبابنا فيما أبليناه، وسنُسأل يوم القيامة عن كل هذه الطاقات التي منّ اللهُ بها علينا.

وأضف إلى ذلك، إنه من الجدير بالمسلم، أن لا يفكر في نفسه وما يريحه هو فحسب في طلبه للعلم، بل أن يفكر أيضاً في أمته والنهوض بها ليكون مستقبلها زاهراً، وهذا كله يحتم عليه أن يكون سقف طموحاته عالياً ليتمكن هو وأقرانه من الطلاب والعلماء من ردم الفجوة بيننا وبين الغرب الذي سبقنا على أكثر من صعيد.

باختصار: إن مسؤوليتنا ورسالتنا وانتماءنا لهذه الأمة يفرض علينا أن نعيش حالة طوارئ ثقافية وعلمية.


 
س » ما رأيكم في الاختلاط المنتشر في عصرنا، وكيف نحاربه؟
ج »

إنّ الاختلاط قد أصبح سمة هذا العصر في كثير من الميادين، ومنها الجامعات والطرقات والساحات وكافة المرافق العامة.. والاختلاط في حد ذاته ليس محرماً ما لم يفضِ إلى تجاوز الحدود الشرعية في العلاقة بين الرجل والمرأة الأجنبيين؛ كما لو أدى إلى الخلوة المحرمة بالمرأة أو مصافحتها أو كان المجلس مشوباً بأجواء الإثارة الغرائزية أو غير ذلك مما حرمه الله تعالى.

وفي ظل هذا الواقع، فإنّ العمل على تحصين النفس أولى من الهروب أو الانزواء عن الآخرين بطريقة تشعرهم بأن المؤمنين يعيشون العُقد النفسية. إن على الشاب المسلم أن يثق بنفسه وأن يفرض حضوره ووقاره، وأن يبادر إلى إقناع الآخرين بمنطقه وحججه، وأن يبيّن لهم أن الانحراف والتبرج والفجور هو العمل السيّئ الذي ينبغي أن يخجل به الإنسان، وليس الإيمان ومظاهر التدين.

وأننا ندعو شبابنا عامة وطلاب الجامعات خاصة من الذكور والإناث إلى أن يتزينوا بالعفاف، وأن يحصنوا أنفسهم بالتقوى بما يصونهم من الوقوع في الحرام.


 
س » كيف يمكن التخلص من السلوكيات والعادات السيئة؟
ج »

إن التغلب على السلوكيات الخاطئة أو العادات السيئة – بشكل عام – يحتاج بعد التوكل على الله تعالى إلى:

أولاً: إرادة وتصميم، ولا يكفي مجرد الرغبة ولا مجرد النية وانما يحتاج بالإضافة إلى ذلك إلى العزم والمثابرة وحمل النفس على ترك ما اعتادته.

ثانياً: وضع برنامج عملي يمكّن الإنسان من الخروج من هذه العادة السيئة بشكل تدريجي؛ وأرجو التركيز على مسألة "التدرج" في الخروج من هذه العادات السيئة؛ لأن إدمان النفس على الشيء يجعل الخروج منه صعباً ويحتاج إلى قطع مراحل، وأما ما يقدم عليه البعض من السعي للخروج الفوري من هذه العادة، فهو - بحسب التجربة - سيُمنى في كثير من الأحيان بالفشل. والله الموفق


 
 
  كتب >> قراءات في الكتب
قراءة في كتاب: السيدة عائشة - رؤية شيعية معاصرة
الشيخ حسين الخشن



 

 

قراءة في كتاب (السيدة عائشة رؤية شيعية معاصرة)

أ. محمد باقر النمر رئيس تحرير مجلة الواحة السعودية

    بطاقة الكتاب:

    صادر عن دار روافد للطباعة والنشر والتوزيع في بيروت

    تلفون 868980/71

    بريد الكتروني darrawafed@yahoo.com

    الطبعة الأولى 2017

    يقع الكتاب في 311 صفحة من الحجم الوزيري وقد إعتمد المؤلف على 129 مصدرا أولها القرآن الكريم.

    المؤلف/ الشيخ حسين بن احمد الخشن

    محقق وعالم دين لبناني يحمل ماجستير في الفلسفة الإسلامية. ودكتوراه في الفلسفة والالهيات.

    مصنف على مدرسة تنويرية تؤمن ان الرسالات السماوية انما جاءت من اجل الإنسان وكرامته.

    يبحث دائما عن المشتركات بين المذاهب والأديان، له كتب وأبحاث علمية منها:

  1. هل الجنة للمسلمين وحدهم؟
  2. وهل الدين الا الحب؟
  3. العقل التكفيري – قراءة في المنهج الإقصائي
  4. الفقه الجنائي في الإسلام، الردة نموذجا
  5. الإسلام والبيئة
  6. حقوق الطفل في الإسلام
  7. عاشوراء ... قراءة في المفاهيم وأساليب الإحياء
  8. من حقوق الإنسان في الإسلام
  9. في بناء المقامات الدينية
  10. الشريعة تواكب الحياة
  11. حكم دخول غير المسلمين الى المساجد

    الشيخ الخشن وخلافا لأستاذه العلامة السيد فضل الله رحمه الله الذي يكون صادماً عندما يحتاج الظرف إلى صدمة، وكان هادئاً عندما تكون المسائل هادئة.

    يؤمن ويمارس اسلوب الصدمة في إيصال الفكرة فيصدم الطرف الاخر بالحقيقة التاريخية او الفكرية من اجل التفكر والتدبر، اما الشيخ الخشن فقد مارس في الكتاب أسلوبه الخاص فكان مفعم بالنبل وملئه الهدوء وهو يناقش حاملي راية السب والشتم وصوت البذائة المخالفين للفكر التنويري والوحدوي.

    فكرة القراءة في هذا الكتاب

    منذ مدة وأنا مقل في قراءة الكتب لأسباب لا اعرفها، لكن بعض الكتب تستهويني بشدة فأرى نفسي شغوفا بها ومنها هذا الكتاب الذي شغفت به:

    اولا لعنوانه الذي في نهاية المطاف يبحث عن المشتركات مع الآخر المختلف معنا في بعض التفاصيل الفقهية وليس في العقائد ولا في الكليات.

    ثانيا لجهة اهداءه لي وهو الصديق العزيز مدير المركز الإسلامي الثقافي في بيروت الاستاذ السيد شفيق الموسوي.

    ثالثا لعلاقة مودة تربطني وكاتب الكتاب سماحة العلامة الشيخ الخشن الذي التقي معه فكريا ومع المدرسة التي ينتمي اليها وهي مرجعية العلامة السيد محمد حسين فضل الله رحمه الله.

    في آخر صفحات الكتاب كتب المؤلف فقرة من عشرة أسطر هي التي دفعتني الى عمل هذه القراءة في الكتاب وبالتالي قرأته مرة أخرى بشيء من التأمل لغرض هذا العرض الذي بين يديكم.

    اما الأسطر العشرة التي جاءت في الصفحة 278بعنوان/ قليل الحق يغني عن كثير الباطل وقول المؤلف ما نصه:

    ((ولعل أسوأ ما تقود العاطفة المذهبية إليه هو ان يتوسل الباحث الحق والباطل للوصول إلى غرضه، وان يعمي على الشواهد والأدلة التي لا تلائم هواه ولا تخدم غرضه، فهو قد يمر على تلك الشواهد ولكنه يتعمد إغفالها او تجاهلها، وهذا قد يقود هذا الباحث الى تبرير هذا الخروج عن ضوابط البحث العلمي، وأهمها الأمانة العلمية، بتبريرات معينة تحاول إسباغ عمله بلبوس ديني، من قبيل الإنتصار للمذهب، او إسقاط الرموز الفاسدة، لكن هذه التبريرات واهية جدا، لأن مثل هذا الكلام سوف يؤدي الى ضياع الحقائق ويفتح باب الكذب والتزوير على مصراعيه على طريقة بعض الصلاح الذين وضعوا الاحاديث في فضائل القرآن الكريم حسبة)).

    في فكرة الكتاب:

    خلق الله الناس لعبادته وأرسل رسله ليعلموهم ويكونوا عليهم حجة وهكذا جاءت وكررت التشريعات السماوية التفاصيل تلو التفاصيل.

    وكانت الكلمة الطيبة او الخبيثة مسؤولية لا تقل أهمية عن مسؤولية العمل.

    فكان كلام الخالق وقفوهم انهم مسؤولون.

    مسؤولون عن افعالهم واقوالهم ومشاعرهم.

    مسؤولون عن الخير الصادر منهم وكذا الشر.

    مسؤولون عن أموالهم واولادهم وعن كل ما في الطبيعة من حولهم.

    وجاءت فكرة الكتاب انتصارا للرسول محمد ابن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم وغيرة على مقامه وطهارة بيته.

    ومن عنوان الكتاب يتضح الهدف الحقيقي للعلامة الخشن في الرد على ما صدر من بذاءات فئة شادة تقيم في الشرق او في الغرب تحسب نفسها ناطقة لمدرسة اهل البيت عليهم السلام وقد أشعلوا وأججوا الفتن تلو الفتن حتى أضحى عموم اتباع مدرسة اهل البيت في قفص الإتهام والشبهة عند البعض ممن يتصيدون في الماء العكر ويبالغون ويأخذون الكل بجريرة البعض وان كانوا قلة.

    الكتاب وعنوانه جد حساس ومثير أيضا، ونشره في هذا الوقت له ثمن بل اثمان، لكن الشجاعة الأدبية التي يتحلى بها المؤلف وكل من يعتقد بضرورة وحدة الامة في هذا الزمن جعلت الشيخ الخشن وغيره من الكتاب والخطباء الواعين ان يتحملوا مسؤوليتهم ويقولوا كلمتهم ويجاهرون بآرائهم بعدما صار فئة من اتباع اهل البيت عليهم السلام يرفعون أصواتهم ليفرقوا الأمة وينشرون بذاءتهم ليسمعها القاصي والداني ويدعون انهم هم اصحاب الإسلام المحمدي الخالص والاصيل بينما هم نسخة من أولئك القوم في الأمة الذين يعتبرون انفسهم الفرقة الناجية، فلم نرى من هؤلاء وأولئك الا دعوات التشرذم والفرقة والتطرف وكأنهم لم يقروا قول الباري تعالى ((وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا)).

    هذا الكتاب وهو رد يقول به الغالبية والعقلاء من علماء وعامة الشيعة لتوضيح وتأصيل للموقف الشرعي والسلوكي لمكانة ومقام حرم الرسول ام المؤمنين السيدة عائشة من وجهة نظر الشيعة الإمامية وليقطع دابر من يقول ان الشيعة يشتمون ويتهمون أمهات المؤمنين رضي الله عنهن بما لا يليق بهن.

    الكتاب عبارة عن بحثين معمقين ومطبوعين بشكل منفصل حول العلاقات الزوجية لرسول الله وأمهات المؤمنين وقد لقيا رواجا وإقبالا حتى انهما نفذا مبكرا.

    كما حوى الكتاب بحثا ثالثا حول بنات الرسول زينب ورقية وام كلثوم وذلك ردا على رأي لدى البعض يقول انهن ربائب ولسنا بناتا للرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

    القسم الأول من الكتاب جاء بعنوان تنزيها لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

    الإمتناع عن طرح الأسئلة الجريئة وكبتها داخل النفوس يفضي بطبيعة الحال الى مأزق كبير وصراع داخلي مرير بين الإيمان والعقل .... هكذا يقول الشيخ الخشن ويضيف: نتيجة ذلك التشكيك فقد يقود الى الكفر والجحود.

    ومن هذا المنطلق أجاب المؤلف وبمنتهى الشفافية والعلمية على اسئلة وإشكالات قد تكون حائرة عند البعض ولا يجرئون على مناقشتها ومن تلك الإشكالات العالقة:

    العلاقات الزوجية لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإتهامه بالشهوانية من قبل بعض المستشرقين والباحثين الغربيين خاصة!

    كما وضع المؤلف الأسئلة الحرجة للبعض على غلاف كتابه ليجيب عليها في طياته وهي:

    *هل ارتكبت السيدة عائشة الفحشاء؟

    *هل تزوج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عائشة في التاسعة من عمرها؟

    *هل آيات الافك نازلة في عائشة ام في مارية؟

    *ما الحكمة من تعدد زيجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟

    يرفض العلامة الخشن وبكل شجاعة التساهل في قبول كامل التاريخ وروايته فضلا عن التسليم بكل مروياته لأنه تاريخ قد تلاعب به الأهواء المختلفة وعصفت به المصالح الشخصية والعرقية والسلطوية والمذهبية ...الخ

    يوضح الشيخ الخشن في مقدمة الكتاب ان مدرسة اهل البيت عليهم السلام ترى لأمهات المؤمنين جميعهن حرمة خاصة لأنهن عرض رسول الله صلى الله عليه وآله ولا يجوز لمسلم النيل منهن او التعرض لهن بسوء او بسب او قذف او رميهن بالفاحشة ولو صدر ذلك من مسلم فيلزم تأديبه لإساءته الأدب مع رسول الله صلى االله عليه وآله، ونيله من عرضه من حيث يدري او لا يدري.

    يضيف الشيخ الخشن: ولهذا فإننا لا نقول في السيدة عائشة الا ما تعلمناه في مدرسة اهل البيت عليهم السلام وهم لم يقولوا فيها ما يشين، ((وإن أكرم القول في أم المؤمنين عائشة وأطيبه ما قاله فيها علي امير المؤمنين عليه السلام)) – فيما روي عنه – بعد معركة الجمل الدامية: ((وأما فلانة – يقصد عائشة _ فأدركها رأي النساء.... ولها بعد حرمتها الأولى والحساب على الله)).

ويقول السيد محمد باقر الحائري المتوفى سنة 1331هـ وهو من شعراء الشيعة ممن تأدب بآداب اهل البيت عليهم السلام:

         فيا حميرا سبك محرم                     لأجل عين ألف عين تكرم

    ان حرمة الرسول لا ترقى اليها حرمة احد من الناس، وان كرامته هي فوق كل إعتبار، وانما اكتسبت زوجاته حرمتهن من إقترانهن به، ونلن الشرف بقربهن منه، وهكذا الحال في صحابته واهل بيته جميعا، فهو مصدر الشرف والعزة لكل الناس، واذا كنا لا نقبل ان ينتهك احد حرمة زوجة من زوجاته، فالأولى ان لا نرضى ان يساء اليه صلى الله عليه وآله او تنتهك كرامته بأن ينسب اليه فعل أمر، او إرتكاب عمل لا ينسجمان مع مكارم اخلاقه او محاسن صفاته وإننا في هذا السبيل على استعداد لرد الاخبار أيا كان راويها، ومهما علا شأنه، اذا كانت تنافي خلق النبي صلى الله عليه وآله وتخدش في حيائه وكرامته.

    مناقشة التفاصيل

    بعد تلك المقدمات في الكتاب يقف المؤلف وقفات هادئة ومنطقية في التفاصيل ويدافع ثم يدافع ثم يدافع عن الرسول الاكرم محمد ابن عبد الله ويناقش بكل تفصيل وإسهاب الشبهات التي ذكرها مستشرقون وكتاب غربيون وكذلك مسلمين.

    ويخصص الشيخ الخشن ثلاثة محاور هامة مجيبا على أسئلة شائكة ربما كانت في ذهن بعض المسلمين قبل المستشرقين:

    المحور الأول في ثمانية وعشرون صفحة: دراسة المضمون الداخلي للروايات في قصة الزواج كما روتها عائشة.

    المحور الثاني في سبعة عشر صفحة: نقد السند والشواهد المعارضة.

    المحور الثالث في ثمان صفحات فقط: وهو بعنوان دوافع القصة السياسية والغير. ولربما كان إستحق هذا المحور المناقشة والتركيز وصفحات أكثر لما في ذلك من أهمية تلامس الواقع المعاش لبعض المسلمين اليوم وعصبياتهم وميولهم للخصومات وحبهم لاستدعاء التاريخ لغرض الانتصارات الوهمية والعصبيات الضيقة.

    رغم قلة صفحات هذا المحور الا انه الأهم في نظري وتمنيت لو ان المؤلف أسهب فيه لما فيه من حاجة وضرورة بالنظر لواقع المسلمين المتشرذم اليوم.

    القسم الثاني من الكتاب وهو بعنوان تنزيه زوجات الأنبياء عليهم السلام عن الفاحشة، وفيه ثمانية محاور.

    جاءت المقدمة في ستة عشر صفحة بعنوان مسؤولية الكلمة: ناقش فيه الشيخ الخشن اخلاقيات ومسؤوليات الكتاب والخطباء وضرورة ان يحترموا مهنيتهم وكذلك عقول متلقنيهم.

    بعد ذلك تطرق الى فكرة جوهرية فقال فيما قال: إن هؤلاء الجهلة الذين يتفوهون بهذه الكلمات المسيئة هم من الذين يغذون نزعات التطرف في الامة.... ويشكلون الوجه الاخر للتكفير... ورافدا من روافده

    أقول: وقد شاهدت وغيري مقاطع مرئية حوت على وصايا لإنتحاريين فجروا أنفسهم وسط جموع مصلين او معزين هنا وهناك يبرر فيها اولئك الإنتحاريين افعالهم على انها غيرة على أمهات المؤمنين والصحابة ودفاعا عنهم قبل ان يقدموا على تفجيراتهم الدنيئة.

    بمعنى ان كل تلك البذاءات تشكل مبرر وحاضنة للتوتر الطائفي والإقدام على إيذاء المؤمنين هنا وهناك.

    ينتقل المؤلف الى محاور أخرى في هذا الفصل وهو شيق ووجدته يحوم حول ذات الفكرة والمحاور التي في الفصل الأول لكنه يستدعي أدلة ومصادر تاريخية أخرى لإثبات صحة المطلب.

    وكان المحور الخامس عبارة عن إستعراض كلمات وآراء لأربعة وعشرين من علماء الشيعة المتقدمين والمتأخرين التي تنص على نزاهة زوجات الأنبياء. فذكر رأي السيد المرتضى والشيخ الطوسي والعلامة الحلي والشيخ الطبرسي من المتقدمين. ومن المتأخرين ذكر رأي السيد محسن الامين والسيد عبدالحسين شرف الدين والشيخ محمد جواد مغنية والسيد محمد حسين فضل الله والشيخ ناصر مكارم الشيرازي والسيد علي الخامنئي والشيخ جعفر السبحاني وغيرهما.

    ملحق الكتاب وهو في الأصل دراسة بعنوان بنات النبي صلى الله عليه وآله.

    الدراسة جاءت على ضوء القرآن الكريم وروايات اهل البيت عليهم السلام يقول المؤلف الخشن انه أعدها قبل ما يقارب العشرون عاما عندما كان طالبا في الحوزة العلمية.

    يستعرض المؤلف نفي بعض علماء الشيعة ان يكون لرسول الله صلى الله عليه وآله بنات غير فاطمة الزهراء عليها السلام مما دفع الشيخ الخشن البحث العلمي في الموضوع ليثبت وبأدلة القرآن الكريم والروايات الصريحة واقوال لبعض العلماء والنسابة المتقدمين بنوة بنات النبي ام كلثوم وزينب ورقية بعيدا عن الهوى والعواطف والمذهبية وكل مسبقات البحث ومن خلال مصادر الرأي الآخر المخالف لذلك.

    إنتهت قراءتي للكتاب وارجو ان أكون استطعت ان أقدم حروفا نافعة وحفزت على قراءة هذا السفر الجميل وإقتناءه ولذلك اشرت الى تلفون وعنوان دار النشر في رأس هذا العرض.

    جزى الله الشيخ حسين الخشن عنا وعن الأمة خير الجزاء عن عمله وجهده الذي بذله، والله نسأل ان يكون في ميزان اعماله ولنقول له أنك لست وحدك في هذا المعترك.

 






اضافة تعليق

الاسم *

البريد الإلكتروني *

موضوع *

الرسالة *


 


 
  قراءة الكتب
 
    Designed and Developed
       by CreativeLebanon