حوار مع مركز أفاق للدراسات والأبحاث: مشكلة الأديان تتشكل في الخطاب الفقهي    ثمن الحرية    أمثل الأساليب في عمليّة تهذيب النفس    مزايا الشباب    العمل سرّ النجاح    العبادة وعيٌ وانفتاح لا جهل وانغلاق    اقتناء أصنام الأمم البائدة    المفاهيم الدينية بين وجوب الاعتقاد وحرمة الانكار    البناء الاعتقادي بين الاجتهاد والتقليد    
 
بحث
 
تكريم الإنسان
 
س » من المقصود في الزيارة: السلام على عليّ بن الحسين.. هل هو زين العابدين (ع) أم الأكبر أم الرضيع؟
ج »

الظّاهر - بحسب السّياق - أنّ المُراد به هو عليّ الأكبر الشّهيد لدوره الكبير وحضوره في المعركة، ولعظيم مُصيبته على الإمام الحسين (ع)، أمّا الطفل الّرضيع فيكون ُمندرجاً في فقرة أخرى وهو قوله في الزّيارة - وعلى أولاد الحسين -  والتي تشمل سائر أولاده بمن فيهم الإمام زين العابدين (ع) والبنات أيضاً .

 


 
س » يوجد لديّ إشكالات كثيرة على الاستدلال بحديث الثقلين على العصمة، فهو يشمل إجماع العترة وليس آحادهم، ويشمل العباس عم النبي (ص)، فهل هؤلاء معصومون؟؟
ج »

أولاً: إنّ حديث الثقلين لا شكّ فيه من حيث السّند وهو مُستفيض حتى في روايات السّنة ناهيك عن روايات الشيعة ، وأّما من حيث الدّلالة فإنّه وبصرف النّظر عن كون القرآن الكريم أفضل من العترة أم عدم كونه كذلك ، فلا ريب في دلالة الحديث على أن التمسّك بالعترة يُشكّل صمّام أمان للأمّة يمنعهم ويعصمهم من الضّلال - ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا - ، ولا شكّ في دلالته أيضاً على أن العترة لا يفترقون عن القرآن الكريم ، ولا يُتصور أن يصدر عنهم ما يُخالف القرآن وهذا ما يدل عنه قوله في الحديث - لن يفترقا - .


- ثانياً : إنّ ما ذكرتموه بأنّ المراد بالحديث هو إجماع العترة هو كلام ضعيف ولا وجه له لأنّه إن أريد بالعترة ما هو أوسع من الأئمة من أهل البيت (ع) ليشمل العباس وذريته أو غيره، فمن المعلوم أنّ هؤلاء أعني العباسيين لا ميزة لهم عن سائر الصّحابة والنّاس فهم يُخطئون كغيرهم ويُمكن أن ينحرفوا كما انحرف غيرهم، وبالتالي فلا يُعقل أن يكون لرأيهم أو إجماعهم أيّ قيمة أو أن يُشكّل إجماعهم أو قولهم عاصماً للأمّة  عن الضّلال ، ما يعني أن نظر الحديث فقط إلى خصوص شريحة من العترة وهم الذين لا يُمكن أن يقعوا في الضّلال والانحراف، وهؤلاء لا فرق بين الواحد منهم أو الجميع ، فكما يكون قول الجميع حُجّة وعاصماً عن الضّلال ، كذلك قول الواحد، والقرينة على ذلك أنّه حين قال النبيّ (ص) هذا الكلام لم يكن من العترة التي يؤمَن وقوعها في الضّلال إلا عليّ (ع)، أما الحسن والحسين (ع) فكانا طفلين صغيرين، فهل كان الحديث لا قيمة له آنذاك لأنّه بعد لم يتحقّق إجماع العترة؟ من الواضح أن هذا بعيد جداً لأنّ كلامه (ص) ساري المفعول من حين إطلاقه ولا يتوقف على مرور عقود من الزّمن حتى يتشكّل إجماع العترة.


 
 
  مقالات >> أصول فقه
البعد الإرشادي في شخصية النبي (ص)
الشيخ حسين الخشن



وقد عرفت مما تقدم أنّ ما يصدر عن النبي (ص) أو المعصوم من أفعال وأقوال يجب أن يدرس على ضوء أبعاد شخصيته، وبذلك يتضح أنّه ليس كل ما يصدر عن النبي (ص) فهو مندرج في خانة التبليغ وبيان الحكم الإلهي، بل إنّ بعض تصرفاته هي محض بشرية، وبعضها تدبيرات سياسية، وبعضها خبرات وتجارب اجتماعية وإنسانيّة.

أولاً: توضيح معنى الإرشاديّة

ومن جملة الأبعاد التي يجب أن تلحظ في شخصية النبي (ص) البعد الإرشادي، وذلك لأنّ النبي (ص) كما هو مبلّغ وحاكم وخبير .. فهو أيضاً مرشد وناصح للناس، وبالتالي قد تصدر عنه بعض التصرفات - أفعالاً أو أقوالاً، أوامر أو نواهي -  من موقع الإرشاد من موقع الإنشاء والتشريع.

 وتسمى التكاليف الصادرة عنه (ص) بلحاظ هذا البعد في شخصيته بالتكاليف الإرشادية، وبإزائها التكاليف المولويّة الصادرة من موقع التشريع.

و"التكليف الإرشادي هو ما لا يترتب على تركه تبعة إلا عدم حصول الفائدة الذاتيّة في الفعل، والمولوي هو ما يترتب عليه مع ذلك تبعة أخرى من حيث مخالفة الأمر، مثلا: أمر الطبيب إرشادي، وإذا تركه المريض لم يترتب عليه إلاّ عدم البرء من المرض، ولا يؤاخذ على مخالفة أمر الطبيب، بخلاف مخالفة أمر السلطان والسيد، إذ يترتب عليه مع ذلك المؤاخذة والملامة، بل العقاب لأنّه ترك أمر المولى"[1].

وثمّة أصناف أخرى للأوامر أو النواهي الإرشادية، سيأتي بيانها عمّا قليل. وبعضها إرشاد إلى الحكم الشرعي الوضعي.

ثانياً: الإرشادية الإلهية

 ويهمنا التنبيه هنا إلى أنّ صفة الإرشادية في النبي (ص) هي تجلٍّ لإرشاديّة الله سبحانه، ولهذا فإنّ التكاليف الصادرة عن الله سبحانه بشكل مباشر كالأوامر أو النواهي القرآنية، قد تنطلق من موقع مولويته وسلطنته، فتكون أحكاماً مولوية، وقد تنطلق من موقع الإرشاد الرباني، فتكون أحكاماً إرشادية، وللإرشادية الإلهية نماذج مذكورة في القرآن الكريم وهذه بعضها:

المثال الأول: نهي آدم عن الأكل من الشجرة

ومن الأمثلة القرآنية على الخطاب الإلهي الإرشادي هو النهي الإلهي الموجه لسيدنا آدم (ع) بترك الأكل من الشجرة، مما جاء في قوله تعالى: {وقلنا يا آدم اسكنْ أنت وزوجك الجنّة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربه هذه الشجرة فتكونا من الظالمين فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين} [البقرة 135- 136]، فقد وقع جدل بين المفسرين حول حقيقة النهي الموجه لآدم (ع) بترك الأكل من الشجرة، وكيف خالف ربه حتى أخرجه من الجنة؟ ووصف فعله بالعصيان في قوله تعالى: {وعصى آدم ربه فغوى} [طه 121]؟ ثم كيف نفسر هذه المعصية على ضوء معتقدنا بأنّ الأنبياء (ع) معصومون قبل البعثة وبعدها؟

وقد سلك الفقهاء في الإجابة على هذا التساؤل عدة اتجاهات[2]، وما يهمنا منها في المقام هو الاتجاه القائل: إنّ معصية آدم لم تكن معصية لتكليفٍ مولوي بل لتكليفٍ إرشادي[3]، فإنّ للمعصية مجالين: "المجال القانوني الذي يتحدد بالتمرد على التكاليف الصادرة من الله بصفته مشرعاً ومولى، بحيث يطلب من المكلف أن يمتثلها تحت طائل العقوبة الأخروية أو الجزاء الدنيوي، والمجال الإرشادي الذي يتحدد بالتمرد على الأوامر والنواهي الصادرة من الله بصفته ناصحاً ومرشداً، يوجه الإنسان نحو مصلحته من دون ان يلزمه بالسير على أساسها من ناحية قانونية، تماماً كأوامر الطبيب ونواهيه، فلا يترتب عليها إلا الوقوع في الضرر الذي حذر منه، أو عدم النفع الذي أريد له.. ويقولون إنّ العصمة لا تتنافى مع القسم الثاني من النهي، لأنّ النبي لم يتمرد على الله في ما يغضبه، بل كل ما هناك أنّه أساء إلى نفسه في ما وجهه الله إليه من نصيحة وإرشاد"[4]، ويشهد لكون النهي في قضية آدم(ع) إرشادياً:

  1. أنّ لحن ولسان قوله تعالى في سورة طه: {فقلنا يا آدم إنّ هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى} [ طه 117- 119 ]، يوحي بأنّ القضية تتحرك في إطار النصيحة والإرشاد.
  2. أنّ ما ترتب على هذه المعصية لم يكن مجازاة آدم (ع) بالعقوبة ولا توعده الله في حال المخالفة بالعذاب، بل ترتّب عليه أثران: وهما:
  •  ظهور وبروز عورة آدم وزوجته، {فلما ذاقا من الشجرة بدت لهما سواءتهما} [الأعراف 22].
  •  والأثر الآخر هو حرمان آدم وزوجه من الجنة وإخراجهما منها {فأخرجهما مما كانا فيه فقلنا اهبطوا بعضكم...} [البقرة: 36].

المثال الثاني: الأمر بالمسارعة إلى فعل الخيرات

 قال تعالى: { واستبقوا الخيرات " } [البقرة: 148]، وقوله تعالى : { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم } [آل عمران: 133]، وفيما يرى بعض الفقهاء أنّ ذلك الأمر ليس أمراً مولوياً بل هو أمر إرشادي، يقول السيد البروجردي:" أنّ الأمر بالاستباق والمسارعة ليس أمراً مولويّاً استحبابياً ناشئاً عن ملاك الاستحباب ، بل هو أمر إرشادي كما هو واضح"[5]. وقال المحقق النائيني: " والظاهر أنّ الأمر فيهما إرشادي تابع للمرشد إليه ، وليس الغرض من الاستباق إلى الخير إلاّ الوصول إليه ومن المسارعة إلى المغفرة إلاّ الوصول إليها والى أسبابها كما في الأمر بالاتّقاء من الهلكة فإنّه أمر إرشادي ليس الغرض منه إلاّ عدم الوقوع في التهلكة ، ولا يترتب على عدم الاستباق والمسارعة عقاب على حدة غير العقاب المترتّب على ترك المأمور به على تقدير تركه كأوامر الإطاعة مثل : ( أطيعوا الله ورسوله }[النساء: 59]  حيث لا يترتّب على تركها إلاّ ما يترتّب على ترك الواجبات وفعل المحرمات "[6].

ثالثاً: أصناف التكليف الإرشادي

 ثم إنّ التكليف الإرشادي له أصناف متعددة، تنبه الفقهاء لبعضها، وتحدثوا عن ذلك في ثنايا كتبهم الفقهية بمناسبة تعليقهم على بعض الروايات، وإليك بعض هذه الأصناف وهي تضاف على ما تقدم:

الصنف الأول: الإرشاد إلى حكم العقل

ويُمثِّلون له بقوله تعالى: {أطيعوا الله} [النساء: 59] فإنّه أمر إرشادي إلى حكم العقل بلزوم إطاعة المولى وليس أمراً مولوياً، وذلك إمّا لأنّ مولويته تستلزم التسلسل، وإما لأنه مع حكم العقل بذلك فلا موجب لجعلٍ شرعي تأسيسي[7]، وهذه الإرشادية تجري في كل المستقلات العقلية.

الصنف الثاني: الإرشاد إلى الحكم الوضعي.

 كما في الإرشاد إلى الشرطيّة أو المانعيّة أو النجاسة أو الطهارة، أو نحوها، وعلى سبيل المثال، فإنّ النهي في المعاملات كقوله: "لا تبعْ الميتة" مثلاً، إرشاد إلى فساد البيع، وليس نهياً تحريمياً تكليفياً، وكذلك فإنّ النهي عن الغسل بالماء المضاف هو إرشاد إلى عدم مطهريته وليس نهياً تكليفاً مولوياً، والنهي عن الصلاة فيما لا يؤكل لحمه إرشاد إلى مانعيته، هذه أمثلة الإرشادية في النهي، وأما إرشاديته في الأمر، فمن قبيل قوله تعالى: {أوفوا بالعقود} (المائدة: 1)، فهو إرشاد إلى اللزوم كما ذكر بعض الفقهاء، وذكروا أيضاً أنّ الأمر في الواجبات المركبة إرشاد إلى الجزئية، والنهي فيها إرشاد إلى المانعية، وهذا له سياقاته وقرائنه الحالية والمقالية، ولن نتوسع بذكر أمثلته، لأنّ أمره ليس مثار التباس من حيث الكبرى، وإنما قد تقع بعض الخلافات في التطبيقات.

الصنف الثالث: الإرشادية الدعوية

وثمّة نوع من الإرشاديّة نستطيع تسميته بالإرشادية الدعوية، وفهم هذا الصنف مهم ومؤثر في قراءة النصوص واستنطاقها، وخلاصتها أنّ النبي (ص) أو الإمام (ع) كما أنّه مبين للشرع الشريف، ما يستدعي أن يصدر عنه خطابات قانونية تتسم بالدقة الملائمة للأحكام والتشريعات القانونيّة، بحيث لا ويتميّز فيها الوجوب عن الاستحباب، والتحريم عن الكراهة، فإنّه أيضاً موجِّه ومرشدٌ وداعية إلى الله تعالى، { يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراج منيراً} [الأحزاب: 45]، وهذا البعد في شخصيته سلام الله عليه يستدعي حضوراً للغة الخطابية واستخدام أساليب بيانية مؤثرة في الوجدان الشعبي، وعلى الفقيه أن يأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار، وأن لا يجمد على المعاني الحرفية للكلمات، كجمود بعضهم على ما جاء في زيارة الناحية: "ولأبكينّ عليك بدل الدموع دماً"[8]، ليستفيد منها جواز جرح العين أو تشويهها!

الصنف الرابع: الإرشادية الإشفاقية

 مما يتصف به النبي (ص) أنّه الرفيق الرؤوف الرحيم، وإننا نجدُ هذه الصفة عند كل الأنبياء (ع)، فهذا خليل الله وشيخ الأنبياء إبراهيم (ع) تدفعه الرحمة ليدافع عن قوم لوط رغم فسادهم {فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط إن إبراهيم لحليم أواه منيب} (هود: 74- 75)، وأما نبينا محمد (ص) فقد كان كتلة من الرحمة والشفقة والمحبة، كما أراده الله سبحانه {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} (الأنبياء: 107)، ورحمته هذه كانت سبباً رئيسياً في إقبال الناس على الإسلام {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك} (آل عمران: 159)، وقال تعالى: { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } [التوبة: 128]،وكان (ص) يتعب نفسه الشريفة ويرهقها في سبيل هداية قومه {لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين} (الشعراء: 3)، ويشق عليه ويحزنه كفرهم وعنادهم، حتى خفف الله عنه مراراً ودعاه إلى عدم إرهاق نفسه في هذا السبيل {طه ما انزلنا عليك الكتاب لتشقى} [طه: 1- 2]، {فلا تذهب نفسك عليهم حسرات} [فاطر: 8].

وغير بعيد عن هذا المعنى ما جاء في القرآن من وصف أكثر من نبي بأنه " ناصح "، فقد حكى الله تعالى عن نبي الله هود (ع) قوله لقومه: { أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ }[الأعراف: 68]، وعلى لسان نوح (ع) قوله: { أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } [الأعراف: 62]، ونصح النبي (ص) لأمته هو شرط أو صفة كمال في النبوة، ولكن مع ذلك فهو لا يعني أنّ كلّ ما يصدر عنه من موقع النصح والإرشاد فهو وحي أو تشريع.

   قد تسأل: ما علاقة هذه الصفة بالجانب التشريعي وما مدى انعكاسها على ذلك؟

   والجواب: إنّ علاقة هذه البعد في شخصيّته (ص) بالجانب التشريعي تبدو وتظهر في بعض الموارد، منها:

   المورد الأول: انطلاقاً من هذه الصفة، فقد قام النبي (ص) في الطلب من الله سبحانه أن يخفف على أمته ويضع عنها كثيراً من التكاليف ويرفع عنها الآصار والأغلال، وبهذا غدت شريعته تُعرف بالشريعة السمحة السهلة[9]، وتحدثنا بعض الروايات أنّه لما أسري بالنبي (ص) إلى السماء أمره ربه بخمسين صلاة، ولكنه - بإشارة من نبي الله موسى (ع) - سأل ربه التخفيف على أمته، فحطّ عنه تعالى عشراً، ثم عاود طلب التخفيف من ربه - وبإشارة من موسى نفسه - إلى أن بلغت خمس صلوات في اليوم، فاستحيي عندها النبي (ص) معاودة الطلب من الله تعالى بمزيد من التخفيف[10].

   وهكذا نجدُ أنّ النبي (ص) قام هو ومن خلال ما أعطي من صلاحيات تشريعية، بالتخفيف عن أمته، كما نرى ذلك واضحاً في قوله (ص): " لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ "[11].

وقد عدّ بعضهم من جملة ما صدر عنه من موقع الإرشادية الإشفاقيّة: نهيه عن الغيلة، ففي حديث جذامة بنت وهب الأسدية قالت: قال رسول الله (ص): لقد هممت أنْ أنهى عن الغيلة حتى ذكرت أنّ فارس والروم يصنعون ذلك فلا يضر أولادهم"[12]، والغيل أو الغيلة هو أنْ يُقدم الرجل على مجامعة زوجته وهي ترضع[13]، وقيل: هو أن ترضع ولدها وهي حامل[14].

وقد رأى ابن عبد البر ( 463 هـ) أنّ نهيه (ص) هذا هو من باب الأدب والرفق والإحسان إلى أمته، و"ليس من باب الديانة"[15].

هذا وثمة خبر آخر مروي في مسألة الغيل، وهو ما روي عن أسماء بنت يزيد بن السكن قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تقتلوا أولادكم سراً، فإنّ قتل الغيل يدرك الفارس فيدعثره عن فرسه"[16].

قال ابن الجوزي ( 597 هـ): "ومعنى يدعثره : يهدمه ويطحطحه بعدما قد صار رجلاً قد ركب الخيل؛ وهذا لأنّ المرضع إذا جومعت فسد لبنها فارتضع طفلها لبنا فاسداً، فإن حملت كان أكثر في الضرر ، لأن الدم الجيد يتصرف إلى غذاء الجنين ويبقى الردئ للمرضع ، إلا أن النبي (ص) لما رأى أنّ ترك ذلك ربما آذى الرجل بصبره مدة الرضاع أجازه بهذا الحديث، وعلل بذكر فارس والروم"[17].

والمستفاد من مجموع الخبرين وما قيل في شرحهما أنّ النبي (ص) قد نهى في بادئ الأمرعن الغيل، واعتبره من مصاديق القتل، وأنه يؤثر على صحة الولد حتى لو صار فارساً، وهذا المضمون لا يمكن القبول به وذلك:

أولاً: لأنه منافٍ لعصمته حيث إنه ينسب إلى النبي (ص) الوقوع في الخطأ، وأنه نهى عن الغيل، وحكم بأنّه يؤثر على الولد ولو صار فارساً، ثم تراجع استناداً إلى ما رآه في أولاد الروم، وقد مرّ في مبحث الخبرويّة أن النبي (ص) قد يتكلم من موقع الخبرة في غير قضايا التشريع، وأما في أحكام الشريعة ( ومنها: تحريم الغيل ) فهو ليس مجالاً للخبروية، وهو ( ص) هنا محصّن عن الوقوع في الخطأ.

ثانياً: إنّ ثمة تنافٍ بين الخبرين الواردين عنه (ص)، فخبر جذامة ظاهر في أنه لم ينه عن الغيل، وإنما همّ بالأمر، ثم تراجع لِمَ رآه من عدم تأثر أبناء الروم بالغيل. بينما خبر أسماء ظاهر ظهوراً بيناً في أنه قد حرمّه واعتبره قتلاً.

هذا ناهيك عن أنّ مضمون خبر أسماء مخالف لما يقوله أهل الخبرة من الأطباء.

   المورد الثاني: أنّ النبي (ص)، وانطلاقاً من صفة الرحمة والشفقة على الأمة، رخص - بإذن من الله سبحانه - لأمته بالمداراة والتقية عند الخوف على النفس أو العرض أو المال، كما هو الحال في قصة عمار بن ياسر الذي اضطر تحت ضغط التعذيب والألم للتفوه بكلمة الكفر، وجاء إلى النبي (ص) باكياً خائفاً، فطمأنه النبي (ص) وجعل يمسح عينيه ويقول: "إن عادوا لك فعد لهم بما قلت"، ونزلت الآية الكريمة: {من كفر بالله بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم} [النحل: 106]. ولم تقتصر التقية على الجانب السلوكي العملي، بل امتدت إلى الجانب التشريعي وذلك عندما اضطر بعض أئمة أهل البيت (ع) في زمن التعصب الطائفي والمذهبي إلى بيان الحكم غير الواقعي عند الإجابة على الأسئلة الشرعية التي يسألون عنها، وذلك حفظاً منهم لحياتهم وحياة أصحابهم من سيف الظلم والجور. في الخبر عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْعَبَّاسِ بِالْحِيرَةِ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّه مَا تَقُولُ فِي الصِّيَامِ الْيَوْمَ؟ فَقُلْتُ: ذَاكَ إِلَى الإِمَامِ إِنْ صُمْتَ صُمْنَا وإِنْ أَفْطَرْتَ أَفْطَرْنَا، فَقَالَ: يَا غُلَامُ عَلَيَّ بِالْمَائِدَةِ فَأَكَلْتُ مَعَه وأَنَا أَعْلَمُ واللَّه أَنَّه يَوْمٌ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَكَانَ إِفْطَارِي يَوْماً وقَضَاؤُه أَيْسَرَ عَلَيَّ مِنْ أَنْ يُضْرَبَ عُنُقِي ولَا يُعْبَدَ اللَّه"[18]

   ومن الطبيعي أن المشرع الحقيقي للتقيّة والمشفق الحقيقي هو الله سبحانه، فإنه ورحمة منه بعباده، سمح لهم بترك بعض الواجبات أو فعل بعض المحرمات في الظروف القاهرة الاستثنائية، وسمح للمعصوم أن يبين الحكم غير الواقعي حفظاً لنفسه أو للمؤمنين.

ما تقدّم كان حديثاً عن إشفاقه ونصحه للأمة بما هي أمة، وقد يقوم (ص) بدور النصح لبعض الأفراد فيما لو جاءهم أحدهم مستشيراً ومستنصحاً، فقد استشارته فاطمة بنت قيس في أمر زواحها، فقالت: "إن معاوية وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد، فكرهته، ثم قال: انكحي أسامة، فنكحته فجعل الله فيه خيرا واغتبطت به"[19].

وهذا الخبر يستفاد منه محبوبية النصح وحدوده الشرعيّة، وأنه يجوز ولو كان فيه ذكر معايب الغير، وقد نصّ جمع من الفقهاء[20] أن من مستثنيات الغيبة التي تبيح ذكر معايب الغير: نصح المستشير، وقد استدل بعضم لهذا الاستثناء بهذا الخبر[21]، واستدل آخرون بوجوه أخرى.

وأوامره الإشفاقيّة هنا ليست أوامر ومقررات إلزامية فتجب إطاعتها، وإنما هي نصيحة منه فلا تدل على الإلزام، وهذا ما يشهد به الخبر المتضمن نصيحته لبريرة بمراجعة زوحها، فعن ابن عباس أنّ زوج بريرة كان عبداً يقال له مغيث، كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته، فقال صلى الله عليه وسلم لعباس: يا عباس ألا تعجب من حبّ مغيث بريرة ومن بغض بريرة مغيثاً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو راجعتيه؟ قالت: يا رسول الله صلى الله عليه وآله سلم تأمرني؟ قال: إنما أنا أشفع، قالت: لا حاجة لي فيه"[22].

الصنف الخامس: الإرشاد إلى الأثر الوضعي غير الشرعي

في الصنف الثاني ذكرنا إرشاديته (ص) إلى الأثر الوضعي الشرعي، وما نروم الحديث عنه في هذا الصنف هو بيان إرشاديته إلى الأثار غير الشرعية، مما قد يستفيد البعض منه أثراً شرعياً، كما في الأوامر والنواهي التي ترد على لسان النبي (ص) أو الإمام (ع)، للإرشاد إلى بعض الخواص الطبيعية الكامنة في الأشياء، أو المترتبة على بعض الأفعال وما فيها من فوائد ومصالح، أو مضار ومفاسد، ويهمّنا الحديث عن هذا الصنف لعدم العناية به من جهة، والتعامل معه على ضوء قاعدة التسامح في أدلة السنن من جهة أخرى، وهذا ما نتطرق إليه في الفقرة التالية.

رابعاً: نماذج من الأخبار المرشدة إلى الخواص الطبيعية

وإليك التوضيح بعض الأمثلة على ذلك:

  1. في باب الزواج

المثال الأول: ورد عن النبي (ص): "لا تنكحوا القرابة القريبة فإنّ الولد يخلق ضاوياً"[23] أي نحيفاً، فقوله: "لا تنكحوا" ليس نهياً مولوياً، بحيث يعاقب مرتكبه أو يوجب بعده عن الله تعالى ولو بمستوى يناسب الكراهة، بل هو إرشاد إلى نتائج ذلك السلبية على صحة الولد، وهذا ما تشهد به الأبحاث العلمية التي تؤكد أن الزواج من الأقرباء سبب لحمل الأمراض الوراثية. وعليه، فلا مجال لاستفادة الكراهة الشرعية[24] من هذه الرواية، لأنّ لسانها ليس لسان إثبات الكراهة الشرعية، بل الإرشاد إلى الأثر الوضعي المترتب على ذلك، ومما يشهد لعدم الكراهة المولويّة أنّ النبي (ص) فعل ذلك بزواجه من بنت عمته زينب، وكذلك تزويجه ابنته الزهراء (ع) من ابن عمه علي (ع).

المثال الثاني: معاشرة الزوجة في بداية الشهر ووسطه وآخره، وذلك لما ورد في عدة أخبار، منها المرسل، عن أبي الحسن موسى ( عليه السلام ) ، عن أبيه ، عن جده (عليهما السلام) قال : إنّ فيما أوصى به رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) علياً ( عليه السلام ) قال: يا علي لا تجامعْ أهلك في أول ليلة من الهلال ولا في ليلة النصف ولا في آخر ليلة، فإنّه يتخوّف على ولد من يفعل ذلك الخبل، فقال علي ( عليه السلام ) ولم ذاك يا رسول الله ؟ فقال: إنّ الجن يكثرون غشيان نسائهم في أول ليلة من الهلال وليلة النصف في آخر ليلة، أما رأيت المجنون يصرع في أول الشهر وفي آخره وفي وسطه"[25].

ويلاحظ على ذلك:

أولاً: ربما يقال إنها معارضة بما ورد في الخبر، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : حدثني أبي عن جدي ، عن آبائه ( عليهم السلام ) أن علياً صلوات الله عليه قال: يستحب أن يأتي الرجل أهله أول ليلة من شهر رمضان لقول الله عز وجل: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} [البقرة: 187] والرفث المجامعة"[26].

اللهم إلا أن يقال: إنّ هذا خاص بشهر رمضان، ولهذا الشهر خصوصية بينة وهي أن أيدي الشياطين فيه مغلولة.

ثانياً: التعليل في هذه الرواية غير مفهوم، فإذا كان الجنّ يكثرون معاشرة أزواجهم في أول الشهر ووسطه وآخره، فما علاقة ذلك بالإنس؟!

اللهم إلا أن يقال: إنّ الحديث التالي قد يزيل هذا الاستغراب، وهو ما رواه الكليني بسند ضعيف عَنْ مِسْمَعٍ أَبِي سَيَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّه ص أَكْرَه لأُمَّتِي أَنْ يَغْشَى الرَّجُلُ أَهْلَه فِي النِّصْفِ مِنَ الشَّهْرِ أَوْ فِي غُرَّةِ الْهِلَالِ فَإِنَّ مَرَدَةَ الشَّيْطَانِ والْجِنِّ تَغْشَى بَنِي آدَمَ فَيُجَنَّنُونَ ويُخَبَّلُونَ أمَا رَأَيْتُمُ الْمُصَابَ يُصْرَعُ فِي النِّصْفِ مِنَ الشَّهْرِ وعِنْدَ غُرَّةِ الْهِلَال"[27].

قد يقال: هذا الحديث وإنْ رفع الاستغراب عن سابقه، لكنّه يوقع في استغراب أشدّ، وذلك لأنّه يفترض أن الشياطين تغشى الإنس.

إن قلت: لا غرابة في ذلك، فهذا يؤيده قوله تعالى: {وشاركهم في الأموال والأولاد} [الإسراء: 64]. ناهيك عن وجود أخبار أخرى في ذلك ، منها ما رواه العياشي عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : سألته عن شرك الشيطان قوله : ( وشاركهم في الأموال والأولاد ) قال : ما كان من مال حرام فهو شريك الشيطان ، قال ويكون مع الرجل حتى يجامع فيكون من نطفته ونطفة الرجل إذا كان حراماً"[28]. وروى الكليني عن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، وعدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد جميعا عن الوشاء ، عن موسى بن بكر ، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : يا أبا محمد أي شئ يقول الرجل منكم إذا دخلت عليه امرأته ؟ قلت : جعلت فداك أيستطيع الرجل أن يقول شيئا ؟ فقال : ألا أعلمك ما تقول ؟ قلت : بلى، قال : تقول : ( بكلمات الله استحللت فرجها وفي أمانة الله أخذتها، اللهم إن قضيت لي في رحمها شيئا فاجعله بارا تقيا واجعله مسلما سويا ولا تجعل فيه شركا للشيطان ) قلت : وبأي شئ يعرف ذلك ؟  قال : أما تقرأ كتاب الله عز وجل، ثم ابتدأ هو {وشاركهم في الأموال والأولاد} [الإسراء: 64] ثم قال : إنّ الشيطان ليجئ حتى يقعده من المرأة كما يقعد الرجل منها ويحدث كما يحدث وينكح كما ينكح ، قلت : بأي شئ يعرف ذلك ؟ قال : بحبنا وبغضنا ، فمن أحبنا كان نطفة العبد ومن أبغضنا كان نطفة الشيطان"[29]. وفي الصحيح عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في النطفتين اللتين للآدمي والشيطان إذا اشتركا ، فقال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : ربما خلق من أحدهما وربما خلق منهما جميعاً"[30].

قلت ويلاحظ على ذلك:

أولاً: لو كنا نحن والآية فهي لا تدل على المشاركة المباشرة بمعناها الحسي، فالمشاركة في الأموال هي بتزيين اكتساب المال من الطريق الحرام لهم، كطريق الربا أو القمار أو ما إلى ذلك، والمشاركة في الأولاد بتزيين فعل الزنا لهم ليلدوا من حرام، وهذا ا ذهب إليه المفسرون[31].

ثانياً: إنّ مشاركة الشيطان للرجل في مواقعة زوجته هو أمر في غاية الغرابة، ولا يمكن التصديق به، ولا سيما بالاستناد إلى أخبار الآحاد، فإنّ التصورات المتصلة بقضايا الخلق والتكوين وكذلك قضايا الاعتقاد لا يعتمد فيها على أخبار الآحاد، وما هو أشدّ غرابة من ذلك هو أن يكون له قدرة على تلقيح المرأة بحيث تسبق نطفته نطفة الزوج ويتكون الطفل من نطفته كما هو ظاهر الأخبار المذكورة! فهذا يعني أنّ ابن الزنا قد نشأ بين الجن والإنس، وليس إنسياً خالصاً، وهذا أمر مرفوض، لأنّ كل أفراد البشر هم من الإنس لجهة الأب والأم، ولا دخل للجن في تكوينهم وانعقاد نطفتهم، وإلا لو كان له هذه القدرة فهذا يعني أنّ للشيطان سبيلاً على بعض الناس، بحيث يستطيع أن يتدخل في تكوينهم، مع أن الله تعالى قد نفى في كتابه وجود سلطنة له خارج التزيين والوسوسة على الإنسان، قال تعالى { وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي} [ابراهيم: 22].

وفكرة تزاوج الإنس والجن لا دليل عليها ولا شيء يثبتها إلا أقاويل لا يعول عليها.

وكيف كان، فحمل هذه الأخبار على ظاهرها مما لا يمكن القبول به، وحملها على المعنى الكنائي التمثيلي الذي يرمز إلى ضرب من المشاركة المعنوية، فيكون الولد ابناً روحياً للشيطان، وليس ابناً حقيقياً ناتجاً عن علاقة جسدية، كما اختار السيد الطباطبائي[32]، وإن كان يدفع الإشكال، ولكنه خلاف الظاهر منها، وقد أوضحنا ذلك في مجال آخر[33].

المثال الثالث: ما ورد في الأخبار حول أنّ الزواج والقمر في برج العقرب يتسبب بنتائج سلبيّة على حياة الإنسان، وذلك ما ورد في خبر محَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ أَبِيه عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه ع قَالَ: "مَنْ سَافَرَ أَوْ تَزَوَّجَ والْقَمَرُ فِي الْعَقْرَبِ لَمْ يَرَ الْحُسْنَى"[34]. واستناداً إلى هذه الرواية أفتى الفقهاء[35] بكراهة السفر أو إجراء عقد النكاح والقمر في برج العقرب.

المثال الرابع: المعاشرة في فترة المحاق وإجهاض الولد، ففي خبر سُلَيْمَان بْنِ جَعْفَرٍ الْجَعْفَرِيِّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (ع) قَالَ: "مَنْ أَتَى أَهْلَه فِي مُحَاقِ الشَّهْرِ فَلْيُسَلِّمْ لِسِقْطِ الْوَلَدِ"[36].

المثال الخامس: الكلام عند الجماع وأنه يورث الخرس، في الخبر عن عَبْدِ اللَّه بْنِ سِنَانٍ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّه (ع): اتَّقُوا الْكَلَامَ عِنْدَ مُلْتَقَى الْخِتَانَيْنِ فَإِنَّه يُورِثُ الْخَرَسَ "[37]. ونحوه ما جاء في وصية النبي لعلي (ع):" يا علي : لا تتكلم عند الجماع، فإنّه إن قضي بينكما ولد لا يؤمن أن يكون أخرس"[38].

المثال السادس: النظر إلى فرج المرأة أثناء الجماع، وأنّه يورث العمى، فقد روى الصدوق بإسناده عن أبي سعيد الخدري في وصية النبي ( صلى الله عليه وآله ) لعلي ( عليه السلام ) قال : "ولا ينظر أحد إلى فرج امرأته ، وليغض بصره عند الجماع، فإنّ النظر إلى الفرج يورث العمى في الولد"[39].

وكيف كان فما نريد التعليق به هنا أنّ هذه الأوامر والنواهي هي إرشادية، وبالتالي لا يستفاد منها الحكم الشرعي، كما أنها تحتاج إلى:

أولاً: التدقيق السندي، والملاحظ هنا أن الأخبار المتقدمة في الأمثلة المذكورة، هي أخبار ضعيفة السند، وهذا سبب وجيه يمنع من الاستناد إليه في إثبات الحكم الشرعي ولو على مستوى الكراهة. وإلى ضعف السند فإنّ بعض الأخبار المتقدمة تلوح عليها رائحة الوضع، قال الشهيد الثاني تعليقاً عن وصية النبي (ص) لعلي (ع) المروية عن أبي سعيد الخدري: "وعلى هذه الوصية تفوح رائحة الوضع، وقد صرح به بعض النقاد"[40]. وتبعه الفيض الكاشاني مضيفاً أنّها لا تناسب جلالة قدر المخاطب بها[41]. والتأمل في مضامينها يؤكد صحّة ما ذكره الشهيد والكاشاني، ومن ذلك ما ورد فيها: من أنّ "الحصير في ناحية البيت خير من امرأة لا تلد"[42]. أجل، ما قيل عن عدم مناسبة بعض فقراتها لقدر وجلالة المخاطب بها، وهو أمير المؤمنين (ع) قد يُرَدّ بأن ذلك وارد على طريقة "إياك أعني واسمعي يا جارة"، فتأمل.

ثانياً: إنّ من الضروري دراسة ما جاء في الأمثلة المذكورة على ضوء الواقع والمعطيات العلمية ذات الصلة، وفي ضوئها يمكن الموافقة على ما جاء في المثال الأول، من أنّ الزواج بالقرابة يؤثر سلباً في بعض الأحيان على صحة الولد، وأما ما جاء في المثال الثاني فلا يمكن القبول به، لا لعدم ثبوت كون الجماع في الأوقات المذكورة موجباً للخبل والجنون فحسب، بل لأنّ إرجاع الخبل على فرض المجامعة في الأوقات الثلاثة إلى دخول الشيطان في المسألة هو أمر آخر يزيدها وهنا على وهن، فإنه لا يمكن - كما أسلفنا - القبول بالمضمون المذكور حول مشاركة الشيطان في المعاشرة. وأما ما جاء في الأمثلة: الثالث والرابع والخامس والسادس، فما يلاحظ به عليها أننا "نلاحظ كثيراً من الناس لا يصابون ببعض هذه الأشياء" ولا يقعون في تلك المشاكل والأمراض[43].

 ثالثاً: إنّ ثمة احتمالاً في بعض الأمثلة المتقدمة أن يكون للأمر دخل باعتقاد الناس، فمن سافر أو تزوّج والقمر في العقرب، وكان يعتقد أنّ ذلك مؤثر عليه، فقد يصيبه شيء في حياته "لم ير الحسنى"، نتيجة ما يعتقده، كما ورد في الطيرة، ففي خبر عمرو بن حريث قال: قال أبو عبد الله ( عليه السلام ): "الطيرة على ما تجعلها، إنْ هوّنتها تهونت ، وإنْ شددتها تشددت، وإنْ لم تجعلها شيئاً لم تكن شيئاً"[44]. ونحوه خبر إسماعيل بن مسلم السكوني ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: "قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : أوحى الله عز وجل إلى داود ( عليه السلام ) : يا داود .. وكما لا تضر الطيرة من لا يتطيّر منها، كذلك لا ينجو من الفتنة المتطيرون.."[45].

  1.  أمثلة في باب الأطعمة

وكثر الحديث عن الخواص والآثار في الروايات التي تتحدث عن الأطعمة والأشربة، وبعضها يتحدث عن الآثار الإيجابيّة على الصحة، وبعضها يتحدث عن آثارها السلبية عليها، وسأذكر نموذجين لكل منهما:

أما مثالا الآثار الإيجابية لذلك، فهما:

المثال الأول: الحثّ على تناول بعض الأطعمة أو الأشربة أو الفواكه، لدورها في تقوية الجسد، كما في رواية مُوسَى بْنِ بَكْرٍ قَالَ: اشْتَكَيْتُ بِالْمَدِينَةِ شَكَاةً ضَعُفْتُ مَعَهَا فَأَتَيْتُ أَبَا الْحَسَنِ ع فَقَالَ لِي أَرَاكَ ضَعِيفاً قُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ لِي كُلِ الْكَبَابَ فَأَكَلْتُه فَبَرَأْتُ"[46]، فقوله: "كل الكباب، فأكلته فبرئت"، ليس أمراً تشريعياً تعبدياً، بل هو إرشاد إلى فائدته ودوره في تقوية الجسم، مع أنّ الحر العاملي استفاد منه الاستحباب فقال: "باب استحباب أكل الكباب"[47]، وربما انطلق فيه الإمام من موقع الخبرة.

المثال الثاني: الحثّ على أكل الهريسة، كما في الحديث عن أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: "إِنَّ رَسُولَ اللَّه ص شَكَا إِلَى رَبِّه عَزَّ وجَلَّ وَجَعَ الظَّهْرِ، فَأَمَرَه بِأَكْلِ الْحَبِّ بِاللَّحْمِ يَعْنِي الْهَرِيسَةَ"[48]، فإنّ هذا الأمر - كما هو واضح من التعليل - إرشادي، وليس مولويّاً، ولذلك يصعب استفادة الاستحباب الشرعي منها، كما فهم الحر العاملي، نعم قد يستفاد الاستحباب من جهة أن كل ما يقوي الجسد ويخفف الوجع فهو محبوب لله تعالى.

وأما مثالا الآثار السلبيّة، فهما:

المثال الأول: النهي عن إدمان أكل السمك، لأنّه يذيب الجسد، وقد ورد ذلك في العديد من الأخبار، منها ما أخذ عنوان الإدمان، ومنها ما أخذ فيه عنوان الأكل، والموضوع في بعضها "السمك"، وفي الآخر الحيتان، وفي بعضها " السمك الطري"[49]، ومن هذه الأخبار ما روي عن أمير المؤمنين (ع): "لا تدمنوا أكل السمك فإنّه يذيب الجسد"[50]، وقد أوردها صاحب الوسائل تحت عنوان "كراهة إدمان أكل السمك"[51]. مع أنّ ظاهر الرواية هو الإرشاد إلى الأثر الطبيعي المترتب على إدمان أكل السمك. إلا ّأن يقال: إنّ ذلك لا ينافي كراهته مولوياً، لأنّ الشارع يبغض كل ما يؤدي إلى إضعاف الجسد، لأنّه قد يحول دون قيام الإنسان بواجباته وعباداته وإعالة أهله وأولاده.

المثال الثاني: خبر عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله ( ع ) قال: "الأكل على الشبع يورث البرص"[52].

وتعليقنا على ذلك:

أولاً: إنّ هذه الأوامر كما اتضح هي أوامر إرشادية تنبّه إلى أثر صحي، ولا دلالة لها على الحكم الشرعي.

 ثانياً: إنّ الإرشادية في هذا المجال ربما كانت معتمدة أو منطلقة من الخبروية، ولهذا فإنّ هذه الآثار الإيجابية أو السلبية من المفيد عرضها على أهل الخبرة، كما ذكرنا في بحث الخبروية، فقد نكتشف صحتها.

  1. في آداب الحمام والتنظف

والأثر المتقدم ( الإصابة بالبرص ) ورد نظيره في موارد أخرى تتصل بآداب الحمام والتنظف، وإليك بعض الأمثلة:

 المثال الأول: استخدام الماء المسخن بالشمس، وقد وردت فيه عدة أخبار، ففي خبر إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه (ص): الْمَاءُ الَّذِي تُسَخِّنُه الشَّمْسُ لَا تَوَضَّؤُوا بِه ولَا تَغْتَسِلُوا بِه ولَا تَعْجِنُوا بِه، فَإِنَّه يُورِثُ الْبَرَصَ "[53].

وروى أهل السنة عن السيدة عائشة قالت: "أسخنت ماءً في الشمس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تفعلي يا حميراء، فإنه يورث البرص"[54]. ولكن الخبر ضعيف عندهم، كما ذكر علماء الحديث. وضعفه بعضهم، لتضمنه مخاطبته (ص) لعائشة بعبارة: "يا حميراء"، ولكنّه إشكال غير ذي قيمة[55]. على أنّ الرواية بشأن نهيه لعائشة عن الوضوء أو الاغتسال به مروية من طرق الشيعة[56]. ولا يخفى أنّ المسألة اليوم محل ابتلاء، لأن الكثير من السخانات تعتمد على أشعة الشمس.

المثال الثاني: وروى الكليني عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيه عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه ع قَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يَخْتَضِبَ الرَّجُلُ ويُجْنِبَ وهُوَ مُخْتَضِبٌ ولَا بَأْسَ أَنْ يَتَنَوَّرَ الْجُنُبُ ويَحْتَجِمَ ويَذْبَحَ، ولَا يَذُوقُ شَيْئاً حَتَّى يَغْسِلَ يَدَيْه ويَتَمَضْمَضَ، فَإِنَّه يُخَافُ مِنْه الْوَضَحُ"[57]. والوضح هو البرص.

المثال الثالث: وفي الخبر عن أبي عَبْدِ اللَّه (ع): لَا تَتَّكِ فِي الْحَمَّامِ، فَإِنَّه يُذِيبُ شَحْمَ الْكُلْيَتَيْنِ، ولَا تُسَرِّحْ فِي الْحَمَّامِ، فَإِنَّه يُرَقِّقُ الشَّعْرَ ولَا تَغْسِلْ رَأْسَكَ بِالطِّينِ، فَإِنَّه يَذْهَبُ بِالْغَيْرَةِ، ولَا تَتَدَلَّكْ بِالْخَزَفِ، فَإِنَّه يُورِثُ الْبَرَصَ، ولَا تَمْسَحْ وَجْهَكَ بِالإِزَارِ فَإِنَّه يَذْهَبُ بِمَاءِ الْوَجْه"[58].

وتعليقاً على ذلك نقول:

أولاً: النهي في المقام - كما أشرنا - إرشادي، وليس مولوياً ولا تعبدياً، وهذا ما نبّه عليه غير واحد من الفقهاء، قال المحقق الكركي، حول الحكم بكراهة تغسيل الميت بالماء المسخن بالنار: "وهل الكراهة على حدّ قوله تعالى: {وأشهدوا إذا تبايعتم} [البقرة: 282 ]، أم للعبادة؟ كل محتمل، ولعل الأول أوضح"[59]، وقال الشهيد الثاني في بيان حكم استخدام الماء المسخن بالشمس للوضوء: "وحمل النهى على الكراهة جمعا بينه وبين قول الصادق عليه السلام لا بأس بأن يتوضأ بالماء الذي يوضع في الشمس ويمكن الجمع بين خبري الغسالة بذلك ولأن العلة راجعة إلى المصلحة الدنيوية، فالنهي من قبيل الإرشاد، وعلى حد قوله: {وأشهدوا إذا تبايعتم} [البقرة: 282]، وإنما لم يكن محرماً مع الاتفاق على وجوب دفع الضرر لأنه ليس بمعلوم الوقوع ولا مظنونه وإنما هو ممكن نظراً إلى صلاحيته له"[60].

ويبدو أنّ العلامة الحلي رحمه الله يميل إلى استبعاد التفسير الغيبي أبضاً، يقول تعليقاً على حديث النهي عن استخدام الماء المسخن بالماء: " فإنْ عللناه بذلك احتمل اشتراط أمرين : كون المشمس في الأواني المنطبعة كالحديد والرصاص والنحاس ، لأن الشمس إذا أثرت فيها استخرجت منها زهومة تعلوا الماء ، ومنها يتولد المحذور عدا الذهب والفضة لصفاء جوهرهما. واتفاقه في البلاد المفرطة الحارة دون الباردة والمعتدلة ، لضعف تأثير الشمس فيها"[61].

ومما يؤيد استبعاد التفسير الغيبي أنّ بعض الأخبار الواردة في ترك الاغتسال من ماء الحمام لتسببه بحصول البرص، تشير إلى العدوى، ففي خبر مُحَمَّد بْن عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع قَالَ: مَنْ أَخَذَ مِنَ الْحَمَّامِ خَزَفَةً، فَحَكَّ بِهَا جَسَدَه فَأَصَابَه الْبَرَصُ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَه، ومَنِ اغْتَسَلَ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي قَدِ اغْتُسِلَ فِيه فَأَصَابَه الْجُذَامُ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَه"[62].

وعليه، فحيث إن المسألة إرشادية إلى الآثار الوضعية ويحتمل دخول عنصر العدوى فيها، فيكون من الضروري والمهم التثبت من المسألة على أساس ما يقوله العلم، والظاهر أنّ البرص لم يثبت أنه من الأمراض المعدية، ولا يرى الأطباء اليوم أنه كذلك، وأما أن يكون تعرّض الماء لأشعة الشمس موجباً لذلك - أكان من خلال تأثيرها المباشر أو من خلال العناصر المتحللة من الأواني الذي وضع فيها الماء تحت أشعة الشمس - فالبت فيه يحتاج إلى الرجوع إلى أهل الخبرة، بيد أنّه لم يسمع شيء من ذلك على الرغم من انتشار هذه الوسيلة لتسخين المياه. وموقفنا من الأخبار التي تتضمن بيان بعض الآثار الطبيعية، هو عرضها على أهل الاختصاص، فإن أثبت العلم شيئاً من ذلك فهذا يكون لصالح الدين، وأما إذا نفى ذلك نفياً حاسماً وقاطعاً فهذا يبعث على الشك والريبة في صدور الخبر، بل قد يوجب رده، وأما إذا كان موقفهم غير حاسم لا سلباً ولا إيجاباً، فلا يسعنا ردّ الروايات، وإنما يترك الأمر إلى حركة البحث العلمي.

وقصارى القول: إن الأحاديث المذكورة ظاهرة في الإرشادية، ولا يستفاد منه حكم شرعي، أجل كون المرشد إليه في المقام هو من الأمراض الخطيرة، فهذا قد تستفاد منه الحرمة المولوية، ولكنّ الحرمة المولوية، حينئذ تستفاد من دليل خارجي، وهو ما دلّ على حرمة الإضرار بالنفس، وليس من النهي نفسه.

ثانياً: لو استفدنا المولوية، من الروايات، فإن الظاهر من التعليل هو الحكم بالحرمة، وليس الكراهة، بينما أفتى الفقهاء بالكراهة، يقول الشيخ البهائي: " ظاهر النهي في قوله ( ص ) : "لا تعودي" ، وقوله (ص): "لا تتوضّؤوا ، ولا تغتسلوا ولا تعجنوا ( به )" يقتضي التحريم ، كما هو المذهب المنصور في الأصول ، ولو تنزّلنا عن ذلك وقلنا باشتراكه بين التحريم والكراهة ومجازيته في التحريم ، فتعليله ( ص ) بأنّ ذلك يورث البرص قرينة كون النهي للتحريم لوجوب اجتناب الضرر المظنون. ألا ترى أنّ الطبيب الحاذق لو نهى شخصاً عن أكل شيء وقال: "إنّه يورث ضرراً عظيماً" لوجب عليه اجتنابه. فكيف بالنهي الصادر عنه ( ص )؟! ولا يخفى أنّ كلام المؤلَّف طاب ثراه يعطي بظاهره التحريم أيضاً ، لكنّ المتأخّرين عنه حملوا النهي في الروايتين على الكراهة، فإن انعقد على ذلك إجماع كما نقل عن الشيخ .."[63].

وربما اعترض على ذلك بعدة اعتراضات:

الأول: " بأنّ دفع الضرر إنما يجب مع العلم أو الظنّ، وهما منفيان"[64]. وعليه فاللازم الحكم بالكراهة.

ويلاحظ عليه: إذا كان الظن بحصول البرص منفياً فضلاً عن العلم به، فلماذا علل به النهي عن استخدامه، بقوله (ص): " يورث البرص". ومجرد الاحتمال الضعيف وإن كان يبرر الحذر في الأمور الخطيرة، لكنّ ظاهر التعبير المذكور أن ذلك مظنة التعرض للمرض.

الثاني: أنه ما جاء في خبر محمد بن سنان يكون دليلاً على حمل النهي على الكراهة، ففي الخبر عن محمد بن سنان قال: حدثني بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "لا بأس بأن يتوضأ بالماء الذي يوضع في الشمس"[65].

ولكن الخبر المذكور ضعيف السند، ولا يتم دلالة، لأنه غير صريح ولا ظاهر في كون الماء الذي وضع في الشمس صار مسخناً، أجل، هو مطلق، وذاك أخص.

الثالث: قال المحقق الأردبيلي: " قيل: ولظاهر العلة الدنيوية وعدم صحة الأخبار قيل بالكراهة"[66].

أقول: عدم صحة الأخبار لا يكون موجباً للإفتاء بالكراهة، لأنها إذا كانت ظاهرة في الحرمة فما الموجب لحملها على الكراهة لمجرد ضعف السند؟! إنّ هذا لا مبرر له، والخبر الضعيف كما لا يصلح لإثبات الحرمة، فإنه لا يصلح لإثبات الكراهة. وأمّا العلّة الدنيويّة فهي لا توجب الحمل على الكراهة أيضاً، بل هذا رهن بطبيعة هذه العلة، فإن كانت مثل المرض المذكور فهو يوجب الحرمة وليس الكراهة.

الرابع: "ولقوله صلى الله عليه وآله: "لا تعودي" فإنه يفهم عدم المنع رأساً"[67].

وهذه قرينة جيدة، لأنه لو كان حراماً لنهى عنها مطلقاً لا عن الإعادة.

 ويؤيده: أنّ المسألة ابتلائية فأكثر المياه المتوفرة في الأزمنة الغابرة في الجزيرة العربية كانت مما تطالها الشمس، فلو كان استخدامها حراماً لبان واشتهر ولوقع الجميع في المحذور، ولعله لهذا قال العلامة: " لا كراهة في المشمس في الأنهار الكبار والصغار والمصانع إجماعاً"[68].

وتجدر الإشارة إلى أنّ بعض الأخبار تشير إلى أنّ ثمّة آراءً شائعة حول حصول البرص نتيجة بعض الأفعال، ففي الخبر عن أَبِي عُرْوَةَ أَخِي شُعَيْبٍ أَوْ عَنْ شُعَيْبٍ الْعَقَرْقُوفِيِّ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ الأَوَّلِ ع وهُوَ يَحْتَجِمُ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ فِي الْحَبْسِ فَقُلْتُ لَه إِنَّ هَذَا يَوْمٌ يَقُولُ النَّاسُ إِنَّ مَنِ احْتَجَمَ فِيه أَصَابَه الْبَرَصُ فَقَالَ إِنَّمَا يُخَافُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ حَمَلَتْه أُمُّه فِي حَيْضِهَا "[69].

والظاهر أنّ هذا الاعتقاد مجرد وهم ولم يثبت بوجه، وهذا سبب إضافي يدعونا إلى ضرورة عرض هذه الروايات وأمثالها على الدراسة العلمية، لنرى من خلال تشخيص أهل الخبرة إن كان ثمة علاقة سببية بين الأكل على الشبع أو الاغتسال بالماء المسخن بالشمس وبين البرص، ولربما أوصلنا ذلك إلى نتائج تؤكد صدقها أو تنفي ذلك. 

  1. الإرشادية في باب التداوي

 وهكذا نجد في الروايات حثاً على تناول بعض الأعشاب والعقاقير لبعض الأمراض، وهذه أيضاً لا مجال لاستفادة الوجوب أو الاستحباب الشرعي فيها لخصوص العقار المأمور به، لأنّ مسألة الاستشفاء ليست من المسائل التعبدية، نعم إذا كان هناك حكم إلهي في المقام، فهو الحكم بوجوب التداوي أو استحبابه حسب خطورة المرض أو عدمها، وقد تكلمنا حول ذلك ذلك في مبحث الخبروية.

إلى غير ذلك من موارد الإرشادية[70].

ما هو الأصل؟

وإذا دار الأمرُ أو النهيُ بين كونِه إرشادياً أو تعبدياً فما هو الموقف؟ قيل يُحمل على التعبد، لأنّ الشارع يأمر من حيث إنّه شارع[71].

ولكنّ الظاهر أنّه لا يمكن إطلاق قاعدة عامة، بل لا بدّ من ملاحظة الموارد المختلفة وما يناسب كل مورد منها، وقد تقدّم أنْ قلنا مثلَ هذا الكلام في الحكم التشريعي والتدبيري.

من كتاب: أبعاد الشخصية النبوية (دراسة أصولية في تصرفات الرسول صلى الله عليه وآله التشريعية والتدبيرية والخبروية والبشرية)



[1] المدخل إلى عذب المنهل ص242.

[2] منها أنّ مخالفته لأمر ندبي وليس إلزامي، قال الشيخ الطوسي: "والأولى أن يكون على وجه الندب دون نهي الحظر والتحريم ، لان الحرام لا يكون إلا قبيحا ، والأنبياء لا يجوز عليهم شئ من القبائح لا كبيرها ولا صغيرها"، انظر: التبيان ج 7 ص 217..

[3] أنظر: الميزان ج 14 ص 222.

[4] من وحي القرآن ج1 ص263.

[5] نهاية التقرير ج 1 ص 156.

[6] وسيلة الوصول إلى حقائق الأصول ص 231.

[7] يقول الشيخ المظفر: { أطيعوا الله والرسول }[] فهذا الأمر من الشارع هل هو أمر مولوي، أي أنه أمر منه بما هو مولى . أو أنه أمر إرشادي ، أي أنه أمر لأجل الإرشاد إلى ما حكم به العقل ، أي أنه أمر منه بما هو عاقل ؟ وبعبارة أخرى : أنّ النزاع هنا في أن مثل هذا الأمر من الشارع هل هو أمر تأسيسي ، وهذا معنى أنه مولوي . أو أنه أمر تأكيدي، وهو معنى أنه إرشادي ؟ لقد وقع الخلاف في ذلك. والحق أنه للإرشاد حيث يفرض أن حكم العقل هذا كاف لدعوة المكلف إلى الفعل الحسن وانقداح إرادته للقيام به ، فلا حاجة إلى جعل الداعي من قبل المولى ثانيا ، بل يكون عبثا ولغوا ، بل هو مستحيل ، لأ أنه يكون من باب تحصيل الحاصل. وعليه ، فكل ما يرد في لسان الشرع من الأوامر في موارد المستقلات العقلية لابد أن يكون تأكيدا لحكم العقل ، لا تأسيسا"أصول الفقه 2 ص 294.

[8] وقد حمل بعض العلماء هذه الفقرة على ظاهرها المقتضي لجواز فعل ما يؤدي إلى جرح العين وتشويهها، مع أنّ العين هي من أشرف الحواس، ما قد يستفاد منه جواز جرح الرأس بالأولوية، راجع ما ذكرناه في كتاب فقه الشعائر والطقوس.

[9] أرسل إلى النبي (ص) قوله: "بعثت على الشريعة السمحة السهلة"، الناصريات للسيد المرتضى، ص 46، أو " بعثت بالحنيفيّة السمحة"، مسند أحمد، ج 5، ص 266، والمعجم الكبير للطبراني، ج 8، ص 170، وعوالي اللئالي، ج 1، ص 381، وروي عن أمير المؤمنين (ع): ".. أحب دينكم إلى الله الحنيفية السمحة السهلة"، من لا يحضره الفقيه، ج 1، ص 12،

[10] ورد ذلك في أكثر من خبر، منها ما أرسله الصدوق عن عن رسول الله (ص)، أنظر: من لا يحضره الفقيه، ج 1، ص 197، وعنه وسائل الشيعة، الباب 2 من أبواب أعداد الفرائض الحديث 5. ومنها ما أسنده الصدوق عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ( عليه السلام ) ، قال : سألت أبي سيد العابدين ( عليه السلام )، أمالي الصدوق، ص 543، والتوحيد، ص 176، وعلل الشرائع، ج 1، ص 132، وروى هذا الخبر أيضاً مرسلاً عن زيد بن علي (ع)، في "من لا يحضره الفقيه"، ج 1/ ص 198.

[11] رواه الكليني والبرقي والصدوق بسندهم عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قال: قال رسول الله (ص)، الكافي، ج 3، ص 22، المحاسن، ج 2، ص 561، وعلل الشرائع 1، ص 293، ورواه عنه (ص) مرسلاً في "من لا يحضره الفقيه"، ج 1، ص 55، ورواه السنة في كافة مصادرهم الحديثية، أنظر: صحيح البخاري، ج 1، ص 214، وصحيح مسلم، ج 1، ص 152، وسنن ابن ماجة، ج 1، ص 105.

[12] سنن الدارمي، ج 2، ص 147. وصحيح مسلم، ج 4، ص 161، وسنن أبي داوود، ج 2، ص 224، ومن علمائنا فقد روى الشيخ الصدوق صدر الحديث بسند ضعيف عنه (ص) قال: "لقد هممت أن أنهي عن الغيلة". ففي معاني الأخبار، ص 283.

[13] قال الدارمي بعد رواية الخبر: "الغيلة أن يجامعها وهي ترضع"، سنن الدارمي، 2، ص 147، وقال الصدوق: " والغيلة هو الغيل وهو أن يجامع الرجل المرأة وهي مرضع. يقال منه: قد أغال الرجل وأغيل، والولد مغال ومغيل"، معاني الأخبار، ص 283.

[14] قال في شرح صحيح مسلم: "واختلف العلماء في المراد بالغيلة في هذا الحديث، وهي الغيل، فقال مالك في الموطأ والأصمعي وغيره من أهل اللغة: أن يجامع امرأته وهي مرضع، يقال منه أغال الرجل وأغيل إذا فعل ذلك. وقال ابن السكيت: هو أن ترضع المرأة وهي حامل يقال منه غالت وأغيل قال العلماء سبب همه صلى الله عليه وسلم بالنهي عنها أنه يخاف من ضرر الولد الرضيع قالوا: والأطباء يقولون إنّ ذلك اللبن داء والعرب تكرهه وتتقيه"، هذا ولكن الأطباء في أيامنا يؤكدون أن لبن الأم الحامل يظل مكتملاً بفوائده ولا يتأثر بحملها، وأن الرضاعة لا تؤذي طفلها الرضيع، نعم هم ينصحون ويفضلون أن ترضع المرأة الحامل طفلها رضاعة طبيعية حتى بلوغها الشهر الثالث أو الرابع من الحمل على الأكثر، ثم يتم فطام الطفل لتستعد لإرضاع المولود الجديد، انظر موقع: /www.sayidaty.net/node/382866/

[15] التمهيد، ج 13، ص 93.

[16] صحيح ابن حبان، ج 13، ص 323، ومسند أحمد، ج 6، ص 453، وسنن أبي داوود، ج 2، ص 224، وقوله: فيدعثره، بمعنى يصرعه ويهلكه.

[17] كشف المشكل من حديث الصحيحين، ج 4، ص 489.

[18] الكافي، ج 4، ص 83، وعنه وسائل الشيعة، الباب 57 من أبواب ما يمسك عن الصائم الحديث 5.

[19] صحيح مسلم، ج 4، ص 195، ونحوه ما في سنن أبي داوود، ج 1، ص 510، وسنن الدارمي، ج 2، ص 136.

[20] الروضة البهيّة، ج 3، ص 214، وجواهر الكلام، ج 32، ص 67، وكتاب المكاسب، للشيخ الأنصاري، ج 1، ص 351.

[21] كفاية الأحكام للسبزواري، ج 1، ص 438، وشرح القواع، ( كتاب المتاجر)، للشيخ جعفر كاشف الغطاء، ج 1، ص 226.

[22] صحيح البخاري، ج 6، ص 172.

[23] راجع: مسالك الإفهام ج7 ص15.

[24] ما عثرت عليه هو القول باستحباب الزواج من البعيدة، استناداً إلى الخبر المذكور. وهذا ما تبناه العلامة الحلي في التذكرة ج 2 ص 569، وقيل إن الزواج بالقريبة مستحب " للجمع بين الصلة وفضيلة النكاح ، واختاره الشهيد في قواعده"، مسالك الإفهام ج 7 ص 15.

[25] الكافي ج 5 ص 499، وتهذيب الأحكام ج 7 ص 412،

[26] الكافي ج 4 ص 180

[27] الكافي ج 5 ص 499. الخبر ضعيف جداً كما لا يخفى.

[28] تفسير العياشي ج 2 ص 299.

[29] الكافي ج 5 ص 502.

[30] الكافي ج 5 ص 503.

[31] يقول الطبرسي: " { وشاركهم في الأموال والأولاد} []، يريد كل معصية يحملهم عليها في باب الأموال كالربا والإنفاق في الفسق ومنع الزكاة ، وفي باب الأولاد بالزنا ودعوى الولد بغير سبب "، انظر: جوامع الجامع ج 2 ص 383، ونحوه ما في مجمع البيان ج 6 ص 270، وهكذا في التبيان ج 6 ص 500. ولم يبتعد الطبطبائي عن هذا المعنى تفسير الميزان ج 13 ص 146،

[32] قال رحمه الله: "وما ذكر فيها على [ عن ] مشاركته الرجل في الوقاع والنطفة وغير ذلك كناية عن أن له نصيباً في جميع ذلك فهو من التمثيل بما يتبين به المعنى المقصود ، ونظائره كثيرة في الروايات"، الميزان في تفسير القرآن، ج 13 ص 151.

[33] أوضحنا ذلك في دراسة عن الولد غير الشرعي في الفقه الإسلامي.

[34] الكافي ج 8 ص 275، والمحاسن ج 2 ص 347، ومن لا يحضره الفقيه ج 2 ص 267، وفيه " عن محمد بن حمران عن أبيه"، ورواه أيضاً في تهذيب الأحكام ج 7 ص 407، ورواه أيضاً في عيون أخبار الرضا (ع) ج 1 ص 260، عن محمد بن أحمد السناني، عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن سهل بن زياد، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى، عن علي بن محمد العسكري عن آبائه ( عليهم السلام ).

[35] انظر: المختصر النافع ص 171، وشرائع الإسلام ج 2 ص 492، وجامع المقاصد ج 12 ص 16، ومسالك الإفهام ج 7 ص 21،

[36] الكافي ج 5 ص 499. ومن لا يحضره الفقيه ج 3 ص 403. الخبر ضعيف ببكر بن صالح، فقد ضعفه الشيخ.

[37] الكافي ج 5 ص 498. وتهذيب الأحكام ج 7 ص 413، والخبر ضعيف بعبد الله بن القاسم فإنه لا توثيق له.

[38] رواها الصدوق في عدة من كتبه، أنظر: من لا يحضره الفقيه ج 3 ص 552، والأمالي ص665، وعلل الشرائع ج 2 ص 517.

[39] المصدر نفسه.

[40] مسلك الإفهام ج 7 ص 39.

[41] الوافي ج 22 ص 732. ومفاتيح الشرائع ج 2 ص 287.

[42] أوضحنا بطلان هذا المضمون وعدم صحة صدوره عنه (ص) في كتاب المرأة في النص الديني ص

[43] النكاح للسيد فضل الله ج 1 ص 31.

[44] الكافي ج 8 ص 197،

[45] الأمالي للصدوق ص 382.

[46] الكافي، ج 6، ص 319.

[47] وسائل الشيعة، ج25، ص 67، الباب 30 من أبواب الأطعمة المباحة.

[48] الكافي، ج 6، ص 320.

[49] انظر: المحاسن للبرقي ج 2 ص 476، والكافي ج 6 ص 323، ومن لا يحضره الفقيه ج 3 ص 351.

[50] الكافي ج 6 ص 323.

[51] وسائل الشيعة، الحديث 1، الباب 38، من الأطعمة المباحة.

[52] المحاسن ج 2 ص 447.

[53] الكافي ج 3 ص 15. وعلل الشرائع ج 1 ص 281.

[54] السنن الكبرى للبيهقي ج 1 ص 6. وقال البيهقي "وهذا لا يصح". ونهي النبي (ص) لعائشة مروي من طرق الشيعة، أنظر: عيون أخبار الرضا (ع) ج 2 ص 88. وقال الصدوق بعد أن ذكره: "وهذا الحديث من المراسيل".

[55] قال الملا علي القاري: " وحديث يا حميراء لا تغتسلي بالماء المشمس فإنه يورث البرص"، وكل حديث فيه "يا حميراء" أو ذكر الحميراء فهو كذب مختلق"، انظر: الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة ص 414. ثم أضاف: " قلت: وقد تعقبه الشيخ جلال الدين السيوطي، بأنه جاء في حديث صحيح "يا حميراء"، وهو ما رواه الحاكم: ثنا عبد الجبار بن الورد عن عمار الدهني عن سالم بن أبي الجعد عن أم سلمة قالت ذكر النبي صلى الله عليه وسلم خروج بعض أمهات المؤمنين فضحكت عائشة فقال: انظري يا حميراء أن لا تكوني أنت، ثم التفت إلى علي فقال: إن وليت من أمرها شيئاً فارفق بها"، قال في المستدرك: صحيح على شرط البخاري ومسلم" المصدر نفسه.

[56] روى الصدوق بسنده عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليه السلام قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وآله على عائشة وقد وضعت قمقمتها في الشمس فقال : يا حميراء ما هذا ؟ قالت: أغسل رأسي وجسدي، قال: لا تعودي فإنه يورث البرص"، علل الشرائع ج 1 ص 281.

[57] الكافي ج 3 ص 51.

[58] الكافي ج 6 ص 501، ومن لا يحضره الفقيه، ج 1، ص 116.

[59] جامع المقاصد ج1 ص131

[60] روض الجنان

[61] نهاية الأحكام ج 1 ص 226.

[62] الكافي ج 6 ص503.

[63] الحاشية على كتاب من لا يحضره الفقيه، ص 63.

[64] نقله في استقصاء الاعتبار في شرح الاستبصار ج 1 ص 240، عن بعضهم.

[65] تهذيب الأحكام ج 1 ص 267.

[66] مجمع الفائدة والبرهان ج 1 ص 292.

[67] مجمع الفائدة والبرهان ج 1 ص 292.

[68] تذكرة الفقهاء ج 1 ص 13.

[69] الكافي ج 8 ص 192.

[70] وثمة موارد أخرى وكثيرة للإرشادية، منها ما رواه الكليني عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن أسباط، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال:  قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تغسلوا رؤوسكم بطين مصر، فإنّه يذهب بالغيرة ويورث الدياثة"، الكافي ج 6 ص 506.

ومنها ما ورد في حديث علي بن أبي حمزة عنه (ع): "إذا بقي أثر دم الحيض في الثوب اصبغيه بمشقٍ حتى يختلط ويذهب وسائل الشيعة ج2 ص369. فقد رجّح بعض العلماء أن يكون الأمر بالصبغ إرشادياً وليس تعبدياً، المدخل إلى عذب المنهل ص243. ربما لأنّ الصبغ لا يزيل أثرَ الدم من الثوب، وإنّما أمر به الإمام لإزالة الحزازة والكراهة النفسية من الصلاة في ثوب لا يزال أثر الدم باقياً فيه. وقد ذكر صاحب المدخل أمثلة أخرى للحكم الإرشادي، فراجع.

[71] المدخل إلى عذب المنهل ص244.

 






اضافة تعليق

الاسم *

البريد الإلكتروني *

موضوع *

الرسالة *


 


 
  قراءة الكتب
 
    Designed and Developed
       by CreativeLebanon