سلامة القرآن من التحريف -2
الشيخ حسين الخشن
الطريق الرابع: الاستدلال بالسنة النبويّة
ومن أهمّ الدلائل المستقلّة على صيانة القرآن من التحريف: مجموعات من الروايات النبوية التي يقطع بصدورها عنه (ص)، وهي تدلُّ إمّا بالدلالة المطابقيّة أو التضمنيّة أو الالتزاميّة على صيانة القرآن من التحريف.
وبيان الاستدلال بها: أنّ مدعي التحريف إن كان مسلماً فهو لا يُنكر حجيّة قول النبي (ص)، لأنه يؤمن بالنبوة ولا ينكرها، وبالتالي فهو لا يشكك في حجية قوله (ص)، بل إنّ القائلين بالتحريف من حشوية المسلمين يصرحون بأنه لا لمرجعية دينية يعتمدون عليها غير السنة النبوية، وإن كان غير مسلم، فالحديث معه يفترض أن يأخذ مساراً آخر وذلك بإثبات النبوة عن غير طريق القرآن، وهذا الأمر متيسر استناداً إلى براهين أخرى مذكورة في علم الكلام، وقد أسلفنا الإشارة إلى ذلك في الطريق الثاني المتقدم.
وفيما يلي نلقي الضوء على بعض المجاميع الروائيّة التي تؤكد على صيانة القرآن من التحريف، على أن نذكر مجاميع ذات مضامين أخرى، لكنّها تشترك مع ما تقدم في الدلالة على سلامة القرآن من التحريف، وذلك منعاً للتكرار:
المجموعة الأولى: ما هو واضح الدلالة على عدم تعرّض القرآن للتحريف مدى الزمن، ومن أهمِّ الأحاديث الواردة في ذلك الحديث المتواتر والمعروف بحديث الثقلين المروي عن رسول الله (ص) "إني تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما"[1]. وتكمن أهميّة هذا الحديث في أنه ينص على أنّ القرآن باقٍ في الأمة مرجعيةً للهداية، وهو يخبر عن المستقبل ويضمن للأمة عدم الضلال في حال التمسك القرآن كما العترة، وهذا ضمانٌ لعدم تعرض القرآن الكريم للتحريف.
المجموعة الثانية: الأخبار الآمرة بالرجوع إلى القرآن وجعله المقياس لمعرفة صحيح الأخبار من ضعيفها، وتمييز صادقها من كاذبها، من ذلك: صحيحة هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ وغَيْرِه عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه ع قَالَ: خَطَبَ النَّبِيُّ (ص) بِمِنًى فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ مَا جَاءَكُمْ عَنِّي يُوَافِقُ كِتَابَ اللَّه فَأَنَا قُلْتُه ومَا جَاءَكُمْ يُخَالِفُ كِتَابَ اللَّه فَلَمْ أَقُلْه"[2]، وفي معتبرة أَيُّوبَ بْنِ الْحُرِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه ع يَقُولُ: "كُلُّ شَيْءٍ مَرْدُودٌ إِلَى الْكِتَابِ والسُّنَّةِ وكُلُّ حَدِيثٍ لَا يُوَافِقُ كِتَابَ اللَّه فَهُوَ زُخْرُفٌ"[3]، إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة في هذا المضمون، وهي إن لم تكن متواترة فهي تلامس حدّ التواتر بما يبعث على الاطمئنان بصدورها.
وهذه المجموعة تدلّ على أن القرآن معصوم من الضلال وأنّه سالم من كل زيادة ونقص، إذ لو كان فيه زيادة، فلا معنى لجعله مقياساً ومعياراً لما صدر عنهم من أخبار، وكذا لو كان فيه نقيصة، إذ لا معنى للأخذ بما وافقه مع احتمال النقص، وهذا يعني أنّ كل ما ينسب إلى أهل البيت (ع) عن تحريف القرآن موضوع عنهم، لأنّه إذا كان القرآن محرفاً فكيف يأمرون بعرض أخبارهم عليه؟!
ودعوى إنّ جعل القرآن مرجعية معيارية لمعرفة صحيح السنة من سقيمها لا يثبت سلامة القرآن من التحريف، وإنما يبثت أنّه لن يتعرف لتحريف لا يؤثر على مرجعيته المذكورة، فيكون النبي (ص) أو الإمام (ع) بحديثه ضامناً بأن النقص والزيادة ليست مؤثرة على المرجعية المذكورة. لا يصغى إليها لأنّ التغيير الذي لا يؤثر على مرجعيته المعيارية لا ينبغي تسميته تحريفاً.
المجموعة الثالثة: الأحاديث التي يوصي بها النبي (ص) أمته بتدبر القرآن أو الحاثّة على حفظه واستحباب ختمه، أو الواردة في ثواب تلاوته في الصلاة أو غيرها، أو الحاثة على القراءة في المصحف[4]، إذ كيف يدعو النبي (ص) إلى حفظ كتاب وتلاوته والتدبر في آياته مع كونه محرفاً أو سوف يتعرض بعده للتحريف؟!
إنّ الشواهد الروائية والنصوص المأثورة عن النبي (ص) وصحابته وعن الأئمة من أهل البيت (ع) والتي تؤكد على صيانته من التحريف، إن لم نجعلها دليلاً مستقلاً برأسه لإثبات المطلوب، فلا شك أنه وبضمها إلى سائر الشواهد التاريخية المتقدمة سوف تعتبر من أهم العناصر والشواهد المورثة لحصول القطع واليقين بصيانة القرآن الكريم من التحريف.
الطريق الخامس: العترة وصيانة القرآن من التحريف
إنّنا ومن موقع إيماننا - المستند إلى الأدلة القطعية المذكورة في محلها - بالعترة من أهل البيت (ع) وأنّهم حجج الله على العباد، فإننا نعتقد أنّ موقفهم في هذا المجال أو غيره يعدّ دليلاً وحجة شرعية، وقد مرّ في حديث الثقلين أنّ العترة والكتاب هما صماما أمان للأمة عاصمان لها من الضلال والانحراف، وأنهما لن يفترقا إلى يوم القيامة، وبناءً على هذه المرجعيّة المعصومة، فسيكون موقف الأئمة (ع) من الكتاب حجة. وهذه المرجعية لا تتوقف على الدليل القرآني، بل يكتفى في إثباتها بقول النبي (ص)، وهو بدوره لا يتوقف على حجية القرآن نفسه كما أسلفنا.
وما نجزم به أنّ عترة النبي (ص) لم تجر سيرتهم العمليّة والعلّمية على الاستناد على القرآن الكريم والإرجاع إليه فحسب، بل إنهم قد صرحوا أيضاً بأنّه كتاب مصون ولم يتعرض للتلاعب ولا للزيادة والنقيصة. وبعض النصوص الواردة عنهم - كما سنلاحظ - ليست ناظرة إلى صيانة القرآن الموجود بين أيدي المسلمين في زمانهم، ليقال: إن من الممكن طروء التحريف عليه بعد ذلك، وإنما هي أعني بعض الأخبار ناظرة إلى كل الأزمنة، على أنه من المعلوم تاريخياً أن القرآن بعد زمان الأئمة (ع) ثمة قطع بعدم تعرض القرآن للتحريف لانتشاره بين المسلمين وحفظهم ونسخهم له وتعدادهم لآياته، وضبطههم لقراءاته وحروفه، ولم يحتمل أحد تعرض القرآن للتحريف إلا بلحاظ مرحلة ما بعد وفاة النبي (ص) وما حصل جينها من جمع القرآن. وأما ما روي عنهم مما ظاهره تعرض القرآن للتحريف، فهو كذب وزور كما سنشير.
ولا يخفى أنّ الأخبار الواردة عن أئمة أهل البيت (ع) في شأن الكتاب تبلغ المئات، وهي تدل دلالة قطعية على عصمة القرآن الكريم وسلامته من التحريف، وأكتفي هنا بالإشارة إلى عدة مجاميع روائية:
المجموعة الأولى: ما دلّ على أن القرآن كتاب هداية للناس جميعاً، وأن الأخذ به يعصمهم من الضلال والانحراف، ومعلومٌ أنه لا يمكن أن يهتدي الناس بكتاب قد تعرض للتحريف، ومن روايات هذه المجموعة:
-
ما روي عن الإمام علي (ع): "واعلموا أن هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش، والهادي الذي لا يضل، والمحدث الذي لا يكذب. وما جالس هذا القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان: زيادة في هدى، أو نقصان في عمى"[5].
-
وما روي عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال: "إنّ هذا القرآن فيه منار الهدى ومصابيح الدجى، فليجل جال بصره ويفتح للضياء نظره، فإن التفكر حياة قلب البصير ، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنو"[6].
المجموعة الثانية: ما دل على أنّه حي لا يموت، وأنه يجري كما يجري الليل والنهار، وأهميّة هذه المجموعة أنّها تنظر إلى المستقبل لتؤكد بقاء القرآن إلى يوم القيامة بعيداً عن التحريف، ونذكر بعضاً من أخبار هذه المجموعة:
-
إبراهيم بن العباس، عن الرضا (ع)، عن أبيه موسى بن جعفر عليه السلام أنّ رجلاً سأل أبا عبد الله عليه السلام: ما بال القرآن لا يزداد عند النشر والدراسة إلا غضاضة؟ فقال: لأنّ الله لم ينزله لزمان دون زمان ولا لناس دون ناس، فهو في كل زمان جديد، وعند كل قوم غضّ إلى يوم القيامة"[7].
-
عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّه (ع): * (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ) * * (قَوْمٍ هادٍ) * فَقَالَ: رَسُولُ اللَّه (ص) الْمُنْذِرُ وعَلِيٌّ الْهَادِي، يَا أَبَا مُحَمَّدٍ هَلْ مِنْ هَادٍ الْيَوْمَ قُلْتُ: بَلَى جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا زَالَ مِنْكُمْ هَادٍ بَعْدَ هَادٍ حَتَّى دُفِعَتْ إِلَيْكَ فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّه يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَوْ كَانَتْ إِذَا نَزَلَتْ آيَةٌ عَلَى رَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مَاتَتِ الآيَةُ مَاتَ الْكِتَابُ ولَكِنَّه حَيٌّ يَجْرِي فِيمَنْ بَقِيَ كَمَا جَرَى فِيمَنْ مَضَى"[8].
-
روى العياشي عن عبد الرحيم القصير قال: كنت يوماً من الأيام عند أبي جعفر عليه السلام: ".. إنّ القرآن حي لا يموت، والآية حية لا تموت، فلو كانت الآية إذا نزلت في الأقوام ماتوا فمات القرآن، ولكن هي جارية في الباقين كما جرت في الماضين"، وقال عبد الرحيم: قال أبو عبد الله عليه السلام أن القرآن حي لم يمت، وأنه يجرى ما يجرى الليل والنهار، وكما تجرى الشمس والقمر، ويجرى على آخرنا كما يجرى على أولنا"[9].
المجموعة الثالثة: ما دلّ على احتجاج الأئمة (ع) بالقرآن، واستشهادهم به في بيان الأحكام الشرعية أو غيرها، فلو كان محرفاً فكيف يحتجون به؟! ومن موارد الاحتجاج:
-
احتجاج امير المؤمنين (ع) بالقرآن على عاصم بن زياد لما حرّم على نفسه بعض الطيّبات[10].
-
احتجاج السيدة الزهراء(ع) بآيات من القرآن الكريم على أبي بكر لما منعها إرثها من أبيها[11].
-
احتجاج الإمام الصادق على سفيان الثوري في أمر اللباس[12].
-
احتجاج الباقر (ع) على زرارة ومحمد بن مسلم بقوله تعالى: {فلا جناح عليه أن يطوف بهما} [البقرة: 158]، فإنه لما قال لهما أنّ الصّلاة في السّفر ركعتين اعترضا عليه بأنّ اللّه لم يقل: افعلوا، فكيف تكون واجبة؟! فأجابهما بقوله تعالى: {فلا جناح عليه أن يطّوّف بهما} الوارد في السعي[13].
-
احتجاج الإمام الهادى (ع) على أهل الأهواز فى اثبات امامة امير المؤمنين(ع) بقوله تعالى: {إنّما وليّكم اللّه و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} [المائدة: 55][14].
-
احتجاج ابن عباس على الخوارج: خبر يَحْيَى بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه ع قَالَ بَعَثَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع عَبْدَ اللَّه بْنَ الْعَبَّاسِ إِلَى ابْنِ الْكَوَّاءِ وأَصْحَابِه وعَلَيْه قَمِيصٌ رَقِيقٌ وحُلَّةٌ فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْه قَالُوا يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَنْتَ خَيْرُنَا فِي أَنْفُسِنَا وأَنْتَ تَلْبَسُ هَذَا اللِّبَاسَ فَقَالَ وهَذَا أَوَّلُ مَا أُخَاصِمُكُمْ فِيه: * (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ الله الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِه والطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) (الأعراف: 32) وقَالَ: * (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) [الأعراف: 31]"[15].
إلى عشرات الاحتجاجات التي نجدها مبثوثة في كتب الحديث والسيرة، والتي نقطع بأنها ليس واردة على سبيل إلزام الخصم بما التزم به، وإنما هي منبعثة ممن يؤمن بمرجعية القرآن وصلاحيته للإثبات.
المجموعة الرابعة: تعليم الأئمة (ع) أصحابهم الرجوع إلى القرآن، والاكتفاء به والعمل بما اشتمل عليه من أحكام، واستنباط الأحكام الشرعية منه:
-
في خبر عَبْدِ الأَعْلَى مَوْلَى آلِ سَامٍ قَالَ: قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّه (ع): "عَثَرْتُ فَانْقَطَعَ ظُفُرِي فَجَعَلْتُ عَلَى إِصْبَعِي مَرَارَةً فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِالْوُضُوءِ؟! قَالَ: يُعْرَفُ هَذَا وأَشْبَاهُه مِنْ كِتَابِ اللَّه عَزَّ وجَلَّ: { ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } [الحج: 78]، امْسَحْ عَلَيْه"[16].
-
وفي بعض الأخبار نجدُ عتاباً من الإمام الصادق (ع) لأصحابه على عدم فهمهم لآيات الكتاب، ففي تفسير القمي عن ابن أبي عمير عن عبد الرحيم القصير عنه (ع): ".. أو لستم عُرباً فكيف لا تعرفون معنى الكلام، وأحدكم يقول لصاحبه انسخ ذلك الكتاب، أو ليس إنّما ينسخ من كتاب أخذ من الأصل، وهو قوله: { إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون} [الجاثية: 29].."[17].
وقصارى القول: إن الطرق المتقدمة كافية لإثبات صيانة القرآن وسلامته من التحريف، نقيصة أو زيادة.
المحور الثالث
الشيعة والتحريف
لا يزال البعض ممعناً ومصراً على اتهام فرقة كبيرة من فرق المسلمين وهم الشيعة الإمامية بالقول أو الاعتقاد بالتحريف، ضارباً عرض الجدار سيريتهم العملية على تقديس القرآن والعمل به، ومتجاهلاً تصريح كبار فقهاء هذه الطائفة وعلمائها ومفسريها ومتكلميها بأنّ القرآن الكريم لم تنلْه يدُ التحريف نقيصة أو زيادة، وأنّ الكتاب الموجود بين أيدي المسلمين هو جميع القرآن المنزل على رسول الله (ص)، وبياناً لهذه الحقيقة ودفعاً ودحضاً لتلك الشبهات والأوهام يهمنا بيان الأمور التالية:
أولاً: أهل البيت (ع) والتحريف
قدمنا أنّ الأئمة من أهل البيت (ع) اهتموا بالقرآن الكريم اهتماما بالغاً، وأكدوا على مرجعيته في بناء الثقافة الإسلامية، وهناك مئات الروايات الواردة عنهم (ع) في العناية بالقرآن الكريم والاهتمام به، وبمجرد أن يلقي المرء نظرة على كتاب من كتب الحديث الشيعية فإنه سوف يجد أنّ الكتاب قد عقد باباً أو أبواباً أدرج فيها العديد من الروايات التي تؤكد على عظمة القرآن وتشهد لسلامته من التحريف، وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد عقد أحد المحدثين المعروفين وهو الحر العاملي، في موسوعته الشهيرة "وسائل الشيعة"، فصلاً خاصاً تحت عنوان "أبواب قراءة القرآن ولو في غير الصلاة"[18]، وقد سجل وأورد في هذه الأبواب مئات الأخبار التي تنصّ على فضل القرآن وتلاوته وكثير من أحكامه، والأخبار هي التي ذطرها هي مدرجة تحت العناوين التالية:
-
باب وجوب تعلم القرآن وتعليمه كفاية واستحبابه عيناً.
-
باب وجوب إكرام القرآن وتحريم إهانته.
-
استحباب التفكر في معاني القرآن وأمثاله ووعده ووعيده.
-
باب تحريم استضعاف أهل القرآن وإهانتهم ووجوب إكرامهم.
-
باب استحباب حفظ القرآن وتحمل المشقة في تعلمه وكثرة قراءته.
-
باب استحباب تعلم القرآن في الشباب وتعليمه وكثرة قراءته.
-
باب استحباب تعليم الأولاد القرآن.
-
باب انه يستحب لحامل القرآن ملازمة الخشوع والصلاة والصوم.
-
باب ان من دخل في الاسلام طائعا وقرأ القرآن ظاهراً.
-
باب استحباب تعليم النساء سورة النور والمغزل دون سورة يوسف.
-
باب استحباب كثرة قراءة القرآن في الصلاة وغيرها وعلى كل حال.
-
باب انه لا يجوز ترك القرآن تركا يؤدي إلى النسيان.
-
باب استحباب الطهارة لقراءة القرآن وجواز قراءة الجنب والحائض.
-
باب استحباب الاستعاذة عند التلاوة وكيفيتها.
-
باب تأكد استحباب تلاوة خمسين آية فصاعدا في كل يوم.
-
باب استحباب قراءة القرآن المنزل ، وكراهة تعطيله عن الصلاة.
-
باب استحباب قراءة شيء من القرآن كل ليلة.
-
باب استحباب ختم القرآن بمكة والإكثار من تلاوته في شهر رمضان.
-
باب استحباب القراءة في المصحف وان كان يحفظ القرآن.
-
باب استحباب اتخاذ المصحف في البيت وان يعلق فيه.
-
باب استحباب ترتيل القرآن وكراهة العجلة فيه.
-
باب استحباب القرآن بالحزن كأنه يخاطب انساناً.
-
باب جواز القراءة سرا وجهراً، واختيار السر.
-
باب تحريم الغناء في القرآن، واستحباب تحسين الصوت به.
-
باب انه يستحب للقارئ والمستمع استشعار الرقة والخوف.
-
باب ما يجب فيه استماع القرآن والإنصات له.
-
باب استحباب ختم القرآن في كل شهر مرة، أو في كل سبعة أيام.
-
باب استحباب اهداء ثواب القراءة إلى النبي والأئمة (عليهم السلام).
-
باب استحباب البكاء أو التباكي عن سماع القرآن.
-
باب وجوب تعلم إعراب القرآن وجواز القراءة باللحن مع عدم الإمكان.
-
باب استحباب الاكثار من قراءة الاخلاص وتكرارها ألف مرة.
-
باب استحباب قراءة المسبحات عند النوم.
-
باب استحباب قراءة التوحيد عند النوم مائة مرة ، أو خمسين.
-
باب استحباب قراءة المعوذتين ثلاثا والجحد والقدر احدى عشر مرة.
-
باب استحباب قراءة آخر الكهف عند النوم.
-
باب الاستحباب من الاكثار من قراءة سورة الأنعام.
-
باب استحباب تكرار الحمد وقراءتها سبعين مرة على الوجع.
-
باب استحباب الاكثار من الاستخارة بالقرآن بل استحبابها وكراهة التفاؤل به.
-
باب استحباب الاكثار من قراءة الملك كل يوم وليلة وحفظها.
-
باب جواز كتابة القرآن ثم عسله وشرب مائه للشفاء.
-
باب جواز العوذة والرقية والنشرة إذا كانت من القرآن أو الذكر.
-
باب وجوب سجود العزيمة في السور الأربع خاصة حم السجدة.
-
باب وجوب سجود التلاوة للسامع والمستمع والقارئ.
-
باب استحباب سجود التلاوة للسامع والمستمع.
-
باب وجوب تكرار السجود للتلاوة على القارئ والمستمع.
-
باب استحباب الدعاء في سجود التلاوة بالمأثور ، وعدم وجوب التكبير له مطلقاً.
-
باب المواضع التي لا ينبغي فيها قراءة القرآن.
-
باب استحباب الاكثار من قراءة سورة يس.
-
باب جواز سجود الراكب للتلاوة على الدابة حيث توجهت به مع الضرورة.
-
باب كراهة السفر بالقرآن إلى أرض العدو وعدم جواز بيع المصحف من الكافر.
-
باب استحباب قراءة سور القرآن سورة سورة.
ثانياً: علماء الشيعة والاهتمام بالقرآن
إنّ اهتمام الشيعة وعلماؤهم بالقرآن الكريم، لا ينبغي أن يخفى على أحد، فهو أوضح من أن يحتاج إلى الاستدلال عليه، فهو من أوضح الواضحات. ويتجلى هذا الاهتمام في العديد من المسارات والمجالات، وهذه أهمها:
الأول: أقوال العلماء في سلامة القرآن من التحريف
لا ننكر أنّ بعض العلماء قالوا بحصول نقصٍ في بعض آيات القرآن الكريم، ولكنّ هذا القول يبقى شاذاً، والمشهور بين المتقدمين والمتأخرين من علماء الطائفة هو القول بسلامة القرآن من التحريف وقد صرحوا بذلك، وكلماتهم التي بين أيدينا تحتاج إلى مجلدات كثيرة لجمعها، ونكتفي بالإشارة إلى مقتطفات من أهمّها عبر القرون المختلفة:
-
قال الصدوق (381هـ) في كتاب الاعتقادات: "اعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس، ليس بأكثر من ذلك، ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربع عشرة سورة. وعندنا أن الضحى وألم نشرح سورة واحدة، ولايلاف وألم تر كيف سورة واحدة. ومن نسب إلينا أنا نقول إنه أكثر من ذلك فهو كاذب"[19].
-
وقال المفيد ( 413هـ): "وقد قال جماعة من أهل الإمامة إنه لم ينقص من كلمة ولا من آية ولا من سورة ولكن حذف ما كان مثبتا في مصحف أمير المؤمنين (ع) من تأويله وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله، وذلك كان ثابتا منزلاً وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالى الذي هو القرآن المعجز، وقد يسمى تأويل القرآن قرآناً قال الله تعالى: {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علماً} [طه: 114]، فسمى تأويل القرآن قرآنا ، وهذا ما ليس فيه بين أهل التفسير اختلاف. وعندي أن هذا القول أشبه من مقال من ادعى نقصان كلم من نفس القرآن على الحقيقة دون التأويل، وإليه أميل والله أسأل توفيقه للصواب. وأما الزيادة فيه فمقطوع على فسادها من وجه ويجوز صحتها من وجه، فالوجه الذي أقطع على فساده أن يمكن لأحد من الخلق زيادة مقدار سورة فيه على حد يلتبس به عند أحد من الفصحاء، وأما الوجه المجوز فهو أن يزاد فيه الكلمة والكلمتان والحرف والحرفان وما أشبه ذلك مما لا يبلغ حد الإعجاز، و يكون ملتبساً عند أكثر الفصحاء بكلم القرآن، غير أنه لا بد متى وقع ذلك من أن يدل الله عليه، ويوضح لعباده عن الحق فيه، ولست أقطع على كون ذلك بل أميل إلى عدمه وسلامة القرآن عنه، ومعي بذلك حديث عن الصادق جعفر بن محمد ( ع )"[20].
-
وقال السيد المرتضى ( 436 هـ): "أن من خالف في ذلك من الإمامية والحشوية لا يعتد بخلافهم، فإن الخلاف في ذلك مضاف إلى قوم من أصحاب الحديث، نقلوا أخبارا ضعيفة ظنوا صحتها، لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحته"[21]. وقد عرف هذا الرأي عنه واشتهر به حتى عند أهل السنة، فقد نقل عن ابن حزم أن المرتضى "كان من كبار المعتزلة الدعاة وكان إماميا لكنه يكفر من زعم أن القرآن بدل أو زيد فيه أو نقص منه وكذا كان صاحباه أبو القاسم الرازي وأبو يعلى الطوسي"[22].
-
وقال الشيخ الطوسي ( 460 هـ) في مقدمة تفسيره: "وأما الكلام في زيادته ونقصانه فمما لا يليق به أيضاً، لأن الزيادة فيه مجمع على بطلانها والنقصان منه، فالظاهر أيضا من مذهب المسلمين خلافه، وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا وهو الذي نصره المرتضى (ره)، وهو الظاهر في الروايات، غير أنه رويت روايات كثيره، من جهة الخاصة والعامة ، بنقصان كثير من آي القرآن، ونقل شيء منه من موضع إلى موضع، طريقها الآحاد التي لا توجب علما ولا عملاً، والأولى الإعراض عنها، وترك التشاغل بها، لأنه يمكن تأويلها ولو صحت لما كان ذلك طعناً على ما هو موجود بين الدفتين، فإن ذلك معلوم صحته، لا يعترضه أحد من الأمة ولا يدفعه، ورواياتنا متناصرة بالحث على قراءته والتمسك بما فيه، ورد ما يرد من اختلاف الأخبار في الفروع إليه"[23].
-
الشيخ الطبرسي ( 548 هـ): "الكلام في زيادة القرآن ونقصانه فإنه لا يليق بالتفسير. فأما الزيادة فيه: فمجمع على بطلانه. وأما النقصان منه: فقد روى جماعة من أصحابنا، وقوم من حشوية العامة، أن في القرآن تغييراً أو نقصاناً، والصحيح من مذهب أصحابنا خلافه، وهو الذي نصره المرتضى، قدس الله روحه، واستوفى الكلام فيه غاية الاستيفاء في جواب المسائل الطرابلسيات"[24].
-
أبو الفتوح الرازي (كان حيّاً في سنة 552 وتوفّي قبل 556هـ) قال في تفسير الآية التاسعة من سورة الحجر في قوله تعالى: {إنّا نحن نزلنا الذكر وإنّا له لحافظون} [الحجر: 9] ما معرّبه: "إنا نحن نحفظ القرآن من الزيادة والنقصان والبطلان كما قال تعالى: {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} [فصلت: 42]"[25].
-
نصير الدين أبو رشيد عبد الجليل القزويني (ت بعد 560 هـ) قال: "قال تعالى: (إنّا نحن نزّلنا الذكر وإنّا له لحافظون). فعلى هذا لا يستطيع أحد أن يتصرّف في عباراته [أي القرآن] وكلماته وحروفه ...". وقال في موضع آخر: ".. وعقيدة الشيعة بصحة القرآن وصدق قراءته صحيحة لقوله تعالى: (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} [فصلت: 42]"[26].
-
قطب الدين الراوندي (ت: 573هـ) قال: "فإذا ... تدبّرت مقاطعه ومفاتحه (أي القرآن) وسهولة ألفاظه واستجماع معانيه وان كل لفظة منها لو غيّرت لم يمكن أن يؤتى بدلها بلفظة هي أوفق من تلك اللفظة وأدلّ على المعنى منها وأجمع للفوائد والزوائد منها. وإذا كان كذلك فعند تأمل جميع ذلك يتحقق ما فيه من النظم اللائق والمعاني الصحيحة التي لا يكاد يوجد مثلها على نظم تلك العبارة وإن اجتهد البليغ والخطيب"[27].
-
ابن شهر آشوب (588 هـ) في تفسير قوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة: 17]، إنه "دال على أن الله تعالى جامع للقرآن وقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ} [الحجر: 9]، وأول محافظته أن يكون مجموعا منه تعالى... وقد ثبت أن النبي ( ص ) قرأ القرآن وحصره وأمر بكتابته على هذا الوجه وكان يقرأ كل سنة على جبرئيل مرة إلا السنة التي قبض فيها فإنه قرأ عليه مرتين وإن جماعة من الصحابة ختموا عليه القرآن منهم أبي بن كعب وقد ختم عليه ابن مسعود عشر ختمات وإنه (ص) فضل كل سورة وذكر فضل قاريها ولو لم يكن مجموعا لما صح هذا كله ثم إن البخاري روى عن أنس لم يحفظ القرآن من الصحابة إلا أربعة كلهم من الأنصار أبي ومعاذ وزيد وأبو زيد ولم يذكر الثالث فكيف يجمع من لم يحفظ وقيل للحسين بن علي (ع) إن فلاناً زاد في القرآن ونقص منه فقال (ع) أومن بما نقص وأكفر بما زاد والصحيح أن كل ما يروى في المصحف من الزيادة إنما هو تأويل والتنزيل بحاله ما نقص منه وما زاد"[28].
-
السيد رضي الدين علي بن طاووس (ت 664 هـ) قال: "لا يتوجه الطعن والقداح على الإمامية بوجود نقصان وتبديل وتغيير في القرآن، لأنّهم يقولون بعدم التحريف مطلقاً"[29].
-
سديد الدّين محمود الحمصي الرازي (توفّي أوائل القرن السابع) قال: "على أنه وعد الله بحفظ القرآن من التغيير بقوله: (إنّا نحن نزّلنا الذكر وإنّا له لحافظون) فصحّ وتحقق أن ما قالوا بالتحريف غير ممكن وهو من الجهالات لا غير"[30].
-
العلامة الحلّي (ت 726 هـ) قال رحمه الله: "اتفقوا على أنّ ما نقل إلينا متواتراً من القرآن فهو حجة - واستدلّ بأنّه سند النبوّة ومعجزتها الخالدة فما لم يبلغ حدّ التواتر لم يمكن حصول القطع بالنبوّة - وحينئذ لا يمكن التوافق على نقل ما سمعوه منه على فرض الصحة بغير تواتر; والراوي الواحد إن ذكره على أنّه قرآن فهو خطأ، وإن لم يذكره على أنّه قرآن متردداً بين أن يكون خبراً عن النبىّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أو مذهباً له (أي الراوي)، فلا يكون حجة"[31].
-
الشيخ علي بن يونس النباطي العاملي ( 877 هـ ): "علم بالضرورة تواتر القرآن بجملته وتفاصيله، وكان التشديد في حفظه أتم، حتى نازعوا في أسماء السور والتعشيرات، وإنما اشتغل الأكثر عن حفظه بالتفكر في معانيه وأحكامه، ولو زيد فيه أو نقص لعلمه كل عاقل وإن لم يحفظه، لمخالفة فصاحته وأسلوبه"[32].
-
المحقق علي بن عبد العال الكركي ( 940 هـ)، نُقل عن المقدس البغدادي في شرح الوافية أنّ "الشيخ علي بن عبد العالي صنّف في نفي النقيصة رسالة مستقلة، وذكر كلام الصدوق المتقدم، ثم اعترض بما يدل على النقيصة من الأحاديث، وأجاب بأنّ الحديث إذا جاء على خلاف الدليل من الكتاب والسنة المتواترة أو الإجماع ولم يمكن تأويله ولا حمله على بعض الوجوه وجب طرحه"[33].
-
السيد القاضي نور الله الشهيد ( 1019 هـ) في كتابه (مصائب النواصب)، يقول: "ما نسب إلى الشيعة الإمامية من وقوع التغيير في القرآن ليس مما قال به جمهور الإمامية إنما قال به شرذمة قليلة منهم لا اعتداد بهم فيما بينهم"[34].
-
الشيخ البهائي (1030هـ) : "وأيضاً اختلفوا في وقوع الزيادة والنقصان فيه، والصحيح أنّ القرآن العظيم محفوظ عن ذلك زيادة كان أو نقصاناً، وبدل عليه قوله تعالى: {وإنا له لحافظون} [الحجر: 9] وما اشتهر بين الناس من اسقاط اسم أمير المؤمنين عليه السلام منه في بعض المواضع مثل قوله تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك} في "علي"، وغير ذلك، فهو غير معتبر عند العلماء"[35].
-
الفاضل التوني ( 1070هـ)، فإنه وبعد نقله للقول بالتحريف بصيغة المجهول مشعراً بتضعيفه قال: "والمشهور، أنه محفوظ ومضبوط كما أنزل ، لم يتبدل ولم يتغير، حفظه الحكيم الخبير، قال الله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر: 9]"[36].
-
الفيض الكاشاني ( 1091 هـ)، قال: "قال الله عز وجل: {وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه}. وقال: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}، فكيف يتطرق إليه التحريف والتغيير ، وأيضاً قد استفاض عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والأئمة ( عليهم السلام ) حديثُ عرض الخبر المروي على كتاب الله ليعلم صحته بموافقته له وفساده بمخالفته، فإذا كان القرآن الذي بأيدينا محرفاً فما فائدة العرض؟! مع أن خبر التحريف مخالف لكتاب الله مكذِّب له، فيجب رده والحكم بفساده أو تأويله"[37].
-
العلامة المجلسي ( 1111هـ) قال رداً على روايات التحريف: "أن الاخبار التي جاءت بذلك أخبار آحاد لا يقطع على الله تعالى بصحتها ، فلذلك وقفنا فيها ، ولم نعدل عما في المصحف الظاهر على ما أمرنا به"[38].
-
الشيخ جعفر كاشف الغطاء ( 1228 هـ) قال متحدثاً عن نفي الزيادة في القرآن: "لا زيادة فيه، من سورة، ولا آية ، من بسملة، وغيرها، لا كلمة، ولا حرف. وجميع ما بين الدفتين ممّا يُتلى كلام اللَّه تعالى بالضرورة من المذهب، بل الدين، وإجماع المسلمين، وإخبار النبي صلَّى اللَّه عليه وآله وسلم، والأئمّة الطاهرين عليهم السلام، وإن خالف بعض من لا يُعتدّ به في دخول بعض ما رسم في اسم القرآن"، وقال حول النقيصة: "لا ريبَ في أنّه مَحفوظ من النقصان، بحفظ الملك الديّان، كما دلّ عليه صريح القرآن وإجماع العلماء في جميع الأزمان، ولا عبرة بالنادر. وما ورد من أخبار النقيصة تَمنع البديهة من العمل بظاهرها"[39].
-
وقال العلامة الكبير المولى محمد إبراهيم الكلباسي ( 1262 هـ) في كتاب الإشارات: "بعد استقرار كلمات علماء الاسلام بأصنافهم في كتبهم الكلامية والأصولية والتفسيرية، وما اشتمل على الخطابات والقصص، وما يتعلق بعلم القرآن بأصنافه، ومنه علم القراءة والتواريخ وغيرها، مع كمال اهتمامهم في ضبط ما يتعلق بكل واحد منها يتبين أن النقصان في الكتاب مما لا أصل له، والا لاشتهر وتواتر، نظرا إلى العادة في الحوادث العظيمة، وهذا منها بل من أعظمها"[40].
-
وقال الميرزا محمد الاشتياني ( 1319هـ): "والمشهور بين المجتهدين والأصوليّين بل أكثر المحدّثين عدم وقوع التّغيير مطلقاً بل ادّعى غير واحد الإجماع على ذلك سيّما بالنّسبة إلى الزّيادة"[41].
-
الشيخ البلاغي ( 1352 هـ): "ولئن سمعت في الروايات الشاذة شيئا في تحريف القرآن وضياع بعضه فلا تقم لتلك الروايات وزناً. وقل ما يشاء العلم في اضطرابها ووهنها وضعف رواتها ومخالفتها للمسلمين وفيما جاءت به في مروياتها الواهية من الوهن. وما الصقته بكرامة القرآن مما ليس له شبه به"[42].
-
السيد محسن الأمين العاملي ( 1371هـ): "لا يقول أحد من الامامية لا قديماً ولا حديثاً إن القرآن مزيد فيه قليل أو كثير فضلاً عن كلهم بل كلهم متفقون على عدم الزيادة، ومن يعتد بقوله من محققيهم متفقون على أنه لم ينقص منه... ومن نسب إليهم خلاف ذلك فهو كاذب مفتر مجترئ على الله ورسوله"[43].
-
الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء ( 1373هـ)، قال: "وأن الكتاب الموجود في أيدي المسلمين هو الكتاب الذي أنزله الله إليه للاعجاز والتحدي، ولتعليم الأحكام، وتمييز الحلال من الحرام، وأنه لا نقص فيه ولا تحريف ولا زيادة، وعلى هذا إجماعهم، ومن ذهب منهم أو من غيرهم من فرق المسلمين إلى وجود نقص فيه أو تحريف فهو مخطئ يرده نص الكتاب العظيم { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر: 9]، والأخبار الواردة من طرقنا أو طرقهم الظاهرة في نقصه أو تحريفه ضعيفة شاذة، وأخبار آحاد لا تفيد علماً ولا عملاً، فإما أن تأول بنحو من الاعتبار، أو يضرب بها الجدار"[44].
-
السيد عبد الحسين شرف الدين (1377 هـ)، قال: "وكل من نسب إليهم (الإمامية) تحريف القرآن فإنه مفتر عليهم ظالم لهم، لأن قداسة القرآن الحكيم من ضروريات دينهم الإسلامي ومذهبهم الإمامي، ومن شك فيها من المسلمين فهو مرتد بإجماع الإمامية، فإذا ثبت عليه ذلك قتل ثم لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين. وظواهر القرآن فضلاً عن نصوصه من أبلغ حجج الله تعالى وأقوى أدلة أهل الحق بحكم البداهة الأولية من مذهب الإمامية، ولذلك تراهم يضربون بظواهر الأحاديث المخالفة للقرآن عرض الجدار ولا يأبهون بها وإن كانت صحيحة، وتلك كتبهم في الحديث والفقه والأصول صريحة بما نقول. والقرآن الحكيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه إنما هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس لا يزيد حرفاً ولا ينقص حرفاً، ولا تبديل فيه لكلمة بكلمة ولا لحرف بحرف، وكل حرف من حروفه متواتر في كل جيل تواتراً قطعياً إلى عهد الوحي والنبوة، وكان مجموعاً على ذلك العهد الأقدس مؤلفاً على ما هو عليه الآن، وكان جبرائيل عليه السلام يعارض رسول الله ( ص ) بالقرآن في كل عام مرة وقد عارضه به عام وفاته مرتين. والصحابة كانوا يعرضونه ويتلونه على النبي حتى ختموه عليه (ص) مرارا عديدة، وهذا كله من الأمور المعلومة الضرورية لدى المحققين من علماء الإمامية، ولا عبرة بالحشوية فإنهم لا يفقهون"[45].
-
السيد حسين البروجردي (رحمه الله) يقول: "إن وقوع التحريف فيه بعيد غاية البعد، فإنه من الواضحات، إنّ المسلمين كانوا يهتمون بحفظ القرآن وكان من أهم الأمور عندهم حفظه وتلاوته وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله أخبار في ثواب تلاوة جميعه أو بعض سوره وفي بيان خواصها، وقد روى حكاية قراءة (معاذ) حين إمامته، سورة البقرة في صلاته، فيظهر من ذلك أنه كان في زمن الرسول صلى الله عليه وآله منظمة مسورة محفوظة للمسلمين فكيف يمكن وقوع التحريف فيه بمرآهم ومنظرهم مع كمال عنايتهم به بكثرتهم. نعم، لو كان القرآن مكتوباً في أوراق خاصة من دون أن يكون للمسلمين اطلاع تفصيلي عليه لأمكن تضييعه. هذا مع أنه ورد في الخطب والروايات لا سيما خطب نهج البلاغة، التحريض والترغيب على العمل بالقرآن وحفظه وتعظيمه وبيان شأنه فلو كان محرفا لما صدرت عنهم هذه الأخبار الكثيرة في شأنه.."[46].
-
السيد محمد هادي الميلاني: "أقول بضرس قاطع إن القرآن الكريم لم يقع فيه أي تحريف لا بزيادة ولا بنقصان، ولا بتغيير بعض الألفاظ، وإن وردت بعض الروايات في التحريف المقصود منها تغيير المعنى بآراء وتوجيهات وتأويلات باطلة، لا تغيير الألفاظ والعبارات. وإذا اطلع أحد على رواية وظن بصدقها وقع في اشتباه وخطأ، وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً"[47].
-
السيد محمد حسين الطباطبائي ( 1402هـ) قد تعرض لسلامة القرآن من التحريف في تفسيره وفي العديد من كتبها، ومنها كتاب القرآن في الإسلام، قال فيه تحت عنوان "القرآن مصون من التحري: "تاريخ القرآن واضح بين من حين نزوله حتى هذا اليوم كانت الآيات والسور دائرة على ألسنة المسلمين يتداولونها بينهم. وكلنا نعلم أن هذا القرآن الذي بأيدينا اليوم هو القرآن الذي نزل تدريجاً على الرسول قبل أربعة عشر قرناً، فإذا لا يحتاج القرآن في ثبوته واعتباره إلى التاريخ مع وضوح تاريخه، لأنّ الكتاب الذي يدعي أنه كلام الله تعالى ويستدل على دعواه بآياته ويتحدى الجن والإنس على أن يأتوا بمثله، لا يمكن لاثباته ونفي التغيير والتحريف عنه التثبت بالأدلة والشواهد أو تأييد شخص أو فئة لاثبات مدعاه"[48].
-
السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي ( )، يقول: "إنّ المشهور بين علماء الشيعة ومحققيهم، بل المتسالم عليه بينهم هو القول بعدم التحريف..."[49].
-
السيد محمد رضا الكلبيكاني، قال الشيخ لطف الله الصافي دام ظله: ولنعم ما أفاده العلامة الفقيه والمرجع الديني السيد محمد رضا الكلبايكاني بعد التصريح بأن ما في الدفتين هو القرآن المجيد، ذلك الكتاب لا ريب فيه، والمجموع المرتب في عصر الرسالة بأمر الرسول صلى الله عليه وآله، بلا تحريف ولا تغيير ولا زيادة ولا نقصان، وإقامة البرهان عليه: أن احتمال التغيير زيادة ونقيصة في القرآن كاحتمال تغيير المرسل به، واحتمال كون القبلة غير الكعبة في غاية السقوط لا يقبله العقل، وهو مستقل بامتناعه عادة"[50].
إلى عشرات بل مئات العلماء والفقهاء والمفسرين من علمائنا الأعلام والذي نحتاج إلى مجلدات لنقل كلماتهم.
الثاني: الرسائل المؤلفة حول صيانة القرآن من التحريف
وقد كتب علماء الشيعة عشرات الدراسات وألفوا العديد من الكتب والرسائل المستقلة حول صيانة القرآن وسلامته من التحريف، ومن أهم الرسائل المؤلفة في هذا الصدد:
-
رسالة المحقق الكركي في نفي النقيصة.
-
رسالة الحر العاملي حول تواتر القرآن.
-
رسالة السيد محمد حسين الشهرستاني الحائري، المتوفّى سنة 1315هـ واسمها "رسالة في حفظ الكتاب الشريف عن شبهة القول بالتحريف".
-
رسالة الشيخ محمد مهدي معرفت "صيانة القرآن من التحريف".
-
رسالة للسيد علي الميلاني "التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف".
-
رسالة سلامة القرآن من التحريف، للدكتور فتح الله المحمدي.
-
رسالة أكذوبة تحريف القرآن بين الشيعة والسنة، تأليف: الشيخ رسول جعفريان[51].
إلى غيرها من الرسائل المستقلة والتي سيأتي ذكر بعضها في بيان ما ألف في الرد على الشيخ النوري.
وأما الأبحاث غير المستقلة والمبثوثة في المجلات أو في ثنايا الكتب المختلفة، ولا سيما كتب التفسير والعقيدة فهي كثيرة جداً. وقد ملأت الخافقين، وهي تنطق بلسان فصيح أن هذا القرآن هو حقّ لا يأتيه الباطل، وأنه نور لا يشوبه ظلام، ومن الأبحاث البديعة في هذا المقام ما كتبه المرجع الأعلى للشيعة وأستاذ الفقهاء السيد الخوئي في كتابه " البيان في تفسير القرآن"، فقد أقام الأدلة والبراهين على سلامة القرآن من التحريف، وفنّد مختلف الشبهات حول ذلك.
الثالث: تفسير القرآن
وفي مجال تفسير القرآن، برز لعلماء الشيعة المئات من التفاسير، والمكتبة التفسيريّة الشيعيّة غنية جداً، والكثير منها غير مطبوع، وقد أحصى بعض العلماء المعاصرين[52] في كتابه "المفسرون حياتهم ومنهجم" 67 تفسيراً مطبوعاً لعلماء ومفسري الشيعة من المتقدمين والمعاصرين. وطبيعي أنّ كثيراً من تراث الشيعة في التفسير لا يزال مخطوطاً، ناهيك عن أن بعض كتبهم التفسيرية قد ضاعت ولم تصل إلينا ولم نعرف عنها سوى الاسم.
الرابع: حفظ القرآن وطباعته
إنّ عناية الشيعة بالقرآن ظهرت في حفظه وطباعته وقراءته وتلاوته، ولا أخال أن بيتاً من بيوت الشيعة يخلو من نسخة أو أكثر، وقد احتفظوا في متاحفهم بنسخ خطية من القرآن، تعود إلى عصر الإمام الرضا (ع)، وثمة العشرات من المؤسسات المتخصصة بتعليم القرآن وتحفيظه، سواء في لبنان أو إيران أو العراق وغيرها من بلدان الشيعة وأماكن انتشارهم.
الخامس: القرآن وإثبات العقائد
ومن أبرز معالم العناية بالقرآن أنّ علماء الشيعة عدوه سنداً للنبوة، بإعجازه البلاغي والمضموني، واستدلوا به لإثبات كافة العقائد الإسلاميّة، واعتبروا أن القول بتحريفه يفتح باباً على التشكيك بنبوة سيدنا محمد (ص). سئل العلامة الحلي: ما يقول سيدنا في الكتاب العزيز، هل يصح عند أصحابنا أنه نقص منه شيء أو زيد فيه أو غيّر ترتيبه أم لم يصح عندهم شيء من ذلك . أفدنا أفادك اللَّه من فضله وعاملك بما هو من أهله؟
فأجاب: "الحق أنّه لا تبديل ولا تأخير ولا تقديم فيه وأنه لم يزد ولم ينقص . ومن نعوذ باللَّه تعالى من أن يعتقد مثل ذلك وأمثال ذلك ، فإنه يوجب التطرق إلى معجزة الرسول عليه السلام المنقولة بالتواتر"[53].
السادس: الاستدلال الفقهي
والمتأمل في الكتب الفقهية لعلماء الشيعة سوف يجد أن القرآن الكريم يقع على رأس الأدلة التي يعتمدون عليها في إثبات الأحكام الشرعية، بل هو من الأدلة المعيارية التي تحاكم سائر الأدلة على ضوئها وتُرد في حال معارضتها لها، وقد برز لهم في هذا المجال تأليفات خاصة بعنوان تفسير آيات الأحكام، وهي تعدّ بالعشرات، من "فقه القرآن" للراوندي، إلى "كنز العرفان" للفاضل المقداد، إلى "زبدة البيان"، للأردبيلي، إلى "مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام" للكاظمي، إلى "تفسير شاهي" (توضيح آيات الأحكام) لأبي الفتح الجرجاني ( 976هـ)، إلى "آيات الأحكام" للمولى محمد إبراهيم الاستربادي ( 1028هـ)، إلى غيرها من التفاسير المتخصصة بهذا الحقل.
وغير بعيد عن الجانب الفقهي، فإنّ إجماع فقهاء الشيعة قائم على تحريم إهانة القرآن الكريم، وهتكه، وقد أفتى مشهور الفقهاء بارتداد من يهتك القرآن تنجيساً أو دوساً بالأقدام أو ما إلى ذلك. كما حرموا مسّ القرآن على المحدث بالأكبر أو الأصغر.
العصبية تعمي عن رؤية الحق
ومع هذه الدلائل والتصريحات البيّنة على تعظيم القرآن والعمل به، والصريحة في نفي التحريف عنه، وأنه لم يتعرض للزيادة أو النقيصة، فإنّ البعض ممن يطلع علينا بين الفينة والأخرى لا يزال مصراً على إلصاق القول بالتحريف بالشيعة، لأنّ بعض الشواذ منهم قالوا بوجود نقص في الكتاب، أو لأنّ بعض الروايات الموجودة في كتبهم توحي أو تشعر بالتحريف أو هي ظاهرة، وفي ذلك تجنٍ وافتراء ومجانبة للإنصاف والحق.
وما يزيد في الطين بلة أنّ بعض الشيعة قد ينبري في هذا السياق المذهبي المحموم للدفاع عن حريم طائفته فلا يجد سبيلاً إلا أنّ يتهم الطرف الآخر بأنهم هم الذين يعتقدون ويؤمنون بالتحريف وليس الشيعة، ومستنده في ذلك أنّ بعض مصادر أهل السنة قد أوردت أخباراً تدل على التحريف أو تشعر به.
والحقيقة أنّ هذا النوع من الجدال ينطلق من منطلقات عصبية لا تعير انتباهاً لحرمة القرآن ولا يهمها تحري الحقيقة. ولا شك أنّ وقع هذا التقاذف بالتحريف على المتلقي من غير المسلمين سيكون سلبياً ولا يصبّ في مصلحة القرآن نفسه ولا الإسلام ولا المسلمين، لأنه سيعطيه انطباعاً بأنّ المسلمين مجمعون على تحريف كتابهم، هذا ناهيك عن أنّه ليس من الإنصاف في شيء أن تحمِّل طائفة بأجمعها وزر رأي أو قول لشخص ينتمي إليها.
وكلمة حق أقولها أمام الله تعالى: وهي أنّ هذا الجدل الذي لا يزال البعض مصراً على إثارته حول تحريف القرآن الكريم، هو جدل عقيم وينطلق أصحابه من منطلقات مذهبية عصبية ضيقة ترمي إلى تسجيل نقطة على أتباع المذهب الآخر، والغاية هي الانتصار للمذهب وليس القرآن.
والواقع أنّ رمي الآخر واتهامه بالقول بالتحريف يصدر من الفريقين، (السنة والشيعة)، ففي حين يصرّ البعض من أهل السنة على اتهام الشيعة بالقول بالتحريف، وذلك بهدف تكفيرهم، ينبري - في المقابل - بعض الشيعة باتهام السنة أو بعضهم بالقول بالتحريف، استناداً إلى وجود بعض الأخبار في مصادرهم التي يستفاد منها ذلك. والذي أعتقده أنّ المتقاذفين بهذه الاتهامات من الطرفين غالباً ما تحرّكهم العصبيات، وليس الغيرة على القرآن، فمن لديه غيرة على القرآن فإنه يعمل بحرص على نفي التحريف عن كتابه الله ويفند شبهاته سواء وجدت عند الشيعة أو السنة، والحقيقة أيضاً أن الرأي الغالب والذي يمثل الغالبية العظمى من المسلمين هو رأي يقول بصيانة القرآن عن التحريف، وإن وجدت روايات لدى الطرفين توحي بذلك. وقد لاحظتُ أنّ بعض علماء السنة يدافع عن الشيعة في نسبة التحريف إليهم، كما لاحظت أن بعض علمائنا يدافع عن السنة في قولهم بعدم التحريف.
والأنصاف أنّ مشهور علمائنا ومفسرينا وفقهائنا وغالبيتهم العظمى هم من القائلين بصيانة القرآن من التحريف كما أنّ الغالبية العظمى من فقهاء ومفسري إخواننا أهل السنة هم أيضاً من القائلين بصيانة القرآن من التحريف.
ثالثاً: رجالات أنصفوا
وتجدر الإشارة إلى أن كثيراً من أعلام أهل السنة أنصفوا في هذا المجال ولم ينجروا مع العصبيات، ورفضوا نسبة التحريف إلى الشيعة، وهذه بعض كلماتهم:
-
يقول الشيخ محمد أبو زهرة: "القرآن بإجماع المسلمين هو حجة الإسلام الأولى وهو مصدر المصادر له، وهو سجل شريعته، وهو الذي يشتمل على كلّها و قد حفظه الله تعالى إلى يوم الدين كما وعد سبحانه إذ قال:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]. وإن إخواننا الإمامية على اختلاف منازعهم يرونه كما يراه كل المۆمنين". وأضاف: "إن الشريف المرتضى وأهل النظر الصادق من إخواننا الإثنا عشرية قد اعتبروا القول بنقص القرآن أو تغييره أو تحريفه تشكيكا في معجزة النبي صلى الله عليه وآله وسلم واعتبروه إنكارا لأمر علم من الدين بالضرورة"[54].
-
وقال الشيخ رحمة الله الهندي: "القرآن المجيد عند جمهور علماء الشيعة الإمامية الاثني عشرية محفوظ من التغيير والتبديل ومن قال منهم بوقوع النقصان فيه، فقوله مردود غير مقبول عنده" .
-
وقال الشيخ محمد الغزالي: "سمعت واحداً من هۆلاء ( الذين يرسلون الكلام على عواهنه ) يقول في مجلس علم: إن للشيعة قرآناً آخر يزيد وينقص عن قرآننا المعروف! فقلت له: أين هذا القرآن؟! إنّ العالم الإسلامي الذي امتدت رقعته في ثلاث قارات ظلّ من بعثة محمد (ص) إلى يومنا هذا بعد أن سلخ من عمر الزمن أربعة عشر قرناً لا يعرف إلا مصحفاً واحداً .. فلأين هذا القرآن اآخر؟ ولـماذا لم يطلع الإنس والجن على نسخة منه خلال هذا الدهر الطويل؟ لمـاذا يساق هذا الافتراء؟ ولحساب من تفتعل هذه الإشاعات؟! وتلقى بين الأغرار ليسوء ظنهم بأخوانهم وقد يسوء ظنهم بكتابهم، إن المصحف واحد يطبع في القاعرة فيقدسه الشيعة في النجف أو في طهران، ويتداولون نسخه بين أيديهم وفي بيوتهم دون أن يخطر ببالهم سيء بتة إلا توقير الكتاب ومنزله جلّ شأنه ومبلغه (ص)، فلمَ هذا الكذب على الناس وعلى الوحي ".[55]
-
وقال البهنساوي: "إنّ الشيعة الجعفريّة الاثني عشريّة يرون كفر من حرّف القرآن الذي أجمعت عليه الأمة منذ صدر الإسلام … وإن المصحف الموجود بين أهل السنة هو نفسه الموجود في مساجد وبيوت الشيعة وأنه لا يوجد منهم في عصرنا من يقول بما جاء في بعض كتبهم القديمة عن مصحف فاطمة بل يقولون إن هذه روايات غير صحيحة مردودة كما أن أئمة الشيعة في عصرنا يۆكدون ذلك".
أقول إن قصد أن كتب الشيعة تنص على أن مصحف فاطمة عليها السلام هو قرآن الشيعة، فهذا الكلام غير صحيح وهي من الإشاعات التي حيكت على مذهب أهل البيت عليهم السلام، والحق أن الشيعة الإمامية يعتقدون أن لفاطمة عليها السلام كتاباً يسمى في كلمات أئمة أهل البيت عليهم السلام بـ مصحف فاطمة لا يوجد به شيء من القرآن، وإنما فيه أخبار من يملك والحوادث الآتية على الناس، وليس بقرآن للشيعة كما يحاول الوهابية إدارتـها على السذج متوسلين بتسميته باسم (مصحف) الذي يتبادر منه القرآن في عرفنا اليوم، مع أن المصحف في اللغة تعني ما جمع في الصحف سواء كانت صحفاً كتب فيها قرآن أم غيره، ولكن الوهابية يخادعون ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين .
-
وقال الأستاذ محمد المدني عميد كلية الشريعة بالجامعة الأزهرية: "وأمّـا أن الإمامية يعتقدون نقص القرآن، فمعاذ الله. إنما هي روايات رويت في كتبهم، كما روي مثلها في كتبنا. وأهل التحقيق من الفريقين قد زيّفوها، وبينوا بطلانـها وليس في الشيعة الإمامية أو الزيدية من يعتقد ذلك كما أنه ليس في السنة من يعتقده، ويستطيع من شا ان يرجع إلى مثل كتاب الاتقان للسيوطي ليرى فيه ، أمثال هذه الروايات التي نضرب عنها صفحا"، وأضاف: "وقد ألّف أحد المصريين كتاباً اسمه (الفرقان) حشاه بكثير من أمثال هذه الروايات السقيمة المدخولة المرفوضة، ناقلاً لها عن الكتب والمصادر عند أهل السنة، وقد طلب الأزهر من الحكومة مصادرة هذا الكتاب بعد أن بين بالدليل والبحث العلمي أوجه البطلان والفساد فيه، فاستجابت الحكومة لهذا الطلب وصادرت الكتاب، فرفع صاحبه دعوى يطلب فيها تعويضاً، فحكم القضاء الإداري في مجلس الدولة برفضها . أفيقال أنّ أهل السنة ينكرون قداسة القرآن؟ أو يعتقدون نقص القرآن لرواية رواها فلان؟ أو لكتاب ألفه فلان؟ فكذلك الشيعة الإمامية، إنما هي روايات في بعض كتبهم كالروايات التي في بعض كتبنا"[56].
-
قال الدكتور محمد عبد الله دراز: "ومهما يكن من أمر فإن هذا المصحف هو الوحيد المتداول في العالم الإسلامي، بـما فيه فرق الشيعة، ومنذ ثلاثة عشر قرناً من الزمان، ونذكر هنا رأي الشيعة الإمامية – أهم فرق الشيعة – ثم ذكر كلام الشيخ الصدوق رضوان الله تعالى عليه".
-
وقال الدكتور علي عبد الواحد وافي: "يعتقد الشيعة الجعفرية كما يعتقد أهل السنة أن القرآن الكريم هو كلام الله عز وجل المنـزل على رسوله المنقول بالتواتر والمدوّن بين دفتي المصحف بسوره وآياته المرتبة بتوقيف من الرسول صلوات الله وسلامه عليه، وأنه الجامع لأصول الإسلام عقائده وشرائعه وأخلاقه، والخلاف بيننا وبينهم في هذا الصدد يتمثل في أمور شكلية وجانبية لا تمس النص القرآني بزيادة ولا نقص ولا تحريف ولا تبديل ولا تثريب عليهم في اعتقادهم".
وقال أيضاً: "أما ما ورد في بعض مۆلفاتهم من آراء تثير شكوكاً في النص القرآني وتنسب إلى بعض أئمتهم، فإنـهم لا يقرونـها وتعتقدون بطلان ما تذهب إليه، وبطلان نسبتها إلى أئمتهم ولا نعدها من مذهبهم، مهما كانت مكانة رواتـها عندهم ومكانة الكتب التي وردت فيها… وقد تصدى كثير من أئمة الشيعة الجعفرية أنفسهم لرد هذه الأخبار الكاذبة وبيان بطلانـها وبطلان نسبتها إلى أئمتهم وأنـها ليست من مذهبهم في شيء".
-
وقال الدكتور محمد عزة دروَزة: "وبحيث يمكن القول بجزم بناء على ذلك إن ما ورد في الروايات التي جلها أو كلها غير وثيق السند مع ذلك من زيادات أو نقص في الكلمات والآيات والسور، ومن مخالفة للترتيب لم يثبت عند الملأ من أصحاب رسول الله وناتج عن وهم وخطأ، ولبس وعدم تثبت فأهمل، ومنه ما يصح القول بقـوة: إنـه مخـترع ومـدسـوس بنيـة سيئـة وقصد مغـرض. وجمهور العلماء والمـۆلفيـن مجمـعون على هذه الحقائـق بدون خـلاف، ومن جملة ذلك علماء ومۆلفو الشيعة الإمامية".
-
وقال مصطفى الرافعي: "والقرآن الكريم هو الموجود الآن بأيدي الناس من غير زيادة ولا نقصان. وما ورد من أنّ الشيعة الإمامية يقولون بأن القرآن قد اعتراه النقص… هذا الادعاء أنكره مجموع علماء الشيعة الأعلام… فالقرآن الكريم – إذن هو عصب الدولة الإسلامية، تتفق مذاهب أهل السنة مع مذهب الشيعة الإمامية على قداسته ووجوب الأخذ به. وهو نسخة موحدة لا تختلف في حرف ولا رسم لدى السنة والشيعة الإمامية في مختلف ديارهم وأمصارهم"[57].
من كتاب: حاكمبة القرآن (دراسة تأصيلية حول علاقة السنة بالكتاب ودورها في تفسيره)
[1] مسند أحمد، ج 3، ص 14، و17، 26، 59، وسنن الترمذي، ج 5، ص 328، و329.
[4] في الخبر عن رسول الله (ص) قال: "قراءة الرجل القرآن في غير المصحف ألف درجة وقراءته في المصحف يضاعف على ذلك إلى ألفي درجة"، المعجم الكبير للطبراني، ج 1، ص 221.
[5] نهج البلاغة، ج 2، ص 91
[7]عيون أخبار الرضا (ع)، ج 2، ص 93، ورواه الشيخ الطوسي في الأمالي، ص 580.
[9] تفسير العياشي، ج 2، ص 204.
[10] روى الكليني بإسناده فِي احْتِجَاجِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (ع) عَلَى عَاصِمِ بْنِ زِيَادٍ حِينَ لَبِسَ الْعَبَاءَ وتَرَكَ الْمُلَاءَ وشَكَاه أَخُوه الرَّبِيعُ بْنُ زِيَادٍ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنَّه قَدْ غَمَّ أَهْلَه وأَحْزَنَ وُلْدَه بِذَلِكَ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) عَلَيَّ بِعَاصِمِ بْنِ زِيَادٍ فَجِيءَ بِه فَلَمَّا رَآه عَبَسَ فِي وَجْهِه فَقَالَ لَه أمَا اسْتَحْيَيْتَ مِنْ أَهْلِكَ أمَا رَحِمْتَ وُلْدَكَ أتَرَى اللَّه أَحَلَّ لَكَ الطَّيِّبَاتِ وهُوَ يَكْرَه أَخْذَكَ مِنْهَا أَنْتَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّه مِنْ ذَلِكَ أولَيْسَ اللَّه يَقُولُ * (والأَرْضَ وَضَعَها لِلأَنامِ . فِيها فاكِهَةٌ والنَّخْلُ ذاتُ الأَكْمامِ) * أولَيْسَ اللَّه يَقُولُ * (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ . بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ) * إِلَى قَوْلِه * (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ والْمَرْجانُ ) * فَبِاللَّه لَابْتِذَالُ نِعَمِ اللَّه بِالْفَعَالِ أَحَبُّ إِلَيْه مِنِ ابْتِذَالِهَا بِالْمَقَالِ وقَدْ قَالَ اللَّه عَزَّ وجَلَّ و * ( أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ( 2 ) ) * فَقَالَ عَاصِمٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَعَلَى مَا اقْتَصَرْتَ فِي مَطْعَمِكَ عَلَى الْجُشُوبَةِ وفِي مَلْبَسِكَ عَلَى الْخُشُونَةِ فَقَالَ وَيْحَكَ إِنَّ اللَّه عَزَّ وجَلَّ فَرَضَ عَلَى أَئِمَّةِ الْعَدْلِ أَنْ يُقَدِّرُوا أَنْفُسَهُمْ بِضَعَفَةِ النَّاسِ كَيْلَا يَتَبَيَّغَ بِالْفَقِيرِ فَقْرُه فَأَلْقَى عَاصِمُ بْنُ زِيَادٍ الْعَبَاءَ ولَبِسَ الْمُلَاءَ"، الكافي، ج 1، ص 411. والقصة مروية في نهج البلاغة.
[11] جاء في خطبتها: " يا بن أبي قحافة أفي كتاب الله ترث أباك ولا إرث أبي؟ لقد جئت شيئا فرياً! أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم ؟ إذ يقول : { وورث سليمان داود } []، وقال : فيما اقتص من خبر يحيى بن زكريا إذ قال : { فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب} []، وقال : " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ( 6 ) " وقال : " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ( 7 ) " وقال : إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين ( 8 ) وزعمتم : أن لا حظوة لي ولا إرث من أبي ، ولا رحم بيننا ، أفخصكم الله بآية أخرج أبي منها ؟ أم هل تقولون: إنا أهل ملتين لا يتوارثان ؟ أو لست أنا وأبي من أهل ملة واحدة ؟ أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي؟!"، الاحتجاج للطبرسي، ج 1، ص 138. ولعلّ أقدم مصدر وصلنا نقلت فيه خطبتها خطبة ذكرها ابن طيفور (ت: 280هـ) في بلاغات النساء ص 23.
[12] عَنْ يُوسُفَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّه ع وعَلَيَّ جُبَّةُ خَزٍّ وطَيْلَسَانُ خَزٍّ فَنَظَرَ إِلَيَّ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ عَلَيَّ جُبَّةُ خَزٍّ وطَيْلَسَانُ خَزٍّ فَمَا تَقُولُ فِيه فَقَالَ ومَا بَأْسٌ بِالْخَزِّ قُلْتُ وسَدَاه إِبْرِيسَمٌ قَالَ ومَا بَأْسٌ بِإِبْرِيسَمٍ فَقَدْ أُصِيبَ الْحُسَيْنُ ع وعَلَيْه جُبَّةُ خَزٍّ ثُمَّ قَالَ إِنَّ عَبْدَ اللَّه بْنَ عَبَّاسٍ لَمَّا بَعَثَه أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع إِلَى الْخَوَارِجِ فَوَاقَفَهُمْ لَبِسَ أَفْضَلَ ثِيَابِه وتَطَيَّبَ بِأَفْضَلِ طِيبِه ورَكِبَ أَفْضَلَ مَرَاكِبِه فَخَرَجَ فَوَاقَفَهُمْ فَقَالُوا يَا ابْنَ عَبَّاسٍ بَيْنَا أَنْتَ أَفْضَلُ النَّاسِ إِذَا أَتَيْتَنَا فِي لِبَاسِ الْجَبَابِرَةِ ومَرَاكِبِهِمْ فَتَلَا عَلَيْهِمْ هَذِه الآيَةَ : * ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ الله الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِه والطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ ) * فَالْبَسْ وتَجَمَّلْ فَإِنَّ اللَّه جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ ولْيَكُنْ مِنْ حَلَالٍ 8 - عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُنْدَارَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ رَفَعَه قَالَ مَرَّ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَرَأَى أَبَا عَبْدِ اللَّه ع وعَلَيْه ثِيَابٌ كَثِيرَةُ الْقِيمَةِ حِسَانٌ فَقَالَ واللَّه لآَتِيَنَّه ولأُوَبِّخَنَّه فَدَنَا مِنْه فَقَالَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّه مَا لَبِسَ رَسُولُ اللَّه ص مِثْلَ هَذَا اللِّبَاسِ ولَا عَلِيٌّ ع ولَا أَحَدٌ مِنْ آبَائِكَ فَقَالَ لَه أَبُو عَبْدِ اللَّه ع كَانَ رَسُولُ اللَّه ص فِي زَمَانِ قَتْرٍ مُقْتِرٍ وكَانَ يَأْخُذُ لِقَتْرِه واقْتِدَارِه وإِنَّ الدُّنْيَا بَعْدَ ذَلِكَ أَرْخَتْ عَزَالِيَهَا ( 5 ) فَأَحَقُّ أَهْلِهَا بِهَا أَبْرَارُهَا ثُمَّ تَلَا * ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ الله الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِه والطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ ) * ونَحْنُ أَحَقُّ مَنْ أَخَذَ مِنْهَا مَا أَعْطَاه اللَّه غَيْرَ أَنِّي يَا ثَوْرِيُّ مَا تَرَى عَلَيَّ مِنْ ثَوْبٍ إِنَّمَا أَلْبَسُه لِلنَّاسِ ثُمَّ اجْتَذَبَ يَدَ سُفْيَانَ فَجَرَّهَا إِلَيْه ثُمَّ رَفَعَ الثَّوْبَ الأَعْلَى وأَخْرَجَ ثَوْباً تَحْتَ ذَلِكَ عَلَى جِلْدِه غَلِيظاً فَقَالَ هَذَا أَلْبَسُه لِنَفْسِي ومَا رَأَيْتَه لِلنَّاسِ ثُمَّ جَذَبَ ثَوْباً عَلَى سُفْيَانَ أَعْلَاه غَلِيظٌ خَشِنٌ ودَاخِلُ ذَلِكَ ثَوْبٌ لَيِّنٌ فَقَالَ لَبِسْتَ هَذَا الأَعْلَى لِلنَّاسِ ولَبِسْتَ هَذَا لِنَفْسِكَ تَسُرُّهَا".الكافي، ج 6، ص 442.
[13] روى الصدوق بسنده إلى زرارة ومحمد بن مسلم أنهما قالا: "قلنا لأبي جعفر عليه السلام: ما تقول في الصلاة في السفر كيف هي، وكم هي؟ فقال: إن الله عز وجل يقول: {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة} [] فصار التقصير في السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر، قالا: قلنا: إنما قال الله عز وجل: "فليس عليكم جناح" ولم يقل: افعلوا، فكيف أوجب ذلك كما أوجب التمام في الحضر؟ فقال عليه السلام: أو ليس قد قال الله عز وجل في الصفا والمروة: "فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما" ألا ترون أن الطواف بهما واجب مفروض"، من لا يحضره الفقيه، ج 1، ص 434.
[14] الاحتجاج للطبرسي، ج 2، ص 252.
[16] الكافي، ج 3، ص 33، والاستبصار، ج 1، ص 77.
[17] تفسير القمي، ج 2، ص 380.
[18] وسائل الشيعة، ج 6، ص 191.
[19] الاعتقادات في دين الإمامية ص84.
[20] أوائل المقالات، ص 81 - 82.
[21] مجمع البيان، ج 1، ص 43.
[22] لسان الميزان لابن حجر، ج 4، ص 223.
[23] التبيان في تفسير القرآن الشيخ الطوسي، ج1 ص3.
[24] مجمع البيان، ج 1، ص 43.
[25] نقله في كتاب سلامة القرآن من التحريف، ص 138.
[27] الخرائج والجرائح، ج 3، ص 1004.
[28] متشابه القرآن ومختلفه، 2، ص 77.
[30] المنقذ من التقليد، 478.
[31] نهاية الوصول إلى علم الأصول،
[32] الصراط المستقيم، ج 1، ص 45.
[33] تفسير شبر، ص 17. وآلاء الرحمان في تفسير القرآن للبلاغي، ج 1، ص 26.
[36] الوافية في أصول الفقه، ص 148.
[37] التفسير الصافي، ج 1، ص 51.
[38] بحار الأنوار، ج 89، ص 75.
[39] كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء، ج 3، ص 453.
[40] نقله الشيخ الصافي، في مجموعة الرسائل، ج 2، ص 366.
[41] بحر الفوائد في شرح الفرائد، ج 1، ص 99.
[42] آلاء الرحمان في تفسير القرآن، ج 1، ص 19.
[43] إعيان الشيعة، ج 1، ص 41.
[44] أصل الشيعة وأصولها، ص 220.
[45] الفصول المهمة في تأليف الأمة، ص 175.
[46] نهاية الأصول، ص 482، ومن حرص السيد البروجردي على حرمة القرآن الكريم، فقد وقف بحزم في وجه جماعة أخبارية شاذة، حاولت أن تطبع قرآنا مختلفاً عن القرآن الموجود والمتدوال بين أيدي المسلمين، وذلك استناداً إلى التحريفات البمزعومة الواردة في شواذ الأخبار، يقول الشيخ المطهري: " وهكذا كانوا يتلاعبون في القرآن تحريفاً وتبديلاً، إلى أن حتى اكتمل عندهم قرآن خاص يلتقي وتوجهاتهم فصمموا على طبعه قبل بضع سنين، وبدأوا فعلاً بالطبع، عندها أعلم المرحوم آية الله العظمى السيد البروجردي بخبرهم، فبادر فوراً إلى إيقاف طبعهم، وأمر بمصادرته ومرميه في البحر"، الإسلام ومتطلبات العصر، ص 122.
[47] تدوين القرآن للشيخ على الكوراني، ص 45.
[48] القرآن في الإسلام، ص 138.
[49] البيان في تفسير القرآن السيد الخوئي ص201.
[51] وهي منشورة من قبل معاونية العلاقات الدولية في منظمة الإعلام الإسلامي - طهران سنة 1406ه .
[52] هو السيد محمد علي أيازي، وكتابه " المفسرون حياتهم ومنهجم" يقع في ثلاثة مجلدات، وهو من طبع ونشر وزارة الثقافة والإرشاد في إيران، 1386 هـ ش.
[53] أجوبة المسائل المهنائية، ص 121.
[54] الإمام الصادق، لأبي زهرة، ص
[55] دفاع عن العقيدة والشريعة ضد مطاعن المستشرقين، ص 219، 220.
[56] نقله الشيخ الصافي في كتابه مجموعة الرسائل، ج 2، ص 371.
[57] ذكر هذه الكلمات مع الإشارة إلى مصادرها في كتاب: وركبت السفينة، ص 604 وما بعدها.