حوار مع مركز أفاق للدراسات والأبحاث: مشكلة الأديان تتشكل في الخطاب الفقهي    ثمن الحرية    أمثل الأساليب في عمليّة تهذيب النفس    مزايا الشباب    العمل سرّ النجاح    العبادة وعيٌ وانفتاح لا جهل وانغلاق    اقتناء أصنام الأمم البائدة    المفاهيم الدينية بين وجوب الاعتقاد وحرمة الانكار    البناء الاعتقادي بين الاجتهاد والتقليد    
 
بحث
 
تكريم الإنسان
 
س » من المقصود في الزيارة: السلام على عليّ بن الحسين.. هل هو زين العابدين (ع) أم الأكبر أم الرضيع؟
ج »

الظّاهر - بحسب السّياق - أنّ المُراد به هو عليّ الأكبر الشّهيد لدوره الكبير وحضوره في المعركة، ولعظيم مُصيبته على الإمام الحسين (ع)، أمّا الطفل الّرضيع فيكون ُمندرجاً في فقرة أخرى وهو قوله في الزّيارة - وعلى أولاد الحسين -  والتي تشمل سائر أولاده بمن فيهم الإمام زين العابدين (ع) والبنات أيضاً .

 


 
س » يوجد لديّ إشكالات كثيرة على الاستدلال بحديث الثقلين على العصمة، فهو يشمل إجماع العترة وليس آحادهم، ويشمل العباس عم النبي (ص)، فهل هؤلاء معصومون؟؟
ج »

أولاً: إنّ حديث الثقلين لا شكّ فيه من حيث السّند وهو مُستفيض حتى في روايات السّنة ناهيك عن روايات الشيعة ، وأّما من حيث الدّلالة فإنّه وبصرف النّظر عن كون القرآن الكريم أفضل من العترة أم عدم كونه كذلك ، فلا ريب في دلالة الحديث على أن التمسّك بالعترة يُشكّل صمّام أمان للأمّة يمنعهم ويعصمهم من الضّلال - ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا - ، ولا شكّ في دلالته أيضاً على أن العترة لا يفترقون عن القرآن الكريم ، ولا يُتصور أن يصدر عنهم ما يُخالف القرآن وهذا ما يدل عنه قوله في الحديث - لن يفترقا - .


- ثانياً : إنّ ما ذكرتموه بأنّ المراد بالحديث هو إجماع العترة هو كلام ضعيف ولا وجه له لأنّه إن أريد بالعترة ما هو أوسع من الأئمة من أهل البيت (ع) ليشمل العباس وذريته أو غيره، فمن المعلوم أنّ هؤلاء أعني العباسيين لا ميزة لهم عن سائر الصّحابة والنّاس فهم يُخطئون كغيرهم ويُمكن أن ينحرفوا كما انحرف غيرهم، وبالتالي فلا يُعقل أن يكون لرأيهم أو إجماعهم أيّ قيمة أو أن يُشكّل إجماعهم أو قولهم عاصماً للأمّة  عن الضّلال ، ما يعني أن نظر الحديث فقط إلى خصوص شريحة من العترة وهم الذين لا يُمكن أن يقعوا في الضّلال والانحراف، وهؤلاء لا فرق بين الواحد منهم أو الجميع ، فكما يكون قول الجميع حُجّة وعاصماً عن الضّلال ، كذلك قول الواحد، والقرينة على ذلك أنّه حين قال النبيّ (ص) هذا الكلام لم يكن من العترة التي يؤمَن وقوعها في الضّلال إلا عليّ (ع)، أما الحسن والحسين (ع) فكانا طفلين صغيرين، فهل كان الحديث لا قيمة له آنذاك لأنّه بعد لم يتحقّق إجماع العترة؟ من الواضح أن هذا بعيد جداً لأنّ كلامه (ص) ساري المفعول من حين إطلاقه ولا يتوقف على مرور عقود من الزّمن حتى يتشكّل إجماع العترة.


 
 
  مقالات >> أصول التفسير
الروايات الناسخة للقرآن الكريم -1
الشيخ حسين الخشن



  1. النسخ حقيقته، جوازه، أنواعه
  2. نسخ السنة للكتاب
  3. نماذج للآيات التي قيل بنسخها بالأخبار

من أصناف الأخبار الشديدة الصلة بالكتاب، الأخبار التي ادعي أنها ناسخة للكتاب، فهل يمكن القبول بذلك؟ إن هذا المحور مخصص للإجابة على هذا السؤال.

  1. النسخ: حقيقته، جوازه، أنواعه

وقبل أن نبيّن حكم نسخ القرآن بالسنة، يجدر بنا أن نقدِّم بعض المقدمات التمهيديّة، فنتحدث أولاً عن مفهوم النسخ، ومن ثم عن جوازه وإمكانه، بشكل عام، وفي القرآن بشكل خاص، ثم ننتقل بعد ذلك إلى نسخ القرآن بالسنة.

  • حقيقة النسخ وجوازه

يقول السيد الخوئي في بيان معنى النسخ اصطلاحاً: "هو رفع أمر ثابت في الشريعة المقدسة بارتفاع أمده وزمانه، سواء أكان ذلك الأمر المرتفع من الأحكام التكليفية أم الوضعية، وسواء أكان من المناصب الإلهية أم من غيرها من الأمور التي ترجع إلى الله تعالى بما أنه شارع"[1].

وتوضيحاً لكلامه نذكر النكات التالية:

أولاً: إن النسخ هو في رفع الحكم رأساً وعن جميع الأفراد، وليس رفعه عن بعضها، فهذا لا يسمى في الاصطلاح نسخاً، بل تخصيص وتقييد.

ثانياً: وتقييد النسخ بأنه رفع الحكم من عالم التشريع يرمي إلى الاحتراز عن الرفع الحاصل للحكم في عالم الخارج، فإنه ليس من النسخ، وتوضيحه أنّ للحكم ثبوتين:

الأول: ثبوت بلحاظ عالم التشريع والإنشاء، وهذا الثبوت متقوم بفرض وجود الموضوع ذهناً ولو لم يوجد خارجاً، والنسخ يكون في هذا النحو من الثبوت.

الثاني: ثبوتٌ بلحاظ عالم الخارج، وثبوته هنا يكون بثبوت موضوعه، وارتفاع بارتفاع موضوعه، وهذا الارتفاع للحكم ليس من النسخ في شيء، كما في ارتفاع وجوب الصوم بانتهاء شهر رمضان، وارتفاع مالكية شخص لماله بسبب موته، أو ارتفاع حرمة الخمر لانقلابه خلاً، فإنّ هذا النوع من ارتفاع الأحكام لا يسمى نسخاً، كما أشار السيد الخوئي.

ثالثاً: وقوله: "بارتفاع أمده وزمانه" يرمي منه إلى الرد على شبهة اليهود الآتية. والمقصود بارتفاع أمده هو ارتفاعه بلحاظ عالم الثبوت لارتفاع ملاكه، مع كونه إثباتاً ذا إطلاق أزماني، أما لو كان في عالم الإثبات مقيداً بزمن أو مرحلة من أول الأمر، فلا يسمى نسخاً، قال السيد محمد تقي الحكيم: "ويراد من النسخ - على ما هو التحقيق في مفهومه - رفع الحكم في مقام الإثبات عن الأزمنة اللاحقة، مع ارتفاعه في مقام الثبوت لارتفاع ملاكه.. وارتفاع الأحكام التي تقيد بوقت معين لانتهاء وقتها لا يسمى نسخاً اصطلاحاً"[2].

رابعاً: إن النسخ لا يختصّ برفع الحكم، والمرفوع ليس بالضرورة أن يكون حكماً، بل ربما كان منصباً إلهياً، وعموم النسخ بما يشمل نسخ الآية التكوينية هو ما تبناه السيد الطباطبائي[3]. ولكنْ ثمة رأي آخر[4] يذهب إلى أن النسخ هو الرفع الحاصل في عالم التشريع، وأما الرفع الحاصل في عالم التكوين فلا يسمى نسخاً بل بداءً.

  • إمكان النسخ بشكل عام

ولا ريب في إمكان النسح وجوازه عقلاً، لأنه لا يسلتزم قبيحاً، ولوقوعه شرعاً كما سنذكر، والنسخ في الأحكام كالتخصيص، فهما ظاهرتان مألوفتان في التشريعات القانونية، وهذه سيرة المقننين ببابنا، فإننا نراهم ينسخون - على الدوام - بعض المواد القانونية بأخرى يرونها أصلح. والنسخ ربما كان خطوة ضرورية أمام كل تشريع يرمي إلى الأخذ بيد الجماعة من مستنقع التخلف والوحشية إلى رحاب الحضارة، ولهذا فهو يعكس مرونة الشريعة ويعدّ مؤشراً على مواكبتها للتطور الذي تشهده المجتمعات البشرية في رقيها وتقدمها، ولا يخفى أنّ المجتمع البشري فيما يتصل بغير الأمور الفطرية يحتاج في كل محطة جوهريّة من تاريخه إلى أحكام تلائم هذه المحطة والمرحلة، وبهذا اتضح أنّ النسخَ لا يعد تناقضاً بين الآيات القرآنية أو الأحكام، كما أنه ليس من تبدل الرأي في شيء.

إلا أنّ ثمّة شبهة تنسب لبعض اليهود[5] تقول بعدم جواز النسخ، وذلك لأنّ وضع الحكم السابق إمّا أن يكون لا لحكمة ولا لغرض، وهذا قبيح على الله المنزه عن العبث، وإما أنّ يكون لحكمة، والحكمة هي المصلحة الكامنة في متعلق الحكم، وهذه المصلحة إن كانت موجودة وباقية فلماذا يُرفع الحكم؟! هذا غير معقول، وهو خلاف الحكمة، وإن بان عدم وجودها فهذا يدل على جهل الشارع، وحاشا الله تعالى أن يكون كذلك، باختصار إن النسخ يستلزم إما العبث وعدم حكمة الشارع، وإما جهله وكلاهما مستحيل[6].

ويلاحظ عليه: إنّ النسخ والرفع هو قطعاً لحكمة وليس عبثاً، تماماً كما كان الوضع والتشريع لحكمة، والحكمة في الرفع هي انتهاء المصلحة الداعية إلى جعل الحكم السابق، فإن المصلحة كما تتغيير بتغيّر الأحوال ( اختلاف حال الشخص بين عالم جاهل ، قادر وعاجز، ) فهي تتغير بتغيّر الأزمان، وعليه، فالتغيير الحاصل بالنسخ ليس لانكشاف عدم المصلحة في الحكم السابق، ليعبر ذلك عن جهل المشرع، وليس رفعاً للحكم مع بقاء المصلحة، ليعبر ذلك عن عدم حكمته، وإنما المصلحة كانت موجودة، ولكن الحكم تغيّر لأنّ فاعليّة المصلحة انتهت، وعليه فالحكم السابق كان في واقع الأمر مقيداً بزمان وهو معلوم عند الله ومجهول عند الناس، وقد ارتفع الحكم بانتهاء زمانه وأمده، "فالنسخ في الحقيقة تقييد لإطلاق الحكم من حيث الزمان، ولا تلزم منه مخالفة الحكمة ولا البداء بالمعنى المستحيل في حقه تعالى"[7].

وقد أورد العلماء على اليهود بأنّ النسخ موجود في التوراة[8] فكيف تعتمدون عليها إذا كانت مشتملة على المحالات!

قد تسأل: لماذا لم يُعْلِمُنا الله تعالى من أول الأمر بأنّ هذا الحكم مقيّد بمرحلة زمانية خاصة، لنتهيّأ للأمر، ودفعاً لتوهم وقوع البداء عليه بمعناه المستحيل، أعني تبين ما كان خفياً عليه؟!

والجواب:

أولاً: إنّ ثمّة مصلحة قد تدفع المشرع إلى عدم إظهار ظرفيّة الحكم، وهي إعطاء هذا الحكم قدراً أعلى من الجدية في نفوس المكلفين، فإنّ إعلامهم بكونه مرحلياً قد يضعف قوته التأثيرية في النفوس، فإنّ الناس إذا قيل لهم هذا حكم مؤقت قد لا يهتمون به الاهتمام البالغ واللائق.

ثانياً: على أنّ بعض الآيات التي يرجح أنها من جنس المنسوخ كانت تلمح إلى إمكانية تغيير الحكم، كما في قوله تعالى: { وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا } [النساء: 15] فإن هذه الآية من خلال قوله: { أو يجعل الله لهن سبيلاً} قد ألمحت إلى إمكانية النسخ وهو ما حصل فعلاً حيث جعل لهن السبي من خلال ما ورد في آية جلد الزاني والزانية، على كلام مفصل يراجع في محله.

  • إمكان النسخ في القرآن

إنّ القول بإمكان النسخ بشكل عام، لا يستلزم وقوعه بل إمكانه في القرآن حتماً فقد تبرز إشكالية تمنع من القول بالنسخ في خصوص القرآن الكريم، مع إمكانه في غيره، وهذا ما نسب إلى أبي مسلم الأصفهاني المتوفى سنة ( 322 ه‍ ) فقد رفض - بحسب ما نقل عنه الفخر الرازي - النسخ في القرآن محتجاً بأن "الله تعالى وصف كتابه بأنه { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} [فصلت: 42]، فلو نسخ لكان قد أتاه الباطل"[9].

 وقد أورد عليه "أنّ المراد أنّ هذا الكتاب لم يتقدمه من كتب الله ما يبطله ولا يأتيه من بعده أيضاً ما يبطله"[10]. فالباطل هو ما يدخل إلى القرآن من غيره، وأما تغيير حكم لانتهاء أمده فليس من الباطل في شيء. 

  • مع السيد الخوئي في وقوع النسخ في القرآن

إنّ السيد الخوئي مع أنّه من القائلين نظرياً بجواز النسخ، ليس نسخ القرآن بالقرآن فحسب، بل ونسخه بالسنة المتواترة والإجماع القطعي[11]، لكنّه من الناحية العملية وعند دراسته للآيات التي قيل بنسخها خلص إلى نتيجة مفادها أن ثمة آية واحدة في القرآن منسوخة، وهي آية النجوى[12].

ولنا تعليقان على رأي السيد الخوئي:

التعليق الأول: إنّ من الغريب أنّه رحمه الله - باستثناء آية النجوى التي يعدّ نسخها من الأمور الواضحة التي لا تخفى على أي إنسان - لم يذكر في عداد الآيات الست والثلاثين التي استعرضها وناقش دعوى النسخ فيها، آية العدة ، مع أنّها من أشهر الآيات التي ادعي نسخها، وهي قوله تعالى: { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [البقرة 240]،  فقد ذكر جمع من الأعلام[13] أنها منسوخة بقوله تعالى: { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [ البقرة 234 ]. ، ووردت في ذلك الأخبار عن الأئمة (ع)[14]. وكذلك وردت الآثار بنسخها عن ابن عباس[15]. ونسبه الشافعي إلى غير واحد من أهل العلم[16]. قال البلاغي في تفسير آية: { يتربصن أربعة أشهر وعشراً} [البقرة: 234]،: "وفي تفسير القمي والتبيان ومجمع البيان وغيرها أنّ هذه الآية ناسخة لحكم الآية السابعة بعدها، وعلى ذلك روايات الدر المنثور في هذه الآية عن ابن عباس وابن عمر، أقول: وربما كان تقديمها في ترتيب القراءة على تلك، لكي تنتظم في نسق واحد مع الآيات المحكمة في الطلاق والعدد، وربما يشير إلى النسخ في قوله تعالى: { فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ} ، بأن يكون المراد لا جناح عليكم من خروجهن وتعرضهن للأزواج قبل الحول، مما كان يجب عليكم النهي عنه"[17].

وربما يقال دفاعاً عن السيد الخوئي: إنّ الآية لا نسخ فيها، لأنّ الحول هو قيد للوصية بالإمتاع، وهذه باقية ولم تنسخ، ولهذا رأينا أنّ البلاغي في تفسير الآية المنسوخة عاد ليقول: "وربما لم يكن هذا أجلاً لعدة الوفاة على كل حال، بل إن شاءت أن تبقى في بيت زوجها فلها الإنفاق والإسكان بحسب الوصية حولاً"[18]. وهذا يرجح عدم كونها منسوخة، لأنه وكما قال الراوندي فإنّ: "وأمّا حكم الوصية عندنا فباق لم ينسخ وإن كان على وجه الاستحباب"[19]. فإذا كان أجل الحول مع الإمتاع هو من باب الوصيّة إلى الورثة وكان هذا الحكم باقياً ولو ندباً، فلا ملزم للنسخ إذن، وقد نقل الشيخ محمد هادي معرفة أنّه اعترض على أستاذه السيد الخوئي وناقشه في الأمر، فكان مصراً على " إحكام الآية من غير نسخ"[20].

أقول: هذا ولكن كان ينبغي للسيد الخوئي رحمه الله ذكر الآية في كتابه وذكر مناقشته لدعوى نسخها.

التعليق الثاني: إنّ ثمّة إشكالاً يُطرح هنا في وجه من ينفي وقوع النسخ في القرآن باستثناء آية واحدة، وهو أنّه مع نزول أكثر من آية في القرآن تؤكد مبدأ النسخ وإمكانه وبعضها يوحي بوقوعه، منها: قوله تعالى: { ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها } [البقرة: 106][21]، وقوله: { وإذا بدلنا آية مكان آية } [ النحل : 101] وقوله: { يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب} [الرعد : 39 ]، ومع هذا الاهتمام البالغ بظاهرة النسخ في الأحاديث الورادة عن النبي (ص) وأهل بيته (ع) والتي تنصّ على أنّ في القرآن ناسخاً ومنسوخاً[22]، وتؤكد على ضرورة معرفة الناسخ من المنسوخ لكل من المفتي[23] والقاضي[24] والمفسر قبل أن يمارسوا الإفتاء أو القضاء أو تفسير القرآن، أو التي تذكر أنّ الجهل وعدم المعرفة بالناسخ والمنسوخ سبب للانحراف عن الدين، كما يظهر من كلام الإمام الصادق (ع) في حواره مع الصوفيّة [25]!؟ إنه ومع ذلك كله، فكيف لا نجد للنسخ إلا مصداقاً واحداً والأمر فيه واضح لاتصال الناسخ بالمنسوخ ونظره إليه وعدم وجود فاصل بينهما، إنّ هذا الأمر مستبعد جداً لأنّ نسخ آية واحدة لا يستدعي كل هذا الاهتمام بظاهرة النسخ في النصوص! واستناداً إلى ذلك فإن بعض العلماء[26] ذكر أن السيد الخوئي يكون كمن ذهب إلى عدم وقوع النسخ في القرآن الكريم خارجاً، وإن كان لا يوجد بنظره مانع عقلي أو شرعي يمنع منه.

وأعتقد أنّ المشكلة انطلقت من تعريف الفقهاء ومنهم السيد الخوئي للنسخ ووضعهم له حدوداً دقيقة أوجبت خروج الكثير من الآيات من تحت المفهوم، مع أن المستفاد من الأخبار أنّ مفهوم النسخ أوسع من ذلك، فقد يطلق النسخ على تخصيص الحكم العام[27]، على رفع الإلزام من الحكم السابق دون أصل الطلب[28]، أو على التدرج في بيان الأحكام[29]. وإذا كان الأمر هو مجرد اصطلاح ولا مشاحة فيه، فأعتقد أنّ الأولى أن لا تبتعد الاصطلاحات الفقهية عن مداليل النصوص حتى لا تخلق إرباكاً.

  • أنواع النسخ

ذكروا أنّ النسخ على ثلاثة أنواع: نسخ الحكم دون التلاوة، ونسخ التلاوة دون الحكم، ونسخ الحكم والتلاوة، وهذه الأصناف جائزة عند علماء السنة، قال الآمدي: " اتفق العلماء على جواز نسخ التلاوة دون الحكم، وبالعكس، ونسخهما معا خلافاً لطائفة شاذة من المعتزلة"[30]. أجل، لاحظنا أنّ جمعاً من علماء السنة ولا سيما المتأخرين[31] رفضوا الصنفيْن الأخيريْن من النسخ، معتبريْن أنهما يخلان بقداسة القرآن.

 ويرى جمع من علمائنا أنّ الأول ممكن وواقع، بينما الثاني والثالث مرفوضان، ويأخذ النقاش في المسألة منحى مذهبياً، ويصوّر الأمر على أنّ النسخ المرفوض والباطل بقسميه المشار إليهما هو مما تبناه السنة[32] بينما رفضه علماء الشيعة[33]، وعدوه من التحريف، وعليه، فكيف يشنع البعض على الشيعة بوجود القول عندهم بتحريف الكتاب، والحال أن الاعتقاد بالنسخ هو من التحريف!

والواقع أنّ المسألة يجب أن تقارب بروحية علمية بعيداً عن الخصومة المذهبية، ولا سيما أنّ الانقسام فيها ليس انقساماً مذهبياً شاملاً، وذلك لأنّ بعض علماء الشيعة قد تبنى إمكان بل وقوع النسخ بأصنافه الثلاثة، وعلى رأس هؤلاء الشيخ الطوسي، قال في التبيان مستعرضاً الأقوال في النسخ: " وقالت فرقة رابعة: يجوز نسخ التلاوة وحدها، والحكم وحده، ونسخهما معا، وهو الصحيح، وقد دللنا على ذلك، وأفسدنا سائر الأقسام في العدة في أصول الفقه"[34].

وقد أسهب أيضاً في كتابه عدة الأصول[35] في بيان جواز النسخ ووقوعه بأصنافه الثلاثة المذكورة، قال بعد بيان الجواز: " وقد ورد النّسخ بجميع ما قلناه، لأنّ الله تعالى نسخ اعتداد الحول بتربّص أربعة أشهر وعشراً، ونسخ التّصدّق قبل المناجاة، ونسخ ثبات الواحد للعشرة وإن كانت التّلاوة باقية في جميع ذلك. وقد نسخ أيضاً التّلاوة وبقي الحكم على ما روي من آية الرّجم من قول: "الشّيخ والشّيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة نكالا من الله"، وإن كان ذلك ممّا أنزله الله والحكم باق بلا خلاف. وكذلك روي في تتابع صيام كفّارة اليمين في قراءة عبد الله بن مسعود، لأنّه قد نسخ التّلاوة والحكم باق عند من يقول بذلك. وأمّا نسخهما معا، فمثل ما روي عن عائشة أنّها قالت: "كانت فيما أنزله تعالى عشر رضعات يحرّمن، ثمّ نسخت بخمس"، فجرت بنسخة تلاوة وحكماً. وإنّما ذكرنا هذه المواضع على جهة المثال، ولو لم يقع شيء منها لما أخلّ بجواز ما ذكرناه وصحّته، لأنّ الَّذي أجاز ذلك ما قدّمناه من الدّليل، وذلك كاف في هذا الباب"[36]،

وتبنى إمكان نسخ التلاوة السيد المرتضى أيضاً، قال: " فصل في جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دونه: اعلم أن الحكم والتلاوة عبادتان يتبعان المصلحة، فجائز دخول النسخ فيهما معاً، وفي كل واحدة دون الأخرى، بحسب ما تقتضيه المصلحة. ومثال نسخ الحكم دون التلاوة: نسخ الاعتداد بالحول، وتقديم الصدقة أمام المناجاة. ومثال نسخ التلاوة دون الحكم غير مقطوع به، لأنه من جهة خبر الآحاد، وهو ما روى أن من جملة القرآن: "والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة" فنسخت تلاوة ذلك. ومثال نسخ الحكم والتلاوة معا موجود - أيضا - في أخبار الآحاد، وهو ما روي عن عايشة أنها قالت: كان فيما أنزل الله - سبحانه - "عشر رضعات يحرمن"، فنسخ بخمس، وأن ذلك كان يتلى"[37].

وبصرف النظر عن ذلك، ففيما يلي بيان لأقسام النسخ الثلاثة:

أولاً: نسخ الحكم دون التلاوة

والمقصود به أنّ حكم الآية ينسخ مع بقاء نصها في القرآن، فهي تُرفع حكماً مع بقائها لفظاً. وهذا هو النسخ المشهور والمعروف والذي ألّف فيه العلماء الكتب المتعددة في الناسخ والمنسوخ، وهو جائز ولا ريب فيه حسبما تقدم. ومن أمثلته ما تقدم من آية النجوى.

وربما يقال: إن أريد نسخ الحكم فالأجدى بل المتعين نسخ التلاوة معه، وهذا قد يطرح بإحدى صيغتين:

الأولى: ما ذكره الشيخ الطوسي، من أنه "كيف يجوز نسخ الحكم مع بقاء التّلاوة؟ وهل ذلك إلَّا نقض؟ لكون التّلاوة دلالة على الحكم، لأنّها إذا كانت دلالة على الحكم فينبغي أن تكون دلالة ما دامت ثابتة ، وإلَّا كان نقضاً على ما بيّناه".

وقد أجاد الشيخ نفسه في الجواب على هذا الإشكال بالقول: "قيل له : ليس ذلك نقضاً ، لكونها دلالة ، لأنّها إنّما تدلّ على الحكم ما دام الحكم مصلحة ، فأمّا إذا تغيّر حال الحكم وخرج من كونه مصلحة إلى غيره لم تكن التّلاوة دلالة عليه"[38].

الثانية: إنّ هذا النسخ الذي يرفع فيه الحكم مع بقاء لفظ الآية، يوجب إرباكاً وتشويشاً وخلافاً في حصول النسخ وعدمه، إذ سيأتي من يقول: ما دام الحكم قد ارتفع فلمَ يبقى مستنده موجوداً؟! إنّ بقاء مستنده مؤشر على بقاء الحكم.

ولكننا نقول: إنّ ثمة مبرراً لبقاء لفظ الآية، وهو بيان طريقة المشرع في التدرج في الدعوى، ناهيك عن أنّ حفظ المنسوخ يعبّر عن أمانة ودقة في نقل الوقائع، وفيه معرفة بملابسات الحكم وكثير من الفوائد، ومنها ما حصل في آية النجوى من بيان فضيلة الإمام علي (ع)، وفي بعض الأحيان يكون فهمُ الحكم الناسخ متوقفاً على معرفة المنسوخ، على أنّ هذه طريقة جرى عليها العقلاء، فإنهم لا يسقطون المادة التي طالها النسخ والتغيير أو يحذفونها، وإنما يبقونها في النصوص ويحفظونها في "الأرشيف " لتبقى كنص قانوي تاريخي شاهد على التطور في حركة التقنين، أجل، هم يصدرون نسخة جديدة للتدوال ليس فيه النصوص المعدلة أو الملغاة.

ثانياً: نسخ التلاوة دون الحكم

ويراد به نزول آية قرآنية تتضمن حكماً معيناً لعمل الناس به، ومن ثمّ تنسخ هذه الآية وترفع من القرآن الكريم، ويبقى حكمها، وأبرز مثال له ( ذكره علماء السنة[39]، وتبعهم بعض علماء الشيعة) هو آية الرجم المروية عن عمر بن الخطاب، ونصها: "إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتة، نكالاً من الله والله عزيز حكيم "[40]، بزعم أنه آية نزلت في الكتاب ثمّ رفعت وبقي حكمها، وفي رواية: "لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها بيدي"[41].

وأورد عليه السيد الخوئي بأنّ هذا مرفوض، معتبراً "أن القول بنسخ التلاوة هو نفس القول بالتحريف"[42]، وبعبارة أخرى: إن الالتزام به عبارة أخرى وملطفة عن الالتزام بتحريف القرآن الكريم، لجهة الاعتراف بحصول نقص في آية من آياته، فما دلّ على صيانة القرآن من التحريف يكذبه.

هذا ولكنّ الشيخ الطوسي يصرّ على إمكانه، فيقول: "أمّا نسخُ التّلاوة مع بقاء الحكم، فلا شبهة فيه، لما قلناه من جواز تعلَّق المصلحة بالحكم دون التّلاوة. وليس لهم أن يقولوا: إنّ الحكم قد ثبت بها، فلا يجوز مع زوال التّلاوة بقاؤه. وذلك أنّ التّلاوة دلالة على الحكم، وليس في عدم الدّلالة عدم المدلول عليه، ألا ترى أنّ انشقاق القمر ومجئ الشّجرة دالّ على نبوّة نبيّنا صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ولا يوجب عدمهما خروجه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم من كونه نبيّا"[43]،

أقول: إنّ نسخ التلاوة يواجه بعض الإشكالات:

الإشكال الأول: هو إشكال التحريف الذي أشار إليه السيد الخوئي فإنّ الأخبار التي تقول إنّ الآية الفلانية نسخت تلاوتها، هي من أخبار التحريف بالنقيصة، ولا يمكننا أن نثبت قرآنية القرآن ولا نسخ القرآن بأخبار الآحاد.

 ولكنّ هذا الإشكال إثباتي، وليس ثبوتياً، فلو أننا علمنا جزماً أنّ الآية قد رفعت تلاوتها من قبل النبي (ص) مأموراً بذلك من الله تعالى، فلن يكون هذا من التحريف بالنقيصة في شيء، أو قل إنّ هذا ليس أمراً مستحيلاً ولا مستقبحاً لأنه مأذون به، ومن بيده الوضع بيده الرفع، والسيد الخوئي ناظر إلى هذا المعنى، ولا يريد القول باستحالة نسخ التلاوة حتى لو ثبت ذلك عن رسول الله (ص)، كما نبّه على ذلك في مبحث التحريف[44]. بل يمكن القول: إنه لو قيل بثبوت النسخ بأخبار الآحاد، فمن يرى ذلك لا يعد النسخ تحريفاً، لأنه مأذون به من قبل الشارع الذي جعل الخبر حجة - في نظره - حتى في هذا المجال. 

الإشكال الثاني: أنّه مع بقاء الحكم ساري المفعول، فأي مبرر لرفع التلاوة؟! إنّ هذا - مع ما يعنيه من رفع مستند الحكم مع بقاء الحكم نفسه - إنْ لم نقل بقبحه، فلا أقل من أنّه بلا جدوى، بل يخلق إرباكاً للناس، فيكون مستبعداً جداً. والواقع أنّ هذا الصنف من النسخ، أعني نسخ التلاوة دون الحكم هو من أغرب أنحاء النسخ، وذلك لأن من المعقول أن يتم نسخ الحكم دون التلاوة، أو نسخهما معاً، كما أسلفنا، وأما نسخ التلاوة مع بقاء الحكم فلا وجه له إطلاقاً، وهو مستغرب ومسنهجن في منطق العقلاء، لأنهم، أعني العقلاء ينسخون التشريع مع الاحتفاظ بالنص لغرض من الأغراض، وينسخون الحكم والنص معاً، لكنهم لا ينسخون النص القانوني مع بقاء حكمه ساري المفعول، فهذا تصرف غير حكيم. بل إنه يفتح باب التشكيك على القرآن الكريم، لأنّه من بقاء الحكم دون دليله، ومع زوال دليل الحكم ورفعه من القرآن الذي تكفل الله بحفظه، فسيكون ذلك مثار التشكيك في الحكم وسيخرج من يقول: أنّه لا مستند هذا الحكم، نعم لو كان للحكم مستندٌ آخر واصل للأمة من القرآن أو غيره، فلن يلزم تشكيك في الحكم عندها، ولكن مع ذلك يبقى نسخ مستنده القرآني بلا وجه، لأنه لا مانع من اجتماع أكثر من مستند في بيان الحكم واحد، ويكون أحد المستندين مؤكداً للآخر.  

وثمة إشكال ثالث في المقام، وهو أنّ قرآنية الآية لا تثبت بأخبار الآحاد، وإنما تحتاج إلى دليل قطعي، ومن المعلوم أنّ ما تمّ نسخ تلاوتها هو في الأصل آيات قرآنية، وهي بأجمعها واردة في آخبار الآحاد، فلا يعول عليها.

ثالثاً: نسخ التلاوة والحكم معاً

ويقصد به نزول آية قرآنية تتضمن حكماً معيناً، ثم تنسخ الآية نصاً ومضموناً. وهذا جائز عند المشهور من أهل السنة، قال الآمدي ممثلاً لهذا الصنف: "أما نسخ التلاوة والحكم، فيدل عليه ما روت عائشة أنّها قالت: كان فيما أنزل عشر رضعات محرمات ، فنسخت بخمس، وليس في المصحف عشر رضعات محرمات ، ولا حكمها ، فهما منسوخان "[45].

والواقع أن هذا الحديث عُدّ شاهداً على حصول نوعَي[46] نسخ التلاوة، فـ "عشر رضعات يحرمن"، قد نسخت تلاوته وحكمه، و"خمس معلومات يحرمن" قد نسخت تلاوته وبقي حكمه.

 وقد رأى غير واحد من علمائنا الإمامية[47] أنّ هذا النسح مرفوض كسابقه، ونصّ على ذلك السيد الخوئي، مبرراً رفضه له بعين ما برر به رفض نسخ التلاوة دون الحكم، وهو أداؤه إلى التحريف على التوضيح المتقدم.

ولكننا لا نعتقد أنّ هذا الصنف من النسخ ليس مستحيلاً في ذاته وعلى إطلاقه بل أمره دائر بين عدم الوقوع على تقدير ( لو كان ممكناً )، وبين الرفض والاستحالة على تقدير آخر، لأننا نتساءل: من الذي نسخ تلاوة الآية؟ هل هو الله، أم النبي (ص)، أم الصحابة من بعده؟ وعليه فصور المسألة ثلاث:

الأولى: إنّ يكون الناسخ لتلاوة الآية، بمعنى إزالتها من القرآن هو الله تعالى، بمعنى أنّه أذن لنبيه (ص) بإزالتها، وامتثل (ص) أمر ربه تعالى، فهذا لا مجال لتوهم استحالته بوجه، لما قلناه أن من بيده الوضع بيده الرفع.

الثانية: أن يكون الذي أزالها هو النبي (ص)، فالمشهور أنّ ذلك جائز فهو (ص) مسدد ومعصوم، { وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى} [النجم: 3]، وعليه، فلا مجال للحديث عن استحالة نسخ التلاوة الصادر عنه، لكن سيأتي أنّه لم يثبت أنّ الله تعالى قد أعطى النبي مثل هذه الصلاحيّة في نسخ الكتاب.

 والكلام في هاتين الصورتين هو كلام من ناحية الإمكان، أمّا أنه هل وقع ذلك أم لا فهذا لا نملك دليلاً عليه، لأنّ كل ما جاء في هذا الصنف هو أخبار آحاد تتحدث عن آيات أزيلت من القرآن الكريم بنصها ومضمونها، وهذه الأخبار لا يعول عليها، لأن نسخ القرآن بخبر الواحد مما لا مجال للقبول به بوجه من الوجوه.

الثالثة: أن يكون الناسخ لتلاوة الآية هم بعض الصحابة، فهذا مما لا نوافق عليه، ولا يمكننا قبول حصوله في الكتاب الذي تكفل الله بحفظه { وإنا له لحافظون} [الحجر: 9]، ولم يعط الله تعالى أحداً منهم مثل الحق، الذي هو حقه تعالى، كما يدل عليه قوله: { ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها }[البقرة: 106]، وليس لهذا الرأي من تفسير غير أنه التزام بتحريف الكتاب، وإزالة بعض الآيات منه، وهذا لا ولاية لأحد عليه بعد النبي (ص).

  1. نسخ السنة للكتاب

بعد أن اتضحت هذه النقاط التي ذكرناها آنفاً نأتي إلى صلب الموضوع عنيت به دور السنة في نسخ الكتاب، فهل يمكن القبول بذلك؟

وهذا الموضوع في غاية الأهمية، وسوف نتطرّق إليه من خلال النقاط التالية:

  • أقوال العلماء

لا يخفى أنّ ثمّة كلاماً وخلافاً[48] بين العلماء في نسخ السنة للكتاب:

أولاً: عند الشيعة

أجاز جمع من علمائنا الإمامية نسخ القرآن بالسنة القطعيّة، ولكنّ بعض الأعلام منعوا منه، ومنهم الشيخ المفيد الذي نسب هذا القول إلى أكثر الشيعة، يقول: "والقول بأنّ السنة لا تنسخ القرآن مذهب أكثر الشيعة وجماعة من المتفقهة وأصحاب الحديث، ويخالفه كثير من المتفقهة والمتكلمين"[49]. وقال أيضا: "إنّ القرآن ينسخ بعضه بعضاً ولا ينسخ شيئا منه السنة، بل تنسخ السنة به، كما تُنسخ السّنة بمثلها من السنة"[50].

وقال الشيخ الطوسي في العدة: " ذهب المتكلَّمون بأجمعهم من المعتزلة وغيرهم، وجميع أصحاب أبي حنيفة، ومالك إلى أنّ نسخ القرآن بالسّنّة المقطوع بها جائز، وإليه ذهب سيّدنا المرتضى ( رحمه الله ). وذهب الشّافعي وطائفة من الفقهاء إلى أنّ ذلك لا يجوز، وهو الَّذي اختاره شيخنا أبو عبد الله رحمه الله ( المفيد )، ولا خلاف بين أهل العلم أنّ القرآن لا ينسخ بأخبار الآحاد ، إلَّا أنّ من أجاز نسخ القرآن بالسّنّة المقطوع بها ، يقول: كان يجوز نسخه أيضاً بأخبار الآحاد، ولكن الشّرع منع منه ، وهو الإجماع على أنّ خبر الواحد لا ينسخ به القرآن، وإلَّا كان ذلك جائزًا ، كما ثبت عندهم تخصيص عموم القرآن وبيان مجمله بأخبار الآحاد"[51].

هذا وقد ناقش الشيخ في العدة الأدلة من الطرفين وتوقف في المسألة.

ثانياً: عند السنة

والخلاف عينه نجده عند علماء السنة، فقد ذهب الشافعي إلى أنه لا يجوز نسخ القرآن بالسنة، يقول السرخسي: "وكذلك يجوز نسخ السنة بالكتاب. وعلى قول الشافعي لا يجوز نسخ الكتاب بالسنة ولا نسخ السنة بالكتاب، فإنه قال في كتاب الرسالة: وسنة رسول الله ( ص ) لا ينسخها إلا سنة، كما لا ينسخ الكتاب إلا الكتاب. فمن أصحابه من يقول مراده نفي الجواز، ومنهم من يقول: مراده نفي الوجود، أي لم يوجد في الشريعة نسخ الكتاب بالسنة ولا نسخ السنة بالكتاب. فيحتاج إلى إثبات الفصلين بالحجة"[52].

وقال الزركشي: " وأمّا نسخ القرآن بالسنة، فإن كانت السنة آحادا فقد سبق المنع وكرر ابن السمعاني نقل الاتفاق فيه وليس كذلك، وإن كانت متواترة فاختلفوا فيه، فالجمهور على جوازه ووقوعه، كما قاله القاضي أبو الطيب وابن برهان. وقال ابن فورك في شرح مقالات الأشعري إليه ذهب أكثر أصحاب الشافعي وإليه يذهب شيخنا أبو الحسن الأشعري وكان يقول: إنّ ذلك وجد في قوله تعالى: { كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية } [القبرة: 180]، فإنّ هذه الآية منسوخة بالسنة وهو قوله: "لا وصية لوارث"، وكان يقول: إنّه لا يجوز أن يقال إنها نسخت بآية المواريث لأنه يمكن أن يجمع بينهما .. قال ابن السمعاني وهو مذهب أبي حنيفة وعامة المتكلمين، وقال سليم: هو قول أهل العراق، وقالوا: ليس لأبي حنيفة نص فيه، ولكن نص عليه أبو يوسف واختاره، قال: وهو مذهب الأشعرية والمعتزلة وسائر المتكلمين قال الدبوسي في التقويم إنه قول علمائنا يعني الحنفية. قال الباجي قال به عامة شيوخنا وحكاه أبو الفرج عن مالك، قال: ولهذا لا تجوز الوصية عنده للوارث، للحديث، فهو ناسخ لقوله تعالى  { كتب عليكم إذا حضر} الآية، قال عبد الوهاب: قال الشيخ أبو بكر: وهذا سهو، لأنّ مالكاً صرّح بأنّ الآية منسوخة بآية المواريث"[53].

  • نسخ الكتاب بالسنّة المحكيّة بأخبار الآحاد

يبدو أنّ محل الكلام ومحطّ الخلاف الأبرز بينهم في نسخ السنة للقرآن هو في السنة القطعية، وهي الواصلة إلينا بالخبر المتواتر، أمّا السنّة المحكيّة بخبر الواحد الظنّي، فثمّة اتفاق وإجماع على عدم جواز نسخ الكتاب بها، ويمكن الاستدلال عليه ببعض الوجوه:

الوجه الأول: الإجماع المشار إليه، فالأمة متفقة على رفض نسخ القرآن بخبر الواحد، قال الشيخ الطوسي في كلامه الآنف: "ولا خلاف بين أهل العلم أنّ القرآن لا ينسخ بأخبار الآحاد، إلَّا أنّ من أجاز نسخ القرآن بالسّنّة المقطوع بها، يقول: كان يجوز نسخه أيضا بأخبار الآحاد ولكن الشّرع منع منه، وهو الإجماع على أنّ خبر الواحد لا ينسخ به القرآن".

هذا ولكنّ الإجماع في هذه الموارد وغيرها إن لم يكشف عن جو تشريعي متلقى عن صاحب الشرع فلا يعوّل عليه، وكاشفيته على هذا النحو غير محرزة، نعم، مع ذلك فإنه يشكل عنصراً مؤيداً لسائر الوجوه أو العناصر الآتية في حال نهوضها.

الوجه الثاني: إنّ الكتاب قطعي السند، والسنة ظنية، ولا يرفع اليد عن القطعي بالظني.

ولكنّ هذا المقدار لا يكفي في إبطال النسخ بالخبر، وذلك لأنه قد يقال في رده: إنّ "الخبر وإنْ كان ظنياً في طريقه، إلا أنه مقطوع الحجيّة"، كما أن الآية وإن كانت قطعية السند بيد أنّها - غالباً - ظنيّة الدلالة، وعليه تكون "المعارضة في الحقيقة قائمة بين ظنيين، لا بين قطعي وظني، أي بين ظنيّة الدلالة في مقطوع السند، وظنية الطريق"[54]، وعليه، يكون هذا الدليل أخصّ من المدعى، ولو سُلّم ففي خصوص ما كان من القرآن نصاً.   

الوجه الثالث: إنّ حجيّة الخبر مشروطة بعدم معارضته للكتاب، والأحاديث الناسخة من أوضح مصاديق الأخبار المعارضة لكتاب الله تعالى، فتكون ساقطة عن الحجيّة.

ولكنّ بعض العلماء ردّ على ذلك، بأنه لا تعارض بين الناسخ والمنسوخ، لأّن الناسخ شارح للمراد من الكتاب فلا معارضة[55]. وقال: "إن النسخ - لولا الاجماع على عدم وقوعه بخبر الآحاد - لأمكن القول به هنا أيضاً، لحكومة الدليل الناسخ على الدليل المنسوخ، ولا تصادم بين الدليل الحاكم والدليل المحكوم، فلا تصدق المخالفة مع عدم التصادم"[56].

ويلاحظ عليه:

أولاً: قد يقال: إنّ النظر الذي يجعل أحد الدليلين قرينة على الآخر ومتقدماً عليه مقبولٌ فيما لو كان الدليل الناظر مبيناً لدائرة الدليل الآخر وحدوده سعة وضيقاً، لكنه ليس متحققاً في صورة كونه مُلغياً لمدلول الدليل الآخر بشكل كلّي، كما هو مفروض الكلام في النسخ. باختصار: إنّ الدليل الناسخ ملغٍ لفاعلية الدليل المنسوخ، ومبطلٌ لحكمه، ولهذا فهو من مصاديق المخالف للكتاب الذي لا بدّ من رده.

ثانياً: سلّمنا، لكنّ هذا متوقفٌ على أمرين: الأول: مساعدة لسان الدليل الناسخ، فإنّه إذا كان ناظراً إلى المنسوخ صحّ ذلك، ولكنّه قد لا يكون كذلك، فصغروياً لا ينطبق كلامه على بعض الآيات التي قيل بكونها ناسخة. الثاني: أنْ يثبت أنّ للنبي (ص) صلاحيةَ نسخِ ما ينزلُ من القرآن الكريم، وهذا لم يقم عليه دليل كما سيأتي.

الوجه الرابع: إنّ النسخ لا يثبت بأخبار الآحاد، لا من ناحية استحالة ذلك، بل لنكتة إثباتية، وهي أنه لو كان النسخ ثابتاً وحاصلاً لبان واشتهر وبلغنا بشكل متواتر، لأن الدواعي متوفرة، ومن الطبيعي أن يحرص النبي (ص) نفسه على تبليغ ذلك في أكثر من مناسبة وفي غير موضع، ليصل النسخ إلى كل مَنْ وصلتهم الآية وعملوا بها، ومعلومٌ أنّ آيات القرآن الكريم قد كتبت وبُلّغت إلى الجميع وانتشرت في الآفاق، وربما تُليت في الصلاة، وثمّة مزايا خاصة في القرآن استدعت نقل آياته ونشرها، وعليه، فطبيعة الأمور تقتضي إيصال الناسخ إلى من وصله المنسوخ، وانتشاره كما انتشر، فإذا لم يصلْ النسخ إلا بأخبار الآحاد فيشكّ في صدقيّة الناسخ وفي صدوره، باختصار: إنّ الناسخ في وصولوه ووسائل نقله ونشره والعناية به لا بدّ أن يتناسب مع المنسوخ وهو القرآن الكريم، وكل ذلك لم يحصلْ، بل شاع بين فقهاء المسلمين على اختلاف مذاهبهم عدم جواز النسخ، وقام الإجماع على عدم الجواز.

أقول: إنّ هذا الوجه الأخير هو الأقوى في المقام، وستأتي الاستفادة منه في مبحث تخصيص القرآن بخبر الواحد.

 ثمّ إنه في حال تمّ الدليل - فيما يأتي - على عدم نسخ القرآن الكريم بالسنة المتواترة، فبالأولى أنّه لا يجوز نسخه بأخبار الآحاد.

  • نسخ الكتاب بالسنة الواقعية

وأمّا نسخُ الكتاب بالسّنة الواقعيّة الواصلة بطريق قطعي، كما لو بلغتنا بالأخبار المتواترة، فقد عرفت أنّه وقع موضع خلاف وجدل بين الأعلام، يقول السيد الخوئي: "إنّ الحكم الثابت بالقرآن ينسخ بالسنة المتواترة، أو بالاجماع القطعي الكاشف عن صدور النسخ عن المعصوم عليه السلام وهذا القسم من النسخ لا إشكال فيه عقلا ونقلاً، فإنْ ثبت في مورد فهو المتبع، وإلا فلا يلتزم بالنسخ، وقد عرفت أنّ النسخ لا يثبت بخبر الواحد"[57].

ويذهب السيد محمد تقي الحكيم إلى وقوع هذا الصنف من النسخ، قال: "والظاهر أنّ النسخ واقع في الكتاب، من الكتاب، ومن السنة، على خلاف في قلّة وكثرة الأحكام التي يُدعى لها النسخ"[58]، وفيما يلي نتطرق إلى هذا الأمر:

أولاً: أدلة جواز نسخ الكتاب بالسنة الواقعيّة

من الطبيعي أنّه على صعيد الإمكان، ليس هناك ما ينفي جواز نسخ الكتاب بالسنة، فالكتاب هو وحيٌ ألقي على رسول الله (ص)، والسّنة (ص) هي - بحسب المفروض - مما أوحى به الله تعالى إليه، قال الشيخ المفيد: "والعقول تجوّز نسخ الكتاب بالكتاب، والسنة بالسنة، والكتاب بالسنة، والسّنة بالكتاب. غير أنّ السمع ورد بأن الله تعالى لا ينسخ كلامه بغير كلامه"[59]. وأعتقد أنّ هذا المقدار كافٍ لإثبات جواز النسخ، ( وأما الوقوع فيحتاج إلى دليل )، وأضف إلى ذلك:

 أولاً: قوله تعالى: {ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} [الحشر: 7]، "حيث يقضي بكون حكمِه صلى الله عليه وآله حكمَه تعالى، فجواز نسخ الكتاب بالكتاب، يقضي بجواز نسخ الكتاب بالسنة"[60].

وهذا الوجه صحيح، إلا أنْ ينهض دليلٌ على أنّ الله تعالى لم يمنح نبيه (ص) صلاحية نسخ الكتاب، فيكون ذلك دليلاً على أنّ الأخذ بما جاء به الرسول هو فيما لا يعدّ نسخاً للقرآن، وبعبارة أدق: إنْ قام دليل على ذلك ( أنه لا صلاحية له في نسخ الكتاب )، فهذا يعني أنّ النبي (ص) لا يمكن أن يصدر عنه ما يتضمن نسخ القرآن، لأنّ ذلك فيه تجاوز للصلاحيّة، وحاشاه أن يتكلم بما لم يأذن به الله تعالى.

ثانياً: لو كان منطلق رفض نسخ الكتاب بخبر الواحد أنّ الظني لا ينسخ القطعي، فمعلومٌ "أنّ السّنة المتواترة يقينيّة، فتكون مساوية للقرآن في اليقين، فكما جاز نسخ الكتاب بالكتاب، جاز نسخه بالسنة المساوية في العلم، ولأنّ الزانية كان يجب إمساكها في البيوت، ونسخ ذلك بالرجم في المحصنة"[61].

والملاحظة السابقة تأتي بعينها هنا، أي أنّ هذا رهن عدم نهوض دليل على أن الله تعالى لم يمنح نبيه صلاحية نسخ الكتاب.

ثالثاً: إنه قد وقع النسخ بالسنة فعلاً، والوقوع هو خير دليل على الجواز. ولكنّ هذا لم يثبت كما سنلاحظ.

ثانياً: أدلّة عدم جواز نسخ القرآن بالسنة

اتضح أنّ البحث لا بدّ أن ينصبّ على ما إذا كان هناك دليل يمنعُ من نسخ الكتاب بالسنة، وينفي أن يكون للنبي (ص) صلاحية نسخ القرآن الكريم. وما يذكر على هذا الصعيد هو الوجوه التالية: 

أولاً: إنّ ثمّة خصوصيّة في القرآن الكريم تمنعُ من نسخه بالسنة وهي خاصية الإعجاز، بخلاف السنة التي لم تتسم بسمة الإعجاز.

ويرده: أنّ الإعجاز في النصّ القرآني لا يمنعُ من أن يُنسخ بكلام من الوحي وإن كان غير معجز ولم يرد مورد التحدي، فالإعجاز له وظيفة واحدة وهي إقامة الحجة على العباد بصدق النبي (ص)، وهذا لا يمنع من أن يكون المعجز مشتملاً على حكم مرحلي ويرتفع مع الوقت، ولو من خلال السنة.

ثانياً: قوله تعالى: { قل ما يكون لي أن أبد له من تلقاء نفسي إن أتبع الا ما يوحى }[يونس: 15]. يقول الشافعي: "وفي هذا تنصيصٌ على أنّه كان متبعاً لكل ما يوحى إليه، ولم يكن مبدلاً لشيء منه، والنسخ تبديل"[62].

ويرد عليه: إنّ الالتزام بنسخ الكتاب بالسنة لا يعني أنه بدلّه من تلقاء نفسه، لأنّ السنة هي مظهر للوحي أيضاً، قال الشيخ الطوسي: "ومن استدل بهذه الآية على أن نسخ القرآن بالسنة لا يجوز فقد أبعد، لأنّه إذا نسخ ما يتضمنه القرآن بالسنة، فالسنة لا يقولها النبي صلى الله عليه وآله إلا بوحي من الله. وليس بنسخه من قبل نفسه. بل يكون ذلك النسخ مضافاً إلى الله"[63]، وقال المحقق: "إنّا نسلم أنه لا يبدله إلا بوحي من الله، ولا يلزم أن يكون الناسخ قرآناً، بل يجوز أن يكون الامر بالنطق بالناسخ قرآنا، وذلك [ مما ] لا ينافي ما قصدنا"[64].

ثالثاً: قوله تعالى: { ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها} [ البقرة: 106] قال الشيخ المفيد: ".. إنّ السمع ورد بأن الله تعالى لا ينسخ كلامه بغير كلامه، بقوله: { ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها} [البقرة: 106]، فعلمنا أنّه لا ينسخ الكتاب بالسنة"[65].

وأوضح الاستدلالَ بالآية في أوائل المقالات، فقال: "وليس يصحّ أن يماثل كتاب الله تعالى غيره، ولا يكون في كلام أحد من خلقه خير منه.."[66].

وأما الشافعي فقد قرّب الاستدلال بهذه الآية من أربعة وجوه نقلها الفخر الرازي في تفسيره:

"أحدها: أنه تعالى أخبر أنّ ما ينسخه من الآيات يأت بخير منها، وذلك يفيد أنه يأتي بما هو من جنسه، كما إذا قال الإنسان: ما آخذ منك من ثواب آتيك بخير منه، يفيد أنه يأتيه بثوب من جنسه خير منه، وإذا ثبت أنه لا بد وأن يكون من جنسه فجنس القرآن قرآن.

 وثانيها: أن قوله تعالى: { نأتِ بخير منها }  يفيد أنه هو المنفرد بالإتيان بذلك الخير ، وذلك هو القرآن الذي هو كلام الله دون السنة التي يأتي بها الرسول عليه السلام.

 وثالثها: أن قوله: { نأت بخير منها } يفيد أن المأتي به خير من الآية ، والسنة لا تكون خيراً من القرآن.

 ورابعها: أنه قال: { ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير } دلّ على أن الآتي بذلك الخير هو المختص بالقدرة على جميع الخيرات وذلك هو الله تعالى"[67].

ويلاحظ على هذه الوجوه:

أما الأول: وهو أنّ الجار والمجر في قوله: "نأتِ بخيرٍ منها" يستفاد منه ضرورة وحدة الجنس بين الناسخ والمنسوخ، ولا جنس للقرآن سواه، فيرد عليه أنّ صفة القرآنية في الآية ليست هي المقوّم لها، وإنما المقوّم لها هو كون مضمونها صادراً عن الله تعالى، مع ما في هذا الناسخ من مصلحة راجحة على المنسوخ، وهذا قد يكون في السنة.

وأما الثاني: وهو أنّ الله هو الفاعل في الإتيان والنسخ معاً. فيرده: أنّ الناسخ الصادر عن النبي (ص) هو ليس من عند نفسه، بل هو من وحي الله إليه أيضاً فيتساوق مع المنسوخ من هذه الجهة.

 ومنه يتضح الجواب على الوجه الرابع، فإنّ كون الآتي بذلك الخير هو المختص بالقدرة لا ينافي ما قلناه، لأن ما جاء به النبي (ص) هو من عند القدير العزيز، وليس من عند نفسه.

وأما الثالث: وهو أن السنة لا تكون خيراً من الكتاب فلا تكون ناسخة له، فيمكن أن يورد عليه بأحد إيرادين:

الأول: إنّ خيريّة الناسخ هي في المصلحة التي يتضمنها وليس في جنسه، أي قرآنيته، والمصلحة قد يشتمل عليها الناسخ الوارد في السنة، كما قد يشتمل عليها الناسخ الكتابي.

 ولكنّ الشيخ المفيد لم يرتضِ ذلك، فقال: "ولا معنى لقولِ أهل الخلاف { نأت بخير منها } في المصلحة ، لأنّ الشيء لا يكون خيراً من صاحبه بكونه أصلح منه لغيره، ولا يطلق ذلك في الشرع ولا تحقيق اللغة، ولو كان ذلك كذلك لكان العقاب خيراً من الثواب، وإبليس خيراً من الملائكة والأنبياء، وهذا فاسد محال"[68].

ولكنّ ردَّه في غير محلِّه، لأنَّ خيريّة الحكم الإلهي هي بلحاظ ما يتضمنه من مصلحة للعباد، وليس بلحاظ طريق الحكم، ليكون للقرآنية خصوصية في الخيرية.

الثاني: او سلمنا أنّ صفة القرآنية دخيلة في الخيريّة، ولكن الآية إنما دلت على أن المأتي به لا بدّ أن يكون خيراً وليس الناسخ، فجاز أن تنسخ السنة الكتاب، ويأتي بعد ذلك حكم جديد في الكتاب الذي هو خير من السابق، قال المحقق الحلّي: "إنه لا يلزم أن يكون المأتى به عوض المنسوخ ناسخاً، فلم لا يجوز أن تنسخ الآية بالسنة وهي دونها، ثم يأتي الله بآية خير من المنسوخة ولا تتضمن حكم النسخ"[69]. وهذا الجواب هو ما اقتصر عليه الفخر الرازي رداً على الوجوه الأربعة، قال: " والجواب عن الوجوه الأربعة بأسرها: أن قوله تعالى: { نأت بخير منها } ليس فيه أنّ ذلك الخير يجب أن يكون ناسخاً ، بل لا يمتنع أن يكون ذلك الخير شيئاً مغايراً للناسخ يحصل بعد حصول النسخ ، والذي يدل على تحقيق هذا الاحتمال أن هذه الآية صريحة في أن الإتيان بذلك الخير مرتب على نسخ الآية الأولى ، فلو كان نسخ تلك الآية مرتباً على الإتيان بهذا الخير لزم الدور وهو باطل"[70].

وهذا الرد الثاني لا مانع منه ثبوتاً، إلا أنّ المعروف في سيرة النسخ لدى كل من الشرع والعقلاء، أنّ الناسخ يقوم بدور مزدوج فهو من جهة يرفع الحكم السابق ومن جهة أخرى يأتي بحكم جديد، وبتعبير أدقّ: إن رفع الحكم السابق هو عملية واحدة، تكون بالإتيان بحكم جديد رافع لسابقه، ولم يُعرف مثالٌ لحالة تجميد وإلغاء الحكم السابق دون إعطاء حكم بديل في الدليل الناسخ نفسه، ولا سيما مع ما قد يستلزمه ذلك أحياناً من وجود حالة فراغ تشريعي على صعيد بيان الحكم الواقعي، وهو أمر ممكن في بدايات التشريع، ولكنه مستغرب في مرحلة تغير الحكم الشرعي وتبدله إلى حكم آخر.

  وقد يلاحظ على الرد الثاني أيضاً: بأنّ السنة إذا كانت وظيفتها هي رفع الحكم السابق دون إثبات حكم بديل، فإن عدم الإثبات يساوق ثبوت الإباحة الظاهرية، فيكون مجيء الآية بحكم جديد ناسخاً للإباحة الظاهرية، وليس للحكم الواقعي الوارد في الآية الأولى، فيكون ذلك خروجاً عن محل البحث.

ولكننا نقول: إن حكم الآية الجديدة لا ينسخ الإباحة الظاهرية، وإنما ينسخ الحكم السابق، وبنسخه يرتفع موضوع الإباحة الظاهرية.

رابعاً: ما ذكره السيد الطباطبائي من أنّ "الخبر المتفق على نقله بين الفريقيْن[71] عن النبي صلى الله عليه وآله في نفي صدور ما يخالف الكتاب عنه صلَّى اللَّه عليه وآله يدلّ على نفي نسخ الكتاب بالسنة"[72].

وهذا الاستدلال قائم على مقدمتين:

الأولى: إنّ النبي (ص) لا ينطق بما يخالف قول الله تعالى، وهذه المقدمة صحيحة ولا غبار عليها، وقد ورد ما يدل عليها في العديد من الأخبار، منها ما جاء في خطبة النبي (ص) بمنى، فعن هشام بْنِ الْحَكَمِ وغَيْرِه عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه ع قَالَ: خَطَبَ النَّبِيُّ ص بِمِنًى، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ مَا جَاءَكُمْ عَنِّي يُوَافِقُ كِتَابَ اللَّه فَأَنَا قُلْتُه ومَا جَاءَكُمْ يُخَالِفُ كِتَابَ اللَّه فَلَمْ أَقُلْه"[73].

الثانية: إنّ الناسخ مخالفٌ للمنسوخ، فلا بدّ من رده بذلك. وقد بيّنا فيما سبق وجاهة ما جاء في المقدمة الثانية، وناقشنا فيما قيل من أنّ الدليل الناسخ ناظر إلى الدليل المنسوخ، فيتقدم عليه بالحكومة، حيث قلنا إنّ هذا لا يتم في الدليل الناسخ، ومع التنزل، فإنه يمكن أن يُعترض على المقدمة الثانية بأنّها ليست صحيحة على إطلاقها، لأنّ الخبر الناسخ ربما كان مبيناً وشارحاً ومبيناً، بأن يقول النبي (ص) إنّ حكم الآية قد انتهى أمده، فهذا لا يعد مضاداً أو مخالفاً، ولكن قد لا يكون الخبر في الخبر نظر إلى الآية المنسوخة فالمخالفة قائمة.

ولكن قد يقال: إنّ الخبر المذكور يصلح لردّ أخبار الآحاد التي يُدعى كونها ناسخة مع عدم كونها شارحة، ولكن لا يصح الاستدلال به هنا، ولو مع التفصيل المذكور، وذلك لأنّ المفروض هنا ( نسخ السنة الواقعية للكتاب) أننا قطعنا بصدور كلام عنه (ص) دال على أنّ الآية منسوخة، وهو معصوم ولا ينطق عن الهوى. فما نعلم بصدوره عنه يكون دليلاً على أنّ ردّ ما خالف القرآن هو فيما لو لم يكن على سبيل النسخ.

اللهم إلا أن يكون مقصود المستدل أنّ قوله (ص) : "ما خالف قول ربنا لم نقله" فيه إشارة ودلالة على أنّه (ص) لا صلاحيّة له لنسخ القرآن الكريم.

خامساً: ويستدل الطباطبائي على نفي النسخ بأنّ ذلك هو "الظاهر من مثل قوله تعالى: { وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد} [فصلت: 41-42]، إذ إطلاقه يشمل إتيان الباطل من غير القرآن إليه، سواء كان من غير اللَّه سبحانه أو من جانبه تعالى بغير القرآن، كالحديث القدسي والسنة النبوية أو كتاب آخر ينزل بعد القرآن فينسخه، وأما النسخ لبعضه ببعضه الآخر فلا يكون من قبيل إتيان الباطل بل تحديد البعض للبعض ومثله قوله تعالى: { إنا أنزلنا عليك القرآن تبيانا لكل شيء} الآية، فتبيّن أنّ القرآن لا يُنسخ بغيره مطلقاً"[74].

ولعلّ هذا ما يفرّق النسخ عن التخصيص، فالتخصيص نوع بيان وتفصيل، وليس إلغاءً ولا إبطالاً للكتاب.

ولكنّ هذا الاستدلال مبني على تفسير الباطل بمعنى أنه "لا يأتي بشيء يوجب بطلانه مما وجد قبله ولا معه ولا مما يوجد بعده"[75]، كما هو أحد الوجوه في تفسير الآية، فيكون المقصود بالآية أن القرآن لا بطلان فيه ولا إبطال له من قبل أحد بما في ذلك الله تعالى من خلال طريق آخر غير القرآن نفسه، وأما لو أريد من الباطل ما يقابل الحق، فلا معنى لأن يأتي الباطل من جانبه تعالى أكان من طريق الكتاب أو غيره.

 ونحوه قوله تعالى: { وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا } [الكهف: 27]، بتقريب أنّ نسخ الكتاب بالسنة تبديل لكلمات الكتاب.

 ويلاحظ على هذا الاستدلال أنّ الآية ناظرة إلى نفي أي مبدل لكلمات الله من قبل مصدر آخر غير الوحي، لا من قبل الوحي نفسه، ولو كان من غير القرآن الكريم، وإلا لو دلت على نفي المبدل ولو من خلال الوحي نفسه، لدلت على نفي شرعية النسخ من خلال القرآن، وهو معلوم البطلان.

سادساً: ومما يستدل به لعدم نسخ الكتاب بالسنة أنّه لا يوجد في نصوص الكتاب والسنة ما يدل على أنّ النبي (ص) - ولو كان (ص) لا ينطق عن الهوى - يمتلك صلاحية إلغاء ونسخ ما جاء في القرآن الكريم، وأزامر إطاعته لا إطلاق لها لمثل ذلك كما لا يخفى، بل يستفاد من بعض النصوص أنه (ص) تابع للكتاب وشارح ومبيّن له، قال تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبيّن للناس ما نزّل إليهم ولعلّهم يتفكرون} [النحل 44]. وهذا ما تؤكده سيرته (ص) في التعامل مع الكتاب، فهو (ص) لم يتصرف في مورد بصفته يملك الحاكمية على الكتاب، وما كان في كل حياته ليتجاوز ما جاء فيه، بل يتصرف من موقع كونه تابعاً له، حتى أنّه كان ينتظر نزوله الأيام، وفي بعض الأحيان كان الوحي بخلاف ما كان يجول في خاطره (ص)، لو صحت الأخبار في ذلك[76].  وأضف إلى ذلك أن الروايات التي تنصّ على أنّ "ما خالف قول ربنا لم نقله أو هو زخرف" تعدّ شاهداً على عدم صدور ما ينسخ الكتاب عنه (ص) بناءً على ما عرفت أن الناسخ - غالباً - مخالف للقرآن وليس شارحاً له.

وقد يستدل لذلك أيضاً بقوله تعالى: { قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي} [الأعراف: 203]، مما ظاهره أنه تابع للوحي وليس له أن يلغي ما جاءه من ربه.

 وربما يقال: إنّ الآية المذكورة لا تدل على أنّ ما يوحى إليه لا بدّ أن يكون من الكتاب.

من كتاب: حاكمبة القرآن (دراسة تأصيلية حول علاقة السنة بالكتاب ودورها في تفسيره)


[1] البيان، ص 279.

[2] الأصول العامة للفقه المقارن، ص 246.

[3] الميزان في تفسير القرآن، ج 1، ص 250.

[4] التمهيد في علوم القرآن، ج 2، ص 269.

[5] قال ابن حزم: " انقسم اليهود جملة على قسمين فقسم أبطل النسخ ولم يجعلون ممكنا والقسم الثاني أجازوه إلا أنهم قالوا لم يقع وعمدة حجة من أبطل النسخ ان قالوا أن الله عز وجل يستحيل منه أن يأمر بالأمر ثم ينهى عنه ولو كان كذلك لعاد الحق باطلا والطاعة معصية والباطل حقا والمعصية طاعة"، الفصل في الملل والأهواء والنحل، ج 1، ص 100.

[6] أشار السيد الخوئي إلى هذه الشبهة بقوله: " أنّ النسخ يستلزم عدم حكمة الناسخ ، أو جهله بوجه الحكمة ، وكلا هذين اللازمين مستحيل في حقه تعالى ، وذلك لان تشريع الحكم من الحكيم المطلق لا بد وأن يكون على طبق مصلحة تقتضيه ، لان الحكم الجزافي ينافي حكمة جاعله ، وعلى ذلك فرفع هذا الحكم الثابت لموضوعه إما أن يكون مع بقاء الحال على ما هو عليه من وجه المصلحة وعلم ناسخه بها ، وهذا ينافي حكمة الجاعل مع أنه حكيم مطلق ، وإما أن يكون من جهة البداء ، وكشف الخلاف على ما هو الغالب في الاحكام والقوانين العرفية ، وهو يستلزم الجهل منه تعالى. وعلى ذلك فيكون وقوع النسخ في الشريعة محالا لأنه يستلزم المحال" البيان ص 279.

[7] البيان ص 280.

[8] انظر الأمثلة التي ذكرها السيد الخوئي في البيان ص 279 – 282.

[9] المحصول، ج 3، ص 311. تفسير الرازي، ج 3، ص 230.

[10] المصدران نفسهما.

[11] يقول: "إنّ الحكم الثابت بالقرآن ينسخ بالسنة المتواترة ، أو بالإجماع القطعي الكاشف عن صدور النسخ عن المعصوم عليه السلام وهذا القسم من النسخ لا إشكال فيه عقلا ونقلا ، فإن ثبت في مورد فهو المتبع ، وإلا فلا يلتزم بالنسخ ، وقد عرفت أن النسخ لا يثبت بخبر الواحد . "، البيان في تفسير القرآن، ص 268.

[12] قال في بحثه عنها: "وعلى ذلك فلا مناص من الالتزام بالنسخ"، البيان، ص 375.

[13] في تفسير القمي: " وقوله { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا} []، فهي ناسخة لقوله: { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير اخراج} []، فقد قدمت الناسخة على المنسوخة

في التأليف"، تفسير القمي، ج 1، ص 1، ص77، ويقصد بالتأليف: جمع القرآن، وقد صرح بنسخها الشيخ المفيد في أوائل المقالات، ص 123، والشيخ الطوسي في التبيان، ج 2، ص 261، والطبرسي في مجمع البيان، ج 2 ص 118، والقطب الراوندي في فقه القرآن، ج 2 ص 171، وابن شهر آشوب في متشابه القرآن ومختلفه، ج 2 ، ص 228.

[14] في تفسير العياشي، عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال : سألته عن قوله " متاعا إلى الحول غير إخراج " قال : منسوخة نسختها " يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا " ونسختها آية الميراث". تفسير العياشي، ج 1، ص 122، وفيه أيضاً عن عن أبي بصير قال : سألته عن قول الله : " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج " قال: هي منسوخة قلت : وكيف كانت ؟ قال : كان الرجل إذا مات انفق على امرأته من صلب المال حولا ، ثم أخرجت بلا ميراث ثم نسختها آية الربع والثمن فالمرأة ينفق عليها من نصيبها"، المصدر نفسه، ج 1، ص 129، وفي "رسالة ( المحكم والمتشابه ) نقلا من

( تفسير ) النعماني بإسناده الآتي عن علي ( عليه السلام ) في بيان الناسخ والمنسوخ قال : ومن ذلك : ان العدة كانت في الجاهلية على المرأة سنة كاملة ، وكان إذا مات الرجل ألقت المرأة خلف ظهرها شيئا بعرة أو ما يجري مجراها ، وقالت : البعل أهون علي من هذه ، ولا أكتحل ولا أمتشط ولا أتطيب ولا أتزوج سنة ، فكانوا لا يخرجونها من بيتها بل يجرون عليها من تركة زوجها سنة ، فأنزل الله في أول الاسلام : ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج ) ( 1 ) فلما قوى الإسلام أنزل الله تعالى : ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليهن ) ( 2 ) إلى آخر الآية" وسائل الشيعة، ج 22، ص 237، الباب 30 من أبواب العدد، الحديث 4. وقال القمي في مقدمة تفسيره: " .. فاما الناسخ والمنسوخ فان عدة النساء كانت في الجاهلية إذا مات الرجل تعتد امرأته سنة فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وآله لم ينقلهم عن ذلك وتركهم على عاداتهم وانزل الله تعالى بذلك قرآنا فقال " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير اخراج} []، فكانت العدة حولا فلما قوي الإسلام أنزل الله { الذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً}، فنسخت قوله: { متاعا إلى الحول غير إخراج } ، تفسير القمي، ج 1، ص 6.

[15] فعن ابن عباس: " { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج } []، فنسخ ذلك بآية الميراث بما فرض لهن من الربع والثمن، ونسخ أجل الحول بأن جعل أجلها أربعة أشهر وعشرا"، سنن أبي داوود، ج 514، وسنن النسائي، ج،6 ص 206، والسنن الكبرى للبيهقي، ج 7، ص 427.

[16] ( قال الشافعي رحمه الله ): "قال الله عز وجل: { الذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير اخراج فان خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن } [ ]، قال الشافعي: حفظت عن غير واحد من أهل العلم بالقرآن أنّ هذه الآية نزلت قبل نزول آي المواريث وأنها منسوخة وأنّ الله أثبت عليها عدة أربعة أشهر وعشراً ليس لها الخيار في الخروج منها ولا النكاح قبلها"، السنن الكبرى للبيهقي، ج 7، ص 427. 

[17] آلاء الرحمان، ج 1 ص 211.

[18] آلاء الرحمان، ج 1 ، ص 217.

[19] فقه القرآن، ج 2 ص 171.

[20] التمهيد ج، ص 299.

[21] نعم هذه الآية تدل على الإمكان لا الوقوع، لأنّ " ما " أداة شرط وصدق الشرطية لا يتوقف على ثبوت طرفيها، قال الفخر الرازي: "وكما أن قولك: ومن جاءك فأكرمه لا يدل على حصول المجيء، بل على أنه متى جاء وجب الإكرام، فكذا هذه الآية لا تدل على حصول النسخ، بل على أنه متى حصل النسخ وجب أن يأتي بما هو خير منه"، تفسير الفخر الرازي، ج 3، ص 29.

[22] عن مسعدة بن صدقة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الناسخ والمنسوخ و المحكم والمتشابه ؟ قال : الناسخ الثابت المعمول به ، والمنسوخ ما قد كان يعمل به ثم جاء ما نسخه والمتشابه ما اشتبه على جاهله تفسير"، العياشي، ج1، ص 11. عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام: ".. إني لأعرف ناسخه من منسوخه ومحكمه من متشابهه وفصله من فصاله وحروفه من معانيه.."، تفسير العياشي، ج 1، ص 14، وفي حديث سليم بن قيس: ".. إِنَّ أَمْرَ النَّبِيِّ ص مِثْلُ الْقُرْآنِ: نَاسِخٌ ومَنْسُوخٌ وخَاصٌّ وعَامٌّ ومُحْكَمٌ ومُتَشَابِه.."، الكافي، ج 1، ص 63، وفي الخبر عن أبي عبد الله (ع) عن أمير المؤمنين ع أنه قال : "إن القرآن ناسخ ومنسوخ ومحكم ومتشابه وخاص وعام ، ثم ذكر ع أنواعا كثيرة تزيد على المأة ، منها أن قال : ورخص وعزائم وحلال وحرام وفرائض وأحكام ومنقطع ومعطوف ، ومنه ما لفظه خاص ومعناه عام ، ومنه ما لفظه عام محتمل للعموم ، ومنه ما لفظه واحد ومعناه جمع ، ومنه ما لفظه جمع ومعناه واحد ، ومنه ما لفظه ماض ومعناه مستقبل ، ومنه ما تأويله في تنزيله ، ومنه ما تأويله مع تنزيله ، ومنه ما تأويله قبل تنزيله ، ومنه ما تأويله بعد تنزيله ، ومنه آيات نصفها منسوخ ونصفها متروك على حاله ، إلى أن قال : فكانت الشيعة إذا فرغت من تكاليفها ، تسأله عن قسم قسم ، فيخبرها ، ثم قال ع بعد كلام طويل : وإني لما أردت قتل الخوارج قلت : يا معشر الخوارج أنشدكم الله هل تعلمون أن في القرآن ناسخا ومنسوخا ومحكما ومتشابها وخاصا وعاما ، قالوا : اللهم نعم ، قلت : اللهم أشهده عليهم ، ثم قلت : أنشدكم الله هل تعلمون ناسخ القرآن ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه وخاصه وعامه ؟ قالوا : اللهم لا ، قلت : أنشدكم الله هل تعلمون أني أعلم ناسخ القرآن ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه وخاصه وعامه ؟ قالوا : اللهم نعم ، قلت: من أضل منكم إذا أقررتم بذلك" الفصول المهمة في أصول الأئمة ، ج 1، ص 597.

[23] في الحديث عن ابن شبرمة عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ قَالَ: مَا ذَكَرْتُ حَدِيثاً سَمِعْتُه عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ع إِلَّا كَادَ أَنْ يَتَصَدَّعَ قَلْبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَنْ رَسُولِ اللَّه ص قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ وأُقْسِمُ بِاللَّه مَا كَذَبَ أَبُوه عَلَى جَدِّه ولَا جَدُّه عَلَى رَسُولِ اللَّه ص قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّه ص مَنْ عَمِلَ بِالْمَقَايِيسِ فَقَدْ هَلَكَ وأَهْلَكَ ومَنْ أَفْتَى النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ وهُوَ لَا يَعْلَمُ النَّاسِخَ مِنَ الْمَنْسُوخِ والْمُحْكَمَ مِنَ الْمُتَشَابِه فَقَدْ هَلَكَ وأَهْلَكَ"، الكافي، ج 1، ص 43، والأمالي ص 507، ورواية أخرى أن الصادق عليه السلام قال لأبي حنيفة لما دخل عليه: من أنت ؟

قال أبو حنيفة: قال عليه السلام: مفتي أهل العراق؟ قال: نعم. قال: بما تفتيهم؟ قال : بكتاب الله . قال : عليه السلام : وأنك لعالم بكتاب الله ، ناسخه ومنسوخه ، ومحكمه ومتشابهه ؟ قال : نعم . قال : فأخبرني عن قول الله عز وجل : ( وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين} [] أي موضع هو ؟ قال أبو حنيفة: هو ما بين مكة والمدينة ، فالتفت أبو عبد الله إلى جلسائه. وقال: نشدتكم بالله هل تسيرون بين مكة والمدينة ولا تأمنون على دمائكم من القتل، وعلى أموالكم من السرق؟ فقالوا: اللهم نعم.." الاحتجاج للطبرسي، ج 2، ص 115.

[24] عن أبي عبد الرحمن السلمي أن عليا عليه السلام مر على قاض فقال: تعرف الناسخ من المنسوخ؟ فقال: لا فقال: هلكت وأهلكت.."، تفسير العياشي، ج 1، ص 12.

[25] قال لهم: "أَيُّهَا النَّفَرُ ألَكُمْ عِلْمٌ بِنَاسِخِ الْقُرْآنِ مِنْ مَنْسُوخِه ومُحْكَمِه مِنْ مُتَشَابِهِه الَّذِي فِي مِثْلِه ضَلَّ مَنْ ضَلَّ وهَلَكَ مَنْ هَلَكَ مِنْ هَذِه الأُمَّةِ فَقَالُوا لَه أَوْ بَعْضِه فَأَمَّا كُلُّه فَلَا فَقَالَ لَهُمْ فَمِنْ هُنَا أُتِيتُمْ"، الكافي، ج 5، ص 66.

[26] قال السيد محمد باقر الحكيم في "علوم القرآن": "ويكاد يقول آية الله السيد الخوئي ( رحمه الله ) في كتابه " البيان في تفسير القرآن " بهذا الرأي ، حيث ذكر لذلك مناقشة واسعة ، أشار فيها إلى الآيات التي يُحتمل فيها النسخ، ونقد مبدأ النسخ فيها على هدي دراسة علمية دقيقة - عدا آية النجوى - وخلص إلى الرأي الآنف الذكر علوم القرآن، للسيد محمد باقر الحكيم، ص 204، وفي مقدمة الموسوعة الفقهية للسيد الخوئي ذكر " قد وقع النسخ الثابت في القرآن في مورد واحد بين آيتي النجوى والإشفاق"، موسوعة الإمام الخوئي، ( التقليد) ج 1، ص 32.

[27] من قبيل ما جاء في صحيحة مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ع - عَنْ قَوْلِ اللَّه تَبَارَكَ وتَعَالَى : * ( فَمَنْ بَدَّلَه بَعْدَ ما سَمِعَه فَإِنَّما إِثْمُه عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَه ) * قَالَ نَسَخَتْهَا ( 2 ) الآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا قَوْلُه عَزَّ وجَلَّ : * ( فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْه ) * قَالَ يَعْنِي الْمُوصَى إِلَيْه إِنْ خَافَ جَنَفاً مِنَ الْمُوصِي فِيمَا أَوْصَى بِه إِلَيْه مِمَّا لَا يَرْضَى اللَّه بِه مِنْ خِلَافِ الْحَقِّ فَلَا إِثْمَ عَلَيْه أَيْ عَلَى الْمُوصَى إِلَيْه أَنْ يُبَدِّلَه إِلَى الْحَقِّ وإِلَى مَا يَرْضَى اللَّه بِه مِنْ سَبِيلِ الْخَيْرِ"، الكافي، ج 7، ص 21، وقد نبه غير واحد أن النسخ يراد به التخصيص هنا لأنه يتضمن نسخ حكم بعض الأفراد، مرآة العقول، ج 23، ص 25، ووسائل الشيعة، ج 13، ص 421. ومن ذلك ما ورد في الحديث عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله: { اتقوا الله حق تقاته} []، قال : منسوخة قلت : وما نسختها ؟ قال : قول الله : " اتقوا الله ما استطعتم "، تفسير العياشي، ج1، ص 194. ومن ذلك ما ورد في تفسير القمي، في "قوله ( كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى ) فهي ناسخة لقوله النفس بالنفس ( 1 ) وقوله ( ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب} []"، تفسير القمي، ج 1، ص 65.

[28] ففي خبر أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : " وإذا حضر القسمة أولوا القربى " قال : نسختها آية الفرائض". تفسير العياشي، ج 1، ص 222، قال الشيخ الحر: أقول: وجه الجمع أن الوجوب منسوخ بقرينة ذكر الفرائض ، والاستحباب غير منسوخ"، وسائل الشيعة، ج 26، ص 71. وهذا ما يفسر وجود رواية أخرى تنفي نسخها، فعن وعن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى : { وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا } [] قلت : أمنسوخة هي ؟ قال : لا إذا حضروك فاعطهم"، العياشي، ج 1، ص 223. فإن المنفي نسخه هو أصل الطلب ولو الاستحبابي برزقهم من التركة. ونظيره خبر ابن مسكان عن أبي بصير عن أحدهما قوله " كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت ان ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين " قال : هي منسوخة نسختها آية الفرايض التي هي للمواريث " فمن بدله بعدما سمعه فإنما اثمه على الذين يبدلونه " يعنى بذلك الوصي"، تفسير العياشي، ج 1، ص 77. وأشار إلى أن المقصود نسخ الوجوب دون الاستحباب في وسائل الشيعة، ج 19، ص 290.

[29] من قبيل ما ورد في خبر أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله " اتقوا الله حق تقاته " قال : منسوخة قلت : وما نسختها ؟ قال : قول الله : " اتقوا الله ما استطعتم "، تفسير العياشي، ج 1، ص 194.  

[30] الإحكام في أصول الأحكام، ج 3، ص 141.

[31] نقل كلماتهم في كتاب التمهيد في علوم القرآن، ج 1، ص 276 – 278.

[32] يقول السيد الخوئي: " ذكر أكثر علماء أهل السنة : أن بعض القرآن قد نسخت تلاوته "، ثمّ ذكر الروايات الواردة حول ذلك وبيّن أن الالتزام بها نوع من القول بالتحريف، البيان في تفسير القرآن، ص 201.

[33] قال الشيخ معرفة: "إنّ هذا القول باطل عندنا – معاشر الإمامية – رأساً لا مبرر له إطلاقاً، فضلاً عن مساسه بقداسة القرآن"، التمهيد، ج 1، ص 279.

[34] التبيان في تفسير القرآن، ج، ص 394.

[35] عدة الأصول، ج 2، ص 514.

[36] العدة، ج 2 ص 517.

[37] الذريعة ج1 ص 429.

[38] عدة الأصول، ج 2، ص 514.

[39] قال الآمدي: "أما نسخ التلاوة دون الحكم، فما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: كان فيما أنزل الشيخ والشيخة: إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله ورسوله، فإنه منسوخ التلاوة دون الحكم"، الإحكام في أصول الأحكام، ج 3، ص 142، وقال الصنعاني تعليقاً على كلام عمر: "وهذا القسم من نسخ التلاوة مع بقاء الحكم"، سبل السلام، ج 4، ص 8.

[40] البخاري ج 8 ص 26، مسند أحمد ج 2 ص 853. والخبر مروي في مصادر الشيعة، انظر: الكافي، ج 7، ص 177.

[41] صحيح البخاري، ج 8، ص 113.

[42] البيان في تفسير القرآن، ص 285.

[43] عدة الأصول، ج 2، ص 515.

[44] قال رحمه الله: " إنّ نسخ التلاوة هذا إما أن يكون قد وقع من رسول الله ( ص ) وإما أن يكون ممن تصدى للزعامة من بعده ، فإن أراد القائلون بالنسخ وقوعه من رسول الله (ص) فهو أمر يحتاج إلى الإثبات . وقد اتفق العلماء أجمع على عدم جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد ، ... وإن أرادوا أن النسخ قد وقع من الذين تصدوا للزعامة بعد النبي - ص - فهو عين القول بالتحريف . وعلى ذلك فيمكن أن يدعى أن القول بالتحريف هو مذهب أكثر علماء أهل السنة ، لأنهم يقولون بجواز نسخ التلاوة . سواء أنسخ الحكم أم لم ينسخ ، بل تردد الأصوليون منهم في جواز تلاوة الجنب ما نسخت تلاوته ، وفي جواز أن يمسه المحدث . واختار بعضهم عدم الجواز . نعم ذهبت طائفة من المعتزلة إلى عدم جواز نسخ التلاوة "، البيان، ص 206.

[45] الإحكام في أصول الأحكام، ج 3، ص 141.

[46] كما ذكر ذلك الصنعاني قال: : " النسخ ثلاثة أقسام : نسخ التلاوة والحكم مثل عشر رضعات يحرمن . والثاني : نسخ التلاوة دون الحكم كخمس رضعات ، وكالشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما . والثالث : نسخ الحكم دون التلاوة وهو كثير نحو قوله تعالى : * ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا ) "، في سبل السلام، ج 3، ص 217

[47] انظر: البيان في تفسير القرآن، ص 268.

[48] أشار إليه كثيرون، انظر: زبدة البيان للأردبيلي، ص 517.

[49] أوائل المقالات، ص 124.

[50] أوائل المقالات، ص 123.

[51] العدة في أصول الفقه، ج 2، ص 544.

[52] أصول السرخسي، ج 2، ص 67.

[53] البحر المحيط في أصول الفقه، ج 3، ص 186.

[54] الأصول العامة للفقه المقارن، ص 247.

[55] يقول السيد محمد تقي الحكيم: "إن النسخ المدعى هنا ليس هو تبديلاً لكلمات الله، وانما هو شرح للمراد "، الأصول العامة للفقه المقارن، ص 246.

[56] الأصول العامة للفقه المقارن، ص 244.

[57] البيان في تفسير القرآن، ص 268.

[58] الأصول العامة للفقه المقارن، ص 247.

[59] التذكرة بأصول الفقه، ص 44.

[60] حاشية كفاية الأصول، ج 2، ص 297.

[61] معارج الأصول، ص 173.

[62] أصول السرخسي، ج 2، ص 67.

[63] التبيان في تفسير القرآن، ج 5 ص 351.

[64] معارج الأصول ص 173.

[65] التذكرة بأصول الفقه، ص 44.

[66] أوائل المقالات، ص 124.

[67] تفسير الفخر الرازي، ج 3، ص 232.

[68] أوائل المقالات، ص 124.

[69] معارج الأصول، ص 173.

[70] تفسير الفخر الرازي، ج 3، ص 232 – 233.

[71] عرفت سابقاً أنّ هذا الخبر ليس متفقاً عليه عند السنة، بل الرأي المشهور فيما بينهم هو عدم الأخذ به.

[72] حاشية السيد الطباطبائي على الكفاية، ج 2، ص 297.

[73] الكافي، ج 1، ص 69،

[74] حاشية السيد الطباطبائي على الكفاية، ج 2، ص 297.

[75] التبيان، ج 9، ص 131.

[76] في تفسير قوله تعالى: { الرجال قوامون على النساء } []، روي عن مقاتل أنها "نزلت هذه الآية في سعد بن الربيع وكان من النقباء ، وامرأته حبيبة بنت زيد بن أبي هريرة ، وهما من الأنصار ، وذلك أنها نشزت عليه فلطمها ، فانطلق أبوها معها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أفرشته كريمتي فلطمها‍، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لتقتص من زوجها ، وانصرفت مع أبيها لتقتص منه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ارجعوا هذا جبريل عليه السلام أتاني ، وأنزل الله تعالى هذه الآية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أردنا أمرا وأراد الله أمرا ، والذي أراد الله خير ، ورفع القصاص"، أسباب النزول، للواحدي، ص 100.

 






اضافة تعليق

الاسم *

البريد الإلكتروني *

موضوع *

الرسالة *


 


 
  قراءة الكتب
 
    Designed and Developed
       by CreativeLebanon